أطلقت مؤسسة كوسوفية غير حكومية حملة على شبكة الإنترنت لجمع مليون توقيع من مسلمي العالم لحث الدول العربية على الاعتراف باستقلال كوسوفا عن صربيا، والذي أعلنته يوم 17-2-2008. الحملة الشعبية التي أطلقتها مؤسسة "نور الحياة" الكوسوفية تأتي كنتيجة لعدم اعتراف أي دولة عربية حتى الآن بمولد أحدث دولة مسلمة في أوروبا، بينما اعترف بها 37 دولة، معظمها أوروبية، إضافة إلى خمس دول إسلامية فقط. وقال "أجرون دوشكو" المشرف على الحملة في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت": "إن الفكرة تولدت بعدما سمعنا عن الحملة الشرسة على المستويين الدبلوماسي والإعلامي التي تشنها الحكومة الصربية في العواصم العربية لإثنائهم عن الاعتراف باستقلال كوسوفا". طالع: شارك بالتوقيع في الحملة
كوسوفا.. الحقيقة الحملة الكوسوفية التي تأخذ طابع نداء "إلى العالم العربي" تتضمن خطابا بعنوان "الحقيقة بشأن كوسوفا" موجها إلى الدول العربية، ويشتمل على أدلة وحقائق تدعم استقلال كوسوفا التي كانت تحتلها القوات الصربية منذ عام 1912. واعتبر دوشكو أن "كوسوفا تمثل حالة كلاسيكية من حالات الانفصال عن دولة ذات سيادة، ويصعب مقارنة الحالة الكوسوفية بجميع حركات الانفصال في العالم". وأعرب عن اعتقاده بأن الدول العربية ليست ضد استقلال كوسوفا، قائلا: "أعتقد أن كلا من الشعب الألباني والشعوب العربية لديهم الكثير من الأمور المشتركة كالدين والتاريخ وغيرهما، لذا لا أعتقد أن الحكومات العربية تقف ضد استقلال كوسوفا" التي تسكنها أغلبية مسلمة من أصول ألبانية. ولفت إلى أن هذا الاعتقاد هو "ما دفعنا إلى القيام بهذه الحملة من أجل توضيح الحقائق التي تدعم الاستقلال؛ وتوجيه النداءات للدول العربية للاعتراف بدولتنا". جسر للتواصل وعن مدة الحملة قال المشرف عليها إنها "ستستمر إلى أن يعلم بها معظم مسلمي العالم"، مضيفاً: "نريد أن نضع المسلمين أمام مسئولياتهم تجاه إخوانهم في كوسوفا، ونقول لهم: إن شعب كوسوفا يحتاجكم اليوم أكثر من أي وقت مضى". واعتبر دوشكو أن اعتراف العرب بكوسوفا سيكون مفيدًا للجانبين، قائلا: "نحتاج لدعم الدول العربية في كافة المجالات للنهوض بدولتنا الجديدة". كما أن "اعتراف الدول العربية والإسلامية باستقلال كوسوفا يصب أيضا في مصلحتهم؛ لكون كوسوفا دولة جديدة في قلب أوروبا؛ ذات غالبية مسلمة، وهو ما يؤهلها لتكون جسرا للتواصل بين الحضارتين الإسلامية والغربية". وحتى عصر اليوم الأربعاء وقع 730 شخصا على الخطاب. وأوضح دوشكو: "لم نحدد عددًا معينًا لنبلغه، لكننا سنجتهد في جمع أكبر عدد ممكن من البلاد العربية والإسلامية، ونأمل أن نتجاوز المليون توقيع". وأعرب في الوقت نفسه عن تفاؤله بتجاوب الشعوب الإسلامية مع حملته "لأن الأمة وقت الأزمات تتعاطف مع بعضها البعض كالجسد الواحد". وبعيدا عن مواقف حكوماتهم يتعاطف المواطن العربي بشدة مع كوسوفا. صدمة الشارع أما المفكر الكوسوفي حسام الدين عباس فلفت إلى "أن الشعب الكوسوفي كان يتوقع أن تكون كل الدول العربية أو معظمها في مقدمة من يعترف باستقلالهم، إلا أن عدم اعتراف أي دولة عربية حتى اليوم بنا أحدث زلزالا في الشارع الكوسوفي". وأضاف في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت": "المثقفون يتساءلون عن أسباب هذا الموقف السلبي من استقلالنا". وأكد عباس أن "استقلال كوسوفا أصبح بالفعل حقيقة واقعية لا تراجع عنها، خاصة بعد أن اعترفت بهم معظم القوى الرئيسية في الغرب". ويرى مراقبون أن عدم اعتراف الدول العربية باستقلال كوسوفا ليس موجها إلى الدولة الوليدة في حد ذاتها، وإنما نابع من خشيتها أن يؤدي ذلك إلى تشجيع بعض الحركات الانفصالية بها للمطالبة بالاستقلال، ومن ثم تدخل المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولاياتالمتحدة، لدعم مواقفها الانفصالية كما هو الحال في السودان والمغرب، وغيرهما. ضغوط روسيا لكن في نهاية الأمر ستعترف الدول العربية باستقلال كوسوفا بعد أن تهدأ الأجواء المتوترة حاليا نظرا لضغوط روسيا –حليفة الصرب- عليها، وتطمئن موسكو إلى أن هذا الاعتراف لن يمثل خطرا على وحدة أراضيها، بحسب هؤلاء المحللين. وتبلغ مساحة كوسوفا 10.887 كيلومترات مربعة، وعدد سكانها 2.5 مليون نسمة، 92% منهم ألبان مسلمون، إضافة إلى أقلية صربية. ويعتبر ألبان كوسوفا جزءًا من الشعب الألباني، والذي يمثل أكبر تجمع إسلامي في منطقة البلقان؛ حيث يبلغ تعداده نحو 7 ملايين نسمة، وهو ما يعادل أكثر من 10% من إجمالي سكان دول البلقان البالغ نحو 60 مليون نسمة.