أثار الدكتور عبد الجبار الرفاعي قضية علم الكلام الجديد وأثره في التجديد والتقنين الفقهي، مؤكدا أن علم الكلام له تأثير في مشروعية الأحكام من حيث مبدأ الخضوع للحكم الإلهي من العبد؛ لأن العبد لا بد أن يخضع لأمر سيده وخالقه، جاء ذلك في الجلسة الأولى لليوم الثاني من أعمال الندوة السابعة المنعقدة في العاصمة العمانية مسقط تحت عنوان " التقنين والتجديد في الفقه الإسلامي المعاصر" في الفترة من 5:8/4/2008م، وقد خصصت تلك الجلسة لمناقشة "التقنين الفقهي وتطوراته." وأضاف الرفاعي أن الأصوليين بداية من الشافعي ووصولا إلى المتأخرين تأثروا بعلم الكلام، وبالتالي لا بد أن يكون لعلم الكلام الجديد تأثير على عملية التقنين والتجديد. وقد أثارت هذه المقولة ردود فعل من جمهور الفقهاء الحاضرين، فنفى فضيلة الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي رئيس رابطة علماء الشام أن يكون لعلم الكلام القديم أو الجديد تأثير على الإمام الشافعي، وهو العربي الأصيل الذي كان يبغض علم الكلام ولا يأخذ به. ووافقه الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأستاذ بكلية الشريعة بقطر ونائب رئيس مجلس إدارة إسلام أون لاين، نافيا أن يكون لعلم الكلام تأثير على الإمام الشافعي، مشيرا إلى إمكانية تأثر الفقهاء بعلم الكلام لكن بعد الشافعي بمراحل طويلة، وقد حاول كثير من الأصوليين تنقية أصول الفقه من مباحث علم الكلام. وفي نفس السياق أكد أ.د محمد كمال إمام رئيس قسم الشريعة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية على أن علم المنطق الجديد لم تتضح معالمه بعد، ولم يستقر على مباحثه حتى الآن، ومن ثم تساءل إمام: كيف يؤثر علم الكلام الجديد في مسألة التقنين والتجديد وهو على تلك الحالة. محاور الندوة الجدير بالذكر أن أعمال ندوة "التقنين والتجديد" تنقسم إلى أربعة محاور: المحور الأول: الاجتهاد والتجديد، المحور الثاني: التقنين الفقهي وتطوراته، المحور الثالث: مشكلات التقنين والتجديد وقضاياهما، المحور الرابع: الاجتهاد الفقهي المعاصر: تياراته ومآلاته. وقد تمت مناقشة المحور الأول حول (الاجتهاد والتجديد) في أول أيام الندوة بعد حفل الافتتاح، وشارك فيها الشيخ عبد الله بن راشد السيابي حول (النهضة الفقهية في عمان: الاجتهاد والتجديد عند سعيد بن خلفان الخليلي ونور الدين السالمي)- أ.د وهبة الزحيلي (المجتهدون في منتصف القرن الخامس عشر العشرين" بين التجديد والتقنين)– د. محمد مهدي نجف (سد باب الاجتهاد فتح باب الاجتهاد:المعنى والدلالات)– أ.د محمد سعيد البوطي حول (الاختلاف الفقهي ووظائفه في الاجتهادات الحديثة)- أ.د عمار الطالبي (النهوض الفقهي لدى فقهاء الإباضية في شمال إفريقيا:جهود أطفيش وبيوض)– أ.د محمد الحداد (دعوة الاجتهاد لدى محمد عبده ومدرسته:نحو التقنين الفقهي الإسلامي). أما عن جلسات اليوم الثاني فقد تم تخصيصها لمناقشة المحورين الثاني والثالث، المحور الثاني: التقنين الفقهي وتطوراته: شارك فيها: أ.د أحيمدة النيفر عن (فقه المصالح والمقاصد في المغرب: ابن عاشور وعلال الفاسي) – والشيخ عبد الله بن حمود العزي عن (المقاصد الشرعية وأثرها في حركة التجديد والتقنين) – والدكتور عبد الجبار الرفاعي حول (علم الكلام الجديد والتقنين الفقهي) – والشيخ علي عبد الباقي شحاتة عن (التقريب بين المذاهب والتقنين الفقهي)– والدكتور مصطفى باجو عن (مناهج التجديد لدى فقهاء عمان المعاصرين وأثرها في التقنين الفقهي). وبعد انتهاء عرض الأبحاث السابقة ومناقشتها بدأ التركيز في الجلسة المسائية حول المحور الثالث: مشكلات التقنين والتجديد وقضاياهما:وشارك في الجلسة كل من: الأستاذ الدكتور محمد الحسن البغا عميد كلية الشريعة بدمشق حول (جهود التقنين كما تبدو في مجلة الأحكام العدلية) – والأستاذ الدكتور محمد عاكف أيدن عن (الأبعاد القانونية وأثرها في التقنين الفقهي) – والأستاذ الدكتور أحمد الخمليشي عن (مدونات الأحوال الشخصية وجهود تطويرها) – وأخيرا أ.د محمود سامي جمال الدين حول (دراسة نقدية لمحاولة تقنين الفقه الإسلامي). يذكر أن هذه الندوة هي السابعة في سلسلة ندوات "تطور العلوم الفقهية في عمان" وتهدف هذه الندوات إلى دراسة التراث وتقديمه بصورة مشرقة، وتعمل على صياغة ثقافة فقهية أكثر مرونة وأقرب إلى ملامسة الواقع والحياة بتفاصيلها، ومن القضايا التي طرحت في ندوات سابقة: القواعد الفقهية، التأليف الموسوعي والفقه المقارن، مقاصد الشريعة، فقه النوازل وتجديد الفتوى. -------------------------------------------------------------------------------- رجب أبو مليح : مشرف صفحة الفتوى بالموقع.