الأكراد ضاعت ثروة البلاد محمد العماري تشهد أروقة المنطقة الخضراء ودهاليزها السرّية نقاشات حادة هذه الأيام بين أطراف ما يسمى بالعملية السياسية حول إقرارالموازنة المالية لعام .2008..فالكل يطالب بحصّته بناءا على حجم خدماته"الجليلة" التي قدّمها الى قوات الاحتلال الأمريكي - الايراني - الاسرائيلي, وتاريخه الملوّث بكل المساويء. ويدلّل الحراك والعراك الجاري بين العملاء على أن كل طرف منهم "سنّ سكاكينه" وإستعدّ جيدا لتقطيع ما تبقى من جسد الوطن الجريح والفوز بنصيبه الذي وعده به ربُّ نعمته.بوش الصغير, قبل فوات الأوان, حتى أصبح شعارهم المفضّل يمغرّب خرّب.
فهم يدركون جيدا, رغم كل محاولات التضليل والخداع والمكابرة والتعتيم التي يقومون بها, إن طوفان المقاومة العراقية الباسلة يقترب منهم رويدا رويدا. مما جعلهم يتخبطون في تصرفاتهم ويناقضون أقوالهم ويسعون بلا جدوى الى خلق الذرائع والتبريرات لنفي فشلهم الذريع وكونهم أعجز من أن يحلّوا رِجل دجاجة, كما يُقال. الى درجة أنك لا تجد ثلاثة منهم متفقين على شيء, باستثناء تصميمهم العميق على تحويل العراق, بلد الحضارات والعلم والابداع والثَراء المادي والبشري, الى أرض خراب تنعق فيها غربان البين. وبسبب حقدهم الدفين وموت ضمائرهم وفقدانهم للشرعية ولو بحدّها الأدنى, أصبح العراق, أرضا وشعبا وتاريخا, وطنا في المزاد العلني. مما جعل كبار وصغاراللصوص, دوللا وشركات وأحزاب وأفراد, يسرقون وينهبون ثرواته وخيراته في وضح النهار, وبمشاركة أو تواطيء حكّامه العملاء. ويدورالجدل حاليا في حمام النسوان, أو برلمان المنطقة الخضراء, حول النسبة المئوية المقررة الى إمارة مونتي كارلو, عفوا أقصد إقليم كردستان العراق, التي ورثها مسعود البرزاني عن أبيه العميل حتى النخاع لاسرائيل ولكل دولة معادية للعراق. ولا خلاف لو إن النسبة التي طلبها الزعماء الأكراد تذهب فعلا الى أبناء شعبنا الكردي, فهم إخوتنا في الوطن والدين وجزء أساسي من مكونات شعبنا المتعدد القوميات والأعراق والأديان. لكن الواضح لكل ذي بصر وبصيرة هو إن القادة الأكراد, بحصولهم على المزيد من الأموال, يهدفون الى تمويل وتقوية عصابات البيشمركة لغاية في نفس مسعود. ولا ندري حقيقة ما هي علاقة الحكومة"الفيدرالية" بميليشيات البيشمركة حتى تدفع لهم رواتبهم ومخصصاتهم وتهتم بشؤونهم؟ وهل سمعتم إن هناك حكومة في العالم, حتى وإن كانت حكومة عميلة وخاضع لقوات احتلال أجنبي, تدفع رواتب ومخصصات وتقاعد وما شاكل ذلك الى ميليشيات مسلّحة لا تسيطرعليها تلك الحكومة و لا تخضع لها ولا تتبع حتى لأية دائرة أو مؤسسة من مؤسساتها؟ فعلى سبيل المثال, هل تستطيع حكومة العميل نوري المالكي نقل نائب عريف بيشمركة من أربيل الى السليمانية دون موافقة "شاهنشاه" مسعود البرزاني؟ على أية حال, لا يكفّ قادة الأكراد عن الضحك على ذقون وعقول وعمائم رفاقهم في العمالة من"حكام" العراق الجديد. فاسمعوا أحد النواب الأكراد ويدعى سيروان الزهاوي, وهو يدلي بهذا الهراء المقيت: "صحيح إن تقرير وزارة التخطيط ذكر بان النسبة هي 14, 6 في المئة الاّ أن هناك عبارات موجودة في التقرير تشيرالى أنه يجب أخذ بنظرالاعتبار درجة المحرومية التي يعاني منها إقليم كردستان". والحقيقة انني لم أسمع أبدا إن الحكومات في أي مكان في العالم تنظّم الميزانية السنوية بناءا على مظلوميات ومحروميات القوى المشاركة فيها, أو أنها تخضع لمزاج أو إبتزاز هذا الطرف أو ذاك. ومع ذلك بودّي أن أسأل المدعو سيروان الزهاوي. كيف إستطاع معرفة حجم ونسبة تلك المحرومية؟ هل إستخدم في ذلك مقياس ريخترأم مقياس جورج بوش؟! يستطيع أي إنسان الحديث عن محرومية حقيقية أو مفترضة الاّ القيادات الكردية. فمعلوم لدى الجميع إن "إقليم كردستان العراق" ومنذ 1991 يعيش تحت الحماية والوصاية الأمريكية والبريطانية والموساد الاسرائيلي ويحظى برعاية خاصة جدا من قبل أمريكا وإسرائيل تحديدا. ولم يتردد البرزاني والطلباني في تذكيرنا, في مناسبة أو بدون مناسبة وعلى مدى سنوات, بحجم الازدهارالاقتصادي والتطوّر والعمران...ألخ. رغم وجود حكومتين في خصام وخلاف دائم, واحدة في أربيل وأخرى في السليمانية. ولا ننسى طبعا الديمقراطية "الفريدة" من نوعها والتي سمحت لعائلة مسعود البرزاني بوضع يدها الغليظة على إقليم كردستان العراق, والتحكّم بثرواته ومقدّراته وشعبه لعشرات السنين. في المقابل كان الشعب العراقي, بما فيه الغالبية العظمى من أخوتنا الأكراد البسطاء, يخضع الى حصار دولي جائر لم يشهد له التاريخ مثيلا, إستمر لأكثر من ثلاثة عشرعاما. حُرم منه العراقي من أبسط مستلزمات الحياة, من حبّة الدواء الى قلم الرصاص. ومات جرّاء ذلك الحصارالظالم أكثرمن مليون عراقي, وما زالت أثاره المدمّرة واضحة على أجساد وأحلام ومستقبل العراقيين. فعن أيّة محروميّة يتحدّث ناكرالجميل هذا؟ [email protected] المصدر بريد الفجرنيوز :Saturday, February 09, 2008 22:32 PM