برلين مؤتمرا حركيا سادسا لحركة " فتح " بأي ثمن ... وأي ثمن ...؟! مؤتمرا على قاعدة الحصص ... من تعيينات بالمركزية والثوري وبالتزكية سلفا ...!!
لا نشاهد على الإطلاق في الدول المحترمة المبنية على العمل المؤسساتي، مثلما نراه ونعيشه في مجتمعاتنا أحيانا ، بأن تنبري الأقلام وتسن السيوف من هذا وذاك، للدفاع بغير وجه حق، عن الأشخاص ممن يتبؤون المناصب المرموقة والسطوة والمال والجاه وطول اليد ، وهم يعلمون أن الأمة تعلم أنهم ينافقون ويمترون ويدافعون عن مصالحهم
فلا تفسير لكل هذه الحملات المسعورة ،ممن أكلت القطط ألسنتهم وغدوا بدون ألسنة عند قول الحق ،و في الدفاع عن قضايا الأمة العادلة وعن المظلومين من أبناء أمتنا ، وفجأة وبقدرة قادر نبت الشعر على تلك الألسنة، لتتطاول على أمين سر حركة فتح الأخ القدومي، وهم ممن يدعون انتمائهم لحركة فتح ، وبهذا تناقض مفضوح لهذا الادعاء ، لأن حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " ليست علبة من الفول المدمس أو المورتديلا ، تأكل عندما يشعر أحد هم بالجوع، بل هي نظرية ومبدأ ونهج وعقيدة وأيمان وسمو ، فهي للتطبيق والممارسة وليس كالأصنام المصنوعة من التمر والعجوة في عهد الجاهلية يعبدونها في وقت وعند الشعور بتهديد معداتهم لهم بالجوع ، ينقضوا عليها ويأكلوها متخلين عن آلهتهم ، وفتح ليست لنظم بيوت من الشعر الهابط ، ولا يكون الماء إلا بلون الإناء، ومن كان مؤمنا بعقيدته وانتماءه ، فهو لا يقبل توجيه الإهانة من أي كائن كان لأمين سر الحركة، وهي أعلى مرتبة تنظيمية في الحركة التي نؤمن بها.
وأما حول ملابسات ما أدلى به الأخ القدومي ، والرجل وكما قال بعظمة لسانه وعلى الملأ ولغاية اللحظة، بأنه لم يوجه اتهاما لأحد من الفلسطينيين باغتيال الرئيس الراحل ، كيف لا وأعداء القدومي قبل أصدقاءه يشهدون له بالنزاهة والصدق وبياض اليد وطهارة اللسان ، وتاريخه النضالي يشرف كل من انتمى لهذه الحركة الرائدة ، فما قام به الأخ القدومي، إنما هو قد أفصح عن وثيقة وصلت إليه من الشهيد القائد أبو عمار، عن طريق من هو ثقة للجميع ، إذا فهي وثيقة من الشهيد ياسر عرفات حسب ما أورده الأخ القدومي وهو يصدق القول ولا مجال للتشكيك في ذلك ، وهي ليست وثيقته كما يروج من البعض لكي يحرض عليه بطريقة رخيصة هابطة.
وصبر الرجل كل هذه المدة وحسب قوله ، دون أن يفصح عن حوزته لها ، حتى لا يكون متسرعا في طرح مثل هذه القضايا المهمة ، وحتى يتحقق منها ويبقى محافظا على ما تبقى من بقية الوحدة لهذه الحركة ، و صبر ليرجح القرار الذي يخدم القضية ومصلحة الوطن العليا في اللحظة المناسبة، وهو كقائد فتحاوي في أعلى درجات سلم القيادة الفتحاوية ، قرر أخيرا طرحها في المؤتمر الحركي السادس للمعالجة ، وعلى الرغم من علم معظم القيادات الفتحاوية بهذا المحضر ، وكذلك بعض الدول العربية التي سلمها القدومي نسخة من المحضر الذي وصله ، وذلك حسب ما قاله الأخ القدومي ، وهذه تقديرات قائد واجتهاداته قد تعجب الكثير من أبناء شعبه وقد لا تعجب البعض ، ومتى كان أصلا هناك إجماع فتحاوي أو فلسطيني على أية قضية ...؟!
وعندما يقول القدومي بان الشهيد أبو عمار قد اتصل به هاتفيا ، وسأله هل وصل المعلوم أم لا .. ؟! فإن القدمي أكبر من أن يكذب ، وترك موضوع معالجة الأمر للمؤتمر الحركي كما أورد قائلا، ولا نريد أن نفصل في كل التطورات التي شهدتها التحضيرات المضنية للمؤتمر الحركي من اللجنة التحضيرية، والتي استمر عملها للتحضير ما يقارب الأربعة أعوام ، وقررت انعقاد المؤتمر في خارج الوطن المحتل، ومن ثم اجتمعت المركزية بحضور أبو مازن والقدومي ، وذلك بعد انقطاع دام مدة طويلة بحضور الشخصيتين لاجتماع للمركزية مجتمعين سويا ، وقررت المركزية أن يكون المؤتمر خارج الوطن المحتل، ولكن ماذا كانت النتيجة ..؟!
لقد قام أبو مازن بحل اللجنة التحضيرية للمؤتمر عندما لم يعجب بقرار اللجنة المركزية بتحديد مكان انعقاد المؤتمر خارج الوطن المحتل ، والتف على اللجنة المركزية، ورفض قرارها بعدم عقد المؤتمر في الوطن المحتل ، واستجلب بعضا من أعضاء المجلس الثوري الموجودين في الوطن المحتل ، لكي يستقوي ببعضهم بطريقة غير دستورية ولا قانونية ، على قرار اللجنة المركزية الذي لم يرق له ، ولكي يؤيد البعض من المجلس الثوري وجهة نظره بعقد المؤتمر في الوطن المحتل...!!
فهل هذه هي ولاية الفقيه أبو مازن ...؟!
وكنا نتمنى أن نرى المجلس الثوري كان قد اجتمع من أجل معالجة أمور عديدة مهمة أيضا ،وعلى مدار السنين المنصرمة ، والتي لا تقل أهمية عن المطروح ، وما حصل إنما هي أكذوبة لا يصدقها من نسج خيوطها ، وجرت كل تداعيات هذه المشاهد ، بعد أن قرر أبو مازن مسبقا ، على أن يعقد المؤتمر في الداخل المحتل في بداية الشهر السابع تموز ، وغادر اجتماع المركزية ولم يحضر الاجتماع الذي تلاه ، وبعد ذلك تحول الموعد الى الرابع من آب المقبل في الوطن المحتل، بإصرار وبقرار مسبق من شخص أبو مازن شخصيا ، شاء من شاء بالطرق والقنوات المألوفة والاعتيادية ، وان لم يشأ كائنا من كان ، فقراره كان واضحا ، ولكنه كان يريد غطاء لقراره من اللجنة المركزية.
ورغم كل ما يساق من تبريرات للإصرار على مكان انعقاد المؤتمر، فلا يمكن أن يقبل العقل البشري السوي ما يطرح من أوهام تبرر ذلك ، لأن أي مؤتمر لحركة تحرير ضد الاحتلال وكنسه ودحره بالكفاح المسلح كخيار استراتيجي،لا يمكن أن يكون الاحتلال شاهدا على كل تفاصيله وعل كل الوثائق والقرارات والاستراتيجية وكل مجريات المؤتمر ، فبذلك تضع رقبتك على المقصلة.
إن إصرار أبو مازن وقراره التعسفي في تحديد مكان انعقاد المؤتمر ، رغم قرار اللجنة التحضيرية التي عوقبت على الفور بأن قام بحلها ، وكذلك قرار المركزية واللجنة التحضيرية المغاير لقراره ، بأن يكون المؤتمر في مدينة بيت لحم ، قد أجبر أمين السر للحركة ودفعه دفعا لأن يطرح موضوع الوثيقة التي بحوزته على المؤتمر قبل انعقاده، وبهذه الخطوة قد أقدم القدومي بتوسيع البيكار، بأن طرحها على مؤتمر كل الأمة مجتمعة من أبناء فتح وغيرهم من أبناء الشعب الفلسطيني، بل وعلى كل من يناصر قضيتنا العادلة، فهذه حركة فتح وهذه قضية فلسطين، وليست الطريق الثالث بقيادة من سقط علينا بالبراشوت من عالم غيب الله، ولا نعرف له تاريخا في صفوف الحركة الوطنية.
كنا نتمنى على من أطلقت ألسنتهم الشتائم بحق الرجل وانهالوا عليه يكيلون له ألوان الاتهامات الغير لائقة، بأن نطقوا ولو بكلمة واحدة عندما قرر أبو مازن لوحده وبقرار لم يسبقه عليه أحد بجر المؤتمر الحركي الى بيت لحم بطريقة على الأقل غير دستورية، أو عندما صودرت كل صلاحيات القدومي كقائد تاريخي في هذه المنظومة السياسية الفلسطينية ، وكذلك محاولات تهميشه في حركة فتح وفي م.ت.ف وإغلاق مكاتبه في بعض العواصم ، وبقي صابرا ولم ينتصر لنفسه يوما ، ووصفه البعض بأنه أيوب الفتحاوي
ولكن وعندما أغلقت الأبواب للمؤتمر السادس في وجهه وهو أمين سر الحركة ، ووجه كل من يرفض أن ينعقد المؤتمر تحت حراب الاحتلال وإذن منه، لأن هذا يتناقض مع تناقض فتح مع الصهيونية، لم يترك للقدومي خيارا آخرا ، إلا أن يضع العالم أمام مسؤولية تاريخية، فهذه وثيقة وصلته من الراحل الشهيد أبو عمار، وهو لا يقول زورا بأن الوثيقة قد وصلت من الرئيس الراحل ، فعلى القيادة الفلسطينية بكل ألوانها وأطيافها وطنية كانت أم إسلامية، التحقق مما جاء فيها، وعلى القضاء الفلسطيني بل الدولي النزيه أن يقول كلمة الفصل في ذلك ، وكان من مصلحة أبو مازن أن يكون أول من يطالب في التحقيق بذلك، وذلك في مؤتمر الحركة ، على أن يكون خارج الوطن المحتل، ويصاغ للجنة تحقيق نزيهة ، والذهاب بالقضية لمحكمة دولية ، ولما لا يكون ذلك ؟!
وهذا سؤال يطرح على أبو مازن اليوم قبل الغد ، ما الذي فعلته القيادة مجتمعة من أجل كشف ملابسات اغتيال أبو عمار، ونادت الأمة مرارا وتكرارا مطالبة بذلك، ولم تلقى آذنا صاغية ...؟!.
فلو كان القدومي قد طرح هذا الموضوع لمآرب شخصية كما يغني البعض في أهزوجة الهرج والمرج، لكان وضعه ليس كما هو عليه طيلة الفترة السابقة ، و لو تنازل ووافق على اوسلو وعلى التسوية وعلى قمع المقاومة والسير بالمفاوضات العبثية، لما كان يحارب بهذا الشكل ممن لا يؤمنون إلا بالتسوية والمفاوضات فقط كطريق حتمي ووحيد من أجل الحصول على بعض الشيء من صيغة أقل من الحكم الذاتي وتدعى دولة.
لكن موقف القدومي الممانع المقاوم ، هو شرف لكل فتحاوي وفلسطيني بل ولكل عربي،الذي رفض أوسلو ورفض التسوية القائمة وقال عنها مفاوضات عبثية، لأن من هندسها يصفها أيضا بالعبثية ، ولكنهم يصرون على متابعة العبث بكل شيئ
وأما انبراء بعض الأقلام التي وجدت في هذا الموضوع فرصة لها في المداهنة والإطراء ومسح الجوخ والتملق والنفاق ، في التهجم على القدومي ، فنحن نعتقد أنهم يدافعون عن مصالحهم أولا، وعن مكتسباتهم ومناصبهم وعلاقاتهم وذواتهم ، وهم مستفيدين من الوضع القائم ، فلا داعي للشتائم وتوجيه السهام السامة ، التي يجب أن توجه للعدو وليس لامين سر الحركة التي نتغنى بالانتماء لها، ونسمح في تناقض مقيت بنفس الوقت بالتهجم على أحد رموزها ومفجريها وأمين سرها، هذا تناقض غريب عجيب والشعب الفلسطيني يرقب ويتابع ويرصد وسيقول كلمته آجلا أم عاجلا
وما في الإصرار على جر المؤتمر الحركي الى مدينة بيت لحم المحتلة، إلا تأجيلا وترحيلا للازمات الحركية القائمة ، وليست هذه الطريق المؤدية الى فكفكة المعضلات في حركة " فتح " بل على العكس تماما ، لأننا نريد مؤتمرا يجمعنا ولا يفرقنا ، وان نصنع ونترك شيئا فيذكرنا الناس به خيرا ، يضع النقاط على الحروف في حلحلة لأزمات استمرت تتدحرج ككرة الثلج منذ أكثر من عقدين من الزمن ، فحتى لو ذهب الجمع الى بيت لحم لينعقد مؤتمرا باسم الحركة، فستبقى شرعيته منقوصة لا محالة ، ولا يمكن أن يكون مؤتمر ا حركيا سادسا لحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح "