قابس: اقرار يوم الخميس 16 أكتوبر يوم غضب جهوي    وزير التربية: الوزارة شرعت في تسوية الدفعة الثانية من الاساتذة والمعلمين النواب    ملف وفاة الدبوسي .. انطلاق محاكمة البحيري و الونيسي    عاجل: لتفادي حجب الثقة.. الحكومة الفرنسية تعلق إصلاح نظام التقاعد    مع الشروق : نهاية الحرب... لا تعني سقوط أهداف الحرب!!    الترجي يعلن عن نتائج الفحص الطبي للاعب يان ساس    أخبار النادي الافريقي ..الإدارة تنتهج سياسة «التقشف» وجدل حول فرع الكرة الطائرة    وزارة الفلاحة تحذّر الفلاحين    سوسة: وكر دعارة داخل مركز تدليك    الفنان الملتزم سمير ادريس ل«الشروق» فلسطين هي محور الكون والقضايا    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يجدد فوزه على نظيره العراقي وديا 3-0    مفتي الجمهورية يشرف بالمهدية على الندوة الأولى لمنتدى العلاّمة الشيخ محمد المختار السلامي في الاقتصاد والمالية الإسلامية    انعقاد الدورة 22 للمجلس الاستراتيجي للهيئة التونسية للاستثمار    انطلاق بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة يوم 25 أكتوبر الجاري    الرئيس الأمريكي يتهرب من حل الدولتين.. انتقادات لاذعة في إسرائيل بسبب سخرية ترامب من محاكمة نتنياهو    لقاء إعلامي للتعريف ببرنامج "أوروبا المبدعة"    محرز الغنوشي يُطمئن التونسيين: ''الغيث أوّله قطرة''    جريمة قتل بشعة تهزّ منطقة باب سويقة    عاجل: غدا...تغيير في قطار صفاقس -تونس    عاجل : لطفي الجبالي مدربا جديدا للملعب القابسي    عاجل: مطالب بضرورة إقرار إجباريّة مُناظرتي ''السيزيام'' و''النوفيام''    وزارة الصحة تحذّر من السّمنة    قرار جديد من وزارة العدل يحدد عدد العدول المنفذين ...تفاصيل    تكريم الدكتور عبد الجليل التميمي في نوفمبر المقبل خلال حفل تسليم جائزة العويس للثقافة    عاجل: تفاصيل محاولة اقتحام فرع بنكي بالمنستير دون سرقة أموال    على قريب: منحة شهرية جديدة ب 30 دينار لصغار العايلات الفقيرة.. !    باجة: رئيس اتحاد الفلاحة يدعو الى توفير الاسمدة مع تقدم عمليات تحضير الارض بنسبة 85 بالمائة    عاجل/ أردوغان يحذر إسرائيل..وهذا هو السبب..    إنفانتينو: الفيفا ستساعد غزة في استعادة البنية الأساسية لكرة القدم    أثار ضجة كبيرة: لاعب كرة قدم معروف مرشح في انتخابات الكامرون..ما القصة؟!    بهذه الكلمات: ترامب يتغزّل بميلوني    شركة إسبانية لصنع ملابس الأطفال تخطّط لإحداث وحدة إنتاج في تونس    عاجل: أكثر من 820 ألف تونسي استفادوا من قروض التمويل الصغير    مدنين: دعوة الى تمكين حجيج جربة من اجراء الفحص الطبي بالجزيرة    عاجل : حبيبة الزاهي بن رمضان: تونسية تدخل قائمة أفضل 2% من علماء العالم    رصاص فال''دهن'' المنزلي.. شنيا هو وكيفاش يمثل خطر؟    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تستعد لإطلاق المنصّة الرقمية لإصدار شهادات المنشأ    الكاف: يوم تنشيطي بدار الثقافة بالقصور بمناسبة الاحتفال بالذكرى 62 لعيد الجلاء    هل سيعود أداء الاقتصاد الأمريكي إلى التسارع؟    عاجل: غدا...الصيد البرّي ممنوع في أريانة وبنزرت    عاجل/ بشرى سارة بخصوص صابة زيت الزيتون لهذا العام..    قضية استعجالية لوقف الانتاج ببعض وحدات المجمع الكيميائي التونسي بقابس..#خبر_عاجل    هل عادت كورونا؟: الدكتور رياض دعفوس يكشف..#خبر_عاجل    بطولة اولبيا الايطالية للتنس: معز الشرقي يودع المنافسات منذ الدور الاول    فاجعة صادمة: طفلة التسع سنوات تنتحر وتترك رسالة مؤثرة..!    عاجل/ الكيان الصهيوني يخرق مجددا اتفاق وقف اطلاق النار..واستشهاد 3 فلسطينيين..    حركة "جيل زد" تدعو لاستئناف احتجاجاتها في المغرب    صحبي بكار: رئيس سابق للنادي الافريقي يقود عصابة تتامر في أحد مقاهي لافيات للاطاحة بمحسن الطرابلسي    وزارة التربية تصدر روزنامة المراقبة المستمرة للسنة الدراسية 2025-2026    رئيس مدغشقر: تعرضت لمحاولة اغتيال وأتواجد حاليا في مكان آمن    بنزرت.. في الذكرى 62 لعيد الجلاء .. خفايا معركة الجلاء محور لقاءات فكرية    مشاركة تونسية هامة ضمن فعاليات الدورة 46 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    مهرجان الرمان بتستور يعود في دورته التاسعة..وهذا هو التاريخ    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة سوريالية على الحدود المغربية - الجزائرية
نشر في الفجر نيوز يوم 28 - 03 - 2008

لن يحدث تغيير كبير مع استمرار إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب أو بمعاودة فتحها، فالعلاقات بين البلدين الجارين لم تكن طبيعية قبل اقفال المعابر البرية في صيف 1994. ولن تعرف تحسناً لافتاً في حال أصبح الوضع عادياً.
فقط يمكن الإذعان لرغبات سكان الشريط الحدودي المرتبطين ببعضهم بأواصر القرابة والعلاقات الاجتماعية، وإن كانت منافع الاقتصاد الحدودي تجلب الرخاء والتعايش، فقد انتبه الجزائريون، وفق تقارير رسمية، إلى أن فتح الحدود مع المغرب سيضمن تدفّق الرعايا وانعاش السياحة بفائض تجاري لفائدة المغرب، والحال أن رهان جيرانهم المغاربة على التصدي للتهريب والهجرة غير الشرعية توقف عند حاجز الاتجاه المحظور.
من قال إن العلاقات بين دول الجوار يضبطها ايقاع الربح التجاري خارج سقف المنافع المتبادلة عندما تنتفي الحواجز الجمركية ويتدفق الرأسمال البشري وتتفاعل الروابط الحضارية لتنتج علاقات ثقة متبادلة بين الشعوب تتجاوز قيود الخلافات السياسية. فالثابت أن قضايا الحدود التي كان يفترض أن يتمحور حولها التعاون الاقتصادي والتجاري ومجالات التنسيق السياسي بين البلدين الجارين، شكلت مركز الثقل في أزماتها المتواصلة، ولم تفلح معاهدة ترسيم الحدود وحسن الجوار المُبرَمة بينهما في سبعينات القرن الماضي في تجنب مضاعفات الخلافات السياسية، غير أن الانتصار للواقع الاقليمي والدولي لم يعد يقاس بتسجيل النقاط على الخصم، وإنما بالقدرة على التعايش ضمن تحولات العصر، وأقربها اختزال المسافات وإلغاء الحدود وعولمة المصالح، وكل الكلام عن أدبيات الروابط التاريخية والمصير المشترك يصبح بلا معنى حين يضطر مواطن جزائري أن يقطع آلاف الكيلومترات عبر الطائرة والرحلات البرية لإحياء صلة الرحم مع ذويه الذين تفصله عنهم بضعة أمتار عند الشريط الحدودي، والحال أن المواطن المغربي بدوره يجب أن يقطع المسافة ذاتها للوصول إلى أقرب نقطة بعد قرية العقيد لطفي المنسية عند الحدود.
تبدو الصورة سوريالية إلى حد بعيد، ويزيدها التباساً أن القادة المغاربيين يستسلمون إلى مشاعر توحي بوجود مؤسسة متلاشية تمكّن منها العطل السياسي اسمها الاتحاد المغاربي. مع أن كل توصياته وقراراته لا تنفع في اقناع شرطة الحدود أن الرعايا المغاربيين يتنقلون بحرية في فضاء غير موجود. والأدهى من ذلك ليس إلغاء أو فرض نظام التأشيرة، فالاجراءات الإدارية تصبح بلا طعم حين تكون الحدود مغلقة، أما أحلام قيام السوق المغاربية المشتركة والتكامل الاقتصادي وتوحيد القوانين التجارية والنظم التعليمية، فإنها تكون مزعجة عند الاستفاقة إلى واقع التجزئة والتشرذم والخلافات التي لا تنتهي.
كان إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب رد فعل يُفهم في توقيته على خلفية قرار فرض نظام التأشيرة على الرعايا المتحدرين من أصول جزائرية، بيد أن ردود الفعل ليست سياسية في حد ذاتها، وكان وارداً أن مجرد إلغاء نظام التأشيرة بين البلدين سيقود إلى معاودة فتح الحدود في ضوء انتفاء أسبابه لولا أن خاتم التأشيرة لم يتحول إلى شجرة تحاول اخفاء الغابة. ففي أقل تقدير كان في وسع قرار فتح الحدود أن يضمن سلاسة في بدء حوار حول قضايا أكثر تعقيداً. ودلت تجارب سابقة أن البلدين الجارين عاودا ربط علاقاتهما الديبلوماسية في ذروة اندلاع نزاع الصحراء، فالحوار لا يكون مع سريان مفعول القطيعة، ومهما كان حجم الخلافات المحتدمة، فإنه لا يبرر العودة إلى منطق القطيعة.
تأسس الاتحاد المغاربي بموازاة خط الانفراج في العلاقة بين الرباط والجزائر، وبالقدر نفسه انهار عند منزلقات الهوة السحيقة بين مواقف البلدين. ومن المفارقات أن الرؤى كانت تتباين عند تقاطع البناء المغاربي بين من يريده مغرباً عربياً للشعوب ومن يتوخاه مغرباً عربياً للمؤسسات. لكنها اليوم تلتقي عند تعثر ذلك البناء في مستوياته الشعبية والرسمية، غير أن تصادم الرؤى تدفع ثمنه شعوب تفرق بينها الحدود والحواجز، وليس في مصلحة المنطقة إضافة ركام جديد إلى مؤشرات عدم الثقة، فالخلافات السياسية مهما كانت طبيعتها يمكن حلها عبر الحوار، إلا أن الأخطر فيها أن تنسحب على العلاقات بين الشعوب وتحفر هوات عميقة على أخاديد التاريخ.
أن تفتح الحدود أو يسري مفعول اغلاقها على جيل جديد من المغاربة والجزائريين، ليس مشكلة طالما أن المنطقة دأبت على التعايش مع أزماتها، لكن اصعب ما يخشى أن يتحول اغلاق الحدود إلى قاعدة الاستثناء فيها تدفق الموارد البشرية والمادية من دون حواجز، فثمة تاريخ آخر يكتب بمداد الفرص الضائعة حان الوقت لتصحيحه بحبر الاخوة وحسن الجوار والتفاهم.
الحياة - 28/03/08


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.