ليلة رأس العام بداية من ال 8 متع الليل: ميساج بش يوصل ل 3 ملاين تونسي    الفيفا تلقى 150 مليون طلب لاقتناء تذاكر كأس العالم في أسبوعين    سامي الطرابلسي يحسمها: لا لعب على التعادل أمام تنزانيا    الدورة 40 لمعرض الكتاب: تواصل قبول الأعمال المرشحة لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنش    عاجل/ هذا ما قرره القضاء بخصوص الاعتراض الذي تقدم به أحمد نجيب الشابي..    ماجول يؤكد ان ما تحقق بين تونس والسعودية يظل أقل من الامكانيات، ووكالة النهوض بالاستثمار الخارجي تدعو السعوديين الى الاستثمار في تونس    عاجل: إلغاء انتخابات الرابطة المحترفة وإقرار إعادتها    مدرب تنزانيا: مستعدون لخوض "حوار كروي قوي" ضد المنتخب التونسي    حوالي 40 بالمائة من المساحة المحترثة مخصصة للزياتين وتونس تساهم عالميا ب30 بالمائة من التمور    وزير التربية يعلن 2026 سنة مطالعة    تونس تحتضن اشغال ملتقى قرطاج الثامن عشر للتامين واعادة التامين    كأس أمم إفريقيا: الكشف عن تركيبة طاقم تحكيم مواجهة تونس وتنزانيا    رياض دغفوس : المتحوّر "K" المتفرّع عن فيروس H3N1 لا يشكّل خطورة أكبر من غيره ويجب الالتزام بالإجراءات الوقائية    مدرب تنزانيا :'' أنا فرحان برشا بالتجربة وبالأيامات اللي عديتها في تونس''    الأمطار ترجع : شنيا يستنى فينا الأيام القادمة؟    وزير الاقتصاد: سياسة الاستثمار في تونس ترتكز على تجسيم حرية الاستثمار وحماية حقوق المستثمر والحرص على تمتين صلابة الاقتصاد الوطني    الأونروا: انهيار 17 مبنى وتضرّر أكثر من 42 ألف خيمة في غزة جراء المنخفض الجوي    عاجل/ الاشتباكات مع "داعش": وزير الداخلية التركي يكشف حصيلة الضحايا في صفوف الشرطة..    تتزعمها ستينية: تفاصيل تفكيك شبكة دعارة..#خبر_عاجل    إدمان قطرات الأنف؟...سرّ خطير علر صحتك لازم تعرفه    حصيلة أبرز الأحداث الرياضية لسنة 2025... الثلاثي الثاني (أفريل – ماي – جوان)    عاصفة بالسويد تجيب الموت للسويد: 3 ضحايا    عاجل: شحنات لحوم مبرّدة ملوثة كانت ستباع للتوانسة ...تفاصيل تكشفها غرفة القصابين    التسجيل مازال مفتوح: دورة فيفري 2026 للتكوين المهني تنتظركم    عاجل:الابن الي قتل والده الطبيب في فرنسا...أخفى الجثة في حديقة المنزل...تفاصيل مرعبّة    كأس افريقيا للأمم المغرب 2025: المنتخب التونسي يواجه نظيره التنزاني من أجل حسم التأهل إلى الدور ثمن النهائي    التوانسة في فرنسا يتصدّروا قائمة الحصول على الجنسية الفرنسية    عاجل : وفاة صاحب أغنية ''أخواتي'' الشهيرة في سن صغير    جريمة دامية بالقاهرة.. طعنة غادرة تنهي حياة شاب وسط ذعر المارة في المقطم    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 94 بالمائة    هام/ 6 مؤشرات أساسية لتطمئن على صحة قلبك..    مصنفان بالخطيران جدا ... "مونتيتي" و"الزبراط" في قبضة عدلية سيدي حسين    برشا ماتشوات اليوم: اليك شكون ضدّ شكون الوقت والقنوات الناقلة مباشرة    اتصالات ومهلة وزيارة سرية: "كواليس" تكشف لأول مرة عن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال..#خبر_عاجل    أسعار الخضر واللحوم والأسماك في أسواق العاصمة اليوم    عاجل : أول عملية اعوجاج العمود الفقري للأطفال ناجحة في سبيطار القصاب ...تفاصيل    عاجل/ اثر زيارة غير معلنة للوالي: انهاء مهام هذا المسؤول..    QNB ينظم ورشة مالية لتلاميذ مدرسة "الشاذلي خزندار" الابتدائية بالزهراء    جدل واسع بعد حفل رادس : تذاكر مرتفعة وشكاوى من سوء التنظيم    عاجل/ وفاة طفلة دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير..التفاصيل الكاملة للحادث..    عاجل/ بعد جريمة الأسبوع الماضي: "براكاج" جديد يستهدف سائق تاكسي..وهذه التفاصيل..    عاجل/ اليوم.. القضاء ينظر في الاعتراض المقدم من طرف أحمد نجيب الشابي على الحكم الصادر ضده..    مواجهات بين الشرطة التركية وعناصر من داعش..#خبر_عاجل    شوف شنوا تاكل باش تقوي مناعتك في الشتاء    المكسيك: 13 قتيلا وعشرات المصابين بعد خروج قطار عن مساره    ترامب يحث زيلينسكي على تسريع عقد اتفاقية سلام ويحذر من خسائر جديدة في الأراضي    القيروان: اعتداء جديد على سائق تاكسي فردي يثير مخاوف مهنيّي القطاع    إندونيسيا: وفاة 16 شخصا في حري بدار للمسنين    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    عاجل/ ايقاف صاحب مطعم..وهذا هو السبب..    نابل: "العلوم الإنسانية والاجتماعية بين تحديات التحول الرقمي وفرص تحقيق التنمية المستدامة "محور أعمال منتدى تونس الثاني للعلوم الإنسانية والاجتماعية    توزر: إشكاليات تراث جهة الجريد وسبل تثمينه في ندوة فكرية بعنوان "تراث الجريد بين ضرورة المحافظة ورهانات التثمين المستدام"    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا الاسلام هو الحل ؟ :عبدالباقي خليفة
نشر في الفجر نيوز يوم 03 - 01 - 2010

عندما يطرح الاسلاميون ، شعار "الاسلام هو الحل " فإنهم يدركون ما يعنون ، ويستحضرون في ذلك قيم الاسلام وتعاليمه وخطوطه العريضة في أصول الحكم ، والتربية ، والاقتصاد ، وطرق وكيفية التعامل مع المشاكل والتحديات من منظور اسلامي ، أي بناءا على تعاليم الاسلام ومفاهيمه . ولا ينفون اسلام أحد أقر بالشهادتين ، والتزم بأركان الاسلام ، ولم يحلل حراما ، ولم يحرم حلالا . إذ أن هناك معايير تحدد دين الانسان ، مهما كان هذا الدين .
**
1 ) معروف بداهة أن من لا يعترف لله الواحد الأحد بالوحدانية ، ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، وبقداسة القرآن كلام الله ، وبراءته من تحريف الزيادة والنقصان . ولا يؤمن بالمبادئ النظرية والممارسات العملية للاسلام ، ولا سيما على مستوى الاعتقاد ، لا يعد مسلما ..
والايمان يختصره الحديث الصحيح حول ، الايمان ، والاسلام ، والاحسان . إذ أن تحديد المفاهيم ضروري جدا . ولا يمكن التلاعب بالألفاظ ، أوالتغاضي عن الأساسيات ، وكذلك المنطلقات للوصول إلى الحقائق الموضوعية ، وتنظيم العلاقات السياسية والمجتمعية بناءا على ذلك . وتنازل الاسلاميين ، لا قدر الله ، عن سؤال الماهيات ، يدخلهم في متاهات لا أول لها ولا آخر .
2 ) إن الاسلام يختلف عن بقية الأديان ، إذ أن مملكة الله في الاسلام تشمل الأرض والسماء ، والدنيا والآخرة . ومن الملفت للنظر أن يكون الاقتصاد معجزة الاسلام ، في القرن 21 ، لنتأكد مما سلف ذكره . وحتى يحقق الاقتصاد الاسلامي أهدافه لا بد من أن يكون هناك مجمتع اسلامي ، وسياسة اسلامية ، وحتى لا تكون المصرفية الاسلامية مجرد ( جزء تابع للنظام الربوي الوحشي ) . لذلك يطرح الاسلاميون شعار الاسلام هو الحل . وهو ليس شعارا خاويا ، بل عنوان لمشروع حضاري يعتمد على قيم الاسلام وهديه في السياسة والاجتماع والاقتصاد ، مع مساحة شاسعة ولا متناهية لاعمال العقل واستنباط الحلول في دوائر الاسلام المتعددة . والاسلاميون يطرحون تطبيق تعاليم الاسلام لا كبرنامج سياسي فحسب ، بل طريقة حياة .
وهو حق من حقوقهم ، فالآخرين أيضا لديهم طريقتهم في الحياة التي يدعون إليها. وغياب منظومة يحتكم إليها في البلاد الاسلامية ، وراء كل الهرج والصراع السياسي والثقافي بين نخبه .
والغرب لا يمكن أن يكون النموذج الكامل الذي ينبغي أن يحتذى به في كل شئ ، فله انجازاته واخفاقاته ومشاكله التي يعاني منها . ولذلك يطرح الاسلاميون ، الاسلام هو الحل .
3 ) إن الحرية ليست هي القيمة الوحيدة التي يبشر بها الاسلام في إطار منظومته ، بل يبشر بمشروعه الشامل والحرية جزء منه . وكما أن لكل منظومة مفاهيم للحرية ولحدودها ، فالاسلاميون لديهم نظرتهم للحرية ولمفاهيمها . ولا يمكن لأحد أن ينصب نفسه وصيا على المجتمع والأمة إن قبلت بمواصفات الحرية في الاسلام أوغيره من المنظومات .
بقي تحديد الآليات التي على أساسها تختار الأمة منظومتها المفضلة ، بعد أن يتاح للجميع عرض ما لديهم من أنوار مقابل ( ظلامية الاسلاميين ) . ويجب أن لا يصاب بالنكوصية لفلسفة الاستبداد إذا رغب الشعب عن جمهوريته الفاضلة ، وانحاز ( لإمارة ماضوية ) .
والحقيقة هي أن الكثير من المتناولين للقضية الاسلامية في الأمة ، لم يقرأوا كثيرا في أدبيات الحركة الاسلامية . فلا أحد من المفكرين أو الكتاب الاسلاميين قال بوجود أجوبة مفصلة في القرآن والسنة عن كل مشاكلنا ، ويجب تطبيقها لحلها نهائيا ، وإنما يؤكدون بأن حل مشاكلنا في التفاعل بين العقل والنص القرآني ، والبحث عن الحلول في إطار هذا التفاعل من قبل أهل الاختصاص . وجواب الاسلام على الكثير من القضايا كما يفهمه الكثيرون ، هي في قوله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " وأهل الذكر يعني الخبراء في كل تخصص ، لذلك من الحل الاسلامي أيضا قوله صلى الله عليه وسلم " أنتم أعلم بأمور دنياكم " بما يعني أن هناك تفاعل بين النص والواقع ، وأن التجربة ومساحة العلم الدنيوي شاسعة وعريضة في " الحل الاسلامي " .
4 ) إن الاسلام يقدم السلام الروحي لملايين الملتزمين به في مشارق الأرض ومغاربها ، بينما تعصف الأزمات والأمراض النفسية بمليارات البشر ، والتي غالبا ما تتحول إلى أمراض عضوية تدفع بهم للشيخوخة المبكرة . ولننظر في نسب الانتحار ، وأمراض الايدز ، والادمان ، والجريمة المنظمة ، والدعارة ، واليأس وفقد الأمل ، لنعرف أن الاسلام ليس حلا لكل ذلك فحسب ، بل ضرورة تفرضها الضرورة . وكما أن المريض لا يشفى إلا بتناول الدواء فإن الانسان لا يستقيم ويسلم من كل الآفات إلا إذا التزم بالاسلام ايمانا وممارسة .
5 ) وقد سبق الحديث عن معجزة الاسلام الاقتصادية التي دفعت الكثير من الدوائر الاقتصادية للمناداة باتخاذ المذهبية الاقتصادية الاسلامية قاعدة للعمل البنكي والمصرفي في العالم ، وتسارع الكثير من الدول الغربية لفتح مراكز مالية وبنوك وأنشطة اقتصادية وفقا للشريعة الاسلامية .
وفي المجال السياسي يمنح الاسلام الأمة ، حق اختيار الحاكم وفصله ، ومراقبة أداء الحكومة ، ومراجعة السلطات . في ثنائية سبقت كل الاصلاحات التي عرفها العالم الحديث وهي ثنائية " الطاعة والتقويم " . ولذلك لا يجب النظرلما جرى في التاريخ الاسلامي من صراعات ، من وجهة نظر سلبية ، بل هناك الكثير من الايجابيات ، ومنها حيوية الأمة . ولا ندري لماذا يفتخر الآخرون بثوراتهم التاريخية ، وصراعهم السياسي في سبيل الوصول إلى ما وصلوا إليه ،رغم أن بعضها كان كارثيا ، فرنسا ، اسبانيا ، روسيا ، ألمانيا ، ايطاليا ، وقبل ذلك اليونان ، ويشعر البعض بالحياء من بعض المفاصل التاريخية ، بقطع النظر عن الخطأ والخطيئة فيها . فالأمة لم تكن مجموعات من الدهماء في تاريخنا ، بل ثارت وقاتلت من أجل حقوقها ، ومن أجل العدالة سواء كانت مخطئية هنا أو مصيبة هناك .
وكما أنه " إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار " فإن هناك أيضا " من قاتل دون ماله فهو شهيد ومن قاتل دون عرضه فهو شهيد " . وفي القرآن والسنة وما أقره علماء الأمة ، ما يمثل مرجعية في العمل السياسي ، ومن ذلك جهاد الامام مالك في مواجهة الاستبداد واغتصاب السلطة ، والذي دفع بسببه ثمنا باهضا " ليس على مستكره يمين " أي لا يمكن سوق الناس بالعصا وقوة البوليس وفرض نظام سياسي لم ينتخبوه ولم يوافقوا عليه . ونحن لا نحتاج لبرنامج مفصل من الماضي ، ولم يقل أحد من الاسلاميين بذلك البتة ، ولكننا نحتاج لأسس نبني عليها برنامجا معاصرا ، لا يكون وحيا من تراث أو تجربة الآخرين ، ( مع أهمية الاستفادة من ذلك للاستنارة لا للنسخ ) وهذا ما يختلف حوله الاسلاميون مع غيرهم .
6 ) خطيئة أخرى ينزلق إليها غيرالاسلاميين في نظرتهم للحل الاسلامي ، وهي مطالبتهم بحلول لمشاكل لم تنتج عن تطبيقات الاسلام . فالايدز ، والامراض الجنسية ، والتغيرات المناخية ، وثقب الاوزون ، والتلوث ، وما ينتج عن ذلك من أخطار بيئية ، وما يتهدد البشرية ولا سيما الجفاف والتصحر وانهيار الزراعة ، والمجاعة ، والعطش لا يتحمل الاسلام المسؤولية عنه ، بل إن الاسلام يؤكد أن ذلك من عمل الانسان ، وسيتحمل المسؤولية عنه " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ... " وبالتالي فإن الانسان المفسد في الأرض بالتلوث ، أو غيره ، يجب أن يكف عن ذلك ، وهذا هو الحل الذي لا يدعو إليه الاسلاميون فحسب ، بل عقلاء العالم ، والمدركين لما تقود إليه السياسات الدولية من دمار . وبما أن قضية البيئة قضية عالمية يجب أن تستجيب لمعالجتها المعمورة بأسرها فإنه من التعجيز ، وفي نفس الوقت العيب ، دعوة الاسلاميين في محاولة للتبكيت الرخيص أن يجدوا حلا لمثل هذه القضايا بين ثنايا القرآن والسنة .
ومن التعجيز أيضا والعيب في نفس الوقت ، جعل القضية البيئية ، محور امتحان قدرة الاسلاميين ، وطرحهم الاسلامي على حل قضية يعترف من يطرحها صراحه أنها تتجاوزهم ، وإنما تتعلق بسياسات دولية ، في حال تحولت نحو الاسلام ، ستجد الحل للمشكلة . فكما أن الاسلام يحمل حلولا لمشاكل البلاد الاسلامية الغارقة في الفساد والمحسوبية والبطالة والجهل والهجرة وخوصصة الدولة ، فإنه يحمل حلولا أيضا لقضية البيئة ، يمكن في حال اعتمادها حل المشاكل ، إذ لا يمكن أن يكون وجود الدواء وحده كافيا لشفاء المريض ، بل لا بد من الخضوع للعلاج وفق مواصفات صانع ذلك الدواء . وبالتالي فإن الاسلاميين لا يقدمون الاسلام حلا سحريا كما يزعم البعض ، وإنما يقدمون آليات الاسلام في الاصلاح على مختلف المستويات ، وضمن برامج وكفاح مرير . وسواء انتصرالاسلاميون في البلاد الاسلامية ، أو جزء منها ، فإن الحل الاسلامي ، يحتاج لتفاعل جماهيري ، وتفاعل أممي ، على المستوى الحقل الواحد ، وعلى مدى بقية الحقول الأخرى ، لا سيما وأن مشتركات كثيرة ، وقوى فاعلة في الحقول الأخرى تلتقي مع الحل الاسلامي لقضية البيئة ، والتي تتجاوز تعريفها بالمشكلة أو الأزمة .
7 ) وفي المجال التنموي أوالاقتصادي ، يطرح البعض مشاكل العالم ، ويدفعون بها في وجه الاسلاميين ، كما لو كانوا مسؤولين عن إطعام 7 مليارات من البشر، أو عن اللبرالية المتوحشة التي تكدس ثروات مخزية على حافة وفقر كافر على الحافة المقابلة ، واتساع الهوة بين الطرفين يوما بعد يوم . والواقع هو أن الاسلاميين لا يطرحون أنفسهم ، حكومة عالمية ، ولكنهم يدركون بأن الثروات الهائلة في البلاد الاسلامية وتحديدا العربية كافية لصنع نهضة كبرى ، وحل مشاكل البطالة والفقر والأمية واختلال الميزان التنموي والاقتصادي بين أقطارنا المختلفة . وهذا ما تؤكده حتى الدراسات التي يعدها ، مركز دراسات الوحدة العربية ، وغيره من الدراسات الجماعية والفردية . وهو ما ينطبق أيضا على الوضع العالمي ، في حالة بحثنا عن نظام اقتصادي دولي أكثر عدلا ، تؤيده مقاصد الاسلام بالضرورة . والمصرفية الاسلامية والتي تدفع البعض للسخرية ويا للسخرية ، ليست جزءا هامشيا في النظام الليبرالي ، وإنما جزء لا يتجزأ من المشروع الاسلامي ، وإن أجتزئ ذلك الرافد الهام من المشروع ، وألحق بنظام آخر بشكل موازي ، وليس متماهيا معه بداهة . فالتعامل المصرفي وفق الشريعة الاسلامية غصن من شجرة ، اقتطع منها ليصبح مكونا له مواصفاته ومميزاته إلى جانب النظام الربوي . وليس جزءا هامشيا جدا ، مثلما يهرف البعض . ونحن ننادي بالمشروع الاسلامي ككل بمنآى عن هيمنة النظام الربوي .
8 ) إن الاسلاميين لا يتحدثون عن حلول سحرية ، بل نظام للعدالة . ويعتقدون بأن مبادئ الاسلام ، قادرة على تحقيق العدالة ، والتي بدورها توفر تدريجيا العمل للعاطلين ، والذين يجب أن يكون لهم الحق في أساسيات الحياة ، كالسكن ، والرعاية الاجتماعية إلى حين توفير عمل لهم . وهناك جملة من المبادئ التي تحدد مسؤولية الدولة الاسلامية في حاجة لمساحة أكبر للشرح . ولا شك فإن الحد من الفساد المستشري والفقر المدقع والتخلف المخجل ، وانهاء الاستبداد السائد المسؤول عن كل ذلك ، رهن بمدى وعي الشعوب بأهمية الحرية ، ومدى الاستعداد للتضحية من أجل تحقيقها .
9 ) غالبا ما يحاول البعض عن قصد الخلط بين التيار الوسطي الأوسع في البلاد الاسلامية ، والحركات التي تستخدم العنف لتحقيق أهدافها ، ومن ثم تحميل الجميع المسؤولية عن ردود الفعل والنتائج ، وليخلص ذلك البعض إلى خاتمة مغلوطة هي أن ، الحركة الاسلامية مسؤولة عن دوام الاستبداد واستمراره ، كما لو أن بلادنا العربية كانت في طريقها لتتحول إلى دول ديمقراطية ، لولا 11 سبتمبر ، وهو شطح يمكن التراجع عنه لو نظر فيه بموضوعية . وهو شطح لا يقل عن اعتبار الدخول في برلمانيات الدكتاتورية ، دخول تحت مظلة الديكور الديكتاتوري . وإذا ناءت الحركة الاسلامية بنفسها عن السياسة ،قيل إنها مستقيلة وتتماشى طريقتها مع مصالح العصب الحاكمة ، وبالتالي تجد نفسها أمام هذا النفي إلى حد استبطان استئصالها ( من خلال الايحاء بأنها شر كله ) في وضع يعبر عنه المثل الشعبي " آكلك .. آكلك مهما فعلت ". وينسى الجميع أن الحركة الاسلامية ، حركة اجتهاد ، ولا تقول بعصمة أو نطق باسم الله ، وإنما تنطلق من الاسلام كما تفهمه ، وتصيب وتخطئ .. وليكن للآخرين فهمهم .
10 ) أمر آخر يطنطن حوله البعض ، مثل الاستشهاد بالسودان وايران وغيرهما ، وهم يعلمون الاختلاف الحاصل بين مختلف التجارب ، مما يعني أن تجربة تركيا والتي يشيد بها الجميع مختلفة ، ويمكن لتجربة أخرى أن تكون كذلك أو أفضل . وفي المقابل " التوجه للناس بالموعظة في الجوامع لاصلاح الاخلاق العامة هروب من مواجهة حقيقة أن نظامنا السياسي هو أكبر مصدر للفساد والتواكل والمحسوبية " . وهكذا نجد جميع التجارب الاسلامية في قفص الاتهام ، ثم يخلص البعض لما يقوله الاسلاميون من " الاسلام ليس فقط طريق الأمة إلى القمة ، وإنما الزاد الذي يعيننا على أحوال وأوحال ذلك الطريق " وأن " الاسلام ليس وصفات سحرية ( كما زعم ) وإنما قيم ، وقد كرمنا بني آدم ، ... ومتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ، و، من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا " وأن حل المشاكل كقضية البيئة لا تتم إلا بتضافر جهود الجميع . وأن الحل ليس في الايحاء بوجود وصفات جاهزة يملكها طرف دون آخر ( وهذا لم يقل به الاسلاميون ) وإنما في ثورة ذهنية تحافظ على الثوابت العقائدية ، وتمارس سياسة بروغماتية . ومن التنظير إلى العمل والاصلاح ، من خلال التجربة . " ومن التبسيط إلى الوعي بالتعقيد الهائل للعالم ". إن سورة الفاتحة تعلمنا أن العبادة ليس شأنا فرديا ، وإنما هو عمل جماعي " اهدنا الصراط المستقيم " ولم يقل اهدني الصراط المستقيم . وبالتالي فإن العمل من أجل مجتمع اسلامي تحقق فيه مقاصد الصلاة ، أمر واجب التحقيق . ويدرك الاسلاميون أننا في حاجة لثورة روحية ، كما في حاجة لثورة اقتصادية وثورة ثقافية ، وثورة مجتمعية في ظل نظام اسلامي ، لنقدم الاسلام حلا عمليا ، في مخططات وبرامج ، وليس شعاراتيا فقط ، وهذه مسؤولية كل مسلم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.