لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    برشلونة يقلب الطاولة على بلد الوليد ويبتعد بصدارة "الليغا"    ربيع الفنون بالقيروان يُنشد شعرا    في لقائه بوزراء .. الرئيس يأمر بإيجاد حلول لمنشآت معطّلة    الدوري الفرنسي.. باريس سان جيرمان يتلقى خسارته الثانية تواليًا    غدا: حرارة في مستويات صيفية    منير بن صالحة: ''منوّبي بريء من جريمة قتل المحامية منجية''    مؤشر إيجابي بخصوص مخزون السدود    عاجل/ قضية منتحل صفة مدير بديوان رئاسة الحكومة..السجن لهؤولاء..    صفاقس : المسرح البلدي يحتضن حفل الصالون العائلي للكتاب تحت شعار "بيتنا يقرأ"    الأطباء الشبان يُهدّدون بالإضراب لمدة 5 أيّام    بداية من 6 ماي: انقطاع مياه الشرب بهذه المناطق بالعاصمة    الرابطة الأولى: الاتحاد المنستيري يتعادل مع البقلاوة واتحاد بن قردان ينتصر    القصرين: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تحلّ بمدينة القصرين وتسجّل إقبالًا واسعًا من المواطنين    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    طقس الليلة: الحرارة تصل الى 27 درجة    وزير النقل يدعو الى استكمال أشغال التكييف في مطار تونس قرطاج استعدادا لموسم الحجّ وعودة التّونسيين بالخارج    نادي ساقية الزيت يتأهل لنهائي الكأس على حساب النجم    كلاسيكو اوفى بوعوده والنادي الصفاقسي لم يؤمن بحظوظه    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: المنتخب التونسي يضيف ثلاث ميداليات في منافسات الاواسط والوسطيات    منوبة: 400 تلميذ وتلميذة يشاركون في الدور النهائي للبطولة الاقليمية لألعاب الرياضيات والمنطق    "براكاج" يُطيح بمنحرف محل 26 منشور تفتيش    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع: كريم طابو السكرتير الأول في جبهة القوي الاشتراكية
نشر في الفجر نيوز يوم 23 - 02 - 2008

كريم طابو السكرتير الأول في جبهة القوي الاشتراكية : بوتفليقة يفضّل استشارة الطرق الصوفية والعروش بدلا من العلماء والمفكرين: حاوره : مصطفي فتحي
الفريق الرئاسي يريد التخلص من القوي الاشتراكية لأنها تذكره بمرجعيات سياسية تؤلمه
النظام يكّن الكراهية والعنصرية السياسية لبلاد القبائل
الجزائر بلد مريض والحل في بديل ديمقراطي حقيقي يخرجه من أزمته الحالية
النظام ينتقم من منطقة القبائل بإغراقها في الفوضي والعنف لمنعها من بناء البديل الديمقراطي

الجزائر- مصطفي فتحي: فوجئ المراقبون بتعيين رئيس القوي الاشتراكية الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد لكريم طابو علي رأس أقدم حزب معارض بالجزائر، وذلك لعدة اعتبارات في مقدمتها أن هذا الشاب لا يزال في ريعان شبابه فسنه لم يتجاوز 35 ربيعا، بمعني أن عظمه لا يزال، ربما، طريا لقيادة حزب في مستوي جبهة القوي الاشتراكية، باعتباره الحزب المعارض الوحيد حاليا بالجزائر.
غير انه سرعان ما يتبين لكل ما يجلس إلي السكرتير الأول في القوي الاشتراكية صواب قرار حسين آيت احمد في تعيين كريم طابو في منصب أمين أول، رغم حداثة سنه وبالنظر إلي شراسة النظام في التعاطي مع المعارضات الرافضة لكل تطبيع معه.. فالرجل علي درجة كبيرة من الوعي السياسي والفهم للواقع، بالإضافة إلي انه مطلع جيدا علي موازين القوي داخل النظام الجزائري ومن يمسك بخيوط اللعبة السياسية.
وفي هذا الحوار الذي خص به أول صحيفة عربية، يتطرق كريم طابو إلي سر الخلاف مع وزير الداخلية، ويكشف بعض جوانب استراتيجية القوي الاشتراكية في حقل سياسي مغلق، وفي وقت استطاعت السلطة أن تدخل أغلب الأحزاب السياسية إلي بيت الطاعة، بالإضافة إلي الحراك الذي شهدته الجبهة داخليا وكيف حاولت بعض الإطارات تغيير الخط السياسي الذي قامت عليه القوي الاشتراكية منذ 1963.. تابعوا.
# في البداية شهدت العلاقة بينكم وبين وزير الداخلية نور الدين زرهوني بعض التجاذب والتراشق الإعلامي مؤخرا، ما حقيقة الخلاف بين القوي الاشتراكية وبين وزير الداخلية الجزائري؟
- أولا اشكر جريدة الراية القطرية علي إتاحة هذه الفرصة لنا لنتوجه إلي القارئ العربي في منطقة الخليج.
تتميز القوانين في الجزائر بكونها غير محددّة وغير دقيقة. وكل مسؤول يتعامل معها علي حسب هواه وفهمه الشخصي للقضايا المطروحة عليه.
المادة 20 من قانون الأحزاب السياسية الجزائري ينص علي أنه إذا عقد حزب سياسي ما مؤتمره الوطني وأقرّ تغييرات علي قانونه الأساسي، ففي هذه الحالة فهو ملزم بإخطار وزارة الداخلية بكل التعديلات، وذلك في آجال لا تتعدي شهراً.
ونحن في القوي الاشتراكية بعثنا بكل التعديلات التي أدخلناها علي القانون الأساسي إلي وزارة الداخلية، وأنا أتساءل لماذا تشترط وزارة الداخلية مهلة شهر لإخطارها بالتغييرات في حين أن ردها علي مراسلتنا استغرق خمسة أشهر.. فمثل هذا الطلب للداخلية كله لأغراض سياسية معينة ولأهداف سياسية معينة، في مراحل سياسية معينة.
لقد راسلتنا الداخلية بطلب حول أشياء حزبية بحتة تخص الحزب ولا تهمها لا من قريب ولا من بعيد، ولا علاقة لها بالقانون.. طلبت منا وثيقة المناضل وهي وثيقة داخلية تخص الحزب.. فطلب الداخلية ليس له ما يبرره سوي انه استفزاز سياسي، وعدم تحكم وعدم فهم القوانين، بالإضافة إلي عدم كفاءة في تسيير الشؤون السياسية للأحزاب..
إلي ماذا يهدف وزير الداخلية من وراء استفزازكم؟
- اليوم نلاحظ أن كل الأحزاب السياسية قد دخلت إلي بيت الطاعة وأصبحت مساندة لسياسات السلطة، وربما أن إدارة زرهوني من خلال هذا الاستفزاز تسعي إلي الضغط علي جبهة القوي الاشتراكية لتنضم إلي المسعي السياسي العام في البلاد.
نعود إلي الانتخابات المحلية الأخيرة، أين هي المفاجأة التي وعدتم بها ؟
- نحن لم نقصد بالمفاجأة تحقيق فوز كاسح في الانتخابات الأخيرة، بل قصدنا منه كسر الحاجز النفسي لدي أنصارنا ومحبينا وتحدي النظام وإدارة زرهوني هذا كل ما في الأمر، بالإضافة إلي خلق جو سياسي عام يتمثل في كسر حاجز الخوف لدي المواطن في الولايات الداخلية خاصة فيما يتعلق بالانضمام إلي القوي الاشتراكية، وقد بذل النظام الجزائري جهودا كبيرة منذ 1962 لمنع هذا الحزب بشتي الوسائل من الانتشار في الولايات الداخلية وحصر وجوده في منطقة القبائل فقط ومن ثم نعته بالحزب الجهوي.
في وقت شطبت فيه قوائم القوي الاشتراكية بصفة تعسفية وغير قانونية قامت القوي الاشتراكية بحملة انتخابية عبر كل ولايات الوطن، ولم نتطرق في خطابنا الانتخابي إلي البلديات بل ركزنا علي المسائل السياسية العامة والكبري، اضافة إلي المسائل الاقتصادية والاجتماعية والأزمة السياسية العميقة التي تشهدها الجزائر.. في حين كانت بقية الأحزاب السياسية تلعب في رقعة سياسية معينة ألا وهي الانتخابات المحلية والولائية.
# هل صحيح أن الاعتبار القانوني هو الذي حتم علي القوي الاشتراكية المشاركة في المحليات بعد أن قاطعت الانتخابات التشريعية واغلب الانتخابات السابقة؟
- ليس هناك أي قانون يفرض علي أي حزب سياسي المشاركة في الانتخابات، وأشير هنا إلي أن القوانين في الجزائر يتم استغلالها من قبل الإدارة والمسؤولين لأغراض معينة وتفسر علي هواهم ما يؤدي ببعض الأحزاب السياسية إلي الرضوخ للضغوطات والقبول بالاستفزازات، خوفا من انتقام النظام من هذه الأحزاب.. ونحن في القوي الاشتراكية ننشط في إطار هذه القوانين، لكننا لن نقبل بأن يستغل هذا القانون ليفرض علينا تغيير الخط السياسي الذي قام عليه الحزب منذ 1963 .
قلتم في تصريحات سابقة إن الفريق الرئاسي يريد التخلص من القوي الاشتراكية لأنها تذكرهم بماضيهم التاريخي ولأنها تحمل مرجعيات سياسية تؤلمهم ؟
- المرجعية الأولي التي بني عليها حزب القوي الاشتراكية هي بيان أول نوفمبر ومؤتمر الصومام.. فالكلام عن مؤتمر الصومام بالنسبة لنخبة من المسؤولين في الرئاسة كانوا من أشد المعارضين لهذا المؤتمر لا سيما الرئيس الحالي، وبالتالي الكلام عن هذا المؤتمر سيثير بداخلهم الذكريات، وهذا ربما يفسر كرههم لهذا الحزب.. فجبهة القوي الاشتراكية التي يتزعمها المجاهد حسين آيت احمد صاحب المواقف التاريخية في مؤتمر الصومام والثورة الجزائرية واتفاقيات ايفيان.. وهناك مسؤولون داخل النظام وخارجه لهم ذاكرة معينة وكل واحد منهم مسؤول اليوم عن تاريخه.
لماذا عارض الرئيس بوتفليقة مؤتمر الصومام؟
- لان مؤتمر الصومام طرح مشروعاً سياسياً لإدارة الحكم والثورة من خلال قاعدة أولوية السياسي علي العسكري وأولوية الداخل علي الخارج ، وتمكين الثورة الجزائرية من هيكلة نفسها سياسيا وتنظيميا. وهذا المؤتمر سمح أيضا باتخاذ بعض الآليات خاصة الحكومة المؤقتة، وقيادة الحملة السياسية في الداخل والخارج.
وقد قوبلت نتائج مؤتمر الصومام الذي أشرف عليه العربي بن مهيدي وعبان رمضان برفض شديد من قبل بعض السياسيين وعلي رأسهم عبد العزيز بوتفليقة وجماعة وجدة التي ينتمي إليها.
هل يمكننا القول بأن نتائج مؤتمر الصومام كانت احد الأسباب المباشرة لاغتيال عبان رمضان؟
- نعم نتائج المؤتمر كانت سببا كافيا لتصفية عبان رمضان، فضلا عن أنه أججت الكراهية والعنصرية السياسية في نفوس بعض الأطراف داخل النظام، وهذا ما يفسر ربما ما تشهده اليوم منطقة القبائل (المنطقة الثالثة في تنظيم الثورة) من عنف وفوضي، ما جعل المفكرين والباحثين والسياسيين يؤكدون الكراهية السياسية التي يكنّها الفريق الرئاسي اليوم لبلاد القبائل.
قلتم إن القوي الاشتراكية ليس بمقدورها مواجهة السلطة بمفردها، هل لديكم تصور معيّن لمقارعة النظام؟
- يوجد اليوم في الجزائر موظفون وعمال وجامعيون يناضلون يوميا من اجل الحريات السياسية والاجتماعية، وجبهة القوي الاشتراكية لديها أفكار ولديها طرح سياسي معارض للنظام القائم ويهدف إلي بناء دولة القانون، واليوم الحقائق الميدانية فرضت علينا تبني فكرة تفتح الحزب علي جميع شرائح المجتمع، والتفتح السياسي معناه إيجاد شخصيات سياسية وفكرية لها نفس أفكار القوي الاشتراكية وتساندها، من اجل تقوية المعارضة ومن اجل تقوية البديل الديمقراطي.
وفي هذا السياق تقدم حسين آيت أحمد وعبد الحميد مهري ومولود حمروش بنداء سياسي للمواطن، وهو النداء الذي لقي مساندة قوية من قبل النقابات والشخصيات السياسية بالإضافة إلي الجامعيين.. ونحن نعتقد أن تفتح الحزب علي مثل هذه الشخصيات سيؤدي إلي انتشار أكثر للقوي الاشتراكية في كل شبر من ارض الجزائر.
وما يميز هذه الشخصيات أنها صاغت هذه المبادرة بكل حرية وبعيدا عن الاملاءات، كما لها كامل الحرية، أيضا، في تطعيمها بالتحركات الميدانية أو من خلال المشاورات وتوسيع الاتصالات بين الشخصيات السياسية الثلاث، وكل ذلك بهدف إيجاد مخرج للازمة السياسية التي تعيشها البلاد.
أما فيما يتعلق بعلاقة هذه المبادرة بالانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد عام تقريبا استطيع القول إن الشخصيات الثلاث تدرس كل السيناريوهات الممكنة، أي إما المشاركة فيها أو مقاطعتها.. فالهدف الأول لهذه المبادرة هو ايصال رسالة للرأي العام المحلي والدولي مفادها انه في الجزائر اليوم هناك بديل ديمقراطي حقيقي مستقل عن النظام وعن امتداداته السياسية.
فالتقاء عبد الحميد مهري بصفته أميناً عاماً سابقاً لجبهة التحرير الوطني وبصفته صاحب تاريخ وعميد السياسيين الجزائريين، مع مولود حمروش صاحب الخبرة الكبيرة في مجال التسيير والعارف بخبايا النظام السياسي الجزائري، إلي جانب حسين آيت احمد الذي يحظي بمصداقية كبيرة والسمعة المحلية والدولية بالإضافة إلي المساندة القوية التي يتمتع بها من قبل الأحزاب الاشتراكية العالمية باعتبار الجبهة عضوا نشطا في الأممية الاشتراكية، ربما يمكن أن يعيد إلي المواطن الثقة في إمكانية قيام بديل ديمقراطي حقيقي.
هل الرغبة في التفتح علي الآخرين معناه أن القوي الاشتراكية في طريقها للتخلص من عقدة الجهوية؟
- نعم هناك أولا الجهوية، وثانيا أن القوي الاشتراكية ليس بمقدورها بناء الديمقراطية بمفردها، فنحن في بلد نظامه السياسي يملك إستراتيجية وامكانيات ضخمة، له وجود ويملك إدارة ومؤسسات وكل ما يلزم للحفاظ علي هذه السلطة. أما المعارضة فكان لديها شعارات وكانت تنشط سياسيا، ولكن اليوم من اجل أفاق سياسية جديدة، من اجل بديل ديمقراطي حقيقي يتعين علي الأحزاب السياسية التي تدعي أنها ديمقراطية أن تنفتح أكثر علي المجتمع، وهذا ما لاحظناه في الانتخابات المحلية الأخيرة حيث شاركت القوي الاشتراكية في بلديات لم يسبق أن تواجد بها الحزب، لا سيما الولايات التي تسيطر فيها الإدارة الحكومية علي اللعبة السياسية وقد تجاوب المواطنون مع خطابنا بشكل لم نتوقعه.
ماذا تقصدون بقولكم إن النظام يسعي لجركم إلي مواقف راديكالية من خلال خطة الشيشينية في منطقة القبائل لتخريبها؟ .
- أولا استراتيجية النظام منذ 1962 وخاصة 1991، تقوم علي تسيير شؤون الدولة في أجواء العنف والفساد، فالنظام الجزائري يقوم علي خمس ركائز أساسية هي كالتالي:
الجهوية وهي من أقوي الركائز القوية في النظام، الشرطة السياسية، البترول، واستعمال العنف بكل أشكاله وإدارته.
وهناك، أيضا، إستراتيجية الدفع بالأحزاب السياسية نحو التشدد، وقد طبقت من قبل في 1991 مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وفي 2001 مع حركة العروش، وفي كل مرحلة معينة كان النظام يلجأ إليها، ما يمنحه الفرصة لاستعمال الوسائل الأمنية لمعالجة الأزمات السياسية، وكان من نتيجة معادلة التشدد السياسي واستعمال الوسائل الأمنية، أن أصبحت الجزائر تسير أمنيا في كل المجالات، خاصة السياسي، وهذا ما أدي بالجزائر إلي البقاء تحت حالة الطواريء منذ 1991، والنظام في كل مرحلة يستغل كل الأوضاع لتبرير استعمال سياسات الكل الأمني في مواجهة الأزمات السياسية..
ففي منطقة القبائل مثلا.. الكل يعلم أنها إحدي الفضاءات الديمقراطية في الجزائر فقد منحت في 1991 الفرصة لكل الأحزاب السياسية (الإسلامية، العلمانية، وأحزاب السلطة) للتواجد فيها، وهذا لا يعني أن هذا له علاقة بالجانب العرقي.. هذه المنطقة أصبحت منبرا للديمقراطية وورشة للبناء الديمقراطي.. وفي الوقت الذي استطاع النظام إخضاع كل الجزائر لسيطرته الأمنية، مازالت ثقافة التحدي ورفض سياسات النظام قائمين في القبائل، ما جعلها مستعصية علي السلطة التي لجأت إلي وسائل أخري كاغراق المنطقة في دوامة العنف والفوضي، وزرع منظماتها في كامل المنطقة..
علي ذكر إغراق القبائل في الفوضي، كيف تفسرون انتشار الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلا في بلاد القبائل أي ولايات (بومرداس، تيزي وزو، بجاية، البويرة)؟
- أولا أنا ارفض الخوض في مثل هذه التحاليل البوليسية حول الدعوة والقتال أو حول وجود القاعدة في منطقة القبائل، وأري أن مثل هذه التفسيرات ليس لها أي سند من الصحة.. ما نلاحظه اليوم أن منطقة القبائل تحولت إلي خزان الأفكار الديمقراطية، وربما أصبحت الأمل الديمقراطي للجزائريين، فضلا عن كونها معقلا لاقدم حزب سياسي معارض في الجزائر، ومشهورة بنضالها السياسي منذ الثورة التحريرية.. والنظام السياسي يفرض علي هذه المنطقة حصارا أمنيا مشدّدا بهدف منعها من قيادة القاطرة الديمقراطية في الجزائر، ومن بناء البديل الديمقراطي في هذه الديار.
ماذا تقصدون بقولكم في احد خطاباتكم أن التسيير الإعلامي لهذا الوضع مؤشر علي خلافات قوية بين المقررين الفعليين في أعلي هرم السلطة؟
أولا هناك حقيقة لابد من قولها وهي إن الجزائر هي البلد الوحيد في العالم الذي يكتب تاريخه من مصدر أمني، فأطفال الجزائر والأجيال القادمة سيقرؤون تاريخ بلادهم من مصدر واحد هو الأجهزة الأمنية.. وربما ستسأل الأجيال القادمة عن حقيقة ما جري في الجزائر في سنوات التسعينيات مثلا، وكتابة التاريخ اليوم تظهر لنا أن من الفاعلين الأساسيين حسن حطاب (مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال) وهم أشخاص غير معروفين بالنسبة للمواطن الجزائري، كما أن أسماءهم وأفعالهم هي من صنع النظام. كما أن مصدر المعلومات الوحيد بالنسبة للصحافيين هو المصدر الأمني، وكذلك هو الشأن علي الصعيد السياسي، الاقتصادي، والاجتماعي، بعد أن غلق كل الأبواب في وجه الإعلاميين المستقلين.. ومنعوا من الوصول إلي مصادر المعلومة..
وهل هذا ما جعلكم تؤكدون أن من يجب أن تسلط عليه الممنوعات العشر ليس علي بن حاج بل الشرطة السياسية؟
- بالطبع اليوم لكي نصل إلي أفاق سياسية حقيقية يجب أن نخرج من دائرة الممنوعات من خلال إعطاء الفرصة للصحافيين لإجراء تحقيقات حول ما يجري في الميدان.. أنا كمناضل سياسي ليس بوسعي أن اخوض في تفاصيل الحركة السلفية، أو أي منظمة مهما كانت في أي منطقة كانت ما لم يكن هناك حرية تعبير وحرية إعلام محلي أو أجنبي.
والمجال مفتوح أمام المحللين السياسيين لتوضيح حقيقة ما يجري في الساحة الأمنية والسياسية في الجزائر.. وحين تجهل الأحزاب السياسية موعد تعديل الدستور والغاية منه، وفي الجانب الاقتصادي لا يستطيع الخبراء أن يعرفوا أموال الدولة.. المستفيد الوحيد من هذا الوضع هم أقطاب النظام.
قلتم إن أصحاب القرار يمارسون إستراتيجية إطالة عمر التوتر، والبلاد مهددة بانزلاق حقيقي وأن بعض المناورين يعملون علي تأجيج نار العنصرية السياسية؟
- الجزائر مقبلة علي سيناريو العراق وسيناريو لبنان أي الحرب الأهلية.. لماذا ؟ لأن كل التجاوزات أصبحت ترتكب في هذا البلد. فعلي الصعيد الاقتصادي هناك الكثير من اللامساواة والحيف المسلط علي المواطنين، إلي جانب الخلل في توزيع الثروات.. وفي الجانب السياسي نلاحظ اليوم غياب إستراتيجية حقيقية في الوقت الذي تشهد فيه العديد من دول العالم لقاءات ونقاشات حول أفاق ومستقبل هذه البلدان، كما يشهد العالم تنافسا حادا بين الدول حول وجود هذه الدول ووجود هذه الأنظمة.. وفي الساحة المغاربية والمتوسطية تبدو الجزائر كبلد مريض، رغم ما حباها الله به من بترول وغاز وغيرها من الثروات، وفي الوقت الذي تستعين فيه دول أخري بالأدمغة والكفاءات والخبراء والمخابر والجامعيين، يستشير الرئيس بوتفليقة الطرق الصوفية والعروش البربرية التي تفتقر للأفكار وليست لها أي نظرة علمية لما سيكون عليه مستقبل الجزائر.. ففي كل البلدان هناك تحولات سياسية واجتماعية، هناك إرادة لدي أحزاب هذه الدول وداخل أنظمة هذه الدول من اجل البحث عن أفاق سياسية واقتصادية حقيقية.. في الجزائر نلاحظ أن هناك مساعي لإعادة إحياء أفكار تجاوزها الزمن. وحين نشاهد الفضائيات العربية نسمع أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وقع علي مرسوم تخصيب اليورانيوم مثلا، ورئيس آخر وقع اتفاقية لاستغلال التكنولوجيات الجديدة.. نجد أن الرئيس في الجزائر يوقع مرسوما حول البطاطا وأشياء لا معني لها، كل هذه المعطيات تؤكد أن الجزائر قد سلكت مسارا معاكسا للتاريخ.
أمام هذه الصورة السوداوية حول الوضع في الجزائر اقترحتم التغيير السلمي المتفاوض الذي لا يمكن أن يحصل بدون شعب، هل يمكن أن توضح ؟
- يشهد العالم اليوم العديد من التقلبات والتغييرات تبرر بعض التدخلات وبعض الانزلاقات الخطيرة، وهذا ما يؤدي ببعض العصب والجماعات المافيوية إلي استغلال هذه التحولات من اجل مصالحها الخاصة.. في العراق اليوم هناك احتلال وهناك مجموعات ربما استغلت هذا الوضع من اجل مصالح مافيوية وربما لصالح بلدان أخري.. فالتغيرات التي تتم في غياب مسار ديمقراطي وسياسي متدرج ربما تؤدي ببلدان مثل الجزائر إلي الدخول في فوضي وفي أزمة عميقة..
التفاوض بين من ومن؟
- التفاوض بين النظام وبين الأحزاب السياسية أو بين النظام والقوي الفاعلة في المجتمع.. يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية للخروج نهائيا من المهزلة السياسية الحالية ومن مهزلة الانتخابات.. تحاليلنا كحزب سياسي تشير إلي أن هناك أحزاباً سياسية وتيارات سياسية وأفكاراً سياسية متجذرة في الأوساط الشعبية.
من هي هذه التيارات؟
- أولا هناك التيار الديمقراطي..
لكن التيار الديمقراطي يحتمل عدة تأويلات ؟؟
- ربما تيار ديمقراطي غير ممثل في الأحزاب السياسية ولكنه منتشر شعبيا.
هل تقصد تيار الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟؟
- قد يكون التيار الإسلامي، التيار الديمقراطي والتيار الوطني.. هناك ثلاثة تيارات سياسية فاعلة في المجتمع..
ولكن بالنسبة للتيار الديمقراطي ألا تري أنه حتي التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية والاتحاد من أجل الجمهورية يتبنيان الديمقراطية ؟؟
- وأنا أضيف أنه حتي أحمد أويحيي أمين عام التجمع الديمقراطي يتبني الديمقراطية، ولكن هل هناك معني للألفاظ والمصطلحات في بلد يفتقر إلي قواعد اللعبة الديمقراطية، ولا لنشاط سياسي حقيقي، وتنعدم فيها فضاءات الممارسة السياسية الحقيقية.
فنحن مثلا في جبهة القوي الاشتراكية كنا قد تكلمنا عن مرحلة انتقالية تؤدي، بعد اتخاذ الإجراءات التي تساهم في تحسين الأوضاع السياسية وتفتح المجال لتعددية حزبية ونقابية حقيقية، إلي استبدال التركيبة السياسية الحالية بتركيبة سياسية جديدة قد تفرز أحزاباً سياسية ذات فعالية ومتواجدة فعلا في الميدان خلافا للأحزاب السياسية الحالية التي هي خادمة للنظام وتواجدها في المؤسسات الرسمية بحسب المقاعد التي تعطي لها من قبل هذا النظام.
بخصوص البيان الذي أصدره كل من آيت أحمد، حمروش ومهري.. هل هو نداء أم مبادرة أم ماذا؟
- أولا هو نداء وفكرة، وحول هذه الفكرة التقت هذه الشخصيات التي لها إرادة قوية لعدم الرضوخ لسياسات السلطة، قصد التشاور فيما بينها بصفة دائمة حول الأوضاع في الجزائر..
ولكن يبدو أن السلطة تجاهلت تماما هذه المبادرة، كيف ستتعامل هذه الشخصيات مع هذا الوضع ؟
- من السابق لأوانه الإجابة علي هذا السؤال، لكن المهم أن هذه الشخصيات تراقب الوضع عن كثب قصد اتخاذ ما تراه مناسبا من قرارات تصب في اتجاه إيجاد مخرج للأزمة الحالية.. ليس بالضرورة أن ترد السلطة علي مبادرة الثلاثة بمبادرة مماثلة.. اتذكر في 1995 عقب لقاء المعارضة الفعلية الجزائرية في روما، كيف حركت السلطة منظماتها الجماهيرية في مسيرات جابت مختلف مدن البلاد للتنديد بلقاء روما، كما أقيمت الندوات والملتقيات للتنديد بأرضية العقد الوطني، واتهم أصحاب هذه المبادرة حينها بالخيانة.
لكن ما تجدر الإشارة إليه اليوم أن النظام اليوم لم يرد بعنف علي مبادرة الشخصيات الثلاث، هذا ما يجعلنا نعتقد أن السلطة ربما ستقبل بمضمون هذه المبادرة من خلال القبول بالانفتاح السياسي وفتح نقاش سياسي عام حول الوضع في البلاد
دعنا نتطرق إلي موضوع آخر، لماذا فشلت كل محاولات التقريب بين الأحزاب البربرية في منطقة القبائل، حيث رفضتم مثلا كل دعوات التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية لتنسيق العمل السياسي بين الحزبين ؟
- اي تحالف سياسي في أي بلد يقام علي أساس مبادئ سياسية، أهداف سياسية وأيضا علي أساس إستراتيجية سياسية، ومع التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية ليس لنا لا أهداف سياسية ولا استراتيجية تسمح لنا بالتحالف مع هذا الحزب ولا مع الاتحاد من اجل الجمهورية لان أهداف واستراتيجية هذين الحزبين تتناقض تناقضا تاما مع أهداف واستراتيجية القوي الاشتراكية.. فحزبنا يرفض ممارسة السياسة من منظور جهوي أو عرقي.
ونحن في القوي الاشتراكية لدينا طرح سياسي غير محدد بالجغرافيا، ثانيا من حيث الأهداف نحن نسعي إلي تغيير جذري للنظام من أجل بناء بديل ديمقراطي، هناك أحزاب تدعي أنها ديمقراطية وتصنف نفسها مع المعارضة ولكن بمجرد أن يستدعيها النظام لا تتواني عن تلبية ندائه وتنفيذ كل ما طلبه منها والتاريخ يشهد أنها في 1991 أيدت وقف المسار الديمقراطي مما نجم عنه دخول الجزائر في دوامة العنف واليوم المواطن يدفع فاتورة هذه الأزمة..
فاذا كنا مختلفين في المبادئ والمنطلقات وفي الاستراتيجيات فلا يمكننا أن نتحالف من اجل الدخول بقوائم مشتركة في الانتخابات أو أن نتحالف بحكم أننا ننتمي إلي نفس المنطقة، فنحن أصحاب مبادئ ولا يمكن أن نتخلي عنها لاعتبارات عرقية أو انتخابية أو غيرها.

الراية: السبت23/2/2008 م، الساعة 10:33 صباحاً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.