أرادت مراسلون بلا حدود أن تحتفل على طريقتها باليوم العالمي للمرأة باستعراضها ست بطاقات هوية لِست نساء، بل ستة مصائر أو ست قصص بسيطة ترمز إلى نضالات ينبغي المضي قدماً حرصاً على صون حرية الصحافة . أكانت المصورة أميدة أحمد وفا التي ترد نماذج عن أعمالها في الصفحة الأولى من الملف وألقت السلطات في أوزبكستان القبض عليها لأن صورها تتنافى مع الصورة التي يرغب النظام في نقلها عن البلاد، أو الصحافية توكل كرمان الدينامية التي تناضل في اليمن في سبيل الدفاع عن الحقوق الأساسية، فإن النساء ليساهمن في تقدّم البلاد. إليكم بعض البطاقات المختارة... ****************** تونس زكية الضيفاوي من أبرز وجوه اليوم العالمي للمرأة بأعوامها ال 44 وشعر كستنائي خطّه الشيب تربطه فينسدل سنبلة واحدة على عنقها وعينين متوقدتين ذكاء وتنبّهاً، تتحدث بهدوء والسيجارة المشتعلة لا تبارح فمها وفنجان القهوة لا يفارق يدها. وليست الهالات السوداء تحت عينيها وأظافرها المقضومة إلا لتروي تفاصيل توتر يومي تعايشه منذ العام 2007 ويزيدها إصراراً على النضال حتى آخر رمق من حياتها. إن زكية الضيفاوي المتحدرة من القيروان بدأت مسيرتها المهنية كأستاذة لمادتي التاريخ والجغرافيا في مدرسة ثانوية في المدينة، وهي مهنة مارستها على مدى 14 عاماً. وقد شاركت في تأسيس أسبوعية "مواطنون" في كانون الثاني /يناير 2007 ، هي الناشطة في التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والعضو في الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب وفرع القيروان للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. في أثناء العطلة المدرسية في تموز/يوليو 2008 ، قررت إجراء مقابلات مع أسر مضربين من "حركة الرديف" محتجزين منذ السابع من نيسان/أبريل لاحتجاجهم على سياسة الاستخدام التي لجأت إليها شركة فوسفات قفصة المعروفة على أنها من أبرز المستخدمين في منطقة تشهد نسبة عالية من البطالة. ولدى وصولها إلى الرديف في 27 تموز/يوليو، حضرت تظاهرة صامتة للتضامن مع المضربين والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، تظاهرة تستنكر موجة القمع التي وقع ضحيتها سكان الحوض المنجمي. إثر توقيف زكية مع ستة متظاهرين آخرين، أصدرت محكمة قفصة الابتدائية قراراً في 14 آب/أغسطس 2008 يقضي بسجنها لمدة ثمانية أشهر مع النفاذ على خلفية "العصيان، وتكدير النظام العام، وهضم جانب موظف عمومي أثناء مباشرته لوظيفته، والإضرار عمداً بملك الغير، والتعدّي علناً على الأخلاق الحميدة". فإذا بها تمضي 200 يوم وراء القضبان قبل أن تستفيد من العفو الممنوح بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين للتغيير. وفي غضون هذه الفترة، شطب اسمها من الخدمة العامة بناء على قرار صادر عن وزير التربية بحجة احتجازها لفترة تتجاوز 91 يوماً. منذ خروجها من السجن، تناضل في سبيل التنديد بهذا الحكم السياسي بامتياز واستعادة مهامها. وقد رفعت دعوى في هذه القضية أمام المحكمة الإدارية في تونس لإبطال قرار وزير التربية الذي تعتبره غير شرعي لعيب في الإجراء ذلك أن مجلس التأديب وحده يحق له باتخاذ قرار شطب أستاذ. ولكنه في غياب أي نسخة عن الحكم الصادر بحقها عن محكمة قفصة في العام 2008 ، يبقى ملفها ناقصاً، ما يحول دون النظر في طلبها. بيد أنه يبدو أن محكمة قفصة قررت في 5 آذار/مارس 2010 منحها هذه الورقة الثمينة... بعد فوات الأوان حسب محاميي زكية الذين يرون أنه يصعب ضمه إلى الملف المرفوع إلى المحكمة الإدارية نظراً إلى المواعيد النهائية التي فرضتها هذه المحكمة نفسها. إنه لغز قانوني إداري باتت السلطات التونسية تتقن فنونه. منذ ذلك الحين، يقوم عناصر أجهزة الاستخبارات بلباس مدني بتعقّب خطواتها باستمرار . وكم من مرة تعرّضت للاعتداء. هل يجدر بها أن تتقدّم بشكوى؟ تجيب بكل ثقة وحكمة بأنه لا فائدة من ذلك. وقد أجبرت على تغيير سكنها غير مرة إثر ممارسة المالكين بإيعاز من السلطات الضغوط عليها. وحاولت العمل في عدة قطاعات ولكن أرباب العمل الذين سمحوا لها بالبقاء أكثر من عدة أيام نادرون. ضغوط ما بعدها ضغوط بلغت حالياً حد منعها في 23 شباط/فبراير 2010 عن حضور محاكمة استئناف الصحافي فاهم بوقدوس في قفصة. وفي الثامن من آذار/مارس، تباشر بإضراب رمزي عن الطعام تنديداً بعبثية وضعها. وتستمر هذه المناضِلة أبداً في العمل في "مواطنون" وكتابة القصص. واليوم؟ تأمل أن تستعيد مهامها التعليمية وتتمكن من السير بحرية في شوارع تونس من دون أن يلاحقها رجال شرطة بلباس مدني أو يتم التنصّت على اتصالاتها وترشيح رسائلها الإلكترونية. قد يكون تحقيق هذه الآمال في غاية السهولة ولكن ليس تحت سماء تونس. موقع منظمة "مراسلون بلا حدود" بتاريخ 8 مارس 2010 .