القيروان: الأستاذ الذي تعرّض للاعتداء من طرف تلميذه لم يصب بأضرار والأخير في الايقاف    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    قيس سعيد يعين مديرتين جديدتين لمعهد باستور وديوان المياه المعدنية    هيئة تنظيم الزيارة السنوية لمعبد الغريبة: الطقوس الدينية ستكون داخل المعبد فقط    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح معرض الكتاب    النظر في الإجراءات العاجلة والفورية لتأمين جسر بنزرت محور جلسة بوزارة النقل    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى أكثر من 34 ألفا    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    الترجي الرياضي: يجب التصدي للمندسين والمخربين في مواجهة صن داونز    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    عاجل/ مفتّش عنه يختطف طفلة من أمام روضة بهذه الجهة    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    وزارة التربية تقرر إرجاع المبالغ المقتطعة من أجور أساتذة على خلفية هذا الاحتجاج ّ    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    عاجل: زلزال يضرب تركيا    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    وزارة الفلاحة: رغم تسجيل عجز مائي.. وضعية السدود أفضل من العام الفارط    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 19 افريل 2024    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقيب المحامين العراقيين ضياء السعدي:كل العراقيين أصبحواعلي قائمة القتل والتصفيات
نشر في الفجر نيوز يوم 29 - 03 - 2008

وضعنا بيانا انتخابيا أشرنا فيه إلي ضرورة انتهاء الاحتلال في العراق فأقصونا من رئاسة نقابة المحامين
المطلوب من القمة العربية الوقوف إلي جانب الشعب العراقي لمصلحة كل الدول العربية
تونس : إشراف بن مراد: في كلمة له في ولاية فرجينيا بمناسبة الذكري السنوية الخامسة لغزو العراق، قال الرئيس الأمريكي جورج بوش إنّ إطاحة الأمريكيين بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ساعدت علي إنقاذ الملايين من العراقيين الذين كانوا يعيشون حالة من الرعب لا يمكن وصفها، علي حّد قوله.
لا نعرف حقا عن أي إنقاذ يتحدث الرئيس الأمريكي وعدد ضحايا العنف في العراق تجاوز المليون من الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث.. هذا إضافة إلي أعداد المهجرين والنازحين والمتشردين.أما من اختار البقاء في بيته فقد حرم من أبسط شروط العيش الكريم ليعيش مهدّدا من تصفية قد تطاله من هنا أو هناك.
أمن يركب دبابة مدمرة،يتكلم بلسان ديمقراطية عرجاء ،لونه لون الدم أنيابه مكشرة وأظافره مغروسة في أعناق الأبرياء، أنفه لا يشتم إلاّ رائحة الذهب الأسود لبلاد حمورابي قدماه بين دجلة والفرات ويداه تربتان علي الابنة المدللة "إسرائيل".. هكذا هو الأمن الذي أهدته القوات الأمريكية والبريطانية إلي العراق.
عن الأوضاع في بلاد الرافدين طيلة السنوات الخمس الماضية ،كان هذا الحوار مع نقيب المحامين العراقيين الأستاذ ضياء السعدي:
تداولت وسائل الإعلام خبر إقالتكم في إطار ما يعرف بسياسة اجتثاث البعث،رغم أنّكم فزتم بأغلبية ساحقة (ب1615صوتاً). ما تعليقكم؟
إنّ مسألة الإقصاء من منصب نقيب المحامين رغم فوزي بأغلبية الأصوات ورغم أنّ الانتخابات قد جرت بصورة ديمقراطية وتحت إشراف لجان قضائية مختصة يعبّر بالتأكيد عن عدم الإيمان بالديمقراطية وبدور النقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني ويعبّر أيضا وبصورة قاطعة عن عدم احترام إرادة المحامين العراقيين وباختيار من يمثلهم في قيادة النقابة. وهذا التوجّه يؤدي إلي عدم الاطمئنان علي مستقبل العراق في مجال الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.وهو ما يتعارض مع إرادة المحامين العراقيين ويتعارض أيضا مع قانون المحاماة العراقي ومع القوانين الدولية التي أكدت ضرورة احترام إرادة المحامين.
وقد أثار هذا القرار ردود فعل واسعة لدي اتحاد المحامين العرب حيث قرّر عدم الاعتراف بالنقابة التي تفرضها قيادة الاحتلال .كما أدي هذا القرار إلي استهجان اتحاد المحامين الدولي ولجنة حقوق الإنسان التي اجتمعت في الشهر السادس من العام الماضي وقررت أنّ إقصاء المحامين المستقلين عن نقابة المحامين يؤكد أنّ هذا النهج معاد للديمقراطية.وقدتمّ إدانة هذا التصرف الذي يعبّر عن تدخل حكومي في شؤون نقابة المحامين والتي هي بطبيعتها منظمة مهنية مستقلة.
حقيقة، إنّ السبب الذي يكمن وراء إقصائي من النقابة إضافة إلي اثنين من الزملاء الفائزين في الانتخابات الحرّة والنزيهة والعادلة، أنّنا قد وضعنا بيانا انتخابيا أشرنا فيه إلي ضرورة انتهاء الاحتلال في العراق وتعزيز الوحدة الوطنية وبناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية وضرورة رعاية حقوق الإنسان وتكريس مبدأ فصل السلطات والقضاء المستقّل وهي التوجهات التي تعبر عن المطالبات الوطنية العامة لشعب العراق لكنها رفضت من قبل الاحتلال الأمريكي والحكومة المنصّبة من طرفه ممّا أدي إلي فرض نقيب الفارق بيني وبينه حوالي ألف صوت،وهذا يؤكد بشاعة الادعاء بأنّ الأمريكان يريدون أن يبنوا ديمقراطية في العراق بدلا من النظام الديكتاتوري الذي يدعون أنّه السبب المباشر في التدخل العسكري وإسقاط دولة العراق.
العراق بعد خمس سنوات من الاحتلال الأمريكي. كيف ترونه اليوم؟
لم تخط العملية السياسية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق خطوة واحدة تجاه بناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية لذلك فشلت. إذ لا تزال الطبقة الحاكمة معزولة عن الشعب تعيش في المنطقة الخضراء مّما أدي إلي بناء غير صحيح لمؤسسات الدولة قائم علي أساس الخيارات الطائفية والعنصرية بعيدا عن الولاءات الوطنية. وهناك جملة من المؤشرات من خلال القوانين التي أصدرها بريمر ومن بعده المؤسسات الحكومية العراقية تؤكد استمرار هذا النهج الذي بدأ بقانون إدارة الدولة إلي المرحلة الانتقالية الذي أسّس بدوره إلي التقسيم الطائفي والاثني للمجتمع العراقي.
إنّ المشهد العراقي اليومي يؤكد أنّ هناك العديد من الاعتقالات والحجز والتوقيف الكيفي البعيد عن سلطة القضاء إضافة إلي الظهور اليومي والمرعب للجثث مجهولة الهوية.. القضاء في العراق اليوم لا دور له والمحاكم شبه معطلة كما أنّ المحاماة عاجزة عن أداء دورها في تحقيق العدالة وسيادة القانون نظرا لعدم استطاعة المحامي من الوصول إلي مراكز الاعتقال الأمريكية والأجهزة الأمنية والاطلاع علي أسباب الاعتقال.
المشهد، إذن، مرعب ترتب عليه هجرة 6 ملايين عراقي. ليقدر عدد النازحين ضمن المدينة الواحدة بحدود المليونين وهناك معسكرات يقيم فيها هؤلاء النازحين لا تتوفر فيها أي شرط من شروط العيش الكريم وهناك تقسيم للمدينة الواحدة علي أساس طائفي إضافة إلي هجرة قصرية خارج العراق حيث يوجد العراقيون في سوريا والأردن ومصر وبعض الدول العربية دون ضمانات كافية وحياة لائقة وهم يعيشون حالات تتنافي مع أبسط شروط الكرامة.
في الوقت الذي تتغافل فيه الحكومة العراقية عن هذه المسألة المرتبطة في جوهرها بحالة الأمن في العراق. فكل العراقيين أصبحوا علي قائمة القتل والموت والتهديد بالقتل والتصفيات السياسية أو الطائفية.. الأمر الذي اقتضي منهم هجرة العراق مقابل تقاعس الحكومة العراقية والمنظمات الدولية والإنسانية ذات الشأن بمسألة اللاجئين بتقديم مستلزمات الحياة الكريمة في ما يتعلق بالصحة والغذاء والمسكن وفي الوقت الذي نلاحظ فيه حصارا عربيا جديدا علي العراق بحيث لا يستطيع العراقيون اليوم الدخول إلي أغلب الدول العربية وكأن هناك قرارا آخر بالحصار ولكنه عربي يفرض علي العراقيين الهاربين من جحيم الموت والملاحقات والقتل والاغتيال التي ترتكب من قبل الأجهزة الأمنية أو من قبل القوات الأمريكية ومنظمات الجريمة التي تسعي إلي أخذ الفدية مقابل إطلاق سراحهم.
في الحقيقة، الوضع السائد في العراق لا يعبّر عن توجه بتحقيق حالة معينة من الاستقرار والأمن وهذا يعود بالدرجة الأولي إلي الآلية التي تعتمدها السياسة الأمريكية في العراق والهادفة إلي خلق حالة من الفوضي تمهيدا لتجزئة العراق وتقسيمه والسيطرة علي الثروة النفطية علي حساب المواطن العراقي واضطهاده حيث لا خدمات ولا صحة ولا تعليم.
العراق اليوم يعيش أوضاعا مضطربة من بين علاماته هذا الظهور المرعب للجثث مجهولة الهوية وهي مسألة مخيفة وغير مألوفة لا في العراق ولا في كثير من المجتمعات الإنسانية مع غياب أدني تحرك من أجل كشف هؤلاء الفاعلين ومقاضاتهم للمحاكم علي الرغم من كونها جرائم ضدّ الإنسانية وهي لا تسقط بالتقادم ولا تقبل العفو وسوف يأتي اليوم الذي تتم محاسبة هؤلاء الجناة سواء كانوا أمريكيين أو عراقيين.
إلي أي مدي يرتبط مصير العراق بالرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية؟
إنّ المراهنة علي تغيير الرئاسة الأمريكية هي مراهنة خاسرة لأنّ السياسة الأمريكية تعتمد علي مشروع الشرق الأوسط الكبير وهذا المشروع بدأ في العراق والآن هو محبط. ذلك أنّ العملية السياسية التي تقودها الحكومة العراقية المنصبة من قبل الاحتلال غير مؤهلة ولم تستطع أن تحقق أي حالة من حالات الاستقرار والأمن .و إنما أصبحت أداة من أدوات المخطط الأمريكي الذي يسعي إلي إقامة مشروع الشرق الأوسط الكبير بدءا من العراق والذي وعد شعب العراق بالديمقراطية وحقوق الإنسان.. إنّ هذه المفردات العظيمة التي يناضل الجميع من أجلها لم تحققها السياسة الأمريكية بل إنّها قد فتحت المجتمع العراقي جميعا أمام الموت" الجميع يقتل الجميع" من خلال إثارة الطائفية وعدم بناء أجهزة أمنية تتمتع بالولاء الوطني وبمستوي كاف من المهنية لتحقيق الاستقرار والأمن بل بالعكس هي تمارس القتل وتتبع سياسات من شأنها زعزعة المجتمع وتخويفه وإحباطه.
وأنتم المختصون في القانون، كيف ترون موقف القانون الدولي من دخول القوات الأمريكية إلي العراق الذي كان بتعلة نشر الديمقراطية وإسقاط نظام صدام حسين، لكنّه في الواقع احتلال في عهد خلنا فيه أن الحركات الاستعمارية قد انتهت؟
بالتأكيد إنّ غزو القوات الأمريكية والبريطانية للعراق هو عمل يخالف ميثاق الأمم المتحدة وعندما جاؤوا إلي العراق قالوا إنّ النظام العراقي له علاقة بتنظيم القاعدة وبالمنظمات الإرهابية وإنّه يمتلك أسلحة الدمار الشامل. لكنّه في الحقيقة له أهداف محددة هي أولا السيطرة علي الثروة النفطية وثانيا تكريس وجود إسرائيل وإعطائها دورا أكبر في ترتيبات هذه المنطقة الإقليمية.. فشيء طبيعي أنّ تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية علي آليات خلال الخمس سنوات الماضية ومنها تكريس عملية سياسية فاشلة وغير مؤهلة لم تستطع أن تحقق أي حالة تقدم.
لقد طلبت الحكومة الانتقالية العراقية من وزير الخارجية الأمريكية تمديد بقاء القوات الأمريكية ويتبيّن أنّ هذا الطلب غير مشروع لأنّ الحكومة نصبت من قبل الاحتلال وبالتالي ليس لديها الحق في أن تطالب بتمديد بقاء القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية.. وتمّ طلب الأمر من مجلس الأمن استبدلت تسميتها من القوات الأمريكية إلي القوات متعددة الجنسيات بموجب القرار رقم 1511 في سنة 2003. وهو ما يؤكد أنّ هذا التكييف تمّ علي أساس الرسالة الموجهة من الرئيس العراقي إلي وزير الخارجية الأمريكية. وبموجبها اعتبرت هذا الطلب نوعا من المعاهدة والتعاقد بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الذي تعتبر فيه هذه المعاهدة باطلة استنادا إلي اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات سنة 1969وإلي المادة 52 و53 من هذه الاتفاقية.
ذلك أن المادة 52 من هذه المعاهدة قد نصت علي أنّ المعاهدات تعتبر لاغية إذا تمّ عقدها نتيجة للتهديد بالقوة أو في ظلّ الاستعمار لأنّ ذلك يشكل خرقا لمبادئ القانون الدولي الواردة في ميثاق الأمم المتحدة.وهو ما يؤكد انطباق هذا الوصف علي الولايات المتحدة الأمريكية إذ دخلت إلي العراق بقوة دون قرار صادر من مجلس الأمن واحتلته ونصبت حكومة وهذه الحكومة هي بدورها طلبت تمديد بقاء هذه القوات المحتلة.
من جهة أخري، إنّ ما تقدمت به الحكومة العراقية يعارض المادة 53 من الاتفاقية المذكورة التي اعتبرت أنّ المعاهدات لاغية إذا كانت وقت عقدها تتعارض مع قاعدة من قواعد القانون الدولي. ومن أبرز هذه القواعد عدم إجازة التدخل العسكري في شؤون الدول الأخري في حين أنّه قد تم إسقاط دولة العراق ذات السيادة والاستقلال علي الرغم من أنّها عضو مؤسس لمنظمة الأمم المتحدة وللكثير من المنظمات الدولية.
ما يحصل للعراق اليوم احتلال ولكن هناك آليات أمريكية تعتمد من أجل إعطاء صورة أخري لغير الاحتلال العسكري مستفيدة من كونها تمثل قطبا أحاديا وهيمنتها وسيطرتها علي القرار الدولي. وبالتالي فإنّ النظر إلي مشروعية الشراكة الأمنية العراقية الأمريكية تعتبر باطلة حسب أحكام هذه الاتفاقية الدولية لأنّ هذه المعاهدات تّم عقدها في ظلّ وجود قوات الاحتلال العسكري للعراق خلافا للفقرة 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة وأنّ هذه الاتفاقية هي وليد غير شرعي للاحتلال العسكري سيؤدي إلي انتهاك المواثيق الدولية وبعيدا عن إرادة الشعب العراقي الحرة الرافضة للاحتلال والمقاومة لمشاريعه.
من هذا المنطلق، إنّ هذه المعاهدة بين العراق والولايات المتحدة حسب قراري مجلس الأمن 1511 لسنة 2003 و1637 سنة 2005 تعتبر معاهدة باطلة لا قيمة قانونية دولية لها لمخالفتها لاشتراطات اتفاقية فيينا لقانون المحاماة. وإنّ إصدار هذه القرارات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة هو للحفاظ علي الاحتلال واستمراره وإضفاء الطابع الإلزامي ولذلك نحن أمام نظام هيمنة استعمارية جديدة غير مألوفة في القانون الدولي كما عرفنا بعد الحرب العالمية من وجود نظام الحماية والانتداب والوصاية.
نحن فعلا أمام نظام استعماري جديد وتأسيسا علي ذلك فإنّ المباحثات الجارية الآن والتي بدأت ومن المقرر أن تنتهي في الشهر السابع من هذا العام بين الحكومة العراقية وبين قوات الاحتلال الأمريكية استنادا إلي الاتفاق المبدئي غير الملزم وما يؤسس عليها من معاهدات وعقود يعد باطلا.
اليوم الإدارة الأمريكية أصدرت تقريرا تقول فيه إنّه لا علاقة بين تنظيم القاعدة ونظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ما تعليقكم؟
بالتأكيد إنّ الإدارة الأمريكية قد ادّعت أنّ الحرب علي العراق واحتلاله عسكريا وإذلاله والدوس علي كرامته في الوقت الذي تخلصت الشعوب من السيطرة الاستعمارية لأنّ له علاقة بتنظيم القاعدة وبمنظمات إرهابية. لكن في الحقيقة هي تعرف جيدا أنّ لا علاقة له بذلك والقصد هو الهيمنة علي النفط العراقي بدليل أنّ آليات السياسة الاستعمارية التي اعتمدتها الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال مشاريع قوانين عديدة ومنها مشروع قانون النفط والغاز يؤكد أنّ سبب الاحتلال هو السيطرة علي النفط وتدعيم وجود إسرائيل ومشاريعها الاستيطانية.
وبالتالي من حق الشعب العراقي المطالبة بالتعويض أمام محاكم دولية لأنّّ أساس الحرب كان خارج قرارات مجلس الأمن وثانيا ادعاؤها أنّ العراق له علاقة بمنظمات إرهابية تبين أنّ لا أساس له من الصحة وهذا يتضح من خلال العديد من التصريحات لمسؤولين بارزين في الإدارة الأمريكية.
لقد طالبت نقابة المحامين العراقيين بوضع المتاحف العراقية تحت الحماية الدولية. كيف ترون مجهودات الحكومة العراقية في هذا المجال؟
إنّ الاحتلال العسكري الأمريكي هو بطبيعته عدواني أي أنّه لم يقتصر علي النيل من الدولة ومؤسساتها وخرق استقلال العراق وسيادته فقط بل إنّه قد تجاوز إسقاط الدولة العراقية ومصادرة استقلالها. إذ لم تستطع القوات الأمريكية علي الإطلاق من حماية المواقع الأثرية المنتشرة علي امتداد الخريطة العراقية كما أنّها لم تحم متحف بغداد. علي الرغم من أنّها ملزمة بموجب اتفاقيات جنيف وبموجب قواعد القانون الدولي وبالخصوص المادة 27 من اتفاقية لاهاي لسنة 1907 واتفاقية لاهاي لسنة 1945 وبموجب البروتوكولين الأول والثاني لسنة 1977 بالحفاظ علي التراث الحضاري الثقافي الإنساني لشعب العراق المتمثل في الحضارات المتعددة (الحضارة الأشورية والبابلية والأكادية والسومرية).
لقد رافقت العملية العسكرية وجود مجموعات تنتمي إلي عصابات مسلحة استطاعت ومنذ الأيام الأولي لدخول القوات العسكرية الأمريكية إلي العراق أن تتسلل إلي متحف بغداد وأن تسرق كل معروضاته.
ومن ثمة، نستطيع أن نقول إنّ هناك محاولة ليس بعيدا عنها إسرائيل بما حلّ بالآثار العراقية القديمة وذات الأصول المباشرة تحدوها في ذلك خلفية استبدالها للموروث الحضاري العراقي بالمروروث التوراتي العنصري وترسيخها للمشاريع التوسعية العدوانية علي الأرض العربية وشواخصها التاريخية والحضارية والثقافية.
واستنادا إلي إحصاءات عراقية ومنظمات دولية ذات علاقة بالمحافظة علي الموروث الإنساني هناك مئات الآلاف من القطع التي يفوق عمرها أكثر من 2600سنة وهي قطع أثرية تمّ تهريبها إلي خارج العراق إلي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية والأردن ومصر والكويت وإسرائيل ونحن نطالب بعودة هذه الآثار إلي العراق في الوقت الذي نري أنّ منظمة اليونسكو وهي منظمة دولية لم تقم بالإجراءات اللازمة بغرض وضع منهج لاستعادة هذه الآثار رغم الإشارة إلي ذلك في المبادئ المعلنة بين حكومة المالكي والرئيس الأمريكي جورج بوش بالعمل علي إعادة الآثار وبالتالي نحن نطالب المنظمات القانونية والحقوقية الدولية وخاصة اتحاد المحامين العرب بالاستجابة إلي دعوة نقابة المحامين العراقيين لعقد مؤتمر قانوني دولي يبحث في الوسائل الكفيلة من أجل إعادة الآثار العراقية وأيضا بمساءلة مرتكبي جرائم السرقة لهذه الآثار كما حدث عندما اجتاحت ألمانيا النازية أوروبا حيث سرق عدد من الضباط والعسكريين بعض الآثار إلاّ أنّه تمّ تشكيل محاكم دولية لمحاكمتهم بما يكفل إنزال العقوبة العادلة وإرجاع الآثار..لكن هذا لم يحدث في العراق وكأنّ المقصود إنهاء تاريخية العراق ومصادرة آثاره واستبداله بالموروث الصهيوني التوراتي التلمودي.
وبناء عليه، نطالب اتحاد الآثاريين العرب أن يأخذ موقفا من شأنه أن يعضد الجهد الدولي والجهد القانوني وحقوق العراقي علي الأقل علي الجانب القانوني والبحث عن سبيل لكيفية استعادة هذه الآثار التي تم الاستحواذ عليها والآن تتداول في أسواق عالمية ما بين هواة جمع الآثار القديمة.. ما حدث حقا يعتبر عدوانا علي حضارة إنسانية عريقة ولذلك يجب علي المجتمع الدولي أن يدافع عن إرجاع هذه المسروقات إلي وطنها الأم.
ونحن نستشرف القمة العربية في دمشق، كيف تنظرون إلي الملف العراقي والموقف العربي منه أمام هيمنة الأزمة اللبنانية علي اهتمام السياسيين العرب؟
لا يمكن أن ننكر أنّ سوريا مستهدفة بسبب النهج القومي المعادي للمخطط الأمريكي الصهيوني في المنطقة العربية.فهي دولة ممانعة بارزة تحاول أن تحبط هذه المخططات الموضوعة في المنطقة سواء كانت في لبنان أو في العراق أو في أي دولة أخري تستهدفها السياسة الأمريكية.
المطلوب من القمة العربية أن تضع في اعتبارها أنّ العراق كان هدفا لسياسة الشرق الأوسط الكبير وهي سياسة بدأت من العراق وسوف تنتهي باستهداف النظام العربي ككل. وبالتالي لا بدّ من الوقوف إلي جانب الشعب العراقي والمقاومة المناهضة للاحتلال وذلك لمصلحة الأمة العربية جميعا لأنّ بنجاح المقاومة العراقية سيفشل هذا المخطط.إذ يجب الانتباه إلي أنّه حتي الأنظمة العربية الموالية للسياسات الأمريكية تعد مقصودة بمشروع الشرق الأوسط الكبير،هذا المخطط الصهيوني الأمريكي الذي يستهدف النظام العربي.
ومن ثمّة،فإنّ المطلوب هو أن نؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية وأن لا ننفرد بالسلطة حتي نتمكن من مواجهة المخطط الصهيوني الأمريكي والصمود أمامه.
هل هناك مخاوف من حدوث حرب أهلية في العراق خاصة وأنّ هناك من يتوقع ذلك أمام ما يحدث من نزاعات بين مختلف أطياف العراق؟
لقد سعت السياسة الأمريكية إلي إشعال حرب طائفية في العراق سواء كانت علي أساس طائفي أو اثني أو قومي. نستطيع القول بعد مرور 5 سنوات من السعي الحثيث لإشعال نيران هذه الحرب أنها فشلت. فليس هناك طائفية في العراق، فكل العراقيين يجمعهم مشترك وطني عام هو إنهاء الاحتلال ووجوده وما نشهده في حقيقة الأمر هي قيادات دينية طائفية سواء كانت سنية أو شيعية تتصارع في ما بينها .فضلا عن تعدد مصادر العنف التي قد تكون وراءها الولايات المتحدة الأمريكية لغرض التشويش علي المقاومة.
إنّهم يريدون أن يقولون لنا إنّ المقاومة هي إرهاب وعنف لكنا نقول إنّ المقاومة حق مكفول يمارسه شعب العراق ضدّ الاحتلال. في الحقيقة ،المقاومة تمارس علي امتداد الشعب العراقي بمختلف أطيافه وليست مقتصرة علي السنة فحسب.
لقد فشلت الطائفية في العراق لكن للأسف المخطط الأمريكي يسعي إلي تكريسها بدءا من قانون إدارة الدولة في المرحلة الانتقالية وذلك ببناء الدولة علي أساس الانتماء الطائفي بعيدا عن الولاء الوطني والخبرات المهنية قصد زيادة التوجه الطائفي. وأعتقد أنّه قد فشل بالكامل لأنّ الشعب العراقي ليس طائفيا ولا يعرف الطائفية .وإذا كان البعض يقول إنّ النظام السابق كان طائفيا فهذا لا يعني أن نرد بصورة طائفية ونصبح دون أن ندري جزءا من المخطط الأمريكي الصهيوني الداعي إلي تقسيم العراق علي أساس دويلات طائفية صغيرة تتصارع في ما بينها بما يمكّن الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة علي النفط من خلال سنّ قوانين من شأنها أن تكرس الانقسام علي أساس طائفي.
لو نتحدث عن الدور الإيراني في العراق، كيف ترون العلاقة بين إيران والولايات المتحدة بخصوص ما يجري اليوم علي الساحة العراقية؟
من الواضح أنّ إيران تدعم سوريا كما تدعم المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية لكن الذي نلاحظه أن دورها في العراق يجب أن لا ينطلق من موقف طائفي في التعامل مع الشعب العراقي باعتبارها قوة إقليمية تريد الهيمنة علي العراق.
نحن ننتظر أن يدعم الموقف الإيراني الحركة الوطنية المناهضة للاحتلال بشقيها العسكري والسياسي إذا كانت إيران تريد حقا أن تواصل نهجها السياسي المعادي للمخططات الأمريكية الصهيونية في المنطقة. فليس صحيحا أن تلجأ السياسة الإيرانية إلي مفاوضات مع الولايات المتحدة خلافا لمصلحة الشعب العراقي.

الراية الأسبوعية
السبت29/3/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.