كلما كانت"حرية" للتعبير كلما تمكنت الصّحافة من صناعة "الرأي العام" علجية عيش كانت قضية العولمة الإعلامية موضع اهتمام أستاذة مختصين لاسيما و هذه الأخيرة استطاعت وضع بصماتها في مناحي كثيرة على مستوى الأفراد و الشعوب في جوانب عديدة سياسية اقتصادية و اجتماعية، و هي تحاول اليوم أن تُعَوْلِمَ "ثقافة" الشعوب، مما يستدعي على هذه الشعوب أن تحمي ثقافتها بوسائلها الإعلامية حتى تحقق التغيير و تحافظ على هويتها وقف الإعلامي زبير زرزايحي أستاذ جامعي و عضو بمخبر علم الاجتماع و الترجمة بجامعة منتوري قسنطينة على مدى تقدم الصحافة المكتوبة على الصحافة السمعية البصرية في العالم العربي و في الجزائر بالدرجة الأولى، بالمقارنة مع ما حققته الولاياتالمتحدةالأمريكية من نجاح في هذا المجال، من خلال الدراسات الميدانية التي أجريت على المجال ألأمريكية تمكنت من التحكم في حجم التجارة العالمية بنسبة 85 بالمائة في مجال السمعي البصري، و أصبحت هي المنتج والمصدر للمعلومات، لأن 76 بالمائة من المجتمع الأمريكي يستعملون "الإنترنت" ، و من وجهة نظر المحاضر تكون الولاياتالمتحدةالأمريكية لدول الشمال اليوم في مركز "المؤثر" لدول الجنوب، ذلك في تمرير أفكارها و معتقداتها و بالتالي تنميط الثقافة في المجتمعات الأخرى، بدليل أنها لا تستورد سوى 04 بالمائة من البرامج في العالم، ناهيك عن الأقمار الصناعية التي تمتلكها " الو م أ " بعدد يفوق 4000 قمر صناعي ، مقارنة مع الوطن العربي ب: 08 أقمار و مقارنة كذلك بالجزائر التي تملك سوى 04 أقمار صناعية.. و اعتبر زبير زرزايحي خلال الندوة الفكرية حول "دور الإعلام في صناعة الرأي العام" أول أمس الخميس بالمركز الثقافي عبد الحميد ابن باديس أن البرامج التي تقدمها وسائل الإعلام العربية هي من إنتاج غربي ، في إشارة منه إلى المسلسلات المدبلجة في الوقت الذي لا تقدم من إنتاجها المحلي سوى 20 بالمائة في القنوات العربية، بالإضافة إلى ما تقدمه الصحافة الإلكترونية التي ألغت الحدود الجغرافية بين الشعوب، فهذه الأخيرة في رأي المحاضر تتمتع بكامل الحرية و الاستقلالية بقوله أن كل ما يرد عن طريق الإنترنت لا أحد يستطيع التحكم فيه، أي أنه غير خاضع للرقابة،غير أن هذا الأخير يبقى حسبه وسيلة اتصالية تفرض نفسها في انتشار المعلومات.. و يقف مع هذا الموقف الإعلامي عبد الحميد بوشوشة أستاذ جامعي مختص في الإعلام و الاتصال الذي اعتبر أن الصحافة الإلكترونية المهدد الرئيسي للصحافة الورقية نظرا لما تتمتع به الأولى من الحرية إلا أن هذا ألأخير يقف موقفا آخر بحيث ينتقد الوضع ألإعلامي في الجزائر الذي لم يتمكن من التأثر في المجتمع نظرا لغياب مراكز سبر الآراء و إن وجدت هذه المراكز فهي على حد قوله لا تظهر إلا في الانتخابات..،و ينتقد الإعلامي بوشوشة الصحافة الجزائرية التي انساقت وراء " الخبر" وأهملت النقاش المثمر و الفعال حول القضايا العربية المصيرية، لقد اهتمت الصحافة المكتوبة في الجزائر بجانب الكم و لم تراعي في مادتها الإعلامية جانب النوعية، و يمكن أن يقف المتأمل على هذه الحقيقة من خلال الأرقام، فمع بداية الثمانينيات ( 1982) كانت تصدر في الجزائر 182 جريدة ، 68 منها يومية، بنسبة 666 ألف نسخة في اليوم، إلا أنها عرفت انخفاضا مع بداية التسعينيات ، و ذلك بصدور سوى 35 يومية، ثم ازدادت هذه الأخيرة تراجعا مع منتصف التسعينيات ، و ظهرت مكانها الأسبوعيات.. و مع ظهور قانون الإعلام لسنة 90، عرفت الساحة الإعلامية في الجزائر انفجارا كبيرا في مجال الصحافة المكتوبة، و هذا بفضل السياسة التي انتهجها رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش الذي فتح ألأبواب للصحافيين بإنشاء صحف و دعمهم بالإعانات المالية، و إن كان قانون ألإعلام الجزائري فتح المجال للصحافة المكتوية، فقد ضيق القانون على الإعلام السمعي البصري، و كانت المشاريع التي قدمها وزراء الإعلام و الاتصال حبرا على ورق ، فوجود 04 قنوات فضائية و 43 إذاعة محلية في الجزائر لا تفي بالغرض و لا تلبي ذوق 34 مليون مواطن إذا قلنا أن الإعلام قدم ما لم يقدمه السياسيون هكذا يختم الأستاذ بوشوشة و هو يبحث عن صحافة "ملتزمة" لها قيمتها الإعلامية و قادرة على صناعة "الرأي العام"..