شكل الهجوم الأخير في أفغانستان الذي أودى بحياة 7 من موظفي وكالة الإستخبارات الأميركية ال "سي آي إيه"، ضربة موجعة لهذه المؤسسة التي تتعزز مشاركتها على جبهات الحروب الأميركية.واعلنت الوكالة الخميس الحداد على 7 من موظفيها قتلوا في الهجوم، في واحد من أكثر الإعتداءات دموية ضدها. ونكست الوكالة الأعلام في مقرها في إحدى ضواحي واشنطن، لكنها لم تكشف أسماء القتلى السبعة الذين تبقى أسماؤهم سرية حتى بعد رحيلهم. وعبر الرئيس الأميركي باراك اوباما عن تعازيه إلى العاملين في ال "سي آي إيه"، وقال في رسالة وجهها إلى الوكالة، إنه منذ اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة "واجهت ال "سي آي إيه" إختباراً لا سابق له. وأوضح الرئيس الأميركي أن أسماء القتلى ستضاف إلى أسماء تسعين عميلاً آخر على جدار في مقر وكالة الإستخبارات الأميركية ل "تكريم" الذين يسقطون أثناء "تادية الواجب"، حسب قوله. وقال مدير ال "سي آي إيه" في رسالة إلى العاملين في الوكالة: إن "الذين سقطوا بالأمس كانوا بعيدين عن ديارهم وقريبين من العدو، يقومون بعمل صعب لكن لا بد منه لحماية بلدنا من الإرهاب". وقتل أكثر من 500 من عناصر قوات الاحتلال الاميركي وقوات التحالف في أفغانستان هذه السنة، لكن هجوم الأربعاء كشف عن تطور جديد في عمل جماعة طالبان التي تمكنت من اختراق الوكالة التي تطارد مقاتلي الحركة. وقالت ال "سي آي إيه"، إن مقاتلا من طالبان كان يرتدي بزة جندي أفغاني تمكن من اختراق دفاعات القاعدة المتقدمة في خوست "الولاية القريبة من الحدود الأفغانية"، وفجر حزاماً ناسفاً كان يرتديه في ما وصف بأنه صالة رياضية. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن ضباط الوكالة بدأوا مؤخراً حملة هجومية ضد مجموعة من المسلحين يقودها سراج الدين حقاني. وأضافت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين سابقين وحاليين في الوكالة، أن المهاجم أدخل إلى القاعدة بصفته مخبراً محتملاً ولم يخضع على الأرجح لعمليات التفتيش الصارمة. وعلى كل حال، كان هذا الهجوم الأسوا لوكالة الإستخبارات المركزية والأكثر دموية منذ الإعتداء الذي استهدف السفارة الأميركية في بيروت في 1983 وأدى إلى مقتل ثمانية من ضباط ال "سي آي إيه"، حيث أدى هذا الهجوم إلى توقف عمليات وكالة الإستخبارات المركزية في لبنان. أما الهجوم الأخير فقد أودى بحياة عناصر متمرسين بالحرب ويمكن أن يؤثر على سرية عمل الوكالة التي تواجه تزايد المخاطر في هذا المجال. وقالت الصحف الأميركية أن بين القتلى السبعة قائدة القاعدة وهي أم لثلاثة أطفال، وأكد مدير الوكالة ليون بانيتا أن ستة عناصر آخرين جرحوا ونجح أطباء وممرضات أميركيون في إنقاذ حياتهم. وأكد جاك رايس "الضابط السابق في الوكالة الذي عمل في أفغانستان"، أن "التأثير قد يكون هائلاً ليس فقط على صعيد قدرات هؤلاء الأشخاص المحددين بل في العلاقات التي قاموا ببنائها". وتابع: "لا يمكن العثور على خمسة أو عشرة أشخاص غيرهم بكل بساطة وإنهم الأفضل على الأرجح في العالم في ما يفعلونه وقد رحلوا". وتأتي هذه الهجمات بينما تعتمد الولاياتالمتحدة أكثر فأكثر على ال "سي آي إيه" وقوى سرية أخرى لمواصلة أهدافها الإستراتيجية. وكانت ال "سي آي إيه" والقوات الخاصة في مقدمة الاحتلال الأميركي لأفغانستان بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر ومهدت الطريق لطرد نظام جماعة طالبان. وفي خطوة تثير جدلاً كبيرا، قامت وكالة الإستخبارات المركزية أيضاً باستخدام الطائرات بدون طيار في عمليات ضد المسلحين في المناطق الخارجة عن سيطرة السلطات في باكستان، والتي راح ضحيتها المئات من المدنيين. كما ترتدي العمليات الإستخباراتية أهمية كبرى في تمهيد الطريق لإرسال 36 ألفاً و800 جندي بقرار اوباما وحلف شمال الأطلسي ال "ناتو"، لتعزيز قوات الاحتلال في أفغانستان.