وادي مليز: منشأة مائية على مستوى وادي الرغاي لفك عزلة منطقة الدخايلية    الشرع يصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة رسمية    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    دربي العاصمة: تشكيلتي الفريقين    ممرض ألماني أنهى حياة 10 مرضى... ليخفف عبء العمل عليه    تونس تطلق أول دليل الممارسات الطبية حول طيف التوحد للأطفال والمراهقين    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    5 أخطاء يومية لكبار السن قد تهدد صحتهم    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    مدير ديوان رئيسة الحكومة: قريباً عرض حزمة من مشاريع القوانين على البرلمان    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    مونديال أقل من 17 سنة: تونس تواجه بلجيكا اليوم...شوف الوقت والقناة الناقلة    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    خروج قطار عن السكة يُسلّط الضوء على تدهور البنية التحتية للسكك الحديدية    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    بطولة القسم الوطني أ للكرة الطائرة: نتائج الدفعة الثانية من مقابلات الجولة الرابعة    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدرس الأردني : العجمي الوريمي
نشر في الفجر نيوز يوم 29 - 06 - 2010

لا أدري لماذا وإلى متى سيظل المتابعون والمراقبون والمناصرون للحركات الإسلامية ينظرون إلى وجود تعدد للتيارات والآراء في داخلها نظرة سلبية. قد يعود ذلك إلى نوعية الثقافة السياسية السائدة والموروثة التي تنبذ الاختلاف وترى في المخالف عدواً أو متآمراً، وقد يعود إلى نقص الخبرة في إدارة الاختلاف، وإذا اجتمع غياب القيمة مع غياب الآلية والتقنية ونقص الكفاءة صارت الخشية من الجديد والمغاير مفهومة حتى وإن كانت غير مبررة أو تنم عن تأخر في مواكبة حاجات العصر وانتظارات الأجيال الناشئة.
الخوف من المجهول والخوف من التحريف ومن الحياد عن الطرق المعبدة والمناهج المسطرة وراء النزعة المحافظة التي تخشى التجريب وتتحوط من الوقوع في الخطأ إلى حد الامتناع عن المبادرة والفعل، كما أن التعود على مناقشة القضايا العامة وكأنها قضايا خاصة وأسرار ينبغي إحاطتها بالكتمان والحذر من أن يتحول الحوار الفكري والسياسي داخل العائلة الفكرية الواحدة إلى نشر للغسيل أو مزايدة على قارعة الطريق مدعاةٌ لترفّع الكثيرين عن الخوض في المسائل الخلافية، كما أن نقص الوضوح والشفافية في العلاقات بين مؤسسات وهياكل التنظيمات السياسية تجعل كل محاولة لتطوير أداء تلك المؤسسات وتطوير آليات إفراز القرار ومحاسبة الفاعلين وتجديد الحياة والدماء في جسم تلك الحركات ضربا من تعريض وجودها إلى الخطر وأدائها إلى الإرباك، أي وضعها في سياق التأزم والتعثر. إن هذا التشخيص يجعلنا نميل إلى أن الحركات السياسية بعامة والإسلامية منها بصفة خاصة في حاجة لا فقط إلى التجديد الفكري وإلى تطوير خطابها، فذاك بالملموس تُبذل فيه مجهودات كبيرة محمودة ومبشرة بكل خير، وإنما إلى جانب ذلك في حاجة إلى ما يمكن أن أسميه التجديد التنظيمي، فهو في تقديري صمام الأمان لتطور سلس لتجارب سياسية لم يعد بالإمكان أن تتواصل دون أن تأخذ في الاعتبار عاملَيْ التنوع والتعدد اللذين طبعا حياتنا المعاصرة، ولا يمكن أن تُستثنى منه الحركات الإسلامية التي لا يزال الباحثون في شؤونها من الداخل أو من الخارج يبحثون عن المفردات التي تعبر عن ذلك التعدد والتنوع من قبيل مصطلحات الاعتدال والتطرف والمحافظة والوسطية والحمائم والصقور.. وكأني بالحراك الذي تشهده الحركات الإسلامية أكثر تسارعا من الملاحقة النقدية للباحثين المختصين في شؤونها الذين يجدون أنفسهم أمام ظاهرة لا تنضبط بسهولة للأطر المفاهيمية التي دأبوا على تطبيقها على الظواهر الاجتماعية والسياسية. ويرتبط تسارع الحراك الذي تشهده الحركات الإسلامية بتسارع الأحداث العالمية وتنامي الحاجات الاجتماعية لوظائف اختصت بها الحركات الدينية والسياسية ذات المرجعية الإسلامية، فازدياد الطلب على الدور التربوي والتوعوي والتأطيري وحتى التعبوي قد يكون نتج عنه إقبال على الجماعات الإسلامية واتساع لقاعدة مناصريها يفوق طاقتها على الإيفاء بمستلزمات ذلك الاتساع، خاصة أن الإطار القانوني ليس دائما عاملا مساعدا وميسرا لها للقيام بذلك الدور. وإذا كان سقوط جدار برلين ونهاية الحرب الباردة وراء التحول الكامل في وضع ومسار ومناهج وطرق عمل الأحزاب اليسارية والشيوعية، وأزمة النظام العربي وراء تراجع الأحزاب القومية، فإن إخفاق التجارب التحديثية وتعثر محاولات النهوض وهجمة الغرب على المنطقة العربية والتحولات السوسيولوجية والديمغرافية في المجتمعات الإسلامية والعربية ولامبالاة الحكومات بانتظارات الشباب والقوى الحية في الأمة.. قد ضاعفت من العبء على الحركات الإسلامية وضاعفت من الضغوط عليها لتطوير أدائها وبنياتها ناهيك أن بعض الجماعات قد توخت منهج القوة لتغيير الأنظمة ومنهج الصدام للتأثير في سياسات الدول الغربية خاصة أميركا تجاه قضايا الأمة وفي المقدمة منها قضية فلسطين.
إن نوعا من الشك صاحب تلك التحولات وجعل مسار الحركات الإسلامية يتجه في الوقت نفسه نحو التمكين ونحو الأزمة. ولئن كنا لا نميل إلى القراءات التي ترى أن الإسلام السياسي يتراجع أو يمكن أن يتراجع فإننا تعتقد أن الفاعلين الإسلاميين والعاملين في حقول الدعوة والفكر والسياسة مطالبون ببذل مزيد الجهود لتطوير الأوضاع الداخلية لحركاتهم لتكون جديرة بالنهوض بالمهمة الإصلاحية المنتظرة منها أو التي ترشح نفسها للقيام بها، وإن مقارنة بسيطة بين واقع الحركات الإسلامية الآن وبين أوضاعها قبل عشرين عاما تُبرز لنا حجم الخطوات المقطوعة على طريق التطوير والتأهيل والتطبيع والمصالحة مع محيطها والانفتاح عليه.
إن كلمات مثل فك الارتباط بين العمل الدعوي والسياسي، والفصل بين الحركة وبين الحزب، وتخصص العاملين في الحقل الإسلامي كل في مجاله.. وغيرها مما يُتداول ويُنشر على المواقع الإلكترونية من الأدبيات الحركية للتنظيمات الإسلامية وإن كانت لا تحمل نفس المدلول بالإحالة على وضع الحركات الإسلامية مشرقا ومغربا فإنها صارت مألوفة قياسا إلى تجربة كل حركة على حدة وحسب سياقها المخصوص. فهي تدل عند بعض الحركات مثل حركة الإصلاح وحزب العدالة والتنمية في المغرب على تجربة ناجحة وخبرة تمت مراكمتها وأصبحت نموذجا يُحتذى في توزيع وظائف العمل الإسلامي، وهي تدل في مصر على حجم الضغط الذي يمارسه النظام السياسي على جماعة الإخوان المسلمين لصرفها عن مهامها الدعوية والتربوية ودفعها إلى إعلان نفسها حزبا سياسيا ليس أكثر. وهي تدل لدى الإخوان المسلمين في الأردن على تجربة في مفترق الطرق تبحث عن سُبل تطويرها والبلوغ بها إلى مداها، وعلى الأرجح، بعد أن تم يوم السبت 26 يونيو 2010 انتخاب الشيخ حمزة منصور أمينا عاما لجبهة العمل الإسلامي، أنها تخطت اختبار التقييم وتجاذب الأجنحة وحققت قفزة كبيرة باتجاه انسجام الفعلين الدعوي والسياسي واستقلال الحزب بقراراته وخياراته دون إرباك للجماعة أو التشويش عليها، عملا بنصائح مكتب الإرشاد العالمي وتوصيات مجلس شورى الحركة في الأردن.
إن الدرس الأردني بالغ الدلالة؛ لأن ما تعيشه الحركة الأردنية، رغم خصوصية السياق الأردني بفعل العامل الرسمي والفلسطيني والإقليمي، هو ما سيؤول إليه حال بعض الحركات الإسلامية الأخرى؛ إذ أن في تحرير الفعل السياسي من التأثير المباشر للجماعة وتيسير عملية تطوره الذاتي واستقلاله المؤسسي كتشكيل سياسي يتميز ببرنامج وخطاب وقيادة منتخبة دون وصاية، فرصة لتطوير التجربة السياسية الإسلامية وتطوير الحياة السياسية الأردنية مع التخفف من الأعباء الاجتماعية الثقيلة التي ظلت الجماعة تتحملها طيلة عقود، فحزب جبهة العمل الإسلامي يضم نخبة من خيرة كوادر الجماعة ومنهم وزراء ونواب سابقون وكفاءات جامعية في كافة الاختصاصات من شأن انخراطهم في الشأن العام والتجرد للاستحقاقات القادمة وأولها الانتخابات النيابية المقبلة أن يحقق الإضافة ويوسع دائرة التأثير للتيار السياسي الإسلامي خدمة للقضايا الوطنية للأردن وتصحيحا لدوره في سياق تحولات المنطقة والإقليم. إن ما حصل داخل جبهة العمل الإسلامي الأردنية يمكن وصفه بالتجديد التنظيمي ويمكن أن يشكل رصيدا لبعض التجارب الإسلامية الأخرى التي هي في حاجة إلى التغلب على حيرتها ومخاوفها ولا تزال تتلمس طريق المصالحة مع محيطها. إن نجاح جبهة العمل الإسلامي في دخول طور جديد يكذب تخمينات بعض المراقبين عن استفحال الأزمة الداخلية للحركات الإسلامية وزعم إصابتها بعدوى الفُرقة والتشرذم والتشظي التي أصابت قبلها التنظيمات القومية واليسارية.
العرب القطرية
2010-06-29


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.