مونتريال:تنتشر في مونتريال ومدن كندية أخرى شبكة واسعة من حدائق الاطفال التي تتوزع على المناطق والاحياء الشعبية والميسورة، على حد سواء. وتنقسم، وفقاً للقانون الكندي، إلى حدائق عامة يتراوح عدد الاطفال فيها بين ستة وتسعة كحد أقصى ولا تزيد اعمارهم على خمس سنوات. وينبغي ان تتوافر في الحادقات، فضلاً عن الخبرة، مؤهلات علمية أقلها شهادة في تربية الاطفال معترف بها رسمياً. وتساهم الدولة في نفقاتها، بمعدل 7 دولارت يومياً عن كل طفل. والدوام فيها من الثامنة صباحاً حتى الخامسة مساء. وتتولى وزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولية الاشراف على رعايتها صحياً، في الحفاظ على معدل النوم ومراقبة الوجبات اليومية، ووزارة التربية على برامجها التعليمية الهادفة الى الالمام بألفباء القراءة والكتابة واللغة الفرنسية أو الانكليزية وتنمية مهارات الاطفال الذهنية والفنية وتوسيع مداركهم العقلية، وتسهيل اندماجهم في المجتمع الكندي وعاداته وثقافته، بما يضمن تأهيل الاطفال ووصولهم الى المرحلة الابتدائية، في شكل طبيعي. والحصول على رخصة رسمية لإنشاء روضة عامة يتطلب أحياناً سنوات، نظراً الى شدة الاقبال عليها، من جهة المرشحات ومن جهة أهالي الاطفال الذين لا يتحملون أي نفقة مالية. أما الحدائق الخاصة فلا يتطلب إنشاؤها سوى الحصول على رخصة من البلدية، والروضة تقع ضمن نطاقها الاداري، ويمكن اقامتها في منزل الحادقة التي تستقبل اعداداً غير محددة من الاطفال، تبعاً لوسع المكان وقدرته الاستيعابية والتجهيزات. ولا تخضع الحدائق الخاصة لإشراف حكومي ولا تتقيد بأي برنامج تعليمي بمعنى أن دورها يقتصر على إلهاء الاطفال، بما توفّر لديها من ألعاب، ليس إلا. وتتقاضى المربية من الأهالي مبلغاً عن كل طفل يتراوح بين 17 و20 دولاراً يومياً. ويبدو ان كلا النوعين من الروضات لا يلقى إقبال مسلمين وعرب في كندا. وقد تنادى بعضهم منذ وقت الى إنشاء حدائق خاصة بأطفالهم، لا سيما في مناطق وجودهم بكثافة. وتتولى إدارتها نساء مسلمات أو جمعيات خيرية لا تتوخى الربح. وتكشف احدى الحادقات المغربيات عن سبب لجوئها الى هذا النوع من الخدمات بقولها: «إنه عمل حر ومنتج بالدرجة الاولى ويهيئ لنا كمسلمات محجبات فرص عمل، نُحرم منها في وظائف ومؤسسات أخرى». وتشير الى أن مهمتهن في الاساس لا تتعدى احتضان الاطفال وتوفير ما يلزمهم من ألعاب ونشاطات رياضية وترفيهية. أما ممثلو الجمعيات الاسلامية الذين يشرفون على عدد أكبر من حدائق الاطفال فيرون، إضافة الى العوامل المادية والدينية، أن ثمة اهدافاً أخرى، أهمها الحرص على تربية الناشئة على مبادئ الدين الحنيف، وتأصيل النزعة الايمانية في نفوسهم منذ الصغر. وكل ما يجري من أنشطة دينية تصب في خدمة هذه الاهداف، مثل تعويد الاطفال على الأناشيد الدينية وحفظ آيات قرآنية، وقصص عن سير الأنبياء والصالحين، وإقامة الاحتفالات في المناسبات والاعياد للتعريف عن فضائل شهر رمضان واعياد الفطر والاضحى. ويرى هؤلاء ان اقبال المسلمين على الحدائق الاسلامية مرده الى ما يجري في الحدائق العامة والخاصة من ممارسات بعيدة من القيم والمثل والعادات والتقاليد الاسلامية. فتلك تقدم وجبات غير حلال، والأطفال يخلعون ملابسهم بعضهم أمام بعض، ويرتدون المايوهات في ساعات السباحة، ويشاركون في احتفالات أعياد غير إسلامية. وتلتزم الحدائق الاسلامية بتعليم الاطفال اللغة العربية كتابة وقراءة، في شكل مبسط يتناسب مع قدراتهم ودرجة استيعابهم. ويختصر مسؤول عن روضة إسلامية في مونتريال الغرض الاساسي من انشائها بقوله: «نسعى لإعداد جيل من الناشئة يرتبط بمفاهيم العائلة والوطن والدين بعيداً من أي نزعة تغريبية». الحياة الخميس, 03 سبتمبر 2009