تبييض- أكثر من ملياري دولار سنويا جنوبي المغرب العربي- المانيا- كمال بن يونس أكثر من 9 ملايين كلم مربع..في منطقة تمتد جنوبي الصحراء الكبرى المغاربية الافريقية طولها حوالي 6 آلاف كلم..من موريتانيا غربا إلى الصحاري التشادية واللييبية والسودانية والمصرية شرقا.. مساحة شاسعة لايقطنها إلا نحو 50 مليون ساكن يمؤمنهم عشرات الالاف من العسكريين ورجال الأمن الذين يفتقرون إلى جل التجهيزات الامنية والعسكرية العصرية..وإلى الخبرة والدعم اللوجستي الأدنى ..مما حول المنطقة إلى « وكر كبير» لمحترفي تهريب السلاح والمخدرات والأموال والبشر.. هذه القضية وغيرها كانت سلسلة من الأحاديث الصحفية مع جملة من الجامعيين والسياسيين والاعلاميين وعسكريين أفارقة وأمريكيين معنيين بمعالجة هذه المعضلة..على هامش ندوة علمية دولية نظمت في ألمانيا مؤخرا . تبييض ملياري دولار سنويا ؟ حسب تقارير جديدة كشفتها مصادر أمريكية ل «الصباح» فقد أصبح بعض مهربي المخدرات والسلاح يستخدمون طائرات كبيرة من نوع بوينغ وليس الطائرات صغيرة الحجم التقليدية فقط .. ورحلة هذا النوع من الطائرات ينطلق غالبا من أمريكا الجنوبية ويتجه إلى منطقة الصحراء الكبرى..وخاصة تلك التي تكون فيها قوات الامن والجيش محدودة الامكانيات وضعيفة جدا مثل « غينيا بيساو» ومورتيانيا ومالي والتشاد والنيجر وحسب نفس المصدر فقد تبين من خلال التنسيق الامني والاستخباراتي بين عدد من الدول المغاربية والصحراوية أن كمية المخدرات « الثقيلة « ( من نوع الهيروين والكوكايين ) التي هربت وتم الكشف عنها قبل عامين كانت في حدود 40 طنا..بقيمة تحوم حول ملياري دولار..وقع «تبييضها « ..أي تحويل وجهتها في استثمارات « وهمية « في المنطقة وفي أوروبا .. التي تكون غالبا الوجهة «المفضلة» لحاويات المخدرات والاسلحة والاموال المهربة من أمريكا اللاتينية .. ما الحل ؟ كيف سيقع الرد على هذا « الهجوم « السريع والمتزايد من قبل « مافيات « السلاح والمخدرات والأموال « الوسخة « على المنطقة المغاربية والصحراوية ؟ وما هي آفاق التنسيق السياسي بين الدول العربية والإفريقية مع قوى « افريكوم « (القيادة الأمريكية للقوات الإفريقية في ألمانيا ) لمواجهة هذه المخاطر؟ وهل توجد فعلا فرصة لمعالجة هذه المعضلة ؟ ردا على هذه التساؤلات أورد الناطق الرسمي باسم القيادة العليا للقوات الامريكية في افريقيا ل «الصباح» أنه يوجد « تنسيق سياسي بين القيادة العسكرية الامريكية مع الدول المغاربية والافريقية لمساعدتها على معالجة مثل هذه الظواهرالخطيرة .. عبر تدريبات عسكرية مشتركة..ومساعدتها على الحصول على تجهيزات وآليات للمراقبة وضمان الأمن ومحاصرة المورطين في شبكات التهريب هذه .. ماليا وأمنيا وعسكريا والتضييق على تحركات مموليهم الأكبر دوليا «.. وأوضح مخاطبنا أن « قوات أفريكوم لن تعوض جيوش الدول الافريقية المتضررة من شبكات الاتجار غير المشروع في البشر والاموال والاسلحة والمخدرات..بل ان دورها الرئيسي يتمثل في مساعدة القوات المغاربية والافريقية التي تطلب قدرا أكبر من التعاون والتنسيق..ضمانا لأمن المنطقة وشعوبها..ومساهمة في محاصرة الارهابيين والمهربين مهما كانت منطلقاتهم الايديولوجية واعتباراتهم..فالارهاب والمخدرات عدو لشعوب العالم مهما كانت جنسيتها «.. المنطقة الأكثر تضررا عالميا وردا على سؤال حول المناطق الاكثر تضررا حاليا من تحويل شمال افريقيا وبلدان جنوب الصحراء إلى منطقة تهريب للاسلحة والمخدرات والمهاجرين غير الشرعيين أورد نفس المصدر أن « العالم أجمع بات اليوم متضررا من تزايد التداخل بين الاتجار غير المشروع في البشر والمخدرات والاسلحة..ومن توظيف أموال تلك التجارة كليا او جزئيا من قبل الميليشيات الارهابية «..لكنه استطرد وأوضح أن « بلدان شمال افريقيا من مصر إلى موريتانيا باتت « ضحية عصابات دولية في التهريب «..زاد نفوذها في العامين الماضيين بعد تضخم انتاج أفغانستان للمخدرات «الثقيلة « وتشديد الولاياتالمتحدةالامريكية إجراءات الرقابة الامنية على حدودهاالجنوبية.. فأصبح المهربون يتجنبون السوق الامريكية الشمالية لأسباب أمنية..ويتوجهون نحو الاسواق الاوروبية والافريقية ..عبر بوابات المدن المطلة على البحر الابيض المتوسط «.. الفراغ الأمني سيخدم الارهابيين وحسب الجامعي المغربي الاستاذ محمد بن حمو رئيس المنتدى الافريقي للدراسات الاستراتيجية فإن « الفراغ الامني والعسكري زاد من حدة معضلة ضعف نفود السلطة السياسية المركزية في عدد من الدول الافريقية في منطقة الساحل والصحراء..وهو معطى يخدم الارهابيين والمهربين الخطرين للاسلحة والمخدرات والاموال «.. في المقابل إعتبر الجامعي والخبير الجزائري أبوالقاسم طيراني أن « معضلة مئات الالاف من ابناء قبائل «الطوارق « المقسمة بشكل تعسفي بين أكثرمن 6 دول مغاربية وافريقية « تساهم في تسهيل عمل المهربين والتجار غير الشرعيين للاسلحة والمخدرات والبشر».. ودعا الى قدر أكبر من التنسيق السياسي والامني والعسكري الدولي والاقليمي ومع ممثلي المجتمع المدني ووسائل الاعلام ..حتى تنجح محاولات استئصال المخاطر الامنية المتزايدة خلال الاسبايع الماضية ..» وفي هذا السياق من المقرر أن تشهد الاسابيع القليلة المقبلة زيارات عمل وتشاورمن قيادة القوات الامريكية في افريقيا أفريكوم إلى عدد من الدول الصحرواية الافريقية والمغاربية..عسى النزيف يتوقف يوما في ملايين الكيلومترات التي يستغل فيها كل المجرمين يوميا الضعف الشديد لمؤسساتها الامنية والعسكرية «.. الصباح تونس في يوم الخميس 22 أفريل 2010