على غير ما يظن البعض جاءت الانتخابات الأخيرة لتؤكد حالة الفرز وتحديد المواقف بل و إتاحة العديد من الفرص للتغيير المنشود، جملة من الشواهد الواقعية والدلالات السياسية والتداعيات المستقبلية ، تتطلب اليقظة والمبادرة في التوظيف للم الشمل وتوحيد الصف والانطلاق بحماسة ورشد إلى تحقيق أشواق المصريين في مناخ سياسي أفضل. الشواهد الواقعية ** هيمنة رجالات المال وجنرالات الأمن على مفاصل الحزب الوطني وحكومته ** سيطرت الحزب الحاكم على مؤسسات الدولة لدرجة أنها باتت تابعة وتعمل لرؤيته تلقائيا دون تفكير أو مراجعة ** الاستيعاب الأمني والحكومي للأحزاب الكرتونية التي أصبحت جزء عضوي من النظام الحاكم ومعوق أساسي في طريق التغيير ** ضعف التأثير والتهديد الشعبي ما أشعر النظام بالاطمئنان والاستقرار ** ضعف المعارضة المصرية – غير المستأنسة - منفصلة إذا ما قورنت بقوة النظام صاحب الدولة * تحول العلاقة بين النظام والإدارة الأمريكية عن الوضع الوطني وميلاد شبكة من العلاقات الشخصية شرط تأمين المصالح العليا لإسرائيل في الوجود والأمن النتائج والدلالات ** عدم اعتماد النظام كثيراً على الشرعية الدستورية والسياسية والشعبية ، واعتماده واقع الغلبة والاكتساح والقمع ** استحالة التغيير عبر صندوق الاقتراع لصعوبة وخطورة الوصول إليه على حياة الناخبين وبالتالي استحالة التداول السلمي للسلطة في وجود هذا النظام ** الرهان على المجتمع الدولي رهان خاسر لأنه شريك متضامن مع المستبد الفاسد في شبكة المصالح الشخصية المعقدة ** فلاسفة النظام لا يملكون إرادتهم ولا أفكارهم وتحولوا من مناضلين ومدافعين عن الديمقراطية والدولة المدنية إلى مدافعين عن الاستبداد والفساد ودولة الرجل الفرد في ردة فكرية غير مسبوقة ** اللقاءات الحوارية والإعلامية مع ممثلي النظام تحولت من مربع عرض الرؤى والبرامج والأفكار إلى خلط الأوراق وإضاعة الوقت المخاطر والتداعيات في حالة إصرار النظام على ما هو عليه من عدم اعتبار طلبات المعارضة وتعطيل الأحكام القضائية أو الالتفاف عليها من المتوقع ** التشكيك في كيان الدولة المدنية المصرية باعتبار أن المؤسسة التشريعية تحولت إلى ناد للحزب الوطني والمؤسسة القضائية غير مستقلة ومهمشة حين تولد أحكامها ميتة بسبب تعمد التعطيل وعدم التنفيذ والمؤسسة التنفيذية متغولة بلا محاسب ولا رقيب ** تآكل مؤسسات الدولة المصرية لحساب مجموعات المصالح ما يهدد شرعية النظام السياسي لا النظام الحاكم فقط ** لجؤ البعض للمحاكم الدولية والقضاء الدولي وقد يطلب البعض الإشراف الدولي لا الرقابة الدولية ما يمس باستقلال وسيادة مصر ** توقع مناخ من القمع بسبب الخلاف على شرعية أو عدم شرعية مجلس الشعب الحالي والدعوة إنشاء مجلس شعبي ** تزايد نسبة العنف بصفة عامة في الفترة المقبلة لأسباب كثيرة أهمها أن فرق البلطجة أخذت شرعية واقعية حين فرضها النظام أو نواب الحزب الوطني على المشهد الانتخابي وفي وجود جنرالات الأمن ** المزيد من الفشل الاجتماعي وتمزق وحدة الصف الوطني بسبب خطأ ممارسات منظومة الحكم واتساع الفجوات بين شرائح المجتمع وانهيار منظومة الحقوق والواجبات ** تصاعد حدة التشكيك في شرعية المؤسسات قد يطال بصورة أو أخرى مؤسسة الرئاسة ونحن على أبواب انتخابات رئاسية قد تكون نسخة مكررة من الانتخابات المنتهية وهو مأزق تاريخي وغير مسبوق خطوة نوعية مازالت تؤكد الشواهد أن المعارضة المصرية بحاجة ملحة لنقلة نوعية على مستوى الفكر والممارسة ، بعد أن أيقنت أن النضال من الغرف المغلقة والاستوديوهات وخلف الميكروفونات لن يحرك ساكناً ، وأن مهمة التغيير لا يقوى عليها فصيل منفرد مهما كانت إمكاناته المادية والبشرية والتنظيمية بل والتاريخية ، فالتاريخ وحده لا يكفي ، وأن انتظار تسجيل الأهداف بأقدم الآخرين لن يحقق إلا خسارة المباريات وربما الطرد من المسابقات ، على المعارضة المصرية الوطنية أن تعي أن سنن التغيير أثبتت عدم جدوى العمل الفصائلي المنفرد أو الموسمي غير المستمر أو ردود الأفعال لا الأفعال ، وعليها أن تحدد خياراتها وبوضوح ، في أي مربع تقف ؟ وماذا تريد؟ وكيف تحققه ؟ ومتى؟ مع اعتبار المناخ العام واحتياجات المصريين وقبل كل هذا فاتورة المشوار التي يبدو أنها ستكون باهظة ومكلفة لكنها سنن التغيير . مدير المركز المصري للدراسات والتنمية*