يوم 31 جويلية آخر أجل تقديم البيانات المالية للسنة المالية 2024    الدورة الثامنة للمنتدى العالمي للبحرمن 12 إلى 13 سبتمبر2025    تونس – حثّ مستعملي الطريق السريع أ1 على توخي الحذر بسبب أعمال صيانة    القصرين: صابة قياسية وغير مسبوقة من الفستق    المهدية: "لجنة مختصة تختبر 65 عينة لنحو 20 طن من العسل المشارك في مهرجان العسل بسيدي علوان"    أشغال جديدة على الطريق السيارة A1: توخّوا الحذر بين النقطة 82.5 و85 في اتجاه تونس    نادي الخور القطري يضم مدافع الترجي الرياضي قصي السميري لمدة موسم على سبيل الاعارة    "الفيفا" يفتتح مقرا إقليميا له بالمغرب    اتحاد بن قردان يتعاقد مع اللاعب فاروق الميموني    الالعاب العالمية - المنتخب التونسي لكرة اليد الشاطئية يستهل مشاركته يوم 7 اوت بملاقاة منتخب البلد المضيف الصين    كأس السوبر 2024-2025: الملعب التونسي ضد الترجي الرياضي في النهائي    بنزرت: إستنفار جهوي مشترك لانتشال جثة شاب غرق في منطقة الجوابي بكاب زبيب    القيروان: :إنطلاق المهرجان المغاربي للفروسية ببوحجلة في دورته الثلاثين بين التقاليد العريقة والروح المتجددة    مؤشر الشمول المالي 2025: ارتفاع عدد مالكي حسابات مصرفية او مالية اخرى الى اعلى معدل له    عاجل/ هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية بهذه الولاية تحذر المواطنين..    بطولة بورتو للتنس: التونسي معز الشرقي يتاهل الى الدور التمهيدي الاخير    سرّ كلمة ''فريجيدار'' في كلام التوانسة!...في الحقيقة لا تعني ثلاجة    سويعات تفصلك على غلق منصة التوجيه الجامعي...ما تنساش تسجّل اختياراتك قبل فوات الأوان    شركة النقل بتونس تعلن عن تعرض مستودع الحافلات بالزهروني الى حريق جزئي وتفتح تحقيقا في الحادث    في رحاب الموقع الأثري بأوذنة: "أصايل" يفتتح الدورة الاولى من المهرجان الدولي للفنون الشعبية    تونسي ضمن طاقم سفينة حنظلة    بلاد في عز الصيف... تعيش شتاءً فجأة!    الاتحاد العام التونسي للشغل يندّد باختطاف نشطاء سفينة حنظلة ويحمّل الاحتلال مسؤولية الجريمة    المتحدث باسم الحماية المدنية يحذر من السباحة أثناء هبوب الرياح القوية    مختصة: التغذية المتوازنة تقي من الإصابة بعدد من الأمراض النفسية..    3 حالات غرق في يوم واحد بشواطئ المهدية.. من بينها امرأة وطفل    كوكو شانيل: وقت قالت ''الأناقة هي الرفض''...شنوّت تقصد وكيفاش المرأة التونسية تطبّق هذا الشعار؟    مات القاتل لكن الكراهية حية.. وفاة قاتل الطفل الفلسطيني وديع الفيومي    التغذية المتوازنة تقي من الإصابة بعدد من الأمراض النفسية (مختصة في التغذية العلاجية )    على إثر سقوط تجهيزات ضوئية على ركح قصر الرباط: إدارة مهرجان المنستير الدولي تصدر بلاغا توضيحيا    وائل جسار في مهرجان الحمامات الدولي: سهرة الطرب والرومانسية (صور)    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    بعد اقتحامها من قِبَل جيش الاحتلال.. ما مصير السفينة حنظلة؟    ليلة باردة في تالة: 15 درجة في قلب الصيف!    شركة النقل تردّ: لا تصدّقوا الإشاعات... والحريق تحت السيطرة!    على ركح مسرح قرطاج الأثري : الفنان العالمي إبراهيم معلوف يحتفي بالحياة    ردّ فعل زوجة راغب علامة بعد ''القُبلة'' المثيرة للجدل    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم للسيدات: المنتخب النيجيري يحرز اللقب    وزارة التجهيز تدعو الى الالتزام بالتشوير على الطرقات    بلدية تونس تنظم الجائزة الكبرى لمدينة تونس للفنون التشكيلية 20َ25    مصادر: فريق ترامب للأمن القومي يعيد النظر في استراتيجيته تجاه غزة    ولاية اريانة: زيارة والي الجهة لعدد من المنشات التابعة للديوان الوطني للتطهير    شركة النقل بتونس تعلن عن تعرض مستودع الحافلات بالزهروني الى حريق جزئي وتفتح تحقيقا في الحادث    شاحنات مساعدات بدأت بالتوجه إلى غزة قادمة من مصر    غلق النفق الواقع على مستوى محول بئر القصعة غدا الاثنين من السادسة صباحا إلى الثامنة ليلا    تاريخ الخيانات السياسية (27) كل يوم خليفة في بغداد    النيابة تأذن بالاحتفاظ بمغني الراب ALA    أعلام من بلادي .. ابن منظور: المؤرخ والأديب القفصي... بالتبني    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    إيرادات العمل والسياحة    عاجل/ الاطاحة بشبكة لترويج المخدرات بهذه الولاية…    رقدت درج على يدك...رد بالك من شنوا ينجم يصيرلك    بعد موجات الحرّ: زخّات مطرية خفيفة تُنعش المرتفعات الغربية...هذه الكميات    فاكهة الموز: قصص حقيقية ومفاجآت لا تُصدّق!    كيفاش نستعملو الفيتامينات؟ الدكتور رضا مكني يوضّح للتونسيين الطريقة الصحيحة    طقس السبت: الحرارة في تراجع    شهر صفر يبدأ السبت.. شنو هو؟ وهل لازم نصومو فيه؟    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هدايا اسرائيل 'المسمومة' لمصر: عبد الباري عطوان
نشر في الفجر نيوز يوم 24 - 06 - 2010

يبدو ان نبوءة الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب المصري التي قال فيها ان موافقة امريكا، وعدم اعتراض اسرائيل، على هوية الرئيس المقبل لمصر بدأت تتآكل بشكل أسرع مما توقع، لأن الثمن الذي تريده اسرائيل مقابل تأييدها للتوريث في مصر باهظ جداً ولم تعد القيادة المصرية تتحمله، أو مستعدة لدفعه.
فهناك مؤشرات كثيرة تفيد بأن العبء الاسرائيلي على كاهل الحكومة المصرية بات ثقيلاً، والجشع الاسرائيلي الذي يتطور تدريجياً إلى ابتزاز غير مسبوق، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على العلاقات بين البلدين، أو بالأحرى الحكومتين، وبدأنا نلمس ملامح توتر في الجانب المصري على الأقل.
اسرائيل، ومنذ ارتكاب قواتها لمجزرة سفن الحرية تعيش عزلة دولية، وأصبحت مكروهة في معظم أنحاء العالم، وسياسيوها باتوا مطاردين كمجرمي حرب، سواء الذين كانوا في حكومة 'كاديما' وأشرفوا أو تورطوا في العدوان على قطاع غزة، أو الحاليون الذين ينخرطون في حكومة بنيامين نتنياهو.
في ظل هذا الوضع المزري تتبلور لعنة اسمها قطاع غزة تطارد اوساط النخبة الاسرائيلية الحاكمة، التي لا تعرف كيف تواجهها، في ظل المطالبات العالمية المتواصلة بضرورة انهاء الحصار في أسرع وقت ممكن.
العالم يعيش حالياً حالة من الصدمة بعد ان تكشف للرأي العام العالمي مدى قساوة قلوب الاسرائيليين وممارستهم أعمالا نازية لا يصدقها عقل أو منطق في القرن الواحد والعشرين، مثل منع أربعة آلاف سلعة من دخول القطاع مثل الكزبرة والمايونيز ولعب الأطفال والأدوات المنزلية والأحذية.
المعضلة الاسرائيلية الحالية تتمثل في كيفية 'تخفيف' الحصار، ومنع وصول أسلحة، أو أي مواد يمكن ان تساهم في صنعها، وتعطيل أي قرار دولي بتشكيل لجنة تحقيق دولية في مجزرة السفينة 'مرمرة' التي راح ضحيتها أكثر من تسعة شهداء أتراك.
تخفيف الحصار وليس رفعه مسألة غير ممكنة، لأن السؤال المطروح حالياً وبقوة هو كيف سمح العالم لاسرائيل في الأساس بفرض مثل هذا الحصار الوحشي، أما منع وصول أسلحة فمسألة شبه مستحيلة لأن هناك وسائل عديدة للتهريب، بعضها يأتي عبر اسرائيل نفسها ناهيك عن الأنفاق، أما تعطيل التحقيق الدولي في المجزرة من خلال محاولة تسويق اللجنة الاسرائيلية البديلة فتواجه استنكاراً دولياً وخاصة من الأمين العام للأمم المتحدة رغم مباركة أمريكا ودعمها للجنة الاسرائيلية المهزلة.
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي راهن دائما على طوق النجاة الذي تقذفه له الحكومة المصرية في كل مرة يتورط في مأزق أو عدوان يحاول حالياً الهروب كلياً من مصيدة القطاع بالقائه في وجه هذه الحكومة، طالباً منها تقبل هذه الهدية المسمومة بصدر رحب مثلما فعلت دائما بجميع الهدايا السابقة المماثلة.
' ' '
الوزير الاسرائيلي اسرائيل كاتس وعضو آخر في مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر، طالبا بفك الارتباط كلياً مع قطاع غزة، واغلاق جميع المعابر الاسرائيلية اليه، ونشر قوات 'يونيفيل' دولية على طول حدوده مع مصر واسرائيل، أي عودة أوضاع القطاع إلى ما كانت عليه قبل الاحتلال الاسرائيلي في حرب حزيران (يونيو) عام 1967.
الحكومة المصرية رفضت بغضب هذه الهدية الاسرائيلية، وطالبت نظيرتها الاسرائيلية بتحمل مسؤوليتها تجاه القطاع باعتباره ارضا محتلة مثله تماماً مثل الضفة الغربية. مثلما رفضت أيضاً عودة القوات الدولية الى القطاع.
الغضب المصري مشروع، لان عودة ادارة الحاكم العسكري لقطاع غزة مثلما كان عليه الحال قبل الاحتلال الاسرائيلي يعني اعفاء اسرائيل من كل مسؤولياتها، والقاء قنبلة موقوتة شديدة الانفجار على مصر. فاسرائيل ومن خلال مخطط السلام الاقتصادي الذي تطبقه حكومة السلطة ضمنت السيطرة على الضفة الغربية، وقضت كلياً على اعمال المقاومة للاحتلال، من خلال التنسيق الأمني، وإشغال الناس برشوة الرواتب، وبعض الامتيازات الاخرى الصغيرة، خاصة لرجالات السلطة الكبار مثل السيارات الفارهة، وبطاقات (V.I.P) وغيرها. واذا نجحت في التخلص من القطاع من خلال فك الارتباط به، وتحويل اعبائه الى النظام المصري، فانها تضمن بذلك استقراراً غير مسبوق.
خطأ النظام المصري الأكبر هو قبوله بثلاثة امور اساسية:
الأول: ان يعمل حارساً او شرطياً لحماية اسرائيل وحدودها سواء في سيناء او على الحدود مع قطاع غزة بما في ذلك منع وصول الاسلحة ومطاردة وتعذيب المقاومين لنزع المعلومات عن انشطتهم وتقديمها لاسرائيل في اطار ما يسمى بالتنسيق الامني.
الثاني: تبني اتفاقات اوسلو، ودعم السلطة التي انبثقت عنها، وعدم اصراره على تحديد سقف زمني للمفاوضات لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في نهايتها، ورضوخه بالكامل، اي النظام المصري للاملاءات الاسرائيلية.
ثالثا: تنفيذ خطة اسرائيلية بتشديد الحصار على قطاع غزة طوال السنوات الثلاث الماضية لتجويع مليونين من ابنائه بهدف الاطاحة بحكومة حماس او اجبارها على العودة الى بيت طاعة السلطة، والقبول بالشروط الاسرائيلية مسبقاً مثل نبذ العنف (الارهاب) والاعتراف بالدولة الاسرائيلية والقبول باتفاقات اوسلو.
جميع هذه الخدمات الجليلة التي قدمتها الحكومة المصرية للاسرائيليين اضرت بمصر ودون ان تحقق الاهداف الاسرائيلية المنشودة. فحركة حماس لم ترضخ للضغوط الابتزازية، والحصار لم ينجح في اطاحتها واسقاط حكومتها وتثوير الشعب ضدها، ولم يؤد للافراج عن الجندي الاسير غلغاد شاليط، والحصار فتح اعين العالم باسره على نازية اسرائيل بفضل 'ذكاء' حركة 'حماس' ونجاحها في ابتكار وسائل جديدة لكسر الحصار مثل سفن الحرية، وفوق كل هذا وذاك صمودها في القطاع (مع بعض الاخطاء) وانضمامها الى محور ممانعة قوي ومؤثر، وهو المثلث التركي الايراني السوري.
' ' '
الأخطر من هذا وذاك، انه في الوقت الذي كانت تقوم فيه الحكومة المصرية بتقديم هذه الخدمات لاسرائيل بحماس كبير، كانت الاخيرة تتآمر عليها في فنائها الخارجي وتؤلب دول منابع النيل ضدها، وتزودها بالاموال لبناء سدود لتحويل المياه وتقليص حصتي مصر والسودان، وبالاسلحة للتصدي لأي تدخل عسكري مصري لوقف هذا التوجه الافريقي الخطير.
المنطق يقول، ان مصر، وبعد كل هذه الاخفاقات، والتنكر الاسرائيلي لخدماتها هذه، ومحاولة القاء قطاع غزة في وجهها بطريقة استفزازية، مطالبة بمراجعة كاملة وجذرية لجميع سياساتها تجاه اسرائيل، واستخدام ما في يدها من اوراق ضغط لحماية نفسها وأمنها القومي أولاً، واستعادة مكانتها ودورها المفقود في المنطقة.
فكيف يتحدث الرئيس مبارك في خطابه بالأمس عن اولويات مصر الثلاث وهي القضية الفلسطينية وأمن الخليج ومواجهة الاخطار المتعلقة بمياه النيل في افريقيا، وبلاده فاقدة دورها، وتتلقى الصفعات الواحدة تلو الأخرى من حليفها الاستراتيجي الاسرائيلي.
الرئيس مبارك جرب تمرير التوريث عبر البوابة الاسرائيلية الامريكية ومن الواضح ان هذه البوابة اضيق كثيراً مما اعتقد، وآن الاوان للعودة الى ثوابت مصر الاساسية التي جعلتها القوة الاقليمية الاعظم في المنطقة، وأبرزها جعل اسرائيل عدوها الاستراتيجي، وليس حليفها الاوثق مثلما هو حاصل حالياً. وربما لو اختار الخيار الثاني لكانت عملية التوريث اكثر سهولة، ولكن ربما يكون من المتأخر الآن الحديث عن هذه المسألة.
القدس العربي
6/24/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.