حالة من الارتباك والتناقض تعانيها منظومة الحكم المصري، تصريحات متداخلة ومتضاربة فيما يخص مرشح الحزب الوطني للرئاسة القادمة ، لكنها تأتي في السياق العام لنمط إدارة حكم مصر الذي لا يعلم فيه أحد ماذا يُراد بالمصريين اليوم أو غداً! الحرس القديم بقايا التنظيمات والتيارات الفكرية المندثرة يصطفون حول مبارك الأب لأنه بحكم الزمن لا مكان لهم إلا حوله هو دون غيره، والمغامرون الجدد رجال المال والأعمال يصطفون حول الابن للمزيد من النفوذ والثروات ، وفي كلتا الحالتين فالطرح بشقيه الأب أو الابن يمثل إهانة بالغة لمصر الكبيرة القديرة التي تحولت لمشيخة أو تكية تؤبد للأب أو تورث للابن! حتى تيار المعارضة الذي تحرر من أسر الصفقات المشبوهة يعاني هو الآخر حالة الحيرة والارتباك ، البعض يرى تأجيل الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة انتقالية لتصحيح الأوضاع التشريعية والتنفيذية المشوهة ، لكنها رؤية تعاني الندرة بسبب ارتباطها بإرادة القيادة السياسية وبالتالي فهي في حكم المستحيل ، والبعض الآخر يرى مقاطعة كافة الانتخابات البرلمانية والرئاسية بهدف حرمان النظام من الشرعية الوهمية التي يرتكز عليها من خلال الانتخابات البرلمانية فاقدة الضمانات والرئاسية المحسومة سلفاً لمرشح الحزب الحاكم ، وهو أيضاً طرح يعاني الندرة بسبب الأحزاب الكرتونية المستوعبة أمنياً والتي أصبحت جزء عضوي ووظيفي من نظام الحكم ، والبعض يرى تكوين تكتل شعبي مشترك يضم تيارات المعارضة أو أغلبيتها والاتفاق على قوائم موحدة لانتخابات البرلمان ومرشح واحد للرئاسة ، لكنه هو الآخر يعاني الندرة بسبب أزمة الثقة التي تسود المشهد المصري فضلاً عن غياب ثقافة العمل المشترك ، في جميع الأحوال رغم كثرة المعوقات إلا أن المعارضة ما زالت تتمتع بالكثير من نقاط القوة والفرص المتاحة للتغيير المنشود وإن طال الطريق ، وهي الاستمرار في سياسة عض الأصابع أو سياسة إجهاد النظام ومنها : ** استمرار حالة الحراك الاجتماعي والسياسي وتعظيم الفائدة منه ** كسر الحاجز والهاجس الأمني لدى قطاع كبير من الجماهير خاصة الشباب ** ظهور تكتلات شعبية ذات قبول وشعبية بديلة للأحزاب الهزيلة على غرار الجمعية الوطنية للتغيير ومعلمون بلا نقابة واتحاد العمال الموازي ... ** مقاومة التزوير وتعبئة الرأي العام ضد المزورين ** الحصار الإعلامي والملاحقة القانونية والحقوقية لكل صور الفساد والاستبداد والتجاوزات لدرجة أرعبت النظام من الكلمة والصورة خلاصة الأمر أن المعارضة المصرية باتت على يقين انه لا أمل في هذا النظام وفرق المولاة الداعمة له ، وعليها تحمل مسئولياتها والاتفاق على حزمة الإصلاحات الواقعية والممكنة ، ثم الإصرار على الحركة والعمل وقيادة الشارع للضغط على النظام و تحمل التبعات المتوقعة ، من هنا تقترب محطة الوصول . محمد السروجي مدير المركز المصري للدراسات والتنمية