يحتشد المئات من ابناء حركة فتح في الداخل والخارج اضافة لعشرات من ضيوفها في أروقة وغرف فندق بيت لحم الكبير الذي يعتبر الفندق الوحيد المؤهل لاستضافة وفود كبيرة انتظارا لساعة الحسم المتعلقة بنتائج المؤتمر الحركي السادس الذي طال انتظاره وسط اجواء ضبابية تغطي كل المساحات والملفات المطروحة والمسكوت عنها.وتغص غرف وممرات الفندق الذي يحمل اسم مدينة بيت لحم بعشرات الاجتماعات في الدقيقة الواحدة وتحاك داخل غرف هذا الفندق على مدار اللحظة مؤامرات تنظيمية معتادة وتطهى طبخات حركية ويسيطر الحديث عن الترشيحات لمؤسسات الحركة العليا على كل الاجواء. وحتى قبل ساعات من انعقاد المؤتمر فعليا لم توزع وثائق المؤتمر كما تنص التعليمات على الاعضاء المدعوين اليه وقيل لكل من يسال عن تقارير اللجان وجدول الاعمال والوثائق ان عليه الاطلاع على الحيثيات عبر شبكة الانترنت التي تعتبر في بيت لحم من الشبكات الضعيفة عموما. وقال شهود عيان ل'القدس العربي' ان اجواء المؤتمر السادس ليست تنظيمية واشبه بالاجواء المهرجانية حيث وصل عشرات الضيوف من الخارج ودعي لاول مرة وفد اعلامي اردني للحضور يضم صحافيين وكتابا في مؤسسات محلية اردنية فيما يواجه الجميع اشكالا في الخدمات اللوجستية. وتم مساء امس شطب ما بين 100 150 اسما من اسماء المشاركين في اللحظات الاخيرة فيما يغيب ابناء الحركة من قطاع غزة. وتغيب الملفات الاساسية لصالح قضية مركزية واحدة ينشغل بها الجميع وتتمثل بصراع شديد وغير مسبوق ليس فقط على الترشيحات لحضور المؤتمر ولكن على الترشيح لعضوية اللجنة المركزية والمجلس الثوري، فقد وصل عدد المرشحين لعضوية المركزية حتى مساء الاثنين الى اكثر من مئة مرشح فيما زاد عدد المرشحين لعضوية المجلس الثوري عن 500 مرشح. وقال قيادي مخضرم في حركة فتح عبر اتصال هاتفي ل'القدس العربي' ان الصراع شديد والتزاحم كبير على مواقع الصف الاول ملاحظا بان نسبة كبيرة من 'عواجيز' الحركة وحرسها القديم تتواجد بكثافة وعلى مدار الساعة في اروقة الفندق حتى تبقى في دائرة الترشيح، ملاحظا بان الصراع الساخن على مقاعد المركزية والمجلس الثوري لا يصاحبه ولاول مرة شعار سياسي او تنافس على البرامج السياسية بقدر ما يتعلق الامر بالمنافع والامتيازات. وحسب الاجواء التي رصدت غرق الجميع في دوامة الترشيح ولم تناقش حتى الآن في الجلسات غير الرسمية للمؤتمر اي من القضايا الاساسية والجوهرية وكل الاضواء والنقاشات منصرفة على ترشيحات المقاعد للمركزية والثوري. وتؤشر بوصلة الترشيحات حتى الآن الى ان ثلاثة مقاعد على الاغلب ستحسم بالتزكية وسيجلس عليها في اللجنة المركزية كل من محمود عباس (ابو مازن) وابو ماهر غنيم وسليم الزعنون (ابو الاديب) وهؤلاء الثلاثة صنفوا مبكرا بانهم مرشحون بالتزكية وخارج سياق التنافس، فيما يبدو ان جميع الاعضاء القدامى في اللجنة المركزية باستثناء فاروق القدومي ومحمد جهاد جددوا ترشيحهم ويزاحمون رموز التيارات الشابة او تلك الرموز التي يحاول الرئيس عباس ادخالها للعبة. وقال مسؤول بحركة فتح ل'القدس العربي'، ان هناك تضاربا في وجهات النظر يسيطر على اجندة المؤتمر، وان هناك تيارا من حركة فتح يريد محاسبة قيادات الحركة التي فرت من غزة عقب استيلاء حركة حماس على القطاع، معتبرا ان قرار عدم مشاركة هؤلاء في فعاليات المؤتمر، تجنبا للمساءلة والمحاسبة من اعضاء الحركة الباقين لهم عما حدث في القطاع، وليس تضامنا مع من منعتهم حركة حماس من المغادرة حسب تعبير المسؤول. وقال مسؤول في الحركة بقطاع غزة ل'القدس العربي' ان هناك مسؤولين في الحركة يسعون لتغييب كوادر القطاع عن حضور المؤتمر، مستغلين بذلك منع حركة حماس لهم من السفر. وقال النائب أشرف جمعة عضو مؤتمر حركة فتح من قطاع غزة ل'القدس العربي' ان قيادات الحركة وكوادرها في غزة أعدت 'قائمة سوداء'، ستنشر خلالها أسماء 'المتآمرين على غزة من قيادات حركة فتح'، لافتاً إلى أن هذه القائمة ستضم إلى جانب 'المتآمرين'، القيادات التي عملت على استثناء منح كوادر من الحركة في غزة عضوية المؤتمر، إضافة إلى أسماء أي عضو من غزة يثبت حضوره للمؤتمر. وأكد جمعة وجود قيادات مؤثرة في الحركة من الضفة الغربية وأقاليم الخارج، تساند وجهات نظر أعضاء غزة، لافتاً إلى أن عددا منهم أبدى استعداده خلال اتصالات أجراها مع قيادة الحركة في غزة للاستنكاف عن حضور جلسات المؤتمر، تضامناً مع غزة. وكانت قيادة الحركة العليا ربطت في وقت سابق، بين عقد المؤتمر وحضور أعضاء المؤتمر من قطاع غزة، قبل أن تعدل عن هذا القرار، عقب فشل الوساطات العربية والدولية التي تدخلت لدى حركة حماس للسماح لأعضاء غزة بالسفر إلى الضفة الغربية. ودعا جمعة أعضاء المجلس الثوري لتحديد نسبة عددية لقطاع غزة في اللجنة المركزية والمجلس الثوري، يجرى انتخابها لاحقاً 'ضمن مؤتمر مصغر' يقتصر على كوادر غزة، يعقد حين تسمح الظروف بذلك، وشدد على أن أي قرار سيصدره المجلس الثوري بخلاف ذلك، من خلال تكليف قيادات من القطاع في المجلس الثوري واللجنة المركزية، أو تشكيل 'قيادة طوارئ' سيكون 'أمرا غير مقبول'. وأكد جمعة أن 'المواضيع الساخنة' التي ستجري مناقشتها خلال اجتماع المجلس الثوري، والخاصة بملفات اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، وملف سقوط قطاع غزة في قبضة حركة حماس، 'يجب مناقشتها بحضور كوادر وأعضاء المؤتمر من غزة، مثلهم مثل باقي القيادات من الضفة والخارج'. ومن المتوقع أن يشهد المؤتمر 'جلسات نارية'، خلال فتح ملفات اغتيال عرفات، وسقوط غزة، وأموال فتح في الخارج، خاصة مع وجود قيادات فتحاوية من الخارج دخلت المناطق الفلسطينية لأول مرة، وأخرى من الداخل، يتقاطع بعضهم في التفكير في عدة مواضيع، ويختلف آخرون في وجهات نظرهم في مواضيع عدة. ولم يخف جمعة خشيته من 'استغلال البعض' موضوع غياب قيادات غزة عن المؤتمر، 'لتكون فرصة سانحة لهم للتهرب من مسؤوليتهم تجاه سقوط غزة في يد حماس'. وقال 'نحن نرفض أن تحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الموضوع لغزة فقط'، لافتاً إلى أن تنازل قيادات غزة عن حقها في حضور المؤتمر 'يجب أن لا يستغل من البعض لتحميلها مزيدا من الأعباء'، وذكر أن موضوع سقوط غزة في يد حماس يحتاج لإجابات من قيادات من الحركة لن تكون حاضرة في المؤتمر. وفي السياق قال إبراهيم أبو النجا عضو قيادة فتح العليا في غزة ل 'القدس العربي' ان قيادة فتح الحالية في القطاع لا تتحمل مسؤولية سقوط غزة في قبضة حماس. وأشار إلى أن مسؤولين سابقين في الحركة 'ممكن أن يخضعوا لاحقا لمساءلة تنظيمية، إذا ثبت تقاعسهم في هذا الملف'، مشيراً إلى أنه خلال المؤتمر السادس ستتم مناقشة جميع الملفات الخلافية، ورأى أبو النجا أن أحداً من قيادات الحركة لا يستفيد من عدم حضور غزة، مشيراً إلى أن عدم الحضور تم عقب فشل جميع الوساطات مع حركة حماس، لثنيها عن موقفها الذي يربط بين خروج معتقلين من الضفة، وسفر كوادر غزة. عمان غزة بيت لحم 'القدس العربي' من بسام البدارين واشرف الهور ووليد عوض