قال / الزميل محمد أمزيان الصحفي في القسم العربي بإذاعة هولندا العالمية فاز بمعقد في مجلس بلدية مدينة روزندال التي يسكنها جنوبهولندا وعلى قائمة حزب محلي يسمى قائمة روزندال وكتب لنا هذا العمود على تجربته في خوض الانتخابات البلدية في هولندا والتعامل مع جمهور الناخبين المغاربة. "لن أعدكم بالمن والسلوى، ولا بتحقيق ما لا طاقة لي به. لكنني أعدكم بشيء واحد، وأعاهدكم على تحقيقه وهو إسماع صوتكم والدفاع عن قضاياكم. لا تستهينوا بقوتكم وبإمكانية تأثيركم على صنع القرار في مدينتكم. ولكن لتحقيق هذا المبتغى عليكم أولا الإدلاء بأصواتكم في الانتخابات". هذا ملخص ما قلته قبيل الانتخابات في جمع من الناس الذين تجمعوا في مسجد المدينة التي ترشحت فيها في الانتخابات البلدية التي جرت في الثالث من مارس الجاري. ولم يخب ظني في من توجهت إليهم، إذ جاءت النتيجة باهرة، وبفضل أصوات هؤلاء المهاجرين المنسيين وأولادهم 'اللامبالين‘ تمكنت من 'انتزاع‘ مقعد في مجلس البلدية. وبفضل أصوات هؤلاء أصبح الحزب الذي تقدمت إلى الانتخابات باسمه، أكبر الأحزاب من حيث عدد المصوتين. دينامية النساء كانت بارزة، عكس الصورة النمطية اللازمة لهن كأسيرات التقاليد الرجولية المستحكمة والمتحكمة في مصيرهن. تجربتي الحالية أثبتت أن هذه الفئة الصامتة، وأنا أتحدث هنا عن النساء 'المنعزلات‘ و'المعزولات‘ عن المجتمع، قادرة على المشاركة، وقادرة على تحدي الموانع الاجتماعية والإدلاء بصوتها أمام الملأ. العنصر النسوي، بحسب المعاينة الشخصية، كان حاضرا بقوة، لدرجة أن بعض الأصدقاء 'المرحين‘ أطلقوا علي لقب "مرشح النساء". الشباب أيضا كان حاضرا. هذا ما لمسته وأنا أتجول، خلال اليومين ما قبل موعد الانتخابات، في بعض الأحياء التي يقطنها أبناء الجالية المغربية. أسأل الشباب إن كانوا ينوون الإدلاء بأصواتهم، وغالبا ما يكون الجواب إيجابيا. غير أن الشباب لا يخفون رغبتهم في معرفة "برنامج" الحزب بخصوص الشباب، لاسيما في ظل سياسة تقشفية عامة قادمة. الجيل الأول من المهاجرين كان هو التحدي الأكبر. كيف أجعله يهتم بالسياسة حتى ولو كانت محلية؟ كيف أقنعه بأن صوته له وزن وقيمة؟ وبما أنني ترشحت باسم حزب غارق في المحلية، كيف أجعل الناس يؤمنون بجدوى التصويت أصلا، مادام الخوف عاما وليس محليا. الخوف من صعود موجة الكراهية التي تغذيها بعض الأحزاب وبعض التوجهات حتى داخل الأحزاب المشاركة في الشأن المحلي؟ في كل هؤلاء جميعا لم يخب ظني. بعد غلق صناديق الاقتراع مباشرة وبدء عملية عد الأصوات، اتصل بي صديق يعمل في مركز الشباب الذي تجري فيها عملية العد في الحي الذي أسكن فيه. "أوراق التصويت تتراكم أمام اسمك. إنه فأل خير"! كانت البشارة الأولى. وبعد حوالي ساعة أعاد الاتصال بي وأطلعني على عدد الأصوات التي حصلت عليها في ذلك المكتب فقط. العدد كان كافيا لأحصل على 'مقعدي‘ في المجلس البلدي. والبقية معروفة. في النهاية اتصل بي رئيس الحزب ليهنئني على النتيجة الباهرة. فبعدما كنت في المركز الثاني عشر ضمن قائمة المرشحين، أصبحت بفعل عدد الأصوات المحصل عليها، في المركز الثاني. لم يهدأ هاتفي من الرنين طيلة ليلة الثالث من مارس للاستفسار والتهنئة، وحتى هذه اللحظة ما يزال الجرس يرن. أخجلني المستفسرون والمهنئون. ما أثر في أكثر هو هذا الصدق الذي عاملني به الناس ورغبتهم الظاهرة في مساعدتي. دخلت هذه التجربة "المحلية" على أمل تحسيس الناس بأهمية المشاركة في المجتمع الذي يعيشون فيه، والسياسة أحد أبرز واجهات المشاركة. تحقق الهدف، وعلي الوفاء بالوعد. وعلى أية حال لن يكون منا ولا سلوى.