رسميا/ هذا السياسي يترشح للانتخابات الرئاسية..#خبر_عاجل    محكمة الاستئناف بالمنستير توضّح بخصوص عدم الاستجابة لطلب القاضي أنس الحمايدي    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الأحد 5 ماي 2024    عاجل/ "الستاغ" تكشف حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز وتوضح..    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    مختصّ في السرقات والسلب والإعتداء على الأملاك الخاصة والعامة: الكشف عن وفاق إجرامي بالعاصمة    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن..    مستقبل سليمان اتحاد بنقردان (0 1) خبرة الضيوف كانت حاسمة    النجم الساحلي الاتحاد المنستيري (0 0) ..المنستيري يفرض التعادل على النجم    بعد توقف دام 19 عاما: مهرجان الحصان البربري العريق بتالة يعود من جديد    كأس تونس لكرة اليد... «كلاسيكو» من نار بين «ليتوال» والترجي    تفاصيل الاكتتاب في القسط الثاني من القرض الرّقاعي الوطني لسنة 2024    سهرة تنتهي بجريمة قتل شنيعة في المنزه التاسع..    الإدارة الجهوية للتجارة بولاية تونس ترفع 3097 مخالفة خلال 4 أشهر    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    المهدية: الاحتفاظ بشخص محل 15 منشور تفتيش وينشط ضمن شبكة دولية لترويج المخدرات    أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يدعو لوقف حرب الإبادة في غزة وحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    هذه مواعيدها...حملة استثناىية لتلقيح الكلاب و القطط في أريانة    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات إلى 58 قتيلا و67 مفقودا    زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب شرقي البيرو    طقس اليوم الأحد...أجواء ربيعية    جندوبة: إنطلاق عملية التنظيف الآلي واليدوي لشواطىء طبرقة    جامعة الثانوي تدعو الى وقفة احتجاجية    تونس تشارك في المعرض الدولي 55 بالجزائر (FIA)    الاعتداء على عضو مجلس محلي    نتائج الدورة 28 لجوائز الكومار الادبي    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    الرابطة المحترفة الثانية : نتائج مباريات الدفعة الأولى للجولة الحادية والعشرين..    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    تونس العاصمة : الإحتفاظ بعنصر إجرامي وحجز آلات إلكترونية محل سرقة    انتخابات الجامعة:إسقاط قائمتي التلمساني و بن تقية    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    عاجل/ أحدهم ينتحل صفة أمني: الاحتفاظ ب4 من أخطر العناصر الاجرامية    تمّ التحوّز عليه منذ حوالي 8 سنوات: إخلاء مقر المركب الشبابي بالمرسى    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    14 قتيلا جراء فيضانات... التفاصيل    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    التوقعات الجوية لليوم    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنوب أفريقيا: * "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" شعار عالمي
نشر في الفجر نيوز يوم 23 - 02 - 2008

img height="75" alt="جنوب أفريقيا: * "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" شعار عالمي" src="/images/iupload/raed_salah_afrikdusud.jpg" width="75" align="right" border="4" style="WIDTH: 75px; HEIGHT: 75px" /*حافظ للقرآن في كل بيت *الهولنديون احضروا المسلمين عبيدا فنشروا الإسلام *نظام الابرتهايد ما يزال يحكم البلاد:كان ذلك يوم الخميس الموافق 31 1 2008 عندما حطت أقدامنا في مطار مدينة كيب تاون الدولي في جنوب أفريقيا ، وما أن اطل الوفد يتقدمه "شيخ الأقصى" كما
يناديه الناس - كل الناس - هنا في كيب تاون حتى تعالى النداء الذي أصبح شعارا عالميا "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" وإذ بصفين كبيرين من العلماء وطلبة المدارس والنساء اللواتي يمثلن مؤسسة مسلمات من اجل الأقصى في مدينة كيب تاون ويتقدم الجميع مولانا إحسان هندركس رئيس مجلس القضاء الإسلامي وعشرات وسائل الإعلام المحلية من تلفاز ومذياع وصحف وقفت في الوسط تسجل المنظر وتنتظر تصريح شيخ الأقصى ، منذ تلك اللحظة انتقل الشيخ رائد صلاح والوفد المرافق لمسؤولية رجال الأمن الذين أرسلتهم خصيصا وزارة الأمن في جنوب أفريقيا لتأمين زيارة الشيخ رائد وحراسته طيلة مكوثه ووفده المرافق في البلاد .

بالروح بالدم شعار عالمي

منذ حطت أقدامنا في جنوب أفريقيا لمسنا أن شعار "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" الذي انطلق عبر مهرجان الأقصى في خطر الأول عام 1996 وما يزال يتردد إلى الآن أصبح شعارا عالميا غير مقتصر على جمهور مهرجان الأقصى ولا على جمهور الداخل الفلسطيني ولا على جمهور مدينة القدس الشريف ، فخلال المحاضرات والدروس التي ألقاها فضيلة الشيخ رائد صلاح أو مولانا إحسان هندركس كان احد الأخوة الذين يتقنون العربية ويفهمون الحديث دون انتظار الترجمة يبدأ بكلمة "بالروح" فيتبعه الحضور كلهم - ولما نقول الحضور نقول مسجد كبير ومليئ بالمصلين - "بالدم نفديك يا اقصى" في تفاعل فطري عبر عنه مولانا إحسان هندركس في احد الدروس في المسجد الأول في كيب تاون عندما قال : "قضية المسجد الأقصى ليست قضية أهل غزة ولا هي قضية أهل الضفة ولا هي قضية أهل الداخل الفلسطيني ولا هي قضية كل الفلسطينيين بل إنها ليست قضية كل العرب ، إنها قضيتنا جميعا ، قضية كل المسلمين ولذلك لبينا نداء الأقصى يوم أن نادانا المنادي وقال أن الأقصى في خطر ، ولذلك لبينا نداء شيخه الشيخ رائد صلاح يوم أن قال "إن الأقصى في خطر" ، وهو ما تعبر عنه مآقي الرجال هنا في مدينة كيب تاون ذات الثلاثة ملايين نسمة والتي تضم التجمع الأكبر لمسلمي جنوب أفريقيا الذين يبلغ عددهم مليون ومائتي ألف شخص عندما يذكر الأقصى فهم بعد كل محاضرة يصطفون في سرب كبير ليصافحوا شيخ الأقصى ، بل إن بعضهم كان يحاول عبثا أن يقبل يد شيخ الأقصى ، في ايحاءة لقربه القلبي اللصيق بالمسجد الأقصى المبارك وهو ما لم يتمكن احد فعله .
حراسة لصيقة
التعامل الذي حظي به الشيخ رائد صلاح ووفده المرافق منذ حطت أقدامنا في جنوب أفريقيا هو تعامل مع كبار الزائرين للدولة من المسؤولين ورؤساء الدول ، فالحراسة حوله لصيقة جدا ومكثفة والتحرك منوط بتوجيهات قوات الأمن والحرس الشخصي الذين رافقوا الشيخ منذ وصوله إلى كيب تاون ، احد هؤلاء الحراس قال للشيخ بودي أن أرافقك إلى مدينة أم الفحم حتى أكون حارسك الشخصي كل الوقت ، ولما ودعنا يوم الأحد الأخير بكى ، الناس الذين يصطفون بالدور بعد كل محاضرة أو درس لمن تصفه وسائل الإعلام هنا في جوهنسبرغ أو كيب تاون أو دربن بصلاح الدين الجديد لالتصاق اسمه بالمسجد الأقصى المبارك الناس هنا كلهم يتفهمون هذه الترتيبات الأمنية المشددة وكلهم يقفون بالصف الذي يصل إلى المئات بهدوء وصمت حتى يأتي دورهم للمصافحة وتبادل جملة ادع لي للشيخ ثم لأحد أفراد الوفد .
حقيقة المساجد التي زرناها كلها والتي ألقى فيها الشيخ رائد صلاح محاضرات ودروس دينية كانت كلها ملأى بالمصلين حتى انه في بعض المساجد لم يتسع المكان لكل المصلين ومساجد جنوب أفريقيا المبنية حسب الفن المعماري الاندونيسي هي مساجد كبيرة جدا ، هؤلاء المصلون ما يميز المحاضرات في بلادهم أنهم لا يخرجون من المحاضرة أو من المسجد ما دام البرنامج قائما ، وهم أهل كرم لا يعرف الحدود ولا يعرف الفواصل ولا يعرف الاعتذار فأنت إن جلست إلى المائدة ولست تملك غير ذلك تجد كبير القوم وكبير البيت يخدمك أولا بأول ويعتبر ذلك شرفا أن يقدم لك الطعام بنفسه ، وهل يملك احد أن يكون غير كريم الاستجابة أمام مثل هذا الكرم .

حافظ للقرآن في كل بيت

في مسجد بلال بن رباح التقينا بالشاب اليافع أبو بكر بن نتدوتا وهو شاب صغير في العمر حديث عهد بالإسلام وهو من السكان الأفارقة الأصليين ، ( بالمناسبة فان البلاد يسكنها أهلها الأصليون والبيض الذين استعمروا البلاد منذ ثلاثة إلى أربعة قرون والملونون وهم الذين أحضرهم الاستعمار كعبيد)، هذا الشاب هو الذي افتتح اللقاء في مركز فجر الإسلام بتلاوة قرآنية رائعة ولما استفسرنا عنه وإذ به حافظ للقرآن الكريم كاملا ، وقد أتم الحفظ في المركز ، ويدير المركز الشيخ سليمان سلامة، مصري الأصل وهو يعمل فقط في أوساط السكان المحليين الأفارقة ويقول أن الاستجابة للإسلام بينهم كبيرة جدا وتقبلهم لدين الله سريع ، وهم لما تدخل إلى بيوتهم - المتواضعة - وتبدأ تحدثهم عن الإسلام وسماحته وانه يساوي بين البشر ، فلا فرق بين ابيض ولا اسود ولا غني ولا فقير تجدهم يبكون ثم يعلنون اسلامهم مباشرة ، ويقول الشيخ سليمان سلامة انه اسلم على يديه في العام الماضي 150 محليا من السكان الأفارقة الأصليين ، والشيخ يدير مركز فجر الإسلام في مسجد بلال بن رباح وهناك يتم استقطاب كل المسلمين الجدد حيث يوجد في المسجد غرف خاصة لتدريس المسلمين الجدد أمور دينهم وتدريس القرآن الكريم .
وكذلك في مركز التوحيد الإسلامي الذي يديره الشيخ عبد السلام البسيوني، مصري الأصل افتتح الشاب عمر وهو من السكان الأصليين عمره 16 عاما اسلم وعمره تسعة أعوام افتتح اللقاء بتلاوة عطرة بصوت رخيم يميل إلى البكاء ككل أصوات المحليين ولما تبادلنا معه أطراف الحديث وإذ به يتقن العربية وقد حفظ القرآن كاملا وشارك حتى الآن في أربع مسابقات دولية للحفّاظ في مصر حصل على المرتبة العاشرة وفي الجزائر حصل على المرتبة السادسة وفي السعودية وفي الكويت ، ويدرس في المركز 235 طالبا في المراحل الابتدائية حتى الثانوية ويدرسهم مدرسون من أربع دول .

في دار العلوم زكريا في جوهانسبرغ يدرس مئات الطلاب من مختلف الدول العربية والإسلامية ومن مختلف الجاليات الإسلامية في العالم ، وكلهم يحفظون القرآن إلى جانب دراساتهم القرآن الكريم، دخلنا قاعة التحفيظ وإذ بهم يتحلقون في عشرات الحلقات وفي كل حلقة أكثر من عشرة طلاب مع شيخهم يسمعون حفظهم وفي لحظة كلمح البصر وإذ بأصوات كحفيف الشجر بالقاعة بإشارة من مسؤولهم يجتمعون في صفوف متراصة أمام وفد الحركة الإسلامية يستمعون إلى كلمة الشيخ رائد صلاح ، تسأل من تصافح كم تحفظ وتأتيك الإجابات مختلفة فهذا الأردني يحفظ ستة أجزاء وهذا ماليزي يحفظ عشرة وهذا فلسطيني يحفظ سبعة وهذا هندي وهذا من جزر القمر وهذا من كشمير وهذا من أفغانستان وهذا من أمريكا هذا يحفظ القرآن كاملا وهذا يحفظ نصفه وهكذا .

في مدرسة سبرينكس قرب بريتوريا وهي مدرسة للجالية الإسلامية يتعلم فيها الطلاب في كل المراحل التعليمية من الصف الأول حتى الصف الثاني عشر ، كان حب الأقصى وحب شيخه غامرا كما الأمر في عشرات المساجد والمراكز والمدارس الإسلامية التي زرناها وحقيقة فان هناك عشرات المدارس الإسلامية في جنوب أفريقيا يتعلم فيها الطلاب مختلف العلوم ولا ينسون حفظ القرآن الكريم ، بعد مهرجان الاستقبال في المدرسة صلينا المغرب في مسجد الحي وطبعا كالعادة كان هناك برنامج مسائي حتى منتصف الليل أو قريبا منه عبارة عن محاضرة أو أكثر للشيخ رائد صلاح ولمولانا إحسان ولإمام المسجد وأحيانا محاضرة أخرى لأحد الأخوة المشايخ من الوفد الكريم حيث شارك كل من الشيخ رائد فتحي والشيخ حسام أبو ليل والشيخ سامي مصري والشيخ عبد الرحيم خليل والشيخ يوسف الباز في إلقاء الدروس وخطب الجمعة ، بعد أن صلينا المغرب في المسجد وافق خروجنا خروج والد من المضيفين مع ابنيه يحمل كل منهم نسخة من القرآن بالية من كثرة التصفح ولما سألنا عن حفظ ابنيه - وهم في المرحلة الإعدادية - وإذ بأحدهم يحفظ القرآن كاملا والثاني يحفظ أكثر من نصفه ، أما برنامجهم اليومي فيبدأ منذ صلاة الفجر في المسجد ثم مراجعة الحفظ حتى السابعة والنصف ثم التوجه إلى المدرسة النظامية وفي فترة العصر يتوجهون إلى حلقات التحفيظ ، ويقول الشيخ إبراهيم جبرائيل رئيس هيئة العلماء في جنوب أفريقيا انه لا يكاد يخلو بيت من بيوت جنوب أفريقيا من حافظ للقرآن الكريم ، أما في المدرسة المحمدية في سبرينكس فيدرس 130 طالبا القراءات العشر والعلوم الشرعية وهناك استقبل مديرها الشيخ رائد صلاح بكلمة ترحيبية قال فيها : نرحب بالشيخ الرائد الصالح ونحن معكم ونعتبر قضية المسجد الأقصى هي قضيتنا جميعا وهي ليست خاصة بأهل فلسطين".

هذه بعض نماذج لعشرات المدارس ومراكز تحفيظ القرآن والمراكز الإسلامية في جنوب أفريقيا وهي كثيرة جدا ، فهناك مدارس إسلامية - تابعة للمسلمين - يبلغ عدد طلابها 500 طالب وهناك مدارس يبلغ عدد طلابها 1000 وهناك ما يبلغ عدد طلابها 1200 وهكذا .
المسجد الأول والمسلمون الأوائل
في العام 1652 احتل الهولنديون الجزر الاندونيسية وشبه جزيرة الملايو وكان المسلمون الذين يقاومون الاحتلال الهولندي يفرون إلى جنوب أفريقيا وكان منهم شقيق ملك جاوا الشيخ يوسف ومعه أربعون مقاوما قد فروا إلى جنوب أفريقيا كسجناء ، واستقر الشيخ يوسف بعد ذلك في قرية سميت فيما بعد على اسم قريته التي قدم منها مكاسا ، واليوم تعتبر قرية كرمات الملاصقة لمقام الشيخ يوسف تعتبر قرية إسلامية حيث إن 90 % من سكانها مسلمون ، الشيخ يوسف الذي نفي إلى جنوب أفريقيا عقابا له أصبح مؤسس الإسلام في البلاد، احضروه سجينا فانتهى احتلالهم وولوا وبقي تاريخ الشيخ يوسف مستقبلا للإسلام والمسلمين في البلاد ، وبعد ذلك استقدم الاحتلال البريطاني العمال من شبه القارة الهندية والباكستانية كعبيد له يعملون في حقول قصب السكر والذرة وغير ذلك ولكن هؤلاء العمال أصبحوا فيما بعد هم نواة الإسلام ونشروه في البلاد ، وعلى نفس الطريق كان الشيخ عبد الله قاضي عبد السلام الذي نفي إلى جزيرة روبين في وسط المحيط الهندي قرب كيب تاون وهي الجزيرة التي كان الاحتلال الهولندي وبعده البريطاني ينفي إليها من يريد عقابهم حتى الموت أو من يريد عقابهم عقابا شديدا ، الشيخ عبد الله قاضي وهو اندونيسي الأصل كان أميرا لمنطقة تدور في جزيرة "ترنيت" الاندونيسية سجنه الهولنديون في العام 1780 في جزيرة روبين لمدة ثلاث عشرة سنة وداخل السجن نسخ القرآن الكريم كاملا من ذاكرته بنسختين ما تزال إحداهما موضوعة في إطار زجاجي في المسجد الأول في كيب تاون كما وألف كتابا في العلوم الشرعية والتوحيد اسماه "معرفة الإسلام والإيمان" ولما خرج من المسجد انشأ مدرسة لتعليم القرآن والدراسات الإسلامية للأحرار والعبيد في بيت للسيد "سيلون" واعتبرت المدرسة مركزا للدعوة إلى الإسلام ، وفي العام 1843 عرضت امرأة اسمها "ساركي فن دي كاب" أرضا تملكها لاستخدامها مسجدا وعليها بني المسجد الأول في جنوب أفريقيا ومنه انطلقت الدعوة إلى الله .

د. ابراهيم ، الاخوة عبد القادر ، يونس والمحامي فاروق
لا شك أن الجهود الجبارة التي بذلها وما يزال الأخوة في مجلس القضاء الإسلامي وعلى رأسهم مولانا إحسان هندركس ثم الشيخ إبراهيم جبرائيل وكذلك الشيخ عرفان ، لا شك أن هذه الجهود الجبارة أثمرت علاقة متينة لمسلمي جنوب أفريقا مع المسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف والقضية الفلسطينية عموما وقد نجح هذا الرجل أيما نجاح بربط مسلمي بلاده بالقضية الفلسطينية ارتباطا متينا حتى أصبح شعار "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" شعارا يتردد على كل لسان رغم أنهم لا يعرفون العربية ، ودائما لكل قائد ناجح هناك عدد من جنود الخفاء لا يعلمهم إلا الله سبحانه وتعالى .

الدكتور إبراهيم اكوجي ( 60 عاما) والد لثلاثة أطباء كلهم متزوجون وهو يملك عيادة طبية متطورة ، الدكتور إبراهيم رافق وفد الحركة الإسلامية منذ لحظة وصوله إلى البلاد وحتى لحظة المغادرة ، التي ميزها اختناق عبرات الأخوة بل بكاؤهم للحظة الفراق ، د. إبراهيم كان يوميا بعد صلاة الفجر تراه يحمل بين يديه علبة القهوة وعلبة الشاي والسكر يبادر كل من يستيقظ من أعضاء الوفد بالتحية والسلام ثم يسأله ماذا يريد أن يشرب حتى يحضره له بيديه .

وكذلك الأمر مع الأخوة عبد القادر ويونس اللذين لم يفارقا الوفد لحظة واحدة وكانوا يسهرون على خدمته وتهيئة كل احتياجاته ، والمحامي فاروق الذي استضاف في بيته لمدة أسبوع نصف الوفد كان يسهر معنا يوميا حتى منتصف الليل يرافقنا في البرنامج في المساجد وفي الرابعة صباحا يوقظ ضيوفه لصلاة الفجر ويحضر لهم الإفطار ويرافقه إلى المسجد ودرس الفجر ويقوم بنفسه بغسل ملابس ضيوفه ، الأستاذ فاروق الذي قدر الله واختلست أنا وهو في الأيام الأخيرة ساعتين لحوار حول نظام الابرتهايد حيث كان احد المحامين ذوي الباع الطويل في مقاومته ، كان قد انتهز فرصة الحوار أيضا لتحضير السلطة لإفطار الصباح.

الحاج يونس - وهو رجل أعمال- جندي من جنود الخفاء، رافق الوفد منذ لحظة دخوله البلاد إلى لحظة المغادرة، كان مسؤولاً عن كلّ التحضيرات اللوجستية، وكان يسهر على حاجات الوفد، بالضبط كالأخ عبد القادر الذي رافق الوفد طيلة الوقت ولم يترك حاجة تنقصه.

الابرتهايد مستمر

مخطئ ذاك الذي يظن أن نظام الابرتهايد قد ولى من جنوب أفريقيا ، ومخطئ ذاك الذي يظن أن الوضع القائم من شأنه أن يبقى إلى اجل بعيد ، صحيح أن أهل البلاد من السود هم الذين يحكمون البلاد رسميا ، لكنهم هم في نفس الوقت فقراء البلاد ومظلوموها ، صحيح أن البلاد تنعم بقدر كبير من الحرية لا تنعم به دولة أخرى في العالم ، لكن سكانها الأصليين لا يزالون كالعبيد ، وما يزال الرجل الأبيض يتحكم بالبلاد من خلف الكواليس فهو قبل أن يخضع للثورة على نظام الابرتهايد ويستجيب لتغيير نظام الحكم ويلغي نظام الابرتهايد قبل ذلك كان قد استحضر كل خبراء العالم واستكشف كل الثروات الطبيعية في البلاد من المناجم إلى الزراعة إلى العناصر الطبيعية كالحديد واليورانيوم وغير ذلك واشترى كل هذه الأراضي ووضعها في ملكيته ، ولما جلس إلى الطاولة المستديرة في المفاوضات مع السود اشترط لإلغاء نظام الابرتهايد عدم تأميم الملكيات الخاصة وبهذا بقيت السيطرة الاقتصادية له وبالضرورة فان الهيمنة السياسية بحاجة إلى سيطرة اقتصادية وبالتالي ما يزال الأسود فقيرا مظلوما وان كان حاكما وما يزال الأبيض ظالما مسيطرا على مقاليد الحكم من خلف الكواليس وان كان محكوما.
توفيق محمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.