وفي عصرنا الحالي عجز المسلمين عن حفظ مكتسباتهم السياسية والنضالية ،وكثير من الجهود والشهداء بالإضافة الى الزمن وهذا عمر أجيال راحت هباء فقط لأننا لا نمتلك إستراتجية واضحة لحماية مكتسابتنا لنقل الجزائر مثلا 130 سنة من القتال في الجبال ثورة العصر سقط فيها الآلاف من الشهداء والجرحى والمنكوبين بالإضافة كما ذكرنا عمل الزمن كيف تعاملنا مع هذا المجهود هل حققنا الدولة التي نادي بها الشهداء وحافظنا على المكتسبات الثقافية والمشروع الوطني وكذلك تونس والمغرب ،هل استطاعت فلسطين والحركة المسلمة ان تحافظ على مكتسباتها في ظل عدو شرس استيطاني واضح الرؤية والهدف يعرف متى يضرب ومتى يحجم رغم القوة الرافدة له . لو نظرنا في مسيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام وتأملنا في عمقها ونتساءل هل خذل الرسول ص منذ مسيرته الى وفاته الجواب لا أبدا حتى غزوة أحد الكثير من العلماء لا يعتبرونها خسارة معركة عاد فيها الرسول "ص" ونظم صفوفه للتو ورغم ماوقع في المعركة من خسائر لا تعود الى سوء تخطيط بقدر ماهو خطئ في الالتزام من بعض الصحابة · ولنتطرق الى حادثة سميت غزوة الحديبية ومنهم من سماها صلح الحديبية ورغم من ان ظاهر الاتفاقية يبديها في حكم الاستسلام لما أظهره الرسول عليه الصلاة والسلام من مرونة حتى بلغ الغضب بعض صحبه لكن الحقيقة نجده في القرآن الكريم في قوله تعالى:"لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق،لتدخلن المسجد الحرام إنشاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون،فعلم مالم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا" وصلح الحديبية كان في شهر ذي القعدة،آخر السنة ا لسادسة للهجري وسببها ان النبي عليه الصلاة والسلام أعلن في المسلمين انه متوجه الى مكة معتمرا، فتبعه جمع كبير من المهاجرين والأنصار بلغ عددهم ألفا وأربع مئة تقريبا لكن أبت قريش الا ان تمنع الرسول وأصحابه ان يدخلوا مكة لأداء العمرة وبعد مفاوضات بين الطرفين توسط فيها وجهاء القوم وكان عثمان بن عفان سفير ا للمسلمين ومن طرف المشركين عروة لننظر كيف تعامل الرسول عليه الصلاة والسلام مع المفاوضات وكيف كانت ردة فعله هل فعلا كان رجل الانتصارات وهل كان يستحقها ام انها هبة الهية فقط كما يضن الكثير منا عندما بدأ كتابة شروط المعاهدة التي تقضي بعقد هدنة أمدها عشرة سنوات وأن يرجع المسلمون هذا العام وعليهم ان يدخل وفي العام المقبل والسيوف في أغمدها وإن لكل قبيلة الحق بالدخول في عهد مع أي من الطرفين تشاء وانه لا سلال ولا اغلال وإن من أتى محمد من قريش بغير اذن وليه فعليه ان يرده ،ومن جاء قريشا ممن مع محمد "ص" لا تجد نفسها ملزمة برده وسرعان ما أعلنت خزاعة دخولها في عقد محمد" ص"وعهده بينما دخلت بنو بكر عقد قريش وعهدها وقبل ان يتم إملاء الشروط وصل معسكر المسلمين رجل يسمى ابو جندل ،ابن المفوض القرشي سهيل بن عمرو وهو يرفس بالحديد فانقض عليه ابوه يضرب وجهه قائلا لرسول :ان شروط الصلح قد أبرمت ،كما رفض الطرف القريشي،كما ذكر في كتب السيرة كتابة محمد رسول لله واكتفت بكتابة "محمد بن عبدالله .كما كان الحال في كتابة البسملة التي رفض كتابتها في الوثيقة وكتفا بدلها باسمك اللهم ·هذه الأحداث كلها كانت تمثل استفزازا للمسلمين لكن بعد الهدف عند المسلمين وقائدهم محمد عليه الصلاة والسلام فوت الفرصة على المشركين الذي كان هدفهم محصورا فقط ان لا يدخل هذا العام خوفا من ان يتحدث الناس ان المسلمين دخل عنوة .اي هدف هذا واي عمق تحمله هذه السياسة ان الشاهد هنا والذي يثبت السياسة العميقة والأهداف البعيدة التي تظهر فيما بعد وفي طريق العودة ينزل القرآن يصف الخطوات الموفقة والمنتصرة بالفتح في قوله تعالى:"ان فتحنا لك فتحا مبينا ،ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما" وتستطرد الآية الكريمة مؤكدة دخول المسجد الحرام ·لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق،لتدخلن المسجد الحرام إنشاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون،فعلم مالم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا" ·يذكر ابن هشام "فما فتح في الإسلام ..يقول الزهري.. فتح قبله كان أعظم منه انما كان القتال حيث التقى الناس..فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب وأمن الناس بعضهم بعضا والتقوا فتفاوضوا فلم يكلم أحدا في الإسلام يعقل شيئا الا دخل فيه ..ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك او أكثر بدليل ان الرسول عليه الصلاة والسلام خرج في الحديبية في ألف وأربع مئة ثم خرج في فتح مكة بعد سنتين على رأس عشرة ألاف" لكن الشاهد الكبير ان مكة فتحت بعد سنتين ليظهر السياسية الحكيمة.