وزير الاقتصاد: تعدد مؤشرات التعافي التدريجي للاقتصاد يقتضي تسريع نسق تنفيذ المشاريع في الجهات    وزير الاقتصاد "ننشر كل الارقام سواء كانت ايجابية او سلبية و سنضع قانونا جديدا للاحصاء قريبا"    مقتل صانعة المحتوى الليبية خنساء مجاهد رميا بالرصاص في طرابلس    القارة الإفريقية تسجل أكثر من 200 وباء سنويا    قريصيعة يؤكد ضرورة اكتمال تركيبتي مجلسي القضاء العدلي والمالي حتى يقوم مجلس الأعلى المؤقت للقضاء بدوره    أوّل لقاء بين ترامب وممداني في البيت الأبيض    رابطة البريميرليغ تحدد 22 أوت موعدا لانطلاق الموسم المقبل    الشروع في مناقشة مشروع ميزانية المهمة الخاصة بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء    عاجل: مهرجان القاهرة السنيمائي: النجمة عفاف بن محمود تفوز بجائزة أحسن ممثلة    توقيع ثلاث اتفاقيات جديدة بين تونس والصين في المجال الصحي: التفاصيل    وزير الاقتصاد: الوضع الاقتصادي في تونس يعد جيدا    عاجل/ فاجعة تهز هذه المنطقة..وفاة الأب ونجاة الرضيع..    الزيت التونسي الشبح في أوروبا ..ما حكايته ومن المستفيد من سلة الاتهامات ؟    عيد ميلاد 'جارة القمر' فيروز: 91 عاما من الموسيقى الخالدة    البرتقال... فاكهة المناعة القوية: متى وكيف نتناولها؟    أيام قرطاج المسرحية: افتتاح بطعم العمالقة    حوار الأسبوع: الفنانة فادية خلف الله ل «الشروق» ...إتبعت الطريق الأصعب    حكاية أغنية: قصيدة «لا تكذبي» .. ألّفها كامل الشناوي بعد أن تجاهلته نجاة الصغيرة    مع ... انزعوا سلاح المجرمين في السودان !    انعقاد الدورة 29 للجنة الإفريقية للإحصائيات الزراعية المنضوية تحت منظمة "فاو" من 24 إلى 28 نوفمبر 2025 بالحمّامات    رئيس الجمهورية يتسلم أوراق اعتماد سفراء أجانب جدد بتونس    ماهر الكنزاري: "الانتصار في افتتاح دور المجموعات سيمثل دافعا مهما في بقية المشوار"    خبر سار لعشاق القهوة و السبب ترامب ؟    عاجل: عمان تنتدب كفاءات توانسة ! شوف الاختصاصات    السرس تحتفي بزيت الزيتون    عاجل : فرنسا تقلّص عدد موظفيها الدبلوماسيين في مالي...شنوا صاير ؟    تحذير عاجل لمستخدمي "واتس آب".. ثغرة خطيرة تهدد مليارات الحسابات    وزيرة الصناعة: صادرات تونس من منتجات النسيج ستتجاوز 7.5 مليون دينار    مرّة في الأسبوع: انشر ''المخادد' للشمس...    اتفاقية تمويل بقيمة 1333 مليون دينار لفائدة الستاغ..#خبر_عاجل    عاجل/ تراجع الثروة السمكية بنسبة 60% في هذه الولاية..    رسميّا: أربع قنوات تعلن نقل منافسات كأس العرب 2025.. الموعد والمكان والمجموعات    عاجل/ العثور على جثة امرأة بهذه الجهة..    ماكرون يعبر عن استعداده لحوار جاد وهادئ مع تبون    المنتخب الوطني: قائمة المدعوين لخوض منافسات كأس العرب "قطر 2025"    تدعو الى تعزيز التشريعات الوطنية لحماية الطفل    الويكاند : شوف برنامج مباريات الجولة 15 للرابطة المحترفة الأولى    اليوم وغدا: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق    شكون فاطمة بوش الفائزة بلقب ملكة جمال الكون 2025؟    قليبية: العثور على جثة مفقود داخل بئر في ضيعة فلاحية    عدنان الشواشي يكشف تفاصيل "البدعة التلفزية" ما بعد الثورة... ويثير موجة تضامن واسعة    قبلي: نزول كميات هامة من الامطار على عدد من مناطق الولاية واستبشار الفلاحين بها    وزير الشباب والرياضة يجتمع برؤساء وممثلي أندية الرابطة الثانية لكرة القدم    رغم فوائده الصحية.. 6 مخاطر محتملة للشاي الأخضر..    رابطة أبطال إفريقيا : تراكم الإصابات لا تثني الترجي عن البحث عن انطلاقة قوية أمام الملعب المالي    عاجل: المخدّرات وراء حرق 5 سيّارات بجبل الجلود    مواعيد التأشيرات والرحلات للحجّاج التونسيين    10 سنوات سجنا لشاب نفّذ براكاج ضدّ سائق تاكسي في المروج    زلزال يهز هذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..خبر_عاجل    الترجي الرياضي يعلن..#خبر_عاجل    في مناقشة مشروع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية: انتقادات لضعف أداء القطاع الثقافي وتأخر البرامج والمشاريع    خطبة الجمعة: الإحسان إلى ذوي القربى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الضريبة في الإسلام رافد هام من روافد التنمية    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    ضوء خفي يهدد قلبك.. دراسة تكشف خطرا أثناء النوم..!    الدكتور ذاكر لهيذب: ''ملعقة زيت الزيتون... درعك الأوّل ضد الجلطات''    لماذا سمي جمادى الثاني؟ أصل التسمية والأحداث التاريخية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تمتدح الديكتاتورية بعضها البعض
نشر في الفجر نيوز يوم 13 - 06 - 2010


تونس.. كما رأيتها وليس كما قالوا
دينغ قانغ صحافي في :مجلة الصين اليوم
تونس، التي تصفها بعض وسائل الإعلام الغربية بأنها أكثر دولة "ديكتاتورية" في منطقتها، وجدتها الدولة الأكثر استقرارا والأسرع تنمية في منطقتها، بل أكثرها انفتاحا وحرية حتى بالمعايير الغربية.
في يوم مغادرتي تونس، وصلني من أحد أصدقائي خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون حول حرية الإنترنت. في حديثها عن الزيادة السريعة للتهديدات التي تواجها الحرية المعلوماتية، جاءت تونس بعد الصين مباشرة في قائمة الدول التي تواجه فيها حرية تداول المعلومات تهديدات خطيرة.
قبل رحلتي إلى أفريقيا كانت واقعة جوجل والصين مشتعلة، وكنت متيقنا بأن وزيرة الخارجية الأمريكية ستأتي على ذكر الصين، ولكن ما لم أتوقعه هو أن تونس ستكون ضمن قائمتها.
تونس هي أول دولة أفريقية زرتها في حياتي كصحافي. بقيت فيها أربعة أيام، في رحلة خاطفة، وكنت كما يقول الصينيون "أنظر إلى الزهور من على صهوة جوادي". ما رأيته وما سمعته جعلني أغير آرائي السابقة حول أفريقيا.
مدينة سيدي بو سعيد المشهورة باسم المدينة الزرقاء في تونس (تصوير: دينغ قانغ)
إن تونس، في تقديري، تعتبر من دول "الدرجة الأولى" بين دول شمالي أفريقيا بل أفريقيا كلها من حيث "أجهزة الكمبيوتر وبرامجها". أكد صديقي الذي كان رافقني في تونس، أن هذا البلد حقق أعظم تنمية اقتصادية بين الدول الأفريقية، واختارها البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي كأفضل دولة أفريقية من حيث القدرة التنافسية عام 2009، وهي تحتل المركز السادس والثلاثين عاليما في هذا المجال.
تبدو البنايات قديمة في عاصمة تونس، لكن في المنطقة الساحلية بها يجري بناء حي جديد باستثمار سعودي، حيث البنايات باللون الأبيض والأزرق الفاتح واللبني والأصفر الفاتح المغمورة في أشعة شمس الشتاء المتوسطة تمنح الشعور بالدفء والضوء. أما في المدن الصغيرة المجاورة فالشوارع النظيفة تزينها بعض البنايات القديمة بين حين وآخر، مما يذكر المرء بمناظر شاطئ البحر المتوسط بفرنسا، فلا عجب أن يختار الناس الشواطئ هنا ليقضوا عطلاتهم الصيفية فيها.
متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في تونس أعلى من الصين، إذ كان نحو أربعة آلاف دولار أمريكي عام 2008، واحتل المركز الثامن والتسعين في العالم. وتشير البيانات المعنية إلى أن 74% من التونسيين يتمتعون بتأمين العلاج، وبلغت نسبة تغطية الضمان الاجتماعي 98% من السكان، والدراسة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة مجانية، ورسوم الدراسة في الجامعات قليلة.
على جانبي شارع بورقيبة، أكثر شارع ازدهارا في تونس العاصمة، تصطف المقاهي التي يأتيها الناس كل مساء لاحتساء الشاي والقهوة وتجاذب أطراف الحديث براحة بال واطمئنان.
قال لي أحد أصدقائي التونسيين إن الفضل في التنمية الحالية في هذا البلد يعود إلى الاستقرار السياسي الذي ينعم به منذ أكثر من عشرين سنة. هذا حقيقي، فإذا نظرنا إلى الدول التي تشهد ضجيجا واضطرابات دائما بسبب "الانتخابات الديمقراطية" نلاحظ أن كلها تقريبا تعيش اضطرابات متتالية، بل إن كل "انتخبات ديمقراطية" تكون المقدمة لاضطرابات جديدة.
تولى رئيس تونس الحالي زين العابدين بن علي رئاسة تونس عام 1987، ثم أعيد انتخابه رئيسا للبلاد في أعوام 1994 و1999 و2004 و2009 على التوالي، خلال تلك الفترة جرى تعديل نظام إعادة انتخاب رئيس الجمهورية في دستور البلاد. في مراسم الانتخاب للعام الماضي، أكد الرئيس بن علي من جديد أن تونس ترفض تدخل أي دولة في شؤونها الداخلية.
في ذلك الوقت، اعتقلت الشرطة التونسية صحفيا تونسيا يعمل في جهاز إعلامي فرنسي بتهمة الاعتداء على بعض النساء، فدعت فرنسا إلى إطلاق سراحه تحت ذريعة "حقوق الإنسان"، فرفضت السلطات التونسية هذا الطلب وأكدت رفضها أن يهين تونس أي شخص تحت ذريعة "قضية حقوق الإنسان"
بائع زهور على الساحل التونسي (تصوير: دينغ قانغ)
ما فعلته الحكومة التونسية، إضافة إلى سياستها في إدارة الإنترنت، هو السبب في الاتهامات التي توجهها وسائل الإعلام الغربية لتونس.
عندما تحدثت مع أصدقاء تونسيين حول خطاب السيدة كلينتون، لم يروا أن الخطاب فيه ما يدعو للدهشة أو الاستغراب. وبعد أن بحثت على شبكة الإنترنت في مواقع وسائل الإعلام الأفريقية عن الأخبار ذات العلاقة بخطاب كلينتون، لاحظت أنها أخبار قليلة ومتفرقة، بل إن الحكومة التونسية لم ترد على الخطاب، وكان ذلك بمثابة رسالة إلى الناس بأن هذا الأمر لا يستحق الذكر.
إن ما يسمى بمشكلة "حرية الإنترنت" وفقا للرؤية التي قدمتها وسائل الإعلام الغربية يقصد بها التحكم في آراء وتعليقات المعارضة والشخصيات التي تختلف في الرأي مع الحكومة، إلى جانب تصفية المعلومات المتطرفة والمناقضة للإسلام. وما تفعله تونس في هذا الصدد هو ما تفعله العديد من الدول العربية.
شهرة تونس في مجال الإنترنت ليس سببها السياسة التي تتبعها في إدارة الشبكة العنكبوتية، وإنما مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات الذي عقدت الأمم المتحدة بها سنة 2005. هذا المؤتمر الذي نال دعما قويا من الحكومة التونسية أصدر ((تعهد تونس))، مما ساهم في دفع نشر المعلومات عالميا، وأبدى الاستفهام عن الهيمنة الأمريكية على الإنترنت.
من حيث مستوى تطور الإنترنت، ليس أمام أولئك الذين يشككون في حرية الإنترنت بتونس إلا أن يعترفوا بأن تونس أول دولة أفريقية دخلها الإنترنت، وأكثر دولة بشمالي أفريقيا من حيث منظومة الإنترنت، وأقلها في تكاليف استخدام الإنترنت. يتجاوز عدد مستخدمي الإنترنت في تونس 7ر1 مليون فرد من بين سكانها البالغ عددهم عشرة ملايين، ويوجد بها أكثر من ثلاثمائة ناد للإنترنت أقامتها الحكومة.
وقد ذكرت محطة هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في تقرير لها أنه على الرغم من وجود أحد أكثر "الأسوار" صرامة في العالم، فإن حكومة تونس تعمل على بناء المعلوماتية بدون كلل أو ملل، سعيا إلى أن يستخدم كل مواطن تونيس الكمبيوتر، حتى في القرى الجبلية النائية. تنفيذا لهذه السياسة، ينطلق عدد كبير من الفرق المكونة بسيارات ركاب تم تحويلها إلى "أندية إنترنت" وعربات النقل الخفيف المزودة بأجهزة استقبال بث القمار الاصطناعية إلى عدد لا يحصى من القرى الجبلية النائية في البلاد، لتعليم الأطفال في المناطق الجبلية كيفية استخدام الإنترنت، وكيفية الحصول على المعلومات والدراسة بالإنترنت، بل وكيفية البحث عن فرص العمل، كل ذلك بالمجان.
غادرت هذا البلد بانطباعات متناقضة. تونس التي تصفها بعض وسائل الإعلام الغربية بأنها أكثر دولة "ديكتاتورية" في منطقتها وجدتها الدولة الأكثر استقرارا والسرع تنمية في منطقتها، كما أنها أكثرها انفتاحا وحرية حتى بالمعايير الغربية. بل إن تونس تسبق بعض الدول الغربية في حق المرأة في الانتخاب وحق الطلاق الخ.
في رحلاتي الأفريقية التي قمت بها بعد تونس، كان يراودني هذا السؤال دائما: ماذا لو سارت تونس على "طريق الحرية" الذي يريده الغرب لها؟ كيف كان مصيرها؟
(عدد يونيو، مجلة الصين اليوم)
شبكة الصين / 13 يونيو 2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.