كَشَفت وسائل إعلامية عن وجود جواسيس أمريكيين في الصحراء الإفريقية يرتدون ملابس الأفارقة ويتحدثون باللهجات العربية، لجمع معلومات حول تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يتخذ من المنطقة الحدودية الصحراوية بين مالي وموريتانيا والجزائر مركزًا لعمليَّاته.ويتدرَّب ضباط المخابرات الأمريكيون على اللغة والتقاليد والأعراف والأنساب القبلية، ويرتدون ملابس الأفارقة والقبليين ويلوِّنون وجوههم حتى تأخذ اللون الأسمر المميز لسكان المنطقة, كما تعلَّموا اللهجة "الحسانية" (اللهجة العربية السائدة), بحسب صحيفة "دار الخليج" الإماراتية. كما تواجد جاسوسات أمريكيات يلبسن الملحفة الموريتانية ويجبن الصحراء القاحلة متحملات الحرارة والعواصف الرملية وشظف العيش في سبيل تشكيل قاعدة بيانات واسعة عن السكان المحليين وأنماط عيشهم. وقال رجل موريتاني تزوج بواحدة منهن: "كانت أعلم مني بأنساب الأسر الموريتانية". وانتبهت وسائل الإعلام الموريتانية لتلك الظاهرة وانتشار التقارير الصحافية عن "شقراوات أمريكا في صحراء موريتانيا". ويركز الضباط الأمريكيون على إتباع أسلوب استراتيجية القاعدة في شمال مالي (إقليم أزواد)، حيث تم بناء علاقات قوية مع بعض شيوخ القبائل وشبكات التجار المتنقلين في منطقة الساحل. ويقول حيدرة أحد سكان أزواد: "لا شك أن شيوخ عشائر المنطقة يأتمرون بأوامر المخابرات الأمريكية والفرنسية، ومهمة هؤلاء تقديم المعلومات مقابل معونات تمرر بطرق ذكية جدًا". وأضاف "إذا جئت من بئر في الصحراء أو تجمع بدوي فستجد من يمطرك بوابل من الأسئلة عما رأيت وما سمعت، عن كل تحرك للغرباء، والذي يسألك هو أحد أبناء جلدتك أو معارفك"، مستدركًا "هذه المنطقة ستشهد قطعًا أحداثًا مهمة في المستقبل". وتابع حيدرة "تمرر المعلومات هنا عن طريقين، الاتصال عبر الهواتف الدولية أو السفر إلى دول الجوار", مشيرًا إلى أن "عملاء المخابرات الجزائرية والموريتانية والمغربية والفرنسية والأمريكية يتنافسون لجمع المعلومات". وشكل الزعيم الليبي معمر القذافي في وقت سابق مجلس شيوخ وعشائر الصحراء، الذي ضم شيوخ قبائل عربية وبربرية وإفريقية، وترأس بنفسه جلسات عدة لهذا المجلس. وقال القذافي وقتها في نواكشوط عام 2009: "إن من مهمة المجلس ضمان الأمن في الصحراء الكبرى كي لا تجد القوى العظمى مبررًا للتدخل ووضع قواعد عسكرية فيها". وخلال السنوات الثلاث الماضية بدأت موريتانيا، عبر رجال مدير أمنها المتمرس الجنرال محمد ولد الهادي استعادة صلاتها بسكان "أزواد" الذين تجمعهم قواسم مشتركة كثيرة بالسكان الموريتانيين حيث ينقسم العديد من القبائل بين موريتانيا وشمال مالي. أما الفرنسيون والأمريكيون، فقد بدؤوا قبل ذلك، وتحديدًا عند إنشاء الفرع الخارجي لقاعدة المغرب الإسلامي، الذي استخدم أراضي مالي والنيجر لخطف الرهائن وأدخل موريتانيا والجزائر، وأكدت أنشطة التنظيم أو صبت في صالح رؤية “صقور” الاستخبارات الأمريكية، الذين يسعون لتواجد عسكري استراتيجي. ونقل سياسي موريتاني ل" دار الخليج" قول ضابط أمريكي له إن: "مسألة حصولنا على قاعدة عسكرية في موريتانيا أمر مفروغ منه، لضمان أمننا", لكن الفرنسيين عارضوا بشدة وجودًا عسكريًا أمريكيًا في الساحل، وساعدهم موقف الجزائر وليبيا الرافض. وبعد التقارب الفرنسي الأمريكي عقب وصول ساركوزي إلى الحكم، خفت حدة التنافس بين القوتين على الساحل ليتجه هذا التنافس إلى تعاون استراتيجي. وكشفت العملية الموريتانية الفرنسية ضد معسكر للقاعدة داخل أراضي مالي، أن الاستخبارات الأمريكية في الساحل كانت المزود الرئيسي للمعلومات.