وادي الاردن(الضفة الغربية):يأمل المزارع الفلسطيني ناصر اسماعيل في أن يمكنه التمر الذي يزرعه في وادي الاردن من الفوز بنصيب من سوق التصدير الاوروبية من جيرانه المستوطنين اليهود الذين يبيعون نفس المحصول بسعر أعلى.ويتحول الفلسطينيون بشكل متزايد الى زراعة النخيل بحثا عن سبل لكسب قوتهم من أراضي الضفة الغربية التي تزرعها عائلاتهم منذ أجيال. وفي الوقت الحالي يكافح الكثيرون من أجل البقاء. والى الغرب من النهر الذي يبلغ طوله 100 كيلومتر ويشكل الحدود مع الاردن من بحيرة طبرية حتى البحر الميت بات كثير من المحاصيل الفلسطينية مهجورا الان في منتصف الموسم لغياب المياه وهي المورد الذي تسيطر عليه اسرائيل بدرجة كبيرة منذ احتلالها للضفة في عام 1967. ويقول المزارعون ان ما يفاقم مشكلاتهم أن التصدير عبر الحدود التي تسيطر عليها اسرائيل معقد ويستغرق وقتا طويلا في افضل الاحوال ويكون مستحيلا في أسوأ الاحوال. وتخلى أغلبهم عن المحاولة. وفي قرية جفتلك التي تقع في وسط الوادي الذي تلفحه الشمس يفكر صغار الملاك في التخلي عن الارض تماما. الا أنه في نفس المنطقة وعلى أرض متاخمة للمزارع الفلسطينية بنى المستوطنون اليهود الذين ينعمون بموارد مائية أفضل مزارع يصفها رئيس بلديتهم بأنها "منجم ذهب". واستغلالا للطقس الفريد لادنى نقطة على سطح الارض - ما يصل الى 400 متر تحت سطح البحر - يزرعون المحاصيل في وقت ينتهي فيه الموسم في مناطق أخرى يساعدهم في ذلك درجات الحرارة التي عادة ما تكون أدفأ بعدة درجات من المناطق المحيطة. وأحد أكثر محاصيلهم المربحة تمر المدجول وهو مغربي الاصل وأحد أغلى أنواع التمر في العالم. واشترى اسماعيل أول نخيل تمر المدجول له من المستوطنين في 2002. وقال "انها نخلة قوية وغزيرة الانتاج." واضاف بينما كان أبناؤه الثمانية يشذبون ويربطون سعف شتلات نخيل صغيرة يزرعها لتوسيع مزرعته القريبة من أريحا "يمكن تبريد التمر وبيعه في أي موسم." ولحسن حظ الفلسطينيين يمكن للنخيل العيش على الموارد المائية المحدودة المتاحة لهم. ويلقون باللائمة على الابار الاسرائيلية العميقة في التأثير على كمية وجودة مواردهم المائية. وقال اسماعيل "لكن نخيل البلح يمكنه تحمل ذلك." وتوسعت زراعة النخيل الفلسطينية من 3000 نخلة في عام 2000 الى 50 ألفا حاليا. وقال ابراهيم دعيق رئيس اتحاد جمعيات المزارعين الفلسطينيين ان من المتوقع أن يزرع الفلسطينيون ما يصل الى 140 ألف نخلة جديدة هذا العام وحده. وقال "الزراعة جزء من المعركة بيننا وبين الاسرائيليين." ويبلغ عدد المستوطنين في وادي الاردن نحو 7000 من بين 500 ألف مستوطن انتقلوا الى الضفة الغربيةوالقدسالشرقية منذ استولت اسرائيل عليهما قبل نحو 43 عاما. ويزرعون من الارض أكثر مما يزرعه الفلسطينيون بما يترواح بين ثلاثة وأربعة أمثال ويستخدمون من المياه أكثر مما يستخدمه الفلسطينون بنحو عشر مرات وفق ما ذكره وزير الزراعة الفلسطيني. واتهمت منظمة العفو الدولية اسرائيل في تقرير العام الماضي بتقييد وصول الفلسطينيين الى المياه. وترفض اسرائيل التهمة وتقول انها قدمت أكثر من التزاماتها المتفق عليها بموجب اتفاقات السلام المؤقتة الموقعة في 1995 لتزويد الفلسطييين بالمياه. وقال تقرير للبنك الدولي العام الماضي ان تلك الحصص تقل عن احتياجات الفلسطينيين. وبموجب اتفاق سلام تحاول الولاياتالمتحدة التوسط لتحقيقه يريد الفلسطينيون خروج المستوطنين من الضفة الغربية. وينظر الى وادي الاردن بامكاناته الزراعية على أنه سيكون العمود الفقري للدولة الفلسطينية المستقبلية. لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي قال انه حتى بعد اقامة دولة فلسطينية فينبغي أن تحتفظ اسرائيل بوجود عسكري هناك مشيرا الى مخاوف استراتيجية. وقال ديفيد الهاييني رئيس المجلس الاقليمي الاسرائيلي ان المستوطنين اليهود انتقلوا الى المنطقة لان حكومتهم أبلغتهم بأن هذا ضروري للامن. واستوطن وادي الاردن في 1983. وترتبط اسرائيل حاليا باتفاقية سلام مع الاردن. وقال الهاييني "وادي الاردن قصة نجاح." وشرح كيف يسمح الطقس للمستوطنين بتصدير محصولهم من العنب الى اوروبا بعدما انتهى موسم الحصاد في تشيلي في حين لم يبدأ المزارعون في شمال افريقيا الحصاد بعد. وتستخدم مزارع المستوطنين التي يعمل بها نحو 5000 فلسطيني المياه التي يتم ضخها من ابار بالضفة الغربية الى جانب مياه تنقل في أنابيب من اسرائيل. وقال الهاييني في مقابلة بمستوطنة مسوا في وادي الاردن انه اذا توفر مزيد من المياه فيمكنهم زراعة مساحة أكبر من الارض. والتمر والاعشاب هما أكثر محاصيلهم ربحية. وقدر الهاييني أن التمر الذي تنتجه المستوطنات يشكل 60 في المئة مما تصدره اسرائيل من التمور. وامتنعت وزارة الزراعة الاسرائيلية على الرد على أسئلة بشأن انتاج المستوطنين. وتقول منظمة الاممالمتحدة للاغذية والزراعة ان اسرائيل جاءت في المرتبة التاسعة من حيث القيمة الاجمالية لصادرات التمر في 2007. والتمور الاسرائيلية من بين الاغلى ثمنا في العالم. وقدر الحاييني القيمة الاجمالية السنوية لصادرات المستوطنات من التمر بما يصل الى 150 مليون دولار والقيمة الاجمالية لانتاج مستوطنات الوادي بمئات الملايين من الدولارات. ويقول مسؤولون فلسطينيون ان الفلسطينيين يصدرون حاليا ما تصل قيمته الى خمسة ملايين دولار فقط من الانتاج من وادي الاردن. ويأتي انتاج المستوطنات في قلب الجدل لاسيما في أوروبا لان القانون الدولي يعتبر المستوطنات التي بنيت على أرض محتلة غير قانونية. ومن بين أحدث الاجراءات التي تستهدف انتاج المستوطنات أوصت بريطانيا في ديسمبر كانون الاول بأن تتضمن ورقة المواصفات التي توضع على المنتج بوضوح ما اذا كان من انتاج المستوطنات. ومنع الفلسطينيون دخول منتجات المستوطنات أسواقهم. ووصف وزير الزراعة الفلسطيني اسماعيل دعيق وادي الاردن بأنه صوبة زراعية كبيرة واحدة وقال ان لديه خطة لتوفير الاف فرص العمل الجديدة للفلسطينيين في القطاع الزراعي من خلال استخدام وسائل جديدة لتحقيق افضل استفادة من المياه المتاحة واستغلال خبرة العمال الفلسطينيين التي اكتسبوها من المستوطنين. وقال ان الخطة تركز على المحاصيل الزراعية التي يشتريها الفلسطينيون من المستوطنات. وأضاف أنهم يفكرون في التصدير عبر الاردن الى الدول العربية وأوروبا وتركيا. من توم بيري (شارك في التغطية جوزيف نصر في القدس)