بين المرأة والأرض علاقة وثيقة، وكما تنظر الأنثى بشوق لقاء ذكرها عند التلقيح، تتلقف الأرض بشغف ما يتساقط عليها من مطر، يحمله الريح، وتلقح الأرض قبل أن تلد نباتها الذي بذره العاشق. وكم كان رائعاً شاعرنا محمود درويش حين مازج بين المرأة والأرض، وقال: إن لم تكن مطراً يا حبيبي فكن شجراً مُشبعاً بالخصوبة، كن شجراً. وإن لمن تكن شجراً يا حبيبي فكن حجراً، مشبعاً بالرطوبة، كن حجراً، وإن لم تكن حجراً يا حبيبي فكن قمراً. هكذا قالت امرأة لابنها في جنازته. وكذلك الأرض الفلسطينية، فهي أنثي تعشق الذِكْرَ والذَكَرَ، ولاسيما إذا كان فحلاً يقاتل بشراسة من أجلها، كي يثبت كفاءته، وقدرته على تلقيحها، لتنجب منه سلالة نقية من الفاتحين الجدد. إنها الأرض الفلسطينية التي تكره الرجل العنين، غير القادر على حمايتها، تحتقره، وهي تلقي بنفسها بين يدي المنتصر، لأنها لا تخون أنوثتها، وقد خانها عجز زوجها الذي ما استل سيفه، حين احتضنت عاشقها الذي أشهر رجولته، وفرض نفسه، فانصاع لإرادته المجتمع الدولي، وتراجع أمامه الرئيس الأمريكي أوباما، وخضع له حكام العرب!. الأرض الفلسطينية مليئة بالمشاعر والأحاسيس، فهي تبكي، وتفرح، وتأمل، وتيأس، وتستسلم طائعة للمنتصر، تحمل منه في أحشائها مستوطنات، ومباني شاهقةٍ، وتلد له الشوارع، والطرق الالتفافية، ومع ذلك، فالأرض الفلسطينية لا تبخل على زوجها العنين بفتات الطعام، وبعض المال، وبعض الوظائف، وبعض الامتيازات، ولكن إذا جن الليل، فإنها تأخذ زينتها، وتذهب لتنام في فراش العاشق المنتصر "بن يامين نتان ياهو". فلا تصدقوا كلام السياسيين بأن أرض فلسطين مقبرة الغزاة، وأنها ترفض النوم في حضن الغاصبين. الأرض الفلسطينية أنثى، وكل أنثى تشتاق للفارس الذي يلقي برأسه على صدرها، ويعد بأصابعه خصلات شعرها، ويتلمس براحة كفيّه مفاتنها، الأرض الفلسطينية لا تهين نفسها، وترفض أن تحمل في أحشائها ثمار الضعيف، فهي تخون من خانها، وفرط في عرضها، وفاوض عدوه في عدد الساعات التي سيقضيها في فراشها. والأرض الفلسطينية تُقبّل شفتي الفارس المنتصر، تعطيه قلبها، وعمرها، وخيرها، وتعطيه الآمان، وتوفر له الأمن، ولاسيما حين يغلق زوجها الباب دون مقاومة مغتصبها!. يحكي أن تاجراً من أحدى المدن في جنوبفلسطين باع في السوق ما لديه من أقمشة، وفي طريق عودته باغته لص، وسرق منه المال. ولما وجد اللص أن التاجر قد استسلم له دون مقاومة، سرق الحمار أيضاً، وتركه يعود إلى بيته مشياً على الأقدام. ولما اقترب التاجر من بيته، راح يلعن اللص، ويهدده بالموت والهلاك. غضبت زوجة التاجر من هذه التهديدات الجوفاء الرعناء، وطلبت من زوجها أن يسكت، وقالت له: ما الذي منعك من مقاومة اللص عندما جردك من مالك؟ وما قيمة تهديدك الآن، وقد سرق اللص المال والحمار؟ ولكن الزوج واصل صراخه، وتهديده: سأدمر، سأقتل، سأذبح، سأسخط، سأنسف. فما كان من الزوجة إلا أن تمسك بمكنسة البيت، وتنزل على رأس زوجها ضرباً! صرخ الزوج المهزوم من شدة الضرب، وقال لزوجته مهدداً: اضربيني كما تشائين، فلن أرد عليك الآن، لأنك امرأة حبلى، ولكنني، وأقسم بالله العظيم، بعد أن تلدي، وتقومي بالسلامة، لأكسر ضلعاً من أضلاعك!.