الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    استشهاد 20 شخصا في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    تونس حريصة على دعم مجالات التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( أحمد الحشاني )    مسؤول باتحاد الفلاحين: أضاحي العيد متوفرة والأسعار رغم ارتفاعها تبقى "معقولة" إزاء كلفة الإنتاج    تونس تشارك في الدورة 3 للمنتدى الدولي نحو الجنوب بسورينتو الايطالية يومي 17 و18 ماي 2024    المنستير: إحداث اول شركة أهلية محلية لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    رئيس الجمهورية يأذن بعرض مشروع نتقيح الفصل 411 من المجلة التجارية على مجلس الوزراء بداية الأسبوع المقبل    عضو هيئة الانتخابات: حسب الاجال الدستورية لا يمكن تجاوز يوم 23 أكتوبر 2024 كموعد أقصى لإجراء الانتخابات الرّئاسية    العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين بجرجيس مخبأة منذ مدة (مصدر قضائي)    الترجي الرياضي يكتفي بالتعادل السلبي في رادس وحسم اللقب يتاجل الى لقاء الاياب في القاهرة    كاس تونس - النجم الساحلي يفوز على الاهلي الصفاقسي 1-صفر ويصعد الى ربع النهائي    الحرس الوطني: البحث عن 23 مفقودا في البحر شاركوا في عمليات إبحار خلسة من سواحل قربة    طقس... نزول بعض الأمطار بالشمال والمناطق الغربية    المنستير : انطلاق الاستشارة لتنفيذ الجزء الثالث من تهيئة متحف لمطة في ظرف أسبوع    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    مهرجان «بريك المهدية» في نسخته الأولى: احتفاء بالتّراث الغذائي المحلّي    عمر الغول.. الولايات المتحدة تريد قتل دور مصر بالميناء العائم في غزة    ملتقى وطني للتكوين المهني    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    عاجل/ صفاقس: انقاذ 52 شخصا شاركوا في 'حرقة' وإنتشال 4 جثث    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    الإنتخابات الرئاسية: إلزامية البطاقة عدد 3 للترشح..هيئة الإنتخابات تحسم الجدل    آمر المركز الأول للتدريب بجيش الطيران صفاقس: قريبا استقبال أول دورة للجنود المتطوّعين    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    لم يُشهد لها مثيل منذ قرن: غرب ألمانيا يغرق في الفيضانات    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    داء الكلب في تونس بالأرقام    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    حفل تكريم على شرف الملعب الإفريقي لمنزل بورقيبة بعد صعوده رسميا إلى الرّابطة الثانية    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راي في الرؤية (2): عماد الطرابلسي
نشر في الفجر نيوز يوم 07 - 10 - 2010


اسئلة محرجة لكن مشروعة
قبل الخوض في اغوار الوثيقة "التاريخية " فاني اود ان امهد لذلك ببعض الامور التي لا ارى بدا من قولها رغم يقيني من ان آخرها قد يثير جدلا بين المهتمين بالشان الاسلامي عموما:
اهمال مقصود
قد يعذر البعض اذا رأوا أن حكمي على غياب النقد او التعرض لمضمون هذه الوثيقة بالدراسة قد وقع في التعميم الموقع حتما في الخطا وانا لا ادعي الاطلاع على كل ما حبر و لكني اجتهدت رايي استقراءا لما يجول في ساحتنا التونسية و ما يدور فيها من حديث حول هذا العمل لم ار انه جاوز المدح و الاعجاب.
طبعا لا يمكن لعاقل ان يهمل تؤملات الاخ الهادي بريك في الرؤية التي اخرجها لنا في تسع و عشرين حلقة و ما فيها من تعبيرات دقيقة تنم عن سعة اطلاع و لكني لا اعتبر ذلك المجهود المتميز سوى تقريظا للرؤية ابدى فيه الشيخ اراءا مستقلة و شروحات تيسرللقارئ فهمها.
خارج الزمن
كان الاتجاه الاسلامي يصدر بداية كل سنة جامعية بيانه الافتتاحي و كان الطلبة يتدافعون لقراءته و سبر اغواره لاستشراف طبيعة المواقف من كافة القضايا التي تلمس اهتمامات الكثير من الشرائح الطلابية و قد اقتبس الاخوة في حزب التحرير هذه العادة لبعض السنوات و يا ليتهم ما فعلوا. كان الواحد منا يقرأ بيانهم المرة تلو الاخرى ليظفر بكلمة واحدة تدل عبارة او اشارة على السنة التي كتب فيه بيان الحزب الافتتاحي فنظفر على ما يدل اننا نعيش بعد النكسة مثلا. كنا و نحن نواكب الاحداث التي كنا نصنعها نستغرب باي عقل يفكر هؤلاء و في اي زمن يعيشون حتى جاءتنا الرؤية الفكرية لتجعلنا في حيرة عن القرن او الزمان الذي كتبت فيه . صحيح ان هذه الوثيقة ليست ببيان سياسي او حزمة مواقف من قضايا البلاد ولكن:
هل يعقل الا تعثر في وثيقة مرجعية لحركة سياسية في اواخر القرن العشرين تبتغي الوصول الى السلطة عبر اقناع الناس ببرامجها على كلمة واحدة تدلك على العصر الذي كتبت فيه , أفي القرن الهجري الاول ام الخامس عشر؟ السنا نساهم بذلك في تثبيت قول القائل ان الحركات الاسلامية تعيش خارج التاريخ؟
هل يعقل ان تخصص حركة اسلامية وظيفتها اقناع الناس بخياراتها فقرة كاملة في رؤيتها حول من يعتبر في نظرها كافرا خارجا عن الاسلام دون ان تسعفك براي في القبول بالدولة المدنية من عدمه؟
هل يعقل ان تقوم وثيقة مقام الدستور المحدد لطبيعة الحركة دون ان تنبس ببنت شفة عن اهم القضايا كمشكلة الديمقراطية و القبول بالآخر و التداول على السلطة و حقوق الانسان و دور المرأة و التنمية و غير ذلك من امهات القضايا؟
هل يعقل ان تشتغل حركة سياسية باجماع الصحابة و تاويل النصوص الموهمة للتجسيم و تعارض النصوص و ترجيحها في بلد لم تستطع فيه اقناع سلطته او معارضته انها لا تحتكر الدين و انما تستعمل حقها في تقديم بدائلها حسب فهمها للاسلام ؟
هل يعقل ان تؤكد حركة سياسية ممنوعة من العمل تعمل على تبديد مخاوف الآخرين من دعاوي محاولتها اقامة دولة ثيوقراطية في وثيقتها " الموضحة لاسسها و المحددة لمعالمها" انها لا تفرق بين التوجه الى الله بالشعائر و التلقي منه في الشرائع ؟ و لا اظن معاني هذه الجملة خافية على احد و لا موقف عموم الامة من منهج قائلها الشهيد صاحب الظلال رحمه الله
قطع متجاورات
اذا قرئت الوثيقة بعين الفاحص المدقق فان اول ما يتبادر للذهن هو عدم تناسق الاسلوب مما يدعو الى الريبة في تعدد كتابها و هو ما قد يراه البعض منطقيا اذ ان هذا العمل ليس الا مجهودا جماعيا اشرف عليه الدكتور النجار و لكن مع الاسف فان التفسير الآخر و الذي قد يعتبر مفاجئة من العيار الثقيل هو الصحيح قطعا كما سايتي ذكره ان شاء الله.
ثم ان الجمل المتفرقة المتباعدة و الربط التعسفي بينها بروابط من قبيل : وعلى هذا الاساس, و بذلك, وعليه, غير ان , وقد,وبناء على هذا... يجعل النص اشبه بالقطع المتجاورات من الكلمات المرصفة منه الى النص المتماسك.
هذا بالاضافة الى بعض الكلمات المحشورة دون سياق مما يجعلها مستعصية على الفهم و تزيد من الشكوك حول ملابسات التاليف و الى القارئ اسوق هذا المثال و قد علمت الكلمات المسقطة كالكسف من السماء دون سياق, علما و اني قد اعتمدت النسخة الموجودة على موقع النهضة و ما اراني بذلك الا قد لزمت العرف:
" والوحي هو تلقي نبأ مقطوع بمصدره الإلهي بغير السنن والطرق المعهودة عند البشر، وإننا نؤمن بجميع رسل الله الذين ورد ذكرهم في القرآن أو لم يرد، دون تفريق بينهم، فنشهد لهم جميعا بالرفعة والعصمة والأمانة والصدق والتبليغ، وإن كنا نقر تفاوت منازلهم عند الله تعالى.
مرتبة الطلب، فلا يقبل عمل إذا لم يكن وراءه هذه العقيدة كدافع للعمل وواقع حسبما تقتضيه هذه العقيدة. فإن اختلت العقيدة أو فسدت أو كانت باطلة أو لم تتضمن أصولها كان العمل فاسدا أو غير مقبول، وبقدر رسوخ معالم العقيدة وأصولها في النفس يكون العمل ثقيلا في ميزان الحساب. " (انتهى النقل)
كل هذه الامور تثير شبهات حول الصياغة , هذا بالاضافة الى سر التوقف المفاجئ عند ركن الايمان الرابع دون سابق اعلام و قد حصل في ذهن القارئ ان الكاتب بصدد تفصيل اركان العقيدة الست.

السر و المفاجأة الكبرى
السر الخفي و الحقيقة المرة الكامنة وراء هذه الشبهات هي ببساطة ان هذه الرؤية ليست كما يدعي البعض مجهود فرد او جماعة امتد لسنوات و تمت فيه مراجعة و استشارة كبار المشائخ كالشيخين الاخوة و القرضاوي بل هي مع الأسف في جلها مجموعة فقرات منقولة من بعض الكتب(معالم في الطريق و العدالة الاجتماعية في الاسلام لسيد قطب) مع بعض التحويرات و احيانا كثيرة جمل منقولة برمتها حرفيا على طريقة النسخ و اللصق من كتابي في ظلال القرآن و خصائص التصور الاسلامي و مقوماته للشهيد سيد قطب و من الاصول العشرين للبنا.
و حتى لا يبدو هذه الادعاء من باب التقول فساضع بعض الامثلة التي لا تدع مجالا للشك بين يدي القارئ و ساكتفي بخمس امثلة و اترك البقية للقراء و لابناء الحركة غير المتعصبين اللهم الا تعصبا لحق و لكل الغيورين على الامانة العلمية و ساشير فيها الى مواضع التحوير ان وجدت اصلا.
المثال الاول:
نص الرؤية:
وعليه، فإننا لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وتوابعها مما سبق ذكره، وعمل بمقتضاها وأدى الفرائض برأي أو معصية، إلا أن أقر بكلمة الكفر أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة، أو كذب صريح القرآن أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال أو عمل لا يحتمل تأويلا غير الكفر.
نص الأصل العشرين للامام البنا:
لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض برأي أو بمعصية إلا إن أقر بكلمة الكفر أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة أو كذب صريح القرآن الكريم أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر.
المثال الثاني:
نص الرؤية:

ويجب في ذلك الاعتماد على حقائق الألفاظ والتأكد من حدود المعاني المقصودة بها والوقوف عندها، كما يجب الاحتراز من الخداع اللفظي، فالعبرة بالمسميات لا بالأسماء.
نص الأصل السادس عشر للامام البنا:
والعرف الخاطئ لا يغير حقائق الألفاظ الشرعية بل يجب التأكد من حدود المعاني المقصودة بها والوقوف عندها كما يجب الاحتراز من الخداع اللفظي في كل نواحي الدنيا والدين فالعبرة المسميات لا بالأسماء.
المثال الثالث:
نص الرؤية:
وعلى هذا الأساس من التوحيد، فنحن لا نفرق بين التوجه لله بالشعائر والتلقي منه في الشرائع، لا نفرق بينهما بوصفها من مقتضيات توحيد الله وإفراده سبحانه بالألوهية والحاكمية، ولا نفرق بينهما لأن الانحراف عن أي منهما يخرج صاحبه من الإيمان والإسلام قطعا.
نص الشهيد سيد قطب (خصائص التصور الاسلامي و مقوماته /فصل :التوحيد):

ولا يفرق التصور الإسلامي – كما أسلفنا- بين التوجه لله بالشعائر، والتلقي منه في الشرائع .‏‏.‏ لا يفرق بينها بوصفهما من مقتضيات توحيد الله، وإفراده –سبحانه- بالألوهية‏.‏ كما أنه لا يفرق بينهما في أن الحيدة عن أي منهما تخرج الذي يحيد من الإيمان والإسلام قطعاً‏.
المثال الرابع:
نص الرؤية (الجملة الخاتمة للمحور العقائدي):

وإن حملة التوحيد وهم يقدمون للبشرية هذا التصور الجديد، يقيمون معه منهجا كاملا للحياة، يقوم على تكريم الإنسان وعلى إطلاق يديه وعقله وضميره وروحه من كل عبودية، وعلى إطلاق كل طاقاته لينهض بالخلافة عن الله في الأرض، عزيزا كريما كما أراده خالقه، وفي نهوضه بالخلافة وهو حر كريم يملك أن يقدم إضافة حضارية وهو في أوج حريته وفي أوج كرامته وعزته..
نص الشهيد سيد قطب (خصائص التصور الاسلامي و مقوماته /الجملة الخاتمة للكتاب):

وهم حين يقدمون للبشرية هذه الهدية يقدمون معها منهجاً كاملاً للحياة منهجاً يقوم على تكريم الإنسان، وعلى إطلاق يده وعقله وضميره وروحه من كل عبودية إطلاقه بكل طاقاته لينهض بالخلافة وهو حر كريم، يملك إذن أن يقدّم وأن يقوم الأمجاد العلمية، والفتوحات الحضارية، وهو في أوج حريتهن وفي أوج كرامتهن .‏
المثال الخامس:
نص الرؤية :(منزلة الانسان في العقيدة الاسلامية)

وبهذا المعنى للعبادة يتوجه الإنسان إلى الله بكل خاطرة في الضمير، وكل حركة في الجوارح، وكل سعي في الحياة، توجها خالصا متجردا من كل شعور آخر، ومن كل معنى غير معنى الخضوع لله.
وبهذا التوجه يتحقق معنى العبادة، فيصبح العمل كالشعائر، والشعائر كعمارة الأرض، وعمارة الأرض كالجهاد في سبيل الله...

نص الشهيد سيد قطب (في ظلال القرآن/ سورة الذاريات) :

والثاني: هو التوجه إلى الله بكل حركة في الضمير، وكل حركة في الجوارح، وكل حركة في الحياة. التوجه بها إلى الله خالصة، والتجرد من كل شعور آخر، ومن كل معنى غير معنى التعبد لله.
بهذا وذلك يتحقق معنى العبادة؛ ويصبح العمل كالشعائر، والشعائر كعمارة الأرض، وعمارة الأرض كالجهاد في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله. (انتهى النقل)
متشبع بما لم يعط

لا اشك ان هذا العرض الوجيز قد يدع مجالا للريبة اللهم لمن كان شعاره في الحياة :عنز ولو طارت بان محرر هذه الوثيقة فردا كان او جماعة لم يكن الا ناقلا دون عزو او احالة على المصدر و منتحلا لكلام غيره و متشبعا بما لم يعط صدق فيه قوله صلى الله عليه و سلم " المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور."
و رغم ان هذه الاعمال و لها مسميات قانونية محددة نتجاوز ذكرها من باب الاحترام للشيوخ(بمعنى قوله تعالى "ثم لتكونوا شيوخا") لا تجلب الا الفضيحة و قد استنكرها حتى شعراء الجاهلية ( و لا اغير على الاشعار اسرقها * منها غنيت و شر الناس من سرقا) و يستنكرها كل ذو فطرة سليمة و قد نهى الامام احمد من وجد ورقة بها احاديث سقطت من احد ان يكتب منها ثم يردها , فان هذه الظاهرة واسعة الانتشار في الاوساط العربية بسبب الخمول الفكري(ظاهرة الانحباس الفكري) وغياب الرادع و قبل كل شيئ حب التكسب و الظهور ( اضمن كل بيت نصف بيت * فشعري نصفه من شعر غيري - فان الدرهم المضروب باسمي * احب الي من دينار غيري).
و حتى لا يظن الطيبون ان هذه الظاهرة اقل انتشارا في الاوساط الاسلامية و هو المفترض فاني اؤكد على ان اعظم و افضح حالات الانتحال العلمي وقعت في الاوساط الاسلامية و يكفي ان نذكر ان كتاب العلامة ابن قيم الجوزية بدائع الفوائد ماخوذ من كتاب نتائج الافكار للسهيلي (صاحب الروض الانف) كما ذكر جمال ابو حسان في رسالته.
اما كتابه مدارج السالكين فقد تعرض للسطو من طرف المحدث "الكبير "( خليفة الشيخ الالباني ) العلامة سليم الهلالي بطريقة عجيبة حيث نسخ ثمان و خمسين صفحة هكذا دون مواربة و الحقها بكتابه "حادي الروح" بل قد سطا على كتاب العلامة القرضاوي ( الذي يراه يتبع فرقة ضالة) برمته "الصبر في القرآن الكريم" و نسبه لنفسه بعد ان غير عنوانه الى "الصبر في القرآن و السنة " و ذلك من فرط حبه للسنة , و لم يسلم منه الشهيد قطب الذي الف فيه كتابا لم يذكره فيه الا بالسوء و قال فيه ما لم يقل مالك في الخمر الا ان ذلك لم يمنعه من السطو المتكرر على تفسير الظلال ليصدرها كمقالات في مجلة المجاهد . و قديما الف السيوطي في ذلك كتاب "الفارق بين المصنف و السارق".
و لمن اراد ان يطلع على العجب العجاب فليراجع الكتاب الطريف لحسان عبد المنان "السرقات العلمية دراسة و تقسيما و علاجا"

اسئلة محرجة لكن مشروعة
لن تمنعني الحقيقة الساطعة كوضح النهار ان افكار و صياغات و اسلوب الرؤية الفكرية تعود الى الامامين الشهيدين البنا و قطب من الرد عليها و التاكيد على انها مخالفة لما توافقت عليه الامة و هذا ما اكده العلامة القرضاوي في الرد على اطروحات صاحب الظلال رحمه الله, و من قبله المرحوم الهضيبي في "دعاة لا قضاة" و هذا ما انوي عمله في الحلقة القادمة ان شاء الله ولست بذلك بمتسكع في حنادس الفكر . و قبل ذلك اريد ان اطرح بعض الاسئلة على الاخوة المولعين بهذه الوثيقة:

هل برايكم يستقيم علميا و من باب الامانة النقل بهذا الشكل الفاضح من كتاب افضوا الى ما قدموا دون عزو او احالة؟
اذا لم اتكن الصياغات و لا الافكار من صنع ابناء الحركة فاين تكمن دواعي المفخرة؟
اذا كان الاخ الدكتور النجار يستسيغ هذا العمل و قد اتفق العالم باسره على عدم استساغته فله ان يفعل ذلك في كتاباته ( و قد راج في مجلة الامة لغط من هذا القبيل حول كتاب "فقه التدين فهما و تنزيلا") و لكن هل يجوز له ان يورط حركة بحالها كانت تحمل آمال الكثيرين من ابناء بلد الزيتونة في التمكين للفهم الوسطي لهذا الدين بحشر نقولات (عن طريق السطو) في وثيقة بتلك الاهمية من حيث ارتباطها بالحركة؟
اذا كان حال التاليف لم يخرج على اقتطاع بعض الفقرات من بعض الكتب ففيم قضيت كل تلك السنوات الخمس , ام ان الامر لا يخرج عن كونه دعاية اعلامية؟
بغض النظر عن النسخ و اللصق و هو ما لم تعلمه بالضرورة قيادة الحركة فان الافكار المنقولة لا يمكن ان يغيب عن متابع ناهيك عن دارس نسبتها لسيد قطب و اذا كان العلامة القرضاوي الذي وصفه الشيخ راشد الغنوشي بشيخ الاسلام و مجدد القرن قد قال عن الشهيد سيد قطب انه بكتاباته الاخيرة قد خرج عن اهل السنة و الجماعة بوجه ما و انه في امر التكفير قد حاد عن الصراط السوي لاهل السنة و الجماعة فان السؤال المركزي الذي يطرح: لماذا اختارت حركة النهضة الي تدعو للوسطية و الاعتدال وساحة فعلها شعب كله على دين التوحيد بل على مذهب فقهي واحد وقد صلى رئيسها خلف احمد حرمل حين كان على راس الحزب الشيوعي افكار الشهيد لتجعل منها قاعدة في تصورها للعقيدة وقد اقر نص الوثيقة بانه تصور جديد بعد ان اكد في المقدمة انه ليس بتصور مقطوع الجذور ولا بعقيدة جديدة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.