إعتمادات بأكثر من 1.6 مليون دينار لتركيز منشآت ومحولات كهربائية بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    توزر: تواصل التدخلات لإزالة آثار العاصفة الرملية ورفع الأشجار المتساقطة بفعل الرياح    البنك الأفريقي للتنمية: النمو في تونس سيصل إلى 1.9 بالمائة سنة 2025    عاجل/ الدينار التونسي في أعلى مستوياته مقابل الدولار الأمريكي    عاجل/ لبنان يحسم موقفه من التطبيع ويرد على تصريحات حكومة الاحتلال    النادي الإفريقي: "محمد الشافعي" يزف بشرى سارة للجماهير    تتويج التلميذتين التوأم بيسان وبيلسان كوكة من المدرسة الابتدائية 8 فيفري بالكاف لتمثيل تونس في النهائيات    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية " تتضمن دراسات وفتاوى لأعلام الزيتونة    علي بومنيجل يخوض تجربة تدريبية جديدة في السعودية    كرة اليد: تعيين ثلاثة فنيين للاشراف على المنتخبات الوطنية    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    علاقة وثيقة بين النوم والعمل..    عاجل : ''الكاف'' يفتح تحقيقًا بشأن منتخب الجزائر للسيدات    عاجل: الاتحاد المنستيري يعلن عن التركيبة الكاملة للإطار الفني للموسم الحالي    عاجل/ تغيّرات جوية مرتقبة ووزارة الفلاحة تحذّر..    لطفي رياحي: ''تمييز مجحف بين السائح الأجنبي والتونسي... لازم توحيد الأسعار''    هل سيُحيي نجل فضل شاكر حفلاً في تونس؟ إدارة مهرجان القيروان تُوضح    القصرين: حجز 11 طناً من البطاطا المخزنة خارج المسالك القانونية بمدينة بوزقام    وقتاش تعرف إلي بطارية كرهبتك تعبت ؟ العلامات إلي ما يلزمكش تغفل عليهم!    سرّ تخزين الدلاع باش ما يفسدش فيسع    موفى جوان 2025: عجز تونس التجاري يتفاقم إلى 9،900 مليار دينار..    عاجل/ أول تصريح لنتنياهو حول اتفاقه مع ترامب بشأن غزة..    مانشستر يونايتد يتعاقد مع المهاجم الفرنسي إنزو كانا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أكثر من 25 بالمائة من الناجحين من شعبة البكالوريا رياضيات يتحصّلون على ملاحظة حسن جدّا    هام/ نسب النجاح في دورتي البكالوريا حسب الولايات..    ولاية تونس : توجيه تنابيه لمن لم يلتحقوا بالنقاط المسندة إليهم بالأسواق البلدية البديلة    نجاح 21 تلميذا من أبناء قرى الأطفال "أس و أس" في دورة المراقبة لباكالوريا 2025    بعد العاصفة الرملية التي شهدتها توزر وقبلي: معهد الرصد الجوي يكشف التفاصيل..#خبر_عاجل    هام/ هذه الدول الأكثر طلبًا للكفاءات التونسيّة والمهن المطلوبة..    كأس العالم للأندية 2025: صراع محتدم على الحذاء الذهبي قبل االمباراة النهائية    سبعيني يكسّر القاعدة وينجح في الباك... قصة ما تتعاودش!    الحماية المدنية : 130 تدخلا لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة    4 سنوات سجن في حق رجل الأعمال لزهر سطا وخطية تفوق 5 ملايين دينار    طيران الإمارات تتصدر تصنيف YouGov لأكثر العلامات التجارية العالمية الموصى بها لعام 2025    بعد وضع اسمه في أفيش لسهرة بمهرجان قرطاج: مقداد السهيلي...أنا وين سي علاء!!!    عاجل: صدور حكم بالسجن سنة مع وقف التنفيذ ضد نجل فنان مشهور    القهوة باش تغلى؟ البرازيل في وجه العاصفة وترامب السبب    كفاش تحمي صغارك من شمس الصيف؟ نصائح ذهبية من أطباء الأطفال    برد الكليماتيزور يداوي ولا يضر؟ طبيبة توضّح شنو يلزمك تعمل    السخانة باش ترجع في الويكاند؟    باكستان.. مقتل 9 ركاب حافلة بعد اختطافهم من قبل مسلحين    حزب العمال الكردستاني يبدأ تسليم سلاحه    مقتل 150 مسلحاً في كمين للجيش النيجيري    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: ولا تنازعوا فتفشلوا ...    عاجل: من 20 إلى 90 دينار: تذاكر مهرجان قرطاج تثير الجدل من جديد    منظمة الصحة العالمية تمنح رئيس الجمهورية درع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح..    الليلة: خلايا رعدية وأمطار مع تساقط محلي للبرد    نسبة النجاح العامة في الدورتين الرئيسية والمراقبة لبكالوريا 2025 تبلغ 52.59 بالمائة    الموت في لحظة غفلة: السباحة الليلية تودي بحياة مراهق في بن قردان    عاجل: فيفا تُصدر تصنيف جويلية 2025...تعرف على مرتبة تونس عالميا وافريقيا    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قاضي القيروان:فتحي العابد
نشر في الفجر نيوز يوم 16 - 08 - 2010


بسم الله الرحمان الرحيم
يحكى فيما يحكى.. كان هناك جزار بالقيروان أضجع كبشا ليذبحه، فتخبط بين يديه وأفلت منه وذهب، فقام الجزار يطلبه وجعل يمشي إلى أن دخل إلى خربة، فإذا فيها رجل مذبوح يتشحط في دمه ففزع وخرج هاربا.
وإذا بصاحب الشرطة وأعوانه عندهم خبر القتيل، وبدأوا يبحثون عن القاتل والمقتول، فأصابوا الجزار وبيده السكين وهو ملوّث بالدم والرجل مقتول في الخربة، فقبضوا عليه وحملوه إلى دار القضاء.
وكان لنا في تلك الضاحية من الحلم العربي قاض، لم ير الناس حاكما قط زمّيتا، ولا حكيما، ولا ركينا، ولا وقورا حليما، يضبط من نفسه، ويملك من حركته مثل الذي يضبط ويملك، وكان مع ذلك لا يحرك يده إلا للضرب بالمطرقة عند انتهاء الجلسات، أو النطق بالحكم، ولا يشير برأسه.. وليس إلا أن يتكلم فيوجز، ويبلغ بالكلام اليسير المعاني الكثيرة.. هكذا شأنه من يوم أن عرفه الناس طالت الأيام أو قصرت.. في صيفها وشتائها..
فأتى مجلس الحكم واحتبى ولم يتكئ، فلا زال منتصبا لا يتحرك له عضو، ولايلتفت، ولايحلّ حبوته، ولايحوّل رجلا عن رجل، ولا يعتمد على أحد شقيه، حتى كأنه بناء مرصوص ، أو صخرة منصوبة..
وبينا هو كذلك في تلك الجلسة يسمع للجزار، وهم يستنطقونه وهو يعترف اعترافا لا إشكال فيه، إذ سقط على أنفه ذباب فأطال المكث، ثم تحول إلى مؤق عينه، فرام الصبر في سقوطه على أنفه من غير أن يحرك أرنبته.. أو أن يُغضّن وجهه.. أو أن يذبّ بإصبعه..
فلما طال ذلك عليه من الذباب وشغله وأحرقه، وقصد إلى مكان لا يحتمل التغافل، أطبق جفنه الأعلى على جفنه الأسفل، لم ينهض، ودعاه ذلك إلى أن يستمر بين الإطباق والفتح، فتنحى ريثما يسكن جفنه، ثم عاد إلى مؤقه بأشد من مرته الأولى، فغمس خرطومه في مكان كان قد أوهاه قبل ذلك، فكان احتماله له أضعف، وقدرته على الصبر في الثانية أقل، فحرك أجفانه وزاد في شدة الحركة.. وفي فتح العين وإطباقها.. فتنحى عنه بقدر ماسكنت حركته.. ثم عاد إلى موضعه، فما زال يلح عليه.. حتى استفرغ صبره وبلغ مجهوده..
فلم يجد بدّا من أن يذب عن عينيه بيده، ففعل وعيون القوم إليه ترمقه.. وكأنهم لا يرونه فتنحى عنه بقدر مارد يده وسكنت حركته، ثم عاد إلى موضعه، ثم ألجأه إلى أن ذب عن وجهه بطرف كمه.. ثم ألجأه أن تابع بين ذلك، وكل ذلك بعين الحاضرين..
في تلكم اللحظات بدأ رجل من الحاضرين يحك ويفرك عينيه لما رأى من إصرار الذباب.. أمره القاضي بالتقدم دون أن ينظر إليه، وتلى قوله تعالى بعد أن تأكد أن هذا الذباب قاده إلى طريق اليقين، وفتح له مدخلا من مداخل الفهم: "يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب"، ثم أردف: تكاثر الذباب هنا في القاعة دليل على وجود عفن بيننا.. لقد أرسله الله ليخبرنا أن القاتل بيننا..
نطق ذلك الرجل قائلا: أنا قاتل القتيل.. سيدي القاضي لقد عرفت الآن أن المدبر غيري بعدما رأيت العجب العجاب منك ومن الذباب.. سيدي القاضي لقد أدركت أنّ القوة الأصلية ليست بأيدينا، وأنك ترى بنور الله..!
فسأل بقية الحكام القاضي: من أين لك هذا؟
قال: عند الخوف لا يضع الإنسان يده إلا على أعز ما له ويخاف عليه، ورأيت الرجل قد وضع يديه على عينيه وبدأ يفركهما، فاستدللت بذلك على أنه هو القاتل..
فأمر الحاكم بإطلاق سراح الجزار بعد أن سأله: ياأيها الرجل ما دعاك إلى الإعتراف بالقتل وأنت بريء؟
أجاب الجزار: فما حيلتي؟ رجل مقتول في الخربة، وأخذوني وأنا خارج من الخربة، وبيدي سكين ملطخة بالدم، فإن أنكرت فمن يقبلني؟ وإن اعتذرت فمن يعذرني؟
فأنزله منزلا حسنا وأكرمه..
فتحي العابد كتبت بحمد الله في شهر ماي 2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.