لشد ما سرنا أن يخرج الأخ الممضي على مقال الجامعة العامة للتعليم العالي الصادر بجريدة الموقف بتاريخ 23 جويلية 2010 بعنوان " ردا على مقالي عبدالسلام الككلي وحمزة الفيل : هذه حقيقة المجلس القطاعي" تعقيبا على التغطية التي قام بها الاخ الككلي حول المجلس القطاعي للتعليم العالي والصادرة بجريدة الموقف بتاريخ 10 جويلية 2010 وعلى مقالي الصادر بنفس الجريدة بتاريخ 17 جويلية بعنوان" لماذا الغى المجلس القطاعي اللائحة الداخلية ؟" عما عودنا به من مداخلات إخوانية تلك التي تعطي انطباعا بأنه صديق الجميع. سعدت بالرد رغم صيغة التشخيص والتجريح الواردة في المقال لان الجامعين اختاروا طريق المصارحة، فأن نقول الأشياء عاليا أفضل بكثير من أن نقولها في الزوايا المغلقة تلك التي تكمن فيها الخفايا. أولا أؤكد مرة أخرى أني لم أسع أبدا إلى اتهام زملائنا بما لا يليق بسمعتهم، تحدثت على الانضباط الداخلي وهو بمنطق العارفين لا يحمل أي غمز أخلاقي بل هو اقرب إلى السلوك السياسي وهو ما سأتوسع في شرحه الآن. لم يحدث لي في فترة تحملي مسؤولياتي النقابية، منذ أواخر فترة ما سمي وقتها اللجنة المؤقتة، أن شاهدت شيئا اقرب إلى المهزلة مما شاهدت في المجلس الاخير وهذه التفاصيل كما عاينها كل الحاضرين. افتتح السيد الكاتب العام للجامعة اجتماع المجلس القطاعي بتحديد جدول الأعمال الذي تضمن نقطتي التفاوض مع الوزارة وموعد المؤتمر، علما أن هذا الأخير أعلن صراحة أن الاتجاه يسير نحو التأخير متعللا بأن فتح باب المفاوضات الجدي مع الوزارة (إمضاء تاريخي لمحضر جلسة مع سلطة الإشراف!!) يحتم مواصلة المكتب الحالي لمهامه. واختلفت الآراء بشان هذه المسألة مما صار لزاما معه أن يحسم المجلس نفسه في ما تداول فيه (يمكن للمركزية ان تتخذ قرارا بالتأجيل مع تحمل مسؤولياتها الكاملة إذا ما أجمع المجلس على خلاف ذلك) وإلا صار النقاش من باب الدردشة و تبادل الأفكار. ولكن ماذاّ حدث بعد ذلك؟ لقد تمرد بعض أعضاء المجلس (ما يزيد عن 10) على نقطتي جدول الأعمال فاعتبروا أن إثارة نقطة الفصل10 من أوكد الواجبات المحمولة على الجامعيين لما يمثلونه من ثقل رمزي داخل الاتحاد (وقد همس احد الحاضرين بان المجلس القطاعي تحول إلى مجلس الفصل10)، ولأن اللائحة الداخلية كان يجب بالضرورة أن تحسم في مسالة تأجيل المؤتمر، ولان الكاتب العام كان يخشى من إدراج الفصل10 ضمن اللائحة إذ انه غير مستعد لهذا الموقف الطارئ، فقد ضحى بمشاغل الجامعيين الأكيدة صونا لحاجات المركزية أو لطموحاته الشخصية. كان يراد للائحة الداخلية أن تكون "نظيفة" جدا ولكن تطفلي ومن عاضدني أخرجها من نقاوتها، إذا لم يعد هناك من حل إلا إسقاطها برمتها وهو ما اعترف به صاحب الرد حين اعتبر أن الأغلبية ترفض التصويت ضد لائحة تقتصر على الفصل10. في الحقيقة لقد وقع إفراغ هذه اللائحة، قبل إسقاطها، من طرف السيد الكاتب العام الذي كان متيقنا أن ورود أي نقطة تتعلق بالفصل10 ستؤدي حتما إلى الدخول في نوع من النزاع مع السيد علي رمضان رئيس المجلس، وكيف يمكن من جعل نفسه صديقا للمركزية أن يكون وفيا لأصول العمل النقابي ومتى حدث في تاريخ نقابات التعليم العالي أن يضحى برأي الجامعيين لصالح رغبة المركزية أو لصالح طموحات نقابية ذاتية.؟ سؤال أخير في هذه النقطة لمن تجشم الرد علينا: ماذا يوجد في لائحة المجلس القطاعي الأخير عن تأجيل المؤتمر، إذا كان لديكم رد على هذا فلماذا لم يتضمن نصكم الطويل العريض إجابة على هذه النقطة ولن اسأل مرة أخرى عن رأي الجامعة عن الفصل10، فمنطقها أشبه بما يقوله الشاعر في قصيدته المشهورة" ليس هناك من عظيم غير الصمت" لكن صمتها لم يكن من عظيم فيه سوى جرد حساب ما كان وما سيكون. أما فيما يخص اللوائح والأعضاء المكلفين بصياغتها فليعلم الجامعيون أن الأخ خالد النويصر كان دائما عضوا قارا وحيدا ممثل للجامعة في لجنة الصياغة بما انه كان يكلف بذلك من قبل الكاتب العام مثل بقية الأعضاء الذين يلجأ هذا الأخير إلى تسميتهم علنا وقلما يدخل إلى لجنة الصياغة غيرهم إلا برغبة من بعض الحاضرين كما حدث ذلك معي ومع الأخ الككلي ونحن شخصان لا يروقان للسيد الكاتب العام. وهنا أريد أن أقول ما لاحظته في هذه اللجنة. إن ممثل الجامعة العامة جاء مسلحا، كالعادة حسب ما يبدو، بنقاط معدة سلفا لكن وجودي كمتطفل بعثر البرمجة المعدة. وفي ما يخص واجب التحفظ الذي تحدث عنه هذا الأخير فاني اذكره وبقية الجامعيين بما جاء في ميثاق الحريات الاكادمية للجامعيين التونسيين الممضي من طرف الجامعة العامة "…ان الجامعي كمدرس وكباحث ليس موظفا كغيره من الموظفين، فهو غير ملزم بالحيادية ولا ينطبق عليه واجب التحفظ". والى من يذكرني"بالمصير البائس الذي آل اليه الذين نظموا حملات صحفية ضد الجامعة العامة" ادعوه إلى قراءة مقال "عقلية العقاب عند التونسي" الذي صدر بقلم عبدالله الزياني في نفس الصفحة (الموقف 16 جويلية 2010) المنشور فيها المقال موضوع الرد. أما الغمز بأنه لا تجربة لي نقابيا ولا تضحية مقارنة "بالطامحين"، من طرف من يؤمنون بالتصنيف الطبقي للنقابيين مثل الرعيل الأول والمجاهد الأكبر والمضحي الأول، فاني لست في حاجة في باب التضحية إلى دروس من أحد، فلقد تحملت مسؤوليتي داخل النيابة النقابية، والتي تحولت إلى نقابة أساسية (بأكثر من 90 منخرط) لمراكز البحث ببرج السدرية ولقد تضمنت منذ البداية 4 أعضاء شبان جدد بما في ذلك الكاتب العام الشيء الذي أدخل البهجة في نفس من يتهموني بقلة التضحية, لقد تحملت مسؤوليتي ايضا في الدفاع عن منظومة البحث والباحثين خصوصا في الأزمة مع الوزارة السابقة (وقد نوهت الجامعة بذلك في عديد المناسبات) ودفعت ثمنا لذلك سنوات من عمري المهني وكثيرا من أوقات عائلتي وأعصابي. ورغم ذلك فاني لا ادعي الحنكة النقابية التي تقاس في لحظات المواجهة (مثل حمل الجامعيين على إمضاء عريضة المساندة في الانتخابات السابقة التي أغمضت الجامعة العامة عينيها المحنكتين عنها تماما) لا في أوقات الاصطفاف وراء الخط السائد. كما أود التأكيد انه شرف لي أن استشير بعض المراجع النقابية، لاني منقوص التجربة والعمل الميداني كما صرح به ممثل الجامعة، مثل الأخ الككلي الذي يعتبر من ابرز الأقلام المستقلة في الجامعة التونسية والأخ نورالدين الفطحلي الذي أفادني كثيرا في فهم المنظومة النقابية، كما كانت بصمات بعض الإخوة مثل أنور بن قدور واحمد المعروفي واضحة في مسيرتي النقابية المنقوصة التي اتمنى الا اكون قدتها أخيرا الى الانتحار جراء تعلقي مثل غيري من الجامعيين بالفصل 10. اخيرا يدهشني ضيق صدر الجامعة وتشنج ردها ويأسفني عقلية الشيطنة التي مارستها ضدي وضد زميلي الككلي ومؤسف الا تجيب الجامعة عن اي سؤال من الاسئلة التي طرحتها بل تحول الحوار الى شيئ يشبه السباب بل يقترن بالوشاية في كثير من الاحيان شكرا لها على إيمانها بحرية التعبير التي بدت ناصعة في كل سطر من سطور ردها وشكرا لها أيضا حين تحرض جريدة الموقف ضدنا بشيء يشبه النميمة فتعتبر أن نشرها لمقالات النقابيين المستقلين تخليا منها عن نضالات الجامعة العامة وكأنه كان حريا بها أن تحجب صوتا لا يروق لها. كنت أود أن يصدر ذلك عن السلطة لا عن نقابة عامة تدعي أنها مناضلة وتوصف براس حربة الاتحاد الذي تحاشى الخوض في الفصل10 أثناء مداولات الهيئة الإدارية الأخيرة. حمزة الفيل استاذ محاضر عضو المجلس القطاعي