يجعل الموقع الاستراتيجي للمغرب بين قارتين أهمية خاصة لها في محاربة الإرهاب لاسيما بعد وصفها بأنها مفرخة الإرهاب الذي ضرب أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية، فعقب هجمات مدريد في عام 2004 أدين عدد من العمال المغاربة المهاجرين إلى أوروبا في تلك الهجمات الإرهابية. ولا يقتصر الأمر على تصدير المغرب للإرهابيين حسب عديد من التحليلات الأمريكيةوالغربية ولكنها في الوقت ذاته احترقت بنار الإرهاب تمثلت في الهجمات الإرهابية في الدارالبيضاء في مايو 2003 وإبريل 2007. ولذا بدأت المغرب في تبني استراتيجية لمواجهة التطرف والعنف الإسلامي. وفي هذا الإطار استضاف معهد الشرق الأوسط Middle East Institute في الرابع عشر من يناير من العام الحالي (2010) أستاذ علم الاجتماع في جامعة القاضي عياض بمراكش محسن الأحمدي Mohsine El Ahmadi وهو مدرس زائر بجامعة جورج تاون Georgetown University لمناقشة الاستراتيجية المغربية لمواجهة التطرف. الاستراتيجية المغربية لمحاربة التطرف يبدأ أحمدي تحليله بالقول: إن النظام الملكي المغربي منذ 1965 قام بعمل رائع في تطبيق الإصلاح الليبرالي في المؤسسات الاقتصادية، السياسية، التعليمية والقانونية، ولكن كانت المؤسسة الدينية بعيدة عن تلك الإصلاحات الليبرالية. وقد دفعت الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الدارالبيضاء في عام 2003 الملك محمد السادس إلى استعراض حالة الشئون الدينية المغربية، وسن برامج للإصلاح ولكن بدرجات متفاوتة من الليبرالية. والديانة الإسلامية هي الديانة الرسمية للمغرب، فما يقرب من 98.7% من الشعب المغربي مسلمون، و99.9% منهم سنة. وفي الدستور الملكي يعد الملك ذو التأثير الكبير في السياسة المغربية رئيس الدولة وقائد المؤمنين أو الزعيم الديني. ولتوضيح هذا الدور المزدوج يقول أحمدي: إن الملك خلال الأسبوع يلبس البذلة الغربية ويخاطب المغربيين ك"مواطنين"، ولكن عندما يأتي يوم الجمعة فإنه يرتدي الملابس المغربية التقليدية ويتحدث مع الشعب المغربي ك"رعية". في أعقاب تفجيرات الدارالبيضاء في عام 2003، والتي تعد أكبر هجوم إرهابي في تاريخ المغرب، دشن محمد السادس حملة واسعة لمكافحة الإرهاب ركزت بالأساس على إصلاح مؤسسات الدولية التعليمية والاجتماعية. وشملت الاستراتيجية زيادة لدورة المرأة كمستشارين وإنشاء هيئات للباحثين المسلمين لمرافقة الفتاوى التي تصدرها المؤسسات الدينية داخل المغرب. ولأن مرتكبي هجمات الدارالبيضاء من أحد الأحياء الفقيرة خارج الدارالبيضاء، فقد كانوا من سكان سيدي مومن Sidi Moumen ، أطلقت الحكومة المغربية برامج وطنية للحد من الفقر وتوفير فرص العمل. وهذا وقد سعت الجامعات المغربية من أنشطتها بحيث أضحت تشمل مزيدًا من مقررات بشأن اللغات الأجنبية، وعلم الاجتماع، والمعلوماتية. وفي عدد من المدارس القرآنية المتميزة يمول البنك الدولي برامج لتعلم اللغات الأجنبية وتكنولوجيا الحاسوب. انتقاد الاستراتيجية المغربية ولدى المغرب القدرة على رصد الأنشطة الدينية في الجامعات والمساجد، والمدارس القرآنية. ففي أعقاب عام هجمات عام 2003، ذكرت وزارة الشئون الدينية أن 18.900 من أصل 30 ألف مسجد في البلاد يديرها أئمة مسلمون. وبدلاً من محاولتها تحديد هؤلاء الأئمة الراديكاليين والعمل على تنحيتهم فإن الحكومة المغربية تسعى إلى إضعاف قوتهم من خلال زيادة مجموعة من الزعماء الدينيين. وفي عام 2009 بدأت الحكومة المغربية برنامجًا لتدريب 45 ألف إمام جديد وبناء مساجد جديدة في المدن والمناطق الريفية. بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق حملة لتمكين الطبقة الوسطى لمحاربة الإسلام الراديكالي في مجتمعاتهم الأصلية. وفي حديثه أبدى أحمدي تحمسه لفكرة لتدريب الأئمة وبرنامج بناء قدرات الطبقة المتوسطة، على الرغم من اعترافه بأنه من السابق لأوانه قياس أثر أي من تلك المبادرات. سلاح مستبعد لكسب الحرب ضد الأيديولوجية الجهادية، اعتمد المغرب سياسة بسيطة وبعيدة المدى قوامها تشجيع الصوفية في الحياة المدنية والثقافية المغربية. فقد تم التركيز على التصوف بسماته الروحية والتسامح وعمق الشخصية كقوة معارضة ضد السلفية الجهادية. فعلى سبيل المثال، منذ عام 2003 ووزارة الشئون الثقافية المغربية تتعرض لانتقادات لبثها البرامج التلفزيونية مصحوبة بنغمات صوفية. وفي تعليقه على السياسة المغربية المركزة على الصوفية كقوة معارضة للأيديولوجية الإسلامية الراديكالية قال أحمدي: إنه على الرغم من الدور القوي الذي تلعبه الصوفية في الثقافة المغربية، إلا أن دورها لن يكون فاعلاً ضد التطرف الإسلامي، ولكنها ستؤدي فقط إلى زيادة التوتر الديني. ويستشهد أحمدي بالسياسة المغربية خلال عام 1960، عندما مكنت الحكومة الإسلاميين لمنع انتشار الأيديولوجية الشيوعية في البلاد. ويحذر من أن الصوفية المعتدلة اليوم قد تتحول إلى نشطة في الغد، ولذا يرى أن الخيار الأفضل هو زيادة دور العلمانية في جميع أنحاء المغرب. خلاصة المناقشات وفي الجزء المخصص للمناقشات على ما أورده أحمدي في حديثه وجه الجمهور انتقادات للمتحدث لتقديمه وجهة نظرة غربية للغاية في تحليله للمغرب. وانتقد أحد الحضور أحمدي لحديثه عن الإسلاميين ككيان واحد، وهو خطأ شائع وقع فيه الأمريكيون أنفسهم. وقال أحد منتقدي أحمدي: إنه يشعر بخيبة أمل لسماع الباحث المغربي يستخدم مصطلح "الإسلاميين" على نطاق واسع. وعندما طلب منه أحد الحضور توضيح ما هو المقصود بالضبط بمصطلح "إسلامي". أجاب أحمدي بأنه "هو رجل الدين الذي يستخدم الإسلام لتحقيق مكاسب سياسية أو شخصية." ويرى الأعضاء الحضور أن هذا التعريف ساخر وغير مفيد. ركز أحمدي على أن العلمانية المغربية لن ترفض التراث الإسلامي للبلد. ويقول: إنه من الممكن أن تكون مسلمًا، وتختار إبقاء الدين بعيدًا عن الأمور الدنيوية مثل التكنولوجيا أو السياسة"، كما قال. "العلمانية يمكن أن تعني أشياء كثيرة مختلفة." تقرير واشنطن إلينور ماربو