عاجل/ تكوين لجنة ميدانية لرصد سكب المياه المستعملة في الأودية والبحر بهذه الولاية    عاجل/ مصر: "المنطقة لن تنعم بالأمن"..    حالة الطقس ودرجات الحرارة هذه الليلة    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات دون 21 عاما - المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره البلغاري 0-3    الرابطة المحترفة الأولى: تعيينات حكام الجولة الافتتاحية لموسم 2025-2026    محطة القطار بباجة تدخل حيز الاستغلال موفى شهر أوت    وزيرالصحة يشرف بولاية منوبة على ملتقى تقييمي وتكريمي لأفراد البعثة الصحية المرافقة للحجيج    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    مؤسس المهرجان السويسري للأبل: وجدنا الدعم من وزارة السياحة ....والمهرجان دعاية للسياحة الصحراوية في تونس    بسبب المحتوى الخادش للحياء: أحكام سجنية ضد مشاهير على "تيك توك".. #خبر_عاجل    تقرير يكشف ركود سوق العقار... ونصيحة للمستأجرين والمشترين: ساوموا على السعر    عاجل: فتح باب التسجيل في حركة النقل الوطنية للمديرين والنظار حتى هذا التاريخ    سيدي بوسعيد تتربع على المرتبة الثالثة كأحلى مدينة صغيرة في العالم    خبر محزن: وفاة الفنان المصري سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    عاجل: الVAR حاضر رسميًا في الرابطة المحترفة بداية من هذه الجولة    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    عاجل: الصين تفرض غرامات كبيرة لمكافحة تفشي فيروس ''شيكونغونيا''.. تفاصيل صادمة    عادات يومية بسيطة تنجم تقصّر عمرك ما غير ما تحس..شنيا هي؟    تأجيل محاكمة مسؤولة سابقة بشركة السكك الحديدية ورفض الإفراج عنها    كلغ لحم العلوش يتجاوز 60 دينارا..!    أحزاب سياسية ومنظمات تدين "الاعتداء" على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل    المهرجان الصيفي بدوار هيشر من 13 إلى 18 أوت 2025    الكاف: إحداث وحدة للسموميات بقسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي بالكاف    الوسلاتية: محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    من أجل إعادة زراعة اللفت السكري : توزيع عقود على الفلاحين    وزارة الشؤون الدينية تصدر بلاغا هاما بخصوص الترشّح لأداء فريضة الحجّ لسنة 2026..#خبر_عاجل    الحماية المدنية: 601 تدخلا منها 140 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    حماس: قرار إسرائيل احتلال غزة يؤكد أن نتنياهو وحكومته لا يكترثون لمصير أسراهم    سليانة: تجميع مليون و570 ألف قنطار من الحبوب خلال موسم الحصاد    عاجل/ آخر مستجدات البحث عن الشاب المفقود في شاطئ الهوارية..    قطاع الاتصالات في تونس يحقق 339.9 مليون دينار في جوان 2025 رغم تراجع اشتراكات الهاتف الجوال    انطلاق موسم الرابطة المحترفة الأولى 2025-2026 وسط أزمات مالية وتحوير في نظام النزول    عاجل/ ردود أفعال دولية على قرار إسرائيل احتلال غزة..    محكمة رابعة تمنع أمر ترامب حظر منح الجنسية بالولادة    وسط أجواء إحتفالية منعشة ... النادي الصفاقسي يقدم لاعبيه المنتدبين الجدد ويكشف عن أزيائه الرسمية    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    عاجل: وفاة وإصابات خطيرة وسط جهود محاصرة أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 سنة    هام/ انطلاق التسجيل وإعادة التسجيل عن بعد لكافة التلاميذ اليوم بداية من هذه الساعة..    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    فيروس خطير يتفشى في ألمانيا    مبوكو تفاجئ أوساكا لتفوز ببطولة كندا المفتوحة للتنس    مهرجان صفاقس الدولي.. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    باش تمشي للبحر الويكاند؟ هذا هو حالة البحر السبت والأحد    شجار بين مغنيي راب يثير الجدل : حين يتحوّل الراب من صوت المهمشين إلى عنف الشارع    أخبار الشبيبة الرياضية بالعمران...انتدابات بالجملة وطموحات كبيرة    ترامب يضاعف مكافأة القبض على مادورو    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الدين القيّم:علم عظيم عن «الرحمان الرحيم»    هزة أرضية ثانية تضرب الإمارات    رضا الشكندالي: تراجع التضخم إيجابي لكنه لا يعكس واقع الأسعار التي يلمسها المواطن    إقبال محتشم والعودة المدرسية توجه الشراءات... ال «صولد» الصيفي... «بارد»!    أخبار النادي الصفاقسي: معلول جاهز و المهذبي و«موتيابا» يُمضيان    في عرض بمهرجان سوسة الدولي: «عشاق الطرب»جرعة إبداعية ضدّ التلوث السمعي    بعد الهجوم على مقر الاتحاد... متظاهرون يطالبون بالتجميد وقياديون يدعون النيابة للتحرّك    عاجل: وزارة المالية تعلن عن مناظرة جديدة بالديوانة... التفاصيل والتواريخ!    فتح باب الترشح للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية    منى نور الدين: مصدومة من جمهور سوسة... المسرح كان شبه خالٍ رغم تعبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أين نبدأ؟:أحمد الشيخ
نشر في الفجر نيوز يوم 29 - 08 - 2010

يتندر البريطانيون على الإيرلنديين بموقف يقول إن مسافرا سأل إيرلنديا عن الطريق إلى بلدة في إيرلندا, فأجاب الإيرلندي "لو كنت مكانك لما بدأت من هنا, ولكن من هنا نبدأ".
من أين نبدأ؟ ما فتئ هذا السؤال يلح كلما وقف المرء عند حال الأمة, إذ تتناوشها الأمم من حولها, وإذ هي ساهمة واهمة فلا تأخذ الدنيا بالدنيا ولا تأخذ من مقاصد الدين والشريعة ما يبني الأمم ويصون مصالح البلاد والعباد.
كل كتابنا ومفكرينا وحتى عامة الناس ومن هم مطحونون بهمِّ الرغيف, يجيدون تشخيص حال الأمة. الكل يعرف أننا محكومون بأنظمة ناقصة الشرعية لم تصل إلى السدة باختيار شعبي حر وشفاف يضمن لها تفويضا عاما بالحكم. الكل يعرف أن كياناتنا القطرية أخفقت في بلوغ مرحلة الدولة القومية وتجسيد متطلباتها.
والكل يدرك أن تلك الكيانات ميّعت هويتها حين حصرت نفسها في إطارها القطري الضيق, وانسلخت من هويتها الأوسع والأعمق في إطار أمة واحدة, ركناها العروبة والإسلام دينا وثقافة تجمع تحت قبتها من هم من غير المسلمين في وطن واحد.
والكل يعرف -مع غياب التفويض الشعبي لمن يَحكمون- أن الأمة مع أنها صاحبة السلطة ومصدرها في ديار المسلمين, فقدت المرجعية التي تحتكم إليها أوان الشدة وحين تقع الأزمات.
الكل يدرك أن أنظمتنا, مع انتفاء شرعيتها وضياع هويتها وتضييع مرجعيتها، أخفقت إخفاقا مبينا في ميادين التنمية والتعليم وعمارة الأرض وصون مصالح الناس ودرء ما يفسد حياتهم.
الكل يدرك أن كياناتنا خسرت حروبها الفاصلة مع عدوها لما خاضتها بجيوشها التقليدية, وأن الأمة صمدت لما قاتل الناس مقاومة في الجزائر وجنوب لبنان وقطاع غزة.
الكل يعرف أن شعوبنا في الوطن الكبير تحنّ إلى أنسام الحرية, إذ تطبق على صدورها صخور الاستبداد والتعتيم والظلم والجور وغياب الفصل بين المال والسياسة. فمن أين نبدأ حتى نتحرر أو نستعيد حريتنا باعتبارها حقا طبيعيا للبشر؟
وإني لأجد نفسي في موضع ذاك الإيرلندي, حائرا أمام ما يشهده المرء من نكوص عربي عن بقية الدنيا في كل الميادين.
فنحن نراوح مكاننا مثل مخلوق مقلوب على ظهره منذ ألف سنة, أسرى ذلك التوق إلى "القائد الرباني" الذي يقود الأمة وتحرسه, كما في أدبيات بعض الجماعات الإسلامية, وإلى عصر الإنجاز وسيادة الدنيا سياسة وعلما وإسهاما في المعرفة الإنسانية.
نعم نحن أسرى ماض ينزع كثير منا عنه صفات البشر ونقائصهم, ويضفي عليه قدسية ربما طويت صفحتها مع خاتمة الرسالة بانتقال الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ونحن مشلولون في عالم تركنا خلفه عاجزين حتى عن اللهاث للحاق به.
لكن هل يعني ذلك أن باب الأمل في التغيير أوصد ولن تفتح فيه كوة مهما كانت صغيرة ينفذ منها النور؟
فلننظر إلى ما حولنا من أمم: بلدان آسيا ونمورها كما عرفت خرجت مثلنا من تحت نير الاستعمار وتبعاته في القرن العشرين.
الصين -من دون الحديث عن معجزة اليابان المعروفة بداية- وهي الدولة الإمبراطورية المركزية في شرق آسيا منذ آلاف السنين, تنازعتها أطماع الغرب الاستعمارية منذ أواخر القرن الثامن عشر فاحتلت بكين العاصمة, وتقاسمت الشركات والقنصليات الغربية إدارة أجزاء واسعة من البلاد وحولتها إلى سوق مفتوحة للأفيون.
وفي الفترة نفسها, كان مبضع الاستعمار يقسم القوميات والجغرافيا في العالم العربي وفي أفريقيا, فنشأت من العدم عشرات الدول والكيانات القطرية. ومع انقشاع غبار الحرب العالمية الثانية, شهد العالم موجة "استقلالات" للدول الخارجة من مشيمة الاستعمار في أفريقيا وآسيا. وكذلك رفعت الصين في الوقت نفسه تقريبا راية الشيوعيين جمهورية مستقلة بقيادة ماوتسي تونغ إثر انتصاره على القوميين المتحالفين مع الغرب.
فأين الصين اليوم وأين دولنا العربية؟ لماذا نجحت الصين في التنمية بعد الانعتاق من هيمنة الغرب، مع أنها ليست على شاكلة الديمقراطيات الغربية في نظام الحكم والإدارة؟
وقد قصرت الحديث هنا عن التنمية، إذ أصبح النجاح في ميادينها معيار نجاح الدولة في مجملها, بل هي في حقيقة الأمر ركيزة الاستقرار الأولى, وربما غدت في كثير من المجتمعات التي قطعت شوطا نحو الحداثة بمفهومها الاسشرافي, أحد أهم دعائم الهوية القومية ومرتكزات شرعية النظام ومصداقيته.
لقد ظلت الصين على مدى تاريخها الممتد آلاف السنين دولة إمبراطورية مركزية رغم تبدل السلالات وتعاقب الغزاة, ولم تنسلخ من هويتها وثقافتها يوما. وفي أحلك الأوقات, ظلت فلسفة كونفوشيوس الاجتماعية والإنسانية عمودا فقريا يجمع الأطراف اجتماعا وجدانيا وجسمانيا ويضمن لها الاستمرار, تماما كما يفعل النهر الأصفر إذ قامت حوله حضارة الصين وازدهرت.
فمهما استمر الوجود الأجنبي، تجرف فلسفة كونفوشيوس مع تيارات النهر الأصفر كل طارئ، ويبقى الأصيل وقد تعلم واكتسب المعرفة.
أما في العالم العربي وأفريقيا فقد قامت -في الأغلب من العدم وبمشيئة المستعمر الراحل زعماً- كيانات لم تكن من قبل قائمة كدول مستقلة.
ولئن استمسكت الصين ونمور آسيا بماضيها الثقافي فحافظت على هويتها, فإن كياناتنا الجديدة لم تهتد -وقد تقوقعت على ذاتها القطرية- إلى ثقافة تعود إليها فتحافظ على هويتها، أو قل تصوغ لنفسها من تلك الثقافة ما يشبه هوية.
فما هي أولويات هوية الفلسطيني؟ أهو فلسطيني أولا أم هو عربي مسلم؟ والأمر نفسه ينطبق على المغربي والسوري والتونسي والأردني.
حتى الكيانات العربية الكبيرة مثل مصر، وجدناها وقد دخلت دهاليز كامب ديفد وسلمت كل الأوراق للبيت الأبيض كما قال أنور السادات يوما.. وجدناها في السبعينيات تتساءل عن هويتها، حيرى بين انتمائها للعروبة والإسلام وبين جذورها الفرعونية, وكأن الإرث الإسلامي العربي غاب ولم يعد النيل يقوم بما يقوم به النهر الأصفر من صيرورة تجمع البلاد والعباد على مصلحة مشتركة تجسد هوية واحدة.
وحين تغيب الهوية أو تتيه في الضباب كيف لمن يفتقدها أن يهتدي؟ وكيف لكياناتنا أن تحدد أولوياتها وأهدافها ومنهجها في التعامل مع الجوار ومع العالم وهي لا تعرف إن كانت قطريتها أولا أو قوميتها أو دينها أولا؟ وكيف لأي منها أن يختط لنفسه سياسة تنموية, وهو يجهل أن المحيط الحيوي الذي يؤمّن نجاح أي تنمية, هو هذا العالم العربي الممتد من تخوم جزيرة العرب على المحيط الهندي إلى تخوم الشمال الأفريقي على المحيط الأطلسي, متصلا بجواره المسلم وعلاقاته مع العالم أجمع؟
وكيف يستطيع الإنسان العربي أن يتلمس الطريق إلى التحرر ويشعر بعزة نفس ترفض الدنية, وقد انسلخ من جذوره الثقافية وطمست هويته الأوسع والأعمق, مقابل انتماء مصطنع لكيان أو كيانات أثبتت السنون والأحداث منذ سايكس بيكو وحتى اليوم, أنها أعجز من أن تنجح في حرب أو سلم؟
إذن فنحن عند مفترق طرق ونريد أن نحدد أيها يقودنا إلى استرداد هويتنا العربية المسلمة دينا لمن هم منا مسلمون، وثقافة لمن هم منا غير ذلك.
وكل من يخوض في هذا الموضوع سيجد نفسه في مثل موضع ذلك الإيرلندي الذي بدأنا به المقال "لو كنت مكانك لما بدأت من هنا, ولكن من هنا نبدأ".
أنبدأ من طريق التعليم؟ وهل يمكن أن يجود علينا الزمان بولي أمر في أحد كياناتنا -وخاصة الكبيرة منها- يعي أن نهضة الأمم وتحررها تبدأ من مقعد الدراسة؟
أنا لا أتحدث هنا عن سياسة "تغريب" التعليم التي باتت تنتشر في كثير من أقطارنا عبر مدارس خاصة تتبنى مناهج غربية, بحجة تعزيز إتقان التلاميذ للغة الإنجليزية وتخرج لنا أجيالا لا تدري أين موقعها في العالم ولا تحيط بهويتها علما.
نريد تعليما بلغتنا يهضم أساليب العصر ومبتكراته ويشدد في الوقت ذاته على هويتنا العربية المسلمة. أفلا يعلم المتحمسون لفكرة "تغريب" التعليم باللغة الإنجليزية أن من يفوزون بمسابقة أولمبياد الرياضيات, هم في الغالب أولئك الآسيويون اليابانيون والكوريون والصينيون الذي يدرسون الرياضيات بلغتهم الأم؟
نريد تعليما يأخذ بآخر ما في مناهج البحث الاستقرائي والعلمي, ويعزز في الوقت نفسه معرفة الطالب بهذا المحيط الحيوي العربي من أقصى الوطن إلى أقصاه.
لقد كانوا يقولون لنا -نحن الذين تتلمذنا وفق المناهج الدراسية القديمة في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات- إنها مناهج تلقينية لا تستعمل مناهج البحث العلمي الصحيحة، لكن أليست هي التي تخرج عليها كل أولئك الذين قادوا حركات التحرر في الوطن العربي منذ أن قسمته من غربه إلى شرقه اتفاقيات سايكس بيكو وآلة الاستعمار الغربي؟
ومع ذلك فهذه المناهج هي نفسها التي خرجت علماء عربا يتبوؤون اليوم مراكز علمية مرموقة في الغرب وجامعاته, ممن هم من قامة أحمد زويل وغيره.
نعم المناهج مهمة جدا في سياق العملية التعليمية, لكن ما من منهج يستطيع أن يرتقي بالنشء ما لم تكن الحاضنة الاجتماعية راشدة ومؤمنة بأهمية التحرر والتطور, وواعية بشخصيتها ومدركة لهويتها وأهدافها وأولوياتها.
وفي ضوء ما استجد في عصرنا من وسائل اتصال وتأثير جماهيري, فإن الإعلام يضطلع اليوم بدور شديد الأهمية في صياغة الهوية وتكريسها وترسيخها. فهل يقوم إعلامنا العربي اليوم بهذا الدور؟ أم هو في معظم الأحيان معول يهدم الهوية العربية الجامعة بدلا من أن يعزز جذورها, اللهم إلا بضع مؤسسات وقنوات تكاد تنجرف أمام طوفان الزبد الممول من أصحاب المال والسلطة.
وحين يشاهد المرء ما تتقيأ به الفضائيات الرخيصة والقنوات المبرمجة لمناجزة وإجهاض أي فكر وحدوي قومي عربي أو إسلامي, يدرك أن هويتنا هي الهدف الأول.
فكيف لجيل يمضي جل يومه يتراقص كالدببة مع مغريات الفيديو كليب، أن يؤمن بوحدة الأمة ويعمل من أجل استعادة حرية صادرها الاستعمار من قبل, وتصادرها حكومات جائرة في كثير من أقطارنا؟
أما دور العلماء وفقهاء الدين فقد كانوا كلما جار السلطان أو أصاب الأمة خطب أو هاجمها عدو، غدوا الركيزة الأساس في المقاومة والتعبئة.
رحم الله ابن حنبل إذ سجن وأبى أن يحابي السلطان بالتنازل عن رأيه، ورحم الله أبا حامد الغزالي الذي رسخ للأمة في كتابه العظيم "إحياء علوم الدين" قاعدة للمقاومة وهيأها كي تذود عن حريتها المهددة من غزاة يأتون مرة من الغرب وأخرى من الشرق.
ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية حين كان داعية التحرر والجهاد، وحين وقف خطيبا يحرض الناس قبل معركة الحوقب ضد المغول يؤكد لهم أن النصر قادم, فطالبه أمير دمشق الذي هزم في معركة سابقة بأن يقول إن شاء الله, فقال الشيخ المجاهد "أقولها تحقيقا لا تعليقا".
ورحم الله العز بن عبد السلام إذ حرض المصريين وحشدهم فكسروا شوكة الغزاة في عين جالوت الفاصلة.
فهل لنا اليوم من أمثال هؤلاء من يرسخون فقه الحرية والتحرر وتداول السلطة -رضي أصحاب السلطة أم أبوا- حتى نتحرر أفرادا ومجتمعات ونستعيد هويتنا الجامعة؟
الجزيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.