اعترف مسؤولون سامون في مالي أن حكومة الرئيس أمادو توماني توري، لم تقل الحقيقة، ورضخت فعلا لمطالب القاعدة ''بدفع فدية مالية ضخمة بملايين الدولارات والإفراج عن أربعة من أخطر الإرهابيين المسجونين في باماكو'' مقابل إطلاق سراح المبعوث الأممي السابق في النيجر.ألقت هذه الاعترافات الضوء على كثير من خبايا عملية الإفراج عن الدبلوماسي الكندي روبرت فاولر ومساعده لويس غواي، في أفريل الماضي، بعد أربعة أشهر قضاها مختطفين لدى القاعدة بالقرب من الحدود الجزائرية المالية. ونقلت تقارير إعلامية جديدة، نشرت أول أمس، في تورنتو الكندية تصريحات لوزير الدفاع ومدير المخابرات الأسبق في مالي، سوماليو بوباي مايغا، تؤكد ''دفع ملايين الدولارات للإفراج عن الرهينتين''، بينما قال مدير الوكالة الحكومية لتنمية شمال مالي، محمد أغ محمود، إن الإرهابيين المفرج عنهم نظير إطلاق الدبلوماسي الكندي ومساعده ''عددهم أربعة وكانوا خطيرين للغاية حتى وإن لم يكونوا معروفين جدا''، حيث إن أحد المفرج عنهم كان خبيرا في صناعة المتفجرات والقنابل التقليدية وآخر متخصص في التكتيك العسكري. وأقر المتحدث، حسب ما نقلته عنه جريدة ''بريد العالم'' الكندية، بأن الرضوخ لمطالب القاعدة تلك تمّ لأن كندا كانت ''شريكا مهما'' حسب ما نقل عنه التقرير الإعلامي المذكور، حيث أقدمت مالي على هذه الخطوة، حسب التقرير، خوفا من أن تفقد المساعدات المالية التي كانت تتلقاها من كندا ووصلت العام الماضي إلى نحو 100 مليون دولار، لتصبح بذلك أحد أهم الدول الخمس الأولى وذات الأولوية التي تتلقى مساعدات مالية دورية من كندا. وفي أعقاب نشر هذه الاعترافات خرج الوسيط ما بين باماكو والقاعدة في صفقة الإفراج عن الدبلوماسيين المذكورين عن صمته ليقول بدوره إن المسؤولين الكنديين تنكروا لوعودهم السابقة له بمنحه مكافآت مادية نظير خدماته. الوسيط بابا ولد شيخ، وهو تاجر ثري في منطقة غاو، شمال البلاد، ورئيس إحدى بلدياتها المسماة تاركينت، قدمته الجريدة الكندية على أنه ''رجل الظل'' في المفاوضات التي جرت حينها، وقال ولد شيخ إن ''أعوان الحكومة الكندية وعدوني بأشياء كثيرة، لكن إلى يومنا هذا لم أحصل ولو على ورقة تشكرني على ما قدمته''. وأحصى من الخدمات التي قدمها نقل وسائل طبية للرهينتين عندما كانا رهن الاحتجاز. واعترف الوسيط أن جزءا من المفاوضات مع الخاطفين التي تمت مع مختار بلمختار وأشرك فيها 8 أعيان آخرين من قبائل المنطقة، جرت بالقرب من الحدود الجزائرية، لكن مصادر جزائرية مسؤولة رفضت الكشف عن هويتها علقت ل ''الخبر'' على كلام الوسيط المذكور بالقول إنه ''قد لا يكون سوى محاولة لتبرئة ساحته وساحة من كلفوه بالمهمة من تهمة منح الإرهابيين المقابل المالي الذي طلبوه''. وأضافت أن ولد شيخ ورد بالاسم والصفة في اعترافات أمير الصحراء في القاعدة المسجون حاليا، عمار صايفي (البارا)، لمصالح الأمن، حيث وصف البارا رئيس بلدية تاركينت بأنه كان منذ زمن طويل أحد الممونين الأساسيين للقاعدة بالسلاح، الذي يحصل عليه من شبكة واسعة من العملاء يدير معهم هذا النشاط من فترة طويلة. وأضافت الجريدة الكندية في تقريرها الجديد أن كندا وجدت مشاكل كبيرة في إقناع الجزائر وبريطانيا بأنها لم تدفع الفدية التي طلبها الخاطفون عبر وسطاء آخرين، واتهمتها الدولتان بخرق الاتفاقيات الدولية في هذا الخصوص.