"لا أسمع لا أرى لا أتكلم ، لن أتجاوب ولن أغير " هذه خلاصة تعاطي النظام مع الشعب المصري وحقوقه العادلة والمشروعة، من هنا كانت الخريطة المصرية كما يلي ، مجموعة من رجال المال والأعمال القابضون على منصة الحكم ومقدرات الوطن ، مجموعة من جنرالات الإعلام والأمن تدافع وتنافح وتشوه وتقمع وتوهم بالمؤسسية والدولة القانونية ، مجموعة من الأحزاب السياسية الوهمية التي أصبحت جزء من النظام بل جزء عضوي ووظيفي يمنحه الشرعية ، نحن أمام وضع جديد ، حيث لا نظام شرعي ولا معارضة حقيقية ، نحن أمام شكل ونظام باهت وقاتم من أنظمة الحكم الشمولية التي استوعبت الوهم المسمى بالمعارضة الحزبية ، نحن أمام حالة أعادت عجلة التاريخ إلى الوراء ، حالة الاحتلال والقصر والأحزاب التابعة ، واستكمالاً لهذه المرحلة التاريخية نحن لسنا بحاجة لأحزاب معارضة لاعتبارات أهمها عدم وجود نظام شرعي نعارضه ، نحن بحاجة لحركة وطنية تعلن قائمة الفرز السياسي وفقاً لمطالب الشعب وتحدد من معه حماية لإرادته ومقدراته ، ومن مع المستبد الفاسد وفرق المولاة ؟ ثم ننطلق لجولة أو معركة التغيير والتحرير التي لا تقل في كلفتها عن فترة النضال والاستقلال ضد المحتل الغاصب الوجه الآخر للمستبد الفاسد ، نحن بحاجة لإعادة تشكيل وصياغة الخريطة المصرية بعيداً عن هذا النظام ومعارضته المستأنسة ، كيف يتحقق هذا ؟ هذه هي المسألة ، الخيارات كلها تعاني الندرة ، فأنماط التغيير باتت غائبة بل ومستحيلة وبعضها يمثل خطورة مصيرية ، سيناريو الانقلاب العسكري مستبعد وشبه مستحيل ولا نرغبه حتى لا ندور في حلقة مفرغة ، فضلاً عن استبدال مغتصب بآخر ، سيناريو الثورة هو الآخر يمثل خطورة بالغة على أمن مصر ومستقبلها خوفاً من تدخلات متربصة تشكل الخريطة مرة أخرى بنفس الشكل السابق منذ خمسينيات القرن الماضي ، التغيير عن طريق صندوق الانتخاب مستحيل هو الآخر في ظل مجموعات المصالح التي أدمنت التزوير وأصبح مكون جيني في خلاياها ، نحن بحاجة لحركة وطنية تصطف فيها النخب والقوى السياسية الفاعلة والقوى الشعبية الناشئة بعيداً عن القصر والملك والأحزاب التابعة ، ثم تًوضع خطة عمل تبدأ بانتخاب شعبي لمؤسسات الدولة البديلة والشرعية ، انتخاب قيادات شعبية حقيقية بعيداً عن يد وكمبيوتر ولجنة الجهاز الأمني ، هذه القيادات الشعبية تكون الجمعية العمومية للشعب المصري وهي المؤسسة التي تقود الشعب للقصر ليسمع الملك المعزول هناك مطالب الأمة ووقتها لن يملك إلا التجاوب . *مدير المركز المصري للدراسات والتنمية