إرادة القتل والتّدمير: بقلم :نور الدين عاشور إنها حصيلة ثقيلة تلك التي أسفر عنها التفجيران الإرهابيان في الجزائر واللذان استهدفا مقري المجلس الدستوري والمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، ذلك أن مقتل 62 شخصا وإصابة العديد بجروح إضافة إلى الدمار الهائل يكشف مدى رغبة مدبري الاعتداءين في إلحاق الضرر بالأبرياء وبالجزائر الشقيقة التي مازلنا نذكر معاناة أبنائها من الأعمال الإرهابية طيلة سنوات طويلة.
إن ما حصل أمس بالعاصمة الجزائرية لا يمكنه إلا أن يكون محل إدانة شديدة وحتى في غياب أية جهة متبنية فإن هذا العمل الإرهابي لا يخضع لأية مبررات مهما كانت، فاستهداف أرواح الأبرياء أو التدمير أمر مرفوض خصوصا أن الجزائر طوت صفحة "سنوات الجمر" بما تخللته من عمليات إرهابية في التسعينات ثم قطعت في سياسة المصالحة أشواطا مما أعاد الاستقرار والأمن وهو ما لوحظ خلال السنوات القليلة الماضية. ولا شك أن هذه الاعتداءات تعيد إلى الأذهان ما شهدته الجزائر قبل بضعة أشهر وكذلك المغرب من عمليات إرهابية تطرح كلها علامات استفهام حول غاياتها وأهدافها ومن المستفيد منها في ظرف عالمي يتسم بتصاعد المد الإرهابي في مناطق عديدة من العالم لكن مع تركيز على مناطق عربية وإسلامية. ولا يجب إغفال أن العمليات الإرهابية أينما تحصل تجد من يضعها في سياقات خطيرة تهدف إلى محاولة تأليب الرأي العام على كل ما هو عربي وإسلامي وبالتالي تأجيج الصراع بين الحضارات بترسيخ الشعور بالخوف من الإسلام مثلما تخطط له الأصوليات الغربية وتعمل من أجل ذلك على أكثر من صعيد. إن الشعوب المغاربية الطامحة إلى مغرب عربي متكامل اقتصاديا ومستقر اجتماعيا ومتوافق سياسيا يهمها الاستقرار في كامل البلدان المغاربية، فبعد أن كانت الخلافات السياسية بين بعض البلدان تؤثر بالسلب على مسيرة الاتحاد المغاربي لا يجب أن يكون الإرهاب عنصرا آخر معطلا للعمل المغاربي المشترك. وليدرك الذين ارتضوا أن يجعلوا من الإرهاب وسيلة للضغط وزرع الشقاق والفوضى أنهم لا يقدرون على تحقيق نواياهم فليس هناك شعب مغاربي يقبل أن يكون تحت رحمة إرهابيين يقتلون ويدمرون ويعبثون بحاضر شعوب تسعى إلى تحسين أوضاعها وبناء مستقبل أجيالها. .. إن إرادة الحياة لن تلغيها إرادة القتل والتدمير..