وزير التربية: العودة المدرسية الجديدة تترافق مع عدة إجراءات تشمل الفضاءات المدرسية والإطار المدرسي والدارسين    مهندسون تونسيون يطورون جهازا للتحليل الطبي عن بعد    شركة نقل تونس توفّر 140 حافلة و68 عربة بالشبكة الحديدية بمناسبة العودة المدرسية..    تنبيه/ اضطراب في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق..    الدورة الرابعة للصالون الدولي للسيارات بسوسة من 12 الى 16 نوفمبر المقبل بمعرض سوسة الدولي    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل المالطية    كأس إفريقيا للأمم لكرة اليد أكابر: المنتخب الوطني في تربص اعدادي بقرمبالية من 15 الى 19 سبتمبر    تونس تحرز ميدالية فضية في البطولة العربية للمنتخبات لكرة الطاولة بالمغرب    بطولة العالم لألعاب القوى: مروى بوزياني تبلغ نهائي سباق 3000 متر موانع    اعتقال مديرة مكتب وزيرة إسرائيلية في فضيحة فساد ومخدرات    عاجل/ آخر مستجدات أسطول الصمود..هذا عدد السفن التي غادرت باتجاه غزة..    الحماية المدنية : 458 تدخلا منها 80 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عشرات الجرحى والشهداء في غارات للجيش الصهيوني على قطاع غزة    "غراء عظمي".. ابتكار جديد لعلاج الكسور في 3 دقائق..    سوسة: تسجيل 14 مخالفة خلال عملية مراقبة اقتصادية مشتركة    عاجل: قمة عربية إسلامية في الدوحة...شنيا ينجم يصير؟    البطولة الإسبانية : برشلونة يفوز على فالنسيا 6-صفر    الرابطة الثانية: برنامج مباريات الجولة الافتتاحية    عاجل/ الكشف عن الأسرار المظلمة.. من وراء اغتيال الناشط الأمريكي "شارلي كيرك"؟    القبض على المتورط في عملية السطو على فرع بنكي في بومهل    عاجل/ وفاة عامل وإصابة آخريْن في حادث بمصنع في هذه الجهة..وهذه التفاصيل..    كفاش تتعامل العائلة مع نفسية التلميذ في أول يوم دراسة؟    عاجل/ في بلاغ رسمي: وزارة الداخلية تعلن ايقاف هذه الأطراف..    لمستعملي الطريق : شوف دليلك المروري قبل ''ما تغرق في الامبوتياج'' ليوم ؟    بطولة سانت تروبي للتنس: معز الشرقي يستهل مشواره بملاقاة المصنف 175 عالميا    الرابطة الأولى: إتحاد بن قردان يحتج على صافرة بولعراس .. ويطالب بنشر تسجيل غرفة الفار    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    الاحتلال يعيق وصول المعلمين إلى مدارسهم بسبب إغلاق الحواجز    طقس اليوم.. انخفاض طفيف في درجات الحرارة    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب هذه المنطقة.. #خبر_عاجل    هل كل من دخل للوظيفة العمومية بدون مناظرة هو بالضرورة فاسد؟    من حريق الأقصى إلى هجوم الدوحة.. تساؤلات حول جدوى القمم الإسلامية الطارئة    الكاف: مساعدات مدرسية لفائدة ابناء العائلات المعوزة    من مملكة النمل إلى هند رجب ...السينما التونسية والقضية الفلسطينية... حكاية نضال    "دار الكاملة" بالمرسى تفتح أبوابها للجمهور يومي 20 و 21 سبتمبر    بطاقة إيداع بالسجن ضد شاب هدّد دورية أمنية بسلاح وهمي: التفاصيل    اختتام الأسبوع الأول من مهرجان سينما جات بطبرقة    سوق المحرس العتيق...نبض المدينة وروح التاريخ    تونس تروّج لوجهتها السياحية في الصين: حضور قوي في كبرى التظاهرات الدولية    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    القيروان .. تقديرات بإنتاج 52 ألف طن من زيت الزيتون    كرة اليد – بطولة النخبة : النتائج الكاملة للجولة الخامسة (فيديو)    لماذا يرتفع ضغط الدم صباحًا؟ إليك الأسباب والحلول    مدنين: غدا افتتاح السنة التكوينية الجديدة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة ببعث اختصاص جديد في وكالات الاسفار وفضاء للمرطبات والخبازة    ينطلق غدا: تونس ضيفة شرف الدورة الثانية لمهرجان بغداد السينمائي الدولي    ارتفاع طفيف في الحرارة يوم الأحد والبحر قليل الاضطراب    سبتمبر مختلف: خريف مبكر يطرق أبواب هذه المناطق    إنتاج الكهرباء في تونس يرتفع 4% بفضل واردات الجزائر    22 سبتمبر الجاري: "يوم فرص الأعمال مع تونس" ببوخارست    من قياس الأثر إلى صنع القرار: ورشة عمل حول تنفيذ مؤشرات الثقافة 2030 لليونسكو    العجز الطاقي لتونس ينخفض مع موفى جويلية الفارط بنسبة 5 بالمائة    محمد الجبالي يوضح: لم أتهم فضل شاكر بالسرقة والتشابه موجود    عند سوء الاستخدام.. بعض الأدوية قد تصبح قاتلة...شنيا هي؟    كيفاش البصل يحميك من الأمراض والبرد؟    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    وزارة الصحة تطلق خطة وطنية للتكفل بمرضى الجلطة الدماغية    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شواذ الأمم
نشر في الفجر نيوز يوم 25 - 03 - 2008

أصبح الحديث عن تعاليم الأديان وما تمليه من ضوابط أخلاقية وقيمية تروض أطماع المتهورين من بني البشر، أصبح هذا الحديث مما يرهق أصحاب المطامع ويزعجهم طالما أنه يحول دونهم وداء استعباد الإنسان. وعبر التاريخ نجد أن الذين يسلكون مسلك الاعتداء والإساءة إلى الأنبياء والمرسلين هم أولئك الذين فقدوا أي صلة بالأديان السماوية، فدينهم المادة وما تمليه من رغبات ومطامع لا حدود لها .
كتب كثير من مفكري الغرب وبعض كتاب الحداثة والتنوير عندنا عن أن زماننا يتجه إلى عولمة كوكبنا وتحويله إلى قرية صغيرة مدللين على ذلك بما يشهده عالم الاتصالات من فتوحات متواصلة فتنبأ بعضهم بنهاية التاريخ وتحدث آخرون عن موت الأيديولوجيا لصالح المادة والاكتشافات العلمية، بينما حض آخرون على ضرورة القطع بين الدين والسياسة فيما تبقى من ارتباط بينهما في بعض أنحاء العالم وترك ما لله لله وما لقيصر لقيصر .
وسط هذه الأمواج العاتية من الأفكار والأطروحات المتعددة والمتناقضة أحيانا، ظل عدد من الكتاب والسياسيين المرموقين في العالم يعتقدون أن الدين يلعب الدور الأساسي والأهم لكبح شهوات الإنسان ورغباته اللامتناهية للسيطرة على المعلوم والمجهول من الحياة، بعد أن فشلت كل القوانين الوضعية الردعية في الحد من الجريمة. ومع أنني شخصيا متفائل لإزالة الحدود الوهمية بين أقطار العالم وقاراته ؛ لأن ذلك ينسجم وقناعاتي الإسلامية التي لا تفرق بين أسود ولا أبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح فكلكم لآدم وأدم من تراب وأينما تولوا فثم وجه الله، وهو المقدمة الضرورية لوحدة العالم .
مع ذلك لدي اعتقاد أن هنالك مجموعات مثقلة بإرث تاريخي ثأري يضيرها التعايش والتسامح بين الشعوب بما يجعل من تعدد الثقافات والحضارات كلا متكاملا. أقول هنالك بعض الجهات النفعية التي حولت قيم التعايش إلى بضاعة كاسدة وزرعت محلها بذور الشك والريبة في كل شيء بما في ذلك الأديان آخر حصن يمكن أن يطمئن إليه الإنسان ويهنأ لأنه الرابط بين السماء والأرض .
لقد حاول دعاة المادة وأعداء الغيب الاستهزاء بالعقائد وحماتها من الرسل على اعتبار أن ذلك من قبيل حرية التعبير ومصداقية الإعلام. وهذا صنف غير مستغرب ولا حديث فقد ذكره القرآن الكريم قبل ألف وأربع مائة سنة إذ نعتهم بالمجرمين في قوله تعالى : { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون * وإذا مروا بهم يتغامزون * وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين * وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون } [ سورة المطففين ] ذلك تماما كان منطوق مدعي حرية التعبير في الصحف الدنمركية ثم الأوروبية حين عمدوا عن سوء نية وخبث طوية إلى الاستهزاء والإساءة إلى خير خلق الله وسيد الخلق أجمعين والذي بعثه الله رحمة للعالمين .
ومع أن الله سبحانه وتعالى قد تعهد في كتابه الكريم بالدفاع عن نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام في قوله : { إن كفيناك المستهزئين } ، مع ذلك هبت جماهير الإسلام وأتباع محمد صلى الله عليه وسلم في مشارق الأرض ومغاربها منددة بهذا الفعل القبيح واعتبرته محاولات إجرامية لا علاقة لها بحرية التعبير ولا باستقلالية الإعلام وإنما هي جر للعالم إلى حروب صليبية ظاهرها حرية الإعلام وباطنها حقد دفين على الإسلام ونبي الإسلام. وقد انبرى للتعبير عن هذه الفكرة والدعوة إلى التعقل واحترام قدسية الأديان عدد كبير من المفكرين والدعاة من مختلف الأديان، إلا أن هنالك بعض من المتحمسين الذين تجاوزوا حدود التظاهر السلمي المسموح به شرعا وقانونا وعقلا فأحرقوا سفارات وقنصليات في عمل متهور لا يمت بأي صلة لميراث خاتم الأنبياء والمرسلين. وهنا أهمس في أذن كل من أغضبته الإساءة للرسول محمد عليه الصلاة والإسلام أن التعبير عن الغضب ونصرة إمام الرسل إنما تكون بالحق وبالطرق السلمية كما فعل مسلمو الدنمرك الذين أدركوا منذ البداية أن المسلك السلمي هو الأفضل للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عملا بسنته صلى الله عليه وسلم عندما كان عائدا من الطائف بعد أن أذاقه أهلها من الإساءة والتجريح والإذاءة والسخرية ما تئن به الجبال، لا بل فقد رموه بالحجارة فأدموا قدماه الشريفتين ومع ذلك كان رده لجبريل عليه السلام الذي عرض عليه أن يطبق الجبلين على أهل مكة والطائف فكان رده عليه الصلاة والسلام: ( لا .. عسى الله أن يبعث من أصلابهم من يعبد الله ) .
ذلك هو موقف رسول الله صلى عليه وسلم تجاه من آذوه فما بال قومنا اليوم ينحرفون عن هذه التعاليم الراقية ويبتعدون عن الاقتداء بسلوك من يدافعون عنه صلى الله عليه وسلم!؟ يبقى أن أشير وأنا أكتب ردا عن الهجمات التي تسيء لنبي الإسلام أن أذكر أن السخرية بالرسل والاستهزاء برسالاتهم ليست خصلة حديثة ابتدعها رسام الصحيفة الدنمركية ورفاقه من رسامي الصحف الأوروبية المجهولة، وإنما هي صنيعة متجذرة في التاريخ منذ أن خلق الله البشرية، وطوال التاريخ كان هؤلاء من الشواذ الذين يحفظون ولا يقاس على صنيعهم. وقصص القرآن الكريم مليئة بوصف مآلات هؤلاء إذ قال تعالى مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم : { ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون }، وفي حال أبي لهب وأبي جهل والنضر بن الحارث وعقبة ابن أبي معيط والأسود بن عبد يغوت والحارث ابن قيس السهمي وأمية ابنا خلف وأبي قيس ابن الفاكهة ابن المغيرة وغيرهم ممن يعرفهم قراء السيرة النبوية ممن استهزأوا وسخروا وأساؤوا وآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بوضع سل جزور على كتفه وذاك بطرح العذرة والنتنة في طريقه وذاك بسبه وذاك بتأليب القوم عليه، هؤلاء جميعا كانت نهاياتهم وخيمة هذا مات مصلوبا في بدر وذاك مات ميتة قذرة لدرجة أنه أصيب بمرض مات عليه وحين أرادوا غسله تعذر عليهم ذلك لشدة الرائحة النتنة التي كانت تنبعث من جثمانه، أقول في حال هؤلاء وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم عبرة لمن يعتبر .
سؤالي الأخير لقراء مقالتي هذه: ماذا لو طلب من المسلمين الرد على استهزاء تعرض له الإسلام كدين ونبي وعقيدة من بني جلدتهم من الكتاب والمنظرين والمبدعين ؟
نقلا عن: اخبار دك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.