يروت أظهرت المواقف والتصريحات الصادرة في الأيام القليلة الماضية عن نواب بارزين في الأكثرية والمعارضة، أنّ مسألة رفض الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري توزير الراسبين في الإنتخابات النيابية في الحكومة المقبلة، وإن كانت تشكل أحد الأسباب الرئيسة التي تحول دون ولادتها إلا انها لا تعبّر عن المشكلة الحقيقيّة الكامنة وراءها والممثلة بوزارة الإتصالات نفسها التي يشغل حقيبتها في حكومة تصريف الأعمال الحالية الوزير "الراسب" جبران باسيل صهر رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون الذي يصر على ابقائها بيد الأول، محذّرًا بألا تكون هناك حكومة من دون عودة باسيل الى الوزارة المذكورة. ففي ندوة سياسية اقيمت قبل ايام شارك فيها عضو كتلة المستقبل النيابية النائب نهاد المشنوق وعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي وعضو كتلة التغيير والإصلاح النائب الان عون استأثر موضوع وزارة الإتصالات على جانب منها حيث ذكر المشنوق بأن هناك من يعتبر هذه الوزارة وزارة أمنية ، الأمر الذي رحب به الموسوي مقترحًا ابقاءها بيد "التغيير والاصلاح" تعويضًا له عن وزارة الداخلية الأمنية بإمتياز ، باعتبارها احدى الوزارات السيادية التي يطالب بالحصول عليها فيما هي مودعة ضمن حصة رئيس الجمهورية. واتبع الموسموي كلامه عن وزارة الاتصالات في مناسبة أخرى، حيث قال في حفل افطار هيئة دعم المقاومة الاسلامية في النبي شيث "ان حقيبة الاتصالات هي أمنية واقتصادية بامتياز وهي تخص كل اللبنانيين وهي ليست لفريق دون آخر ، وليس هناك من فريق أكثر حرصاً على أمن اللبنانيين من الفريق الآخر ، وهذا تواضع منا فالجميع يريد مصلحة البلد فهل اذا كانت حقيبة الاتصالات مع التيار الوطني الحر الذي يتزعمه العماد عون يصبح لبنان أقل أمناً؟ ابداً ". وتحدث الموسوي عن "جهات خارجية ، حكومات وشركات ، تتوق الى اللحظة التي تضع فيها يدها على قطاع الاتصالات من خلال الخصخصة ونحن نقول ان حجة هذا الفريق اللبناني والخارجي بالخصخصة مرفوضة". وما لم يقله النائب نواف الموسوي مباشرةً عن اسباب تمسك المعارضة ، وتحديداً حزب الله ، بابقاء وزارة الاتصالات في عهدتها عبر باسيل ، كشف ركن بارز فيها ل "ايلاف" واصفًا هذه الوزارة بأنها الأذن التي بامكانها ان تسمع "كل همسة" والعين التي بمقدرتها ان ترصد كل اشارة ، منوّهًا بمساعدتها في الكشف عن شبكات التجسس وتعطيلها لمشاريع مشبوهة والتي كان آخرها ما تم العثور عليه في محطة الباروك من معدات اسرائيلية يجري التحقيق بشأنها ومن يقف وراءها. كما لفت الى ما حققته الوزارة في عهد باسيل من أرباح لصالح الخزينة اللبنانية ومن توفير على جيب المستهلك في قطاعي الهاتف الثابت والخليوي. وإذ توقف الركن البارز في المعارضة عند ما حصل في الخامس من أيار من العام الماضي حيث أقدمت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة على اصدار قرارها الشهير بالتعرض لشبكة الاتصالات التابعة للمقاومة ، وما نجم عنه من احداث أمنية كانت بيروت ساحتها الرئيسة ، اعلن أن قبول المعارضة بالتنازل عن وزارة الاتصالات يعني بشكل او بآخر الموافقة على القرار السابق بعد اكثر من عام على صدوره ، وكذلك الرضوخ للمطلب الأميركي والاسرائيلي باعادة هذه الوزارة الى الأكثرية الأمر الذي يمكن اصحاب هذا المطلب بالحصول على المعلومات التي يبتغونها. الا ان النائب المشنوق وفي تصريح ل "ايلاف" يرفض هذا الطرح ومحاولات اقحام بعضهم أميركا وغيرها في مسألة الخلاف على حقيبة وزارة الاتصالات ، موضحًا أن لدى الاكثرية مآخذ على اداء هذه الوزارة لجهة تلكُّئِها في تزويد أجهزة أمنية بمعلومات متعلقة بالتخابر (DATA) الأمر الذي عطل اقتفاء آثار مرتكبي عدد من جرائم الاغتيال والتفجير وغيرها. من جهة أخرى، إستبعد المشنوق أن يقدم الحريري مشروع تشكيلة حكومية لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في الأيام القليلة المقبلة ، خصوصًا قبل سفر الأخير الى نيويورك، مشيرًا إلى ان ما يحمله الحريري افكارًا تخص التشكيلة الوزارية ، إلا ان زميله في الكتلة النائب سمير الجسر يخالفه الرأي حيث اعلن في حديث اذاعي ان الرئيس المكلف سيعرض على رئيس الجمهورية تشكيلة حكومية مقترحة لا تستثني تكتل التغيير والاصلاح ، منطلقًا في ذلك على ما يبدو مما اعلنه الحريري قبل يومين من انه سيضع الجميع امام مسؤولياتهم. لكن كيف سيحصل ذلك مع استمرار الخلاف بين الرئيس المكلف والعماد عون لا بل إحتدامه كما ظهر بعد اللقاء الذي جمع امس الحريري وباسيل وتأكيد المعارضة على لسان اكثر من وزير ونائب في "حزب الله" و "كتلة التحرير والتنمية" التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري ، بأنها لن تشارك في الحكومة اذا لم يستجب لمطالب رئيس تكتل التغيير والاصلاح؟ لدى رئيس الحكومة السابق عمر كرامي جوابٌ عن هذه التساؤلات يخالف الأجواء السائدة إذ قال إنه يتوقع اعلان ولادة الحكومة خلال الاسبوعين المقبلين ، معوّلاً في ذلك على ما لمسه من الحريري خلال زيارته له الاسبوع قبل الماضي "واستعداد هذا الشاب الواعد لتقديم التضحيات ضمن ما ينص عليه الدستور والقوانين والأعراف" على حد قوله.