أثارت قضية المربي عثمان حفصاوي الذي اتهم بالاعتداء على متفقد جدلا واسعا في الأوساط النقابية بجهة سيدي بوزيد من جهة تنصل الجهات النقابية المسؤولة عن التزاماتها و تركها الزميل يواجه مصيره , رغم أن الادعاء المزعوم لم يثبت إلى حد الآن، و بقي مجرد اتهام لا , بل أن المتفقد المعتدى عليه تحصل على شهادة طبية ب 5 أيام , وهي شهادة لا تعني وقوع اعتداء أو ضرر مادي واضح و يمكن أن يتحصل عليها من هو مصاب بزكام خفيف. يمكن إذا أن تلخص الاجرءات التي انصبت على الزميل المتهم في ما يلي : * اتخاذ الإدارة الجهوية للتربية إجراء فوري عن توقيفه عن العمل منذ بداية الحادث. * إصدار نيابة متفقدي التعليم الساسي بسيدي بوزيد بيانا بإمضاء لطفي العباسي الكاتب العام للاتحاد المحلي بمنزل بوزيان يندد فيه بالاعتداء على المتفقد ويطالب الإدارة الجهوية باتخاذ كافة الاجرءات العقابية ضد المربي عثمان الحفصاوي. * صمت النقابة الجهوية للتعليم الأساسي بسيدي بوزيد عن هذا الموضوع ومجاراتها طرح نيابة المتفقدين و تأثيرها الواضح على بعض أعضاء النقابة الأساسية بسيدي علي بن عون بالتزام الصمت إزاء الحادثة. و إذا اعتبرنا أن الإدارة الجهوية قد تسرعت في إيقاف الزميل، لأنها لم تنتظر الحكم في القضية المعروضة أمام المحكمة و تتخذ بعد ذلك الإجراء الإداري الذي يتساوق مع الحكم القضائي ,فان ما يلفت الانتباه حقا هو الموقف الصادر عن نيابة المتفقدين و موقف النقابة الجهوية للتعليم الأساسي فاذا اردنا ان نفهم هذه المواقف، علينا ان نبحث عن الترابطات و التشابكات القريبة و البعيدة بين مواقف نيابات المتفقدين ابتدائي و ثانوي بجهة سيدي بوزيد والنقابية الجهوية للتعليم الاساسي من جهة ونقابة التعليم الثانوي من جهة أخرى فكيف تتشكل هذه الترابطات؟ ماهي خلفياتها وماهي غاياتها ؟ * في سلوك نيابات التفقد بجهة سيدي بوزيد يبدو ان نيابة المتفقدين بجهة سيدي بوزيد لم ترتق بعد الى فهم طبيعة انتمائها للاتحاد العام التونسي للشغل، إذ انه كلما حدث خلاف بين منخرطيها و منخر طي نقابات التعليم الثانوي و الأساسي , لا تلتجئ هذه النيابات للهياكل النقابية لفض النزاعات بالآليات النقابية المتعارف عليها، بل تلتجئ إلى تحريض الجهات الادارية و القضائية على الزملاء و قد تجسد ذلك من خلال البيان الذي اصدرته نيابة متفقدي التعليم الثانوي ضد الاخ الكاتب العام لنقابة الثانوي و كذلك البيان الذي اصدره السيد لطفي العباسي الكاتب العام للاتحاد المحلي ببوزيان في خصوص الزميل عثمان حفصاوي و هذان البيانان أثارا امتعاضا كبيرا لدى منخرطي نقابات الثانوي و الاساسي , لانهما يوضفان النقابي من جهة الضغط على الاداري لمعاقبة النقابين، من هنا يتضح أن المتفقدين و ان كونوا نيابات نقابية فانهم مازالو يعتبرون ان سلطة الإشراف هي التي تحميهم فيهرعون إليها للقصاص من نقابين آخرين وكان من المفروض ان يلتجئوا في كل ما يحدث من مشاكل لا إلى الجهات الادارية بل إلى الجهات النقابية التي هي و حدها مؤهلة لحل المشاكل بين النقابين و إلا فإن الأمر يصبح معقدا بين نقابات توضف السلطة في صراعها مع نقابين وبين نقابات لا تلتجئ إلا إلى قوة قطاعها و قوة الاتحاد العام التونسي للشغل، بين نقابات يد في النقابة و أخرى في الوزارة وبين نقابات لا تعتمد إلا على قواها الذاتية. ان هذه التداخلات التي اشرنا اليها تصبح اكثر تعقيدا و خطورة اذا كانت بعض نيابات التفقد مخترقة بعناصر مشبوهة مرتهنة لسياسات السلطة و مرتبطة بانتماءات دستورية في مضمونها نقابية في شكلها ... و لعل قضية المربي عثمان الحفصاوي قد كشفت بشكل جلي عن هذا الوضع , و تحديدا في علاقة نيابة متفقدي التعليم الاساسي و النقابة الجهوية لنفس القطاع، و عن ارتهانات المواقف النقابيية لأجندات لا نقابية، و لعلاقات سياسية و فئوية ضيقة ترتهن الى المصلحي على حساب المبدئي. فكيف ييتضح ذلك في قضية الحال؟ * في حقيقة موقف النقابة الجهوية للتعليم الاساسي بسيدي بوزيد لم يكن خافيا على أحد أن نقابة التعليم الاساسي كانت معادية لنقابة الجهوية للتعليم الثانوي في صراعها مع المتفقدين و قد عرف لدى العام و الخاص ارتباطات بعض عناصر النقابة الجهوية للتعليم الاساسي بالمسؤول عن نيابة متفقدي التعليم الثانوي و قد عرف عن النائب الأول لهذه النيابة نشاطه المكثف بالجمعية العلمية بالمكناسي التي يمولها و يسهر عليها التجمع الدستوري الديمقراطي و نفس هذا الموقف المتضامن مع نيابات المتفقدين المخترقة اتخذته نفس النقابة مع السيد لطفي العباسي المعروف بانتمائه الى العشيرة القومجية الدستورية بحيث إن ما يحدد مواقف النقابة الجهوية للتعليم الاساسي هو دائما تناغمها مع أفراد العشيرة القومجية التجمعية في تضاد تام مع المواقف النقابية. فتباع المواقف لحساب الارتباطات السياسية المشبوهة و لحساب المصالح الخاصة. ان كل هذه الامور تتوضح بشكل ملفت في قضية عثمان الحفصاوي حيث عمدت النقابة الجهوية لتعليم الاساسي الى تمييع قضية هذا المربي في اتجاه يتناغم مع نيابة متفقدي التعليم الاساسي . ان هذا الموقف النقابي لعشيرة القومجيين التجمعيين قد طلق منذ وقت طويل المبادئ من اجل المصالح و باع مصالح المدرسين لفائدتهم الخاصة فقد اصبحت نقابة الاساسي تعارض كل عمل نضالي بل و تدس له الدسائس في محاولة لتشويهه باساليب دعائية رخيصة و هو ما جعل احد رموز القومجيين التجمعيين يؤكد ان قضيته ليست مع الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بل هي مع أعضاء النقابة الجهوية للتعليم الثانوي واذا دققنا في الامر تساوق هذا الموقف مع مواقفهم السابقة المعروفة بمغازلتهم المستمرة للبيرقراطية و ارتمائهم اللامشروط في جمعيات حزب الدستور وبالتالي فإن قضية المربي عثمان حفصاوي تصبح عائقا أمامهم في اتجاه مزيد طمأنة البيروقراطية وأجندات التجمع الدستوري الديمقراطي، وفي البداية والنهاية فإن قضية عثمان حفصاوي تهدد مصالحهم الفئوية الضيقة باعتبار توظيفهم العمل النقابي لخدمة مصالحهم الخاصة. وإذا عرفنا الحقائق التالية لهذه الشخوص المنتمية للنقابة الجهوية للتعليم الأساسي تسقط بلا شك آخر أوراق التوت التي تلحفوا بها طويلا، وتتعرى عوراتهم التي باعت كل المبادئ لصالح المصالح الضيقة والارتباطات المشبوهة. * ن ظ : عضو النقابة الجهوية متفرغ إداريا وداعم رئيسي لتحالفات عشيرته مع التجمعيين والبيروقراطية. * م ب : متفرغ إداريا وقد كافأته الإدارة نتيجة تحالفه في مؤتمر النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالسوق الجديد مع عناصر دستورية للحصول على الكتابة العامة ضد زميله المناضل النوي عماري. * ع ح ش : عرف بدعمه للمتفقدين وترويجه للعرائض لمساندتهم وانخراطه في التجمع الدستوري الديمقراطي كما عرف بأنشطته المشبوهة. من هنا يتضح أن هذه العناصر لم تعد أبدا معنية بالدفاع عن مصالح الزملاء الذين منحوهم ثقتهم بل أصبحوا يبحثون عن حماية مصالحهم من خلال خدمة أجنداتهم الخاصة والتجمعية المشبوهة وقد تأكد هذا الموقف بكل جلاء في الموقف السلبي الذي واجهت به نقابة التعليم الأساسي ما تعرض له المربي عثمان الحفصاوي... فهل بعد هذا الموقف نتحدث عن مناضلين نقابيين؟ أم أن الانتهازية أصبحت تحكم قبضتها على معلمي التعليم الأساسي. خليل الغربي نقابي قاعدي