قالت صحيفة 'هآرتس' الاسرائيلية في عددها الصادر امس الثلاثاء انّها حصلت على جزء من وثيقة اعدتها حركة حماس حول ظروف استشهاد محمود المبحوح في دبي في العشرين من شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، وزادت مؤكدة على انّ المعلومات تعتمد على تحقيقات حماس، وانها حصلت على جزء من تلك التحقيقات. وقال المحلل للشؤون الفلسطينية في الصحيفة، افي ايسخاروف، انّ التحقيق الاولي الذي اجرته حركة حماس حول عملية اغتيال القيادي في الحركة محمود المبحوح قبل حوالي اسبوعين في دبي، كشف معلومات تلقي الضوء على التحركات الاخيرة للمسؤول عن تهريب السلاح لقطاع غزة في يومه الاخير. غير ان نتائج التحقيق التي وصل جزء منها للصحيفة العبرية، لا تحل اللغز، والضباب الثقيل المحيط بظروف الاغتيال ما زال بعيدا عن التبدد، وحتى الشبهات الاوليّة لحركة حماس وعائلة المبحوح بان الموساد هو المسؤول عن مقتله، تبدلت بتقديرات مختلفة ومفاجئة، بانّه من الممكن ان يكون جهاز استخبارات عربي ضالعا في اغتياله. وزاد قائلا: قائد شرطة دبي، ضاحي خلفان، قال للصحافيين العرب انّه لا يستبعد امكانية ان تكون اسرائيل هي التي اغتالت المبحوح، ولكن بالمقابل لم يستبعد امكانية ان تكون جهة اخرى تقف وراء موته الغامض، لانّ هناك دافعاً لدى جهات كثيرة للمس بالمسؤول الذي تحول الى محور مركزي في العلاقات بين ايران وقطاع غزة. واوضح قائلا انّه حسب تحقيقات حماس، في 19 كانون الثاني (يناير)، الساعة التاسعة صباحا وصل المبحوح الى مطار الامارات، وحوالى الساعة 14:30 هبط في دبي، ولم تعرف السلطات بقدومه لانه استقل الطائرة باسم مستعار واستخدم كما يبدو جواز سفر مزيفاً. وحسب المعلومات، اوضحت الصحيفة العبرية، وصل المبحوح الى فندق (البستان روتانا)، الذي يبعد عدة دقائق فقط بسيارة اجرة استقلها من المطار، لافتة الى انّ الحديث يجري عن فندق فخم، خمس نجوم، فيه 275 غرفة. وكانت الغرفة رقم 130 في انتظاره. تسجل المبحوح في ردهة الاستقبال باسم مستعار، ولاسباب امنية كعادته، طلب مسبقا غرفة دون شرفة ودون نوافذ تفتح. واودع في خزينة الفندق حقيبة مستندات، وبعد ذلك صعد لغرفته في الطابق الاول، وبقي فيها حوالي ساعة، استحم خلالها وقام بتغيير ملابسه. وساقت الصحيفة العبرية قائلة انّه بين الساعات 16:30- 17:00 خرج المبحوح من الفندق، وفي حركة حماس يعرفون بشكل شبه مؤكد مع من التقى حينها، غير انهم لا يرغبون في كشف التفاصيل في هذه المرحلة. مع ذلك، كشف التحقيق بانّه تناول الطعام خارج الفندق، لانه لم يتم العثور على توثيق يؤكد على انّه دخل احد مطاعم الفندق او طلب الطعام لغرفته. والافتراض هو انه عاد لغرفته حوالى الساعة 21:00، والفترة التي قضاها خارج الفندق هي مصيرية، لانه خضع حينها على ما يبدو لتعقب سري. ووفق الصحيفة الاسرائيلية قال قائد الشرطة انّه يعتقد بان المبحوح فتح باب غرفته للمهاجمين، لانه من جملة اسباب اخرى، لم يعثر على اثار مداهمة، غير ان التقديرات في حماس تفيد بانّ خلية الاغتيال انتظرته في غرفته، وان طاقم المراقبة ابلغ خلية الاغتيال بوصوله، وحينما فتح الباب انهالوا عليه، وفي الساعة 21:30 اتصلت زوجة المبحوح بهاتفه النقال، ولم يرد، وفي حماس يقدرون بانه لم يكن في تلك اللحظة على قيد الحياة. وبحسب المحلل الاسرائيلي فانّه تمّ العثور على جثمان المبحوح في اليوم التالي، يوم الاربعاء 20 كانون الثاني (يناير)، ونقل للفحص، وتبيّن وجود خمسة اثار كي مستترة، سببها كما يبدو جهاز كهربائي يفقد الضحية وعيها. ومن بين امور اخرى، عثر على اثار الصاعق الكهربائي تحت اذنيه وعلى خاصرته وصدره، كما انّ الدم نزف من انفه قبل ان يسلم روحه، كما ظهرت على اسنانه اثار احتكاك، بالاضافة الى ذلك، كشف الاطباء الشرعيون ان الوفاة نتجت عن عملية خنق، ويسود الاعتقاد بانّ خنقه تمّ بواسطة وسادة، او وسيلة اخرى، لانّه عثر على الوسادة وهي ملطخة بالدماء. واردف المحلل الاسرائيلي قائلا انّ قائد الشرطة بدبي التقى بالقنصل الفلسطيني حسين عبد الخالق، واطلعه على تفاصيل اولية حول التحقيقات، ولفت الى انّه وفق تقديره، شارك في عملية الاغتيال سبعة اشخاص، هوية اربعة منهم معروفة للمحققين باسمهم وصورتهم، مشيرا الى انّ شرطة دبي توجهت للشرطة الدولية بطلب المساعدة كون منفذي الاغتيال كانوا يحملون جوازات سفر اوروبية. واضاف المحلل الاسرائيلي قائلا انّ مصدرا رفيعا في حركة حماس كشف للصحيفة الاسرائيلية يوم الاثنين، النقاب عن انّه في العام 2003 كان المبحوح معتقلا في مصر لحوالى عام، ووفق المصدر عينه، كان ايضا مطلوبا ليس للمخابرات الاسرائيلية فقط، بل ايضا في مصر والاردن، مشيرا الى انّه على ما يبدو، لم يكن ينقصه اعداء. في سياق ذي صلة، بثت القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي، الاثنين، تقريرا خاصا لمراسلها العسكري الون بن دافيد من فندق (البستان روتانا) في دبي. وجالت الكاميرا الاسرائيلية والمراسل في بهو وممرات الفندق، وصولا الى الغرفة التي يفترض ان يكون الاغتيال قد تم فيها. وخلص المراسل الى انه خلافا لما يشاع عن مساعٍ للقبض على الفاعلين فانّ حكومة دبي تسعى الى تغييب القضية وليس اثارتها، فهذه الامارة، في نظره، تحاول ان تركز على ترميم اقتصادها وصورتها، وليس التورط في صراعات مع الاخرين. 03/02/2010 الناصرة غزة 'القدس العربي' زهير اندراوس واشرف الهور: