عاجل/ اصدار خمس بطاقات ايداع بالسجن في حق هؤلاء بتهمة غسيل وتبييض الأموال..    توقيع اتفاقية قرض بقيمة 6,5 مليون أورو لإطلاق مشروع "تونس المهنية"    وزير السياحة يؤكد ادماج جميع خريجي الوكالة الوطنية للتكوين في مهن السياحة    أردوغان: نتنياهو يوسّع حلقة النار وإيران "ستنتصر" في الحرب    هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء النفسيين؟    عاجل/ الاحتلال يعلن اغتيال هذه الشخصية..    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    صدمة في قطاع الهندسة: 95% من مهندسي الإعلامية يغادرون تونس بحثًا عن فرص أفضل!    يهمّ هؤلاء التونسيين: امتياز جديد يخفّض أعباء التمويل على المستثمرين    عاجل/ أول تعليق من المنصف المرزوقي على الحكم السجني الصادر ضده..    إيران تقدم شكوى إلى الأمم المتحدة ضد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    5 أسباب وراء تأجيل ترامب قرار المشاركة في الحرب ضد إيران    اكتمال النصاب القانوني وانطلاق أشغال الجلسة العامة الإنتخابية    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    وفاة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب في المغرب    كاتس يعلن تصفية قائد إيراني وموجة صواريخ إيرانية جديدة    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    معركة شرسة بمحيط ترامب بين المؤيدين والمعارضين لضرب إيران    الوجهة السياحية جربة جرجيس الأولى وطنيا وتوقعات بتسجيل أكثر من مليون زائر    كأس العالم للأندية: يوسف البلايلي أبرز المتغيبين عن مواجهة تشلسي    طقس اليوم السبت: أجواء صيفية مستقرة على كامل البلاد    ردّ فعل رسمي وعاجل من وزارة الخارجية بعد العثور على جثة عبد المجيد الحجري بستوكهولم    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    إغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري الإيراني    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    "الستاغ" تعتذر من حرفائها..وهذه التفاصيل..    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وزير السياحة: طلب كبير على طبرقة عين دراهم...التفاصيل    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    التشكيلة المحتملة للترجي أمام لوس أنجلوس    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



'التحليل والتأويل: قراءة في مشروع محمد عابد الجابري' : علي مخلبي
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 05 - 2010

كتاب و باحث وناقد ومترجم تونسي
تونس صدر عن "منشورات كارم الشريف" كتاب جديد في طبعة أنيقة بعنوان "التحليل والتأويل: قراءة في مشروع محمد عابد الجابري"، ويندرج ضمن السلسلة الفكرية، وهو الكتاب الأول من مجموعة كتب ستصدر عن نفس المنشورات تحت محور "في نقد الفكر العربي". وفيها سيهتم مجموعة من خيرة المفكرين التونسيين والعرب، بإعادة قراءة كتابات رموز الفكر العربي، وفق رؤية بعيدة عن كل أشكال التكرار وأنماط الاجترار والتأثر الأعمى وغيرها من الميزات السلبية التي اتسمت بها أغلب الأطروحات والأبحاث والدراسات التي كتبها المفكرون العرب حول الفكر العربي.
وأكد كارم الشريف على أن ما سيصدر عن منشوراته سينبني أساسا على القراءة النقدية الجادة القائمة على النقد الموضوعي والتناول الجدي والكتابة الندية والكشف عن إيجابياتها وسلبيتها، لأن غايتها الرئيسية فتح آفاق جديدة أمام الفكر والفلسفة العربية، وتحريرهما من التبعية الفكرية التي أثرت سلبا على بنية العقل العربي وحولته إلى آلة ناسخة، وخلق حوار فكري متكافئ قوامه الإسهام الفعال في تطوير الفكر الإنساني.
وعلي المخلبي مؤلف الكتاب باحث وناقد ومترجم تونسي متخرج من دار المعلمين العليا سنة 1985. ويعد رسالة دكتوراه موضوعها "الأساطير ومقارنة الأديان". وله العديد من البحوث والدراسات والمقالات الفكرية حول التراث والأديان وراهن الفكر العربي المنشورة في الدوريات والمجلات العربية المختصة. وصدرت له ترجمة لكتاب سامي النير بعنوان "الإمبراطورية في مواجهة التنوع"، ليبيا سنة 2007.
وجاء الكتاب الذي تقوم بتوزيعه "الشركة التونسية للصحافة" داخل تونس وخارجها، في طبعة أنيقة من الحجم المتوسط تضم 186 صفحة، ويتوزع على مقدمتين الأولى خصصت لتقديم البحث والثانية موضوعها "النص وهامشه" وست فصول وخاتمة تتناول بالقراءة والنقد المسيرة الفكرية والبحثية للدكتور محمد عابد الجابري، وهي "تأسيس القول في الماضي"، و"الحج"، و"الحج الأكبر"، و"المضمون الإيديولوجي في خطاب الجابري"، و"الطرح الإيديولوجي"، و"التأويل والقياس"، و"في الخطاب التراثي".
ويكتسي الكتاب أهية بالغة لسببين، أولها أنه يعد كتاب "التحليل والتأويل: قراءة في مشروع محمد عابد الجابري" مرجعا لا غنى عنه لقراءة مشروع الدكتور محمد عابد الجابري بصفة خاصة، وبقية مشاريع نقد العقل العربي وقراءة الفكر العربي وتأويل الخطاب التراثي ودراسته بصفة عامة. وثانيهما لأنه أول أطروحة أكاديمية تكتب عن فكر الجابري في الوطن العربي، إذ أن صاحبها أعدها سنة 1988، ونال بها شهادة الكفاءة في البحث (الماجسير) تحت إشراف المفكر التونسي الكبير المرحوم الدكتور سعد غراب العميد السابق لكية الآداب بمنوبة، وكان عنوانها "الحاضر بإزاء الماضي: دراسة تحليلية ونقدية في مؤلفات محمد عابد الجابري"، وضمت لجنة المناقشة الدكتور كمال عمران والأستاذ الباجي القمرتي.
ينخرط هذا الكتاب في صلب إعادة الوعي بما ينتجه الفكر العربي المعاصر من قضايا، خصوصا بعد التحولات الهيكلية التي شهدتها الساحة السياسية والفكرية، كقضية الحرية والديمقراطية وعلاقاتها بالتنمية، أو قضية العلوم وتطور مناهجها سواء في إطار الاختصاص، ضمن العلوم الإنسانية عموما، أم في إطار الفلسفة والابستيمولوجيا، أو قضية الأصالة والمعاصرة.
ويرى الكتاب أن هذه القضية الأخيرة هي التي تخترق كل القضايا السابقة وغيرها من المسائل التي تتفرع عنها، فهي قضية جوهرية لا تستقر عند حدود الإشكال الذي تفيض فيه الأقوال وتتكاثر فيه الأطروحات، وإنما يرتقي إلى ما وراء ذلك من توجيه إنتاج القول: إن قضية الأصالة والمعاصرة أو التراث والتجديد ليست موضوع التفكير بل إنها تصوغ طريقة التفكير، إنها الموضوع والمنهج في آن.
ويشير الكتاب إلى أن هذه القضية قد وصلت إلى ما يمكن اعتباره مأزقا ابستيمولوجيا يحتم العمل على تحويلها إلى إشكال آخر يفتح آفاقا جديدة تثري عملية النظر في الدواعي التي أنتجت إشكالية الأصالة والمعاصرة، كداعي التقدم، والارتقاء والقوة والمواجهة، أو تدعيم الثورة أو إرساء الديمقراطية.
وقد استوجب العمل على بيان المأزق الذي وصلت إليه إشكالية الأصالة والمعاصرة الانكباب على نص أحد رواد هذه الإشكالية، وأحد من كرّس جزءا هاما من نشاطه العلمي والفلسفي في بلورتها والوصول بها إلى مداها الأعلى: وهو محمد عابد الجابري في مشروعه "نقد العقل العربي".
لم يغب عن صاحب الكتاب أن يعتني بإعادة بناء خطاب الجابري، مهتما بالموقف، في معناه الفلسفي، ثم بالمنهج، ثم بالغاية، فكان أن اعتنى تباعا بأسس القول في الماضي، ثم بالمحتوى المعرفي فالمضمون الإيديولوجي لخطاب الجابري، ولم يكن ذلك إلا تمهيدا للنظر في الإشكالية الأساسية التي يمكن أن ترث العمق الفكري والفلسفي لقضية التراث، وهي إشكالية القراءة والتحليل والتأويل، ولذلك اتجه صاحب الكتاب إلى النظر في التأويل والقياس باحثا عن قواعد الفعل التأويلي، فاهتم بمصادره ووسائله مركزا على نقد ثنائية ظاهر/باطن، ومحاولا بلورة قوة العلاقة بين الهامش والنص في إغناء إمكانيات قراءة الخطاب عموما.
ويمكن أن نلخّص أهم النتائج التي وصل إليها الكاتب في بعدين أولهما البعد الخاص بإشكالية الأصالة والمعاصرة باعتبارها موضوع نظر وتفكير، والبعد الخاص بعين هذه الإشكالية باعتبارها إطارا للتفكير ومرجعا يصوغ منهج النظر.
ويقرر صاحب الكتاب في البعد الأول أن هذه الإشكالية محكومة بسلطة الأنموذج وأنها لا تستطيع الفكاك منه، إنها إذ تحيل على زمن ما، سواء كان الماضي، أم الحاضر أم المستقبل، فإنها تقرر أنها لا تستطيع التخلّص مما يمثله هذا الزمن وحدوده من سلطة في النظر إلى قضايا الواقع والتاريخ.
إن هذه الأبعاد الثلاثة هي التي تحدد التوزع الإيديولوجي في الفكر العربي، فالسلفية، إطارها المرجعي هو الماضي العربي الإسلامي، والليبرالية والاشتراكية إطارهما المرجعي هو ماضي الغرب وحلم إدراج واقعنا في مسار المراحل التي مر بها هذا الماضي.
إن هذا يعني أن كل مفكر عربي في عالمنا المعاصر يريد النظر في القضايا المعاصرة محكوم بسلطة أنموذج مخصوص يصطنعها موقف من الحضارتين المتصارعتين. غير أن هذا الاحتكام إلى الأنموذج يعيش حرجا دائما يتمثّل في غياب الأساس الأول الذي يشرّع لوجوده وهو الواقع، لقد بيّن صاحب الكتاب أن الحاضر في خطاب الجابري غائب، أو هو متأرجح بين الماضي والمستقبل مغترب بين هذين البعدين الزمنيين.
وكان من نتائج غياب الحاضر وسلطة الأنموذج أن تحول الفكر العربي المعاصر إلى مجموعة من الفروض والإلزامات التي تقع على كاهل أجيال المستقبل.
أما ما يتعلق بالمنهج في صلب هذه القراءة لإشكالية الأصالة والمعاصرة، فيتعلق بالعلاقة بين الموضوع وقراءته من ناحية والعلاقة بين هذه القراءة وأسسها التي أوجبتها العلوم من ناحية أخرى، وفي حين قرر الجابري ضرورة الانتباه إلى أن الموضوع هو الذي يحدد المنهج وليس العكس، وذلك في إشارة إلى ما يقوم به الفكر العربي عند دراسته للماضي العربي الإسلامي، فإنه واصل ما عابه على غيره.
غير أن فضل الجابري، في نظر صاحب الكتاب، يتمثّل في التنبيه إلى أن إشكالية التراث هي إشكالية قراءته وتقرير المعنى في نصوصه، لقد أبان خطاب الجابري على أن ما يبدو قضية زمنية أو عملية، إنما هي في جوهرها قضية قراءة قضية تحليل وتأويل، قضية تعامل مع نص وكيفية تحديد قواعد تأويله ووسائل تأويله، فكان أن حاول صاحب الكتاب اكتشاف علاقات جديدة يمكن أن تعين على تبين معنى النص المقروء من خلال النص المقروء، واعتنى في ذلك بالهوامش والحواشي.
ويعني صاحب الكتاب بالهوامش والحواشي تلك الانزياحات التي يعيشها الخطاب المكتوب والتي تخرق امتداد فضائه من ناحية وتوقف، وإن لحين أحيانا، سعيه إلى اكتماله وبناء قوله بناء متسقا، من ناحية أخرى.
إن الهوامش، إذ تكسر الخطاب، تعمل على كشف أسسه وغناه الذي ينطق به النص، من بعد آخر من أبعاده غير البعد الذي يبدو للوهلة الأولى. وأهمية الهوامش والحواشي أنها قادرة على تفكيك النص دون أن يتدخّل، بدرجة كبيرة، الذي يفكك الخطاب، إنها تفكيك يمر عبر استراتيجيات ثلاثة هي التعارف والخروج والنسخ.
هذا الكتاب إعادة قراءة لمشروع الجابري ينهيها صاحبها بانفتاح على مشروع حسن حنفي، ومقاربات على حرب للتراث وتصور أبي القاسم حاج حمد للمنهجية القرآنية، وذلك في أفق التأصيل النظري لتدبر عمليتي التحليل والتأويل.
***
• محمد عابد الجابري: مفكر وفيلسوف عربي (مغربي الأصل)، توفي الاثنين 3/5/2010 عن عمر يناهز 75 عاماً، إثر نوبة قلبية حادة.
ميدل ايست اونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.