لاليغا الاسبانية.. سيناريوهات تتويج ريال مدريد باللقب على حساب برشلونة    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    الاتحاد المنستيري يضمن التأهل إلى المرحلة الختامية من بطولة BAL بعد فوزه على نادي مدينة داكار    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    الأنور المرزوقي ينقل كلمة بودربالة في اجتماع الاتحاد البرلماني العربي .. تنديد بجرائم الاحتلال ودعوة الى تحرّك عربي موحد    اليوم آخر أجل لخلاص معلوم الجولان    الإسناد اليمني لا يتخلّى عن فلسطين ... صاروخ بالستي يشلّ مطار بن غوريون    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    مع الشروق : كتبت لهم في المهد شهادة الأبطال !    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    حجز أجهزة إتصال تستعمل للغش في الإمتحانات بحوزة أجنبي حاول إجتياز الحدود البرية خلسة..    بايرن ميونيخ يتوج ببطولة المانيا بعد تعادل ليفركوزن مع فرايبورغ    متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة: أمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل/ بعد تداول صور تعرض سجين الى التعذيب: وزارة العدل تكشف وتوضح..    قطع زيارته لترامب.. نقل الرئيس الصربي لمستشفى عسكري    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    الملاسين وسيدي حسين.. إيقاف 3 مطلوبين في قضايا حق عام    إحباط هجوم بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا'المليوني'    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    حجز عملة أجنبية مدلسة بحوزة شخص ببن عروس    الكاف: انطلاق موسم حصاد الأعلاف مطلع الأسبوع القادم وسط توقّعات بتحقيق صابة وفيرة وذات جودة    نقيب الصحفيين : نسعى لوضع آليات جديدة لدعم قطاع الصحافة .. تحدد مشاكل الصحفيين وتقدم الحلول    نهاية عصر البن: قهوة اصطناعية تغزو الأسواق    أهم الأحداث الوطنية في تونس خلال شهر أفريل 2025    الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 2025": فرصة لدعم الشراكة والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة والمستدامة    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    مبادرة تشريعية تتعلق بإحداث صندوق رعاية كبار السن    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    إحباط عمليات تهريب بضاعة مجهولة المصدر قيمتها 120 ألف دينار في غار الماء وطبرقة.    تسجيل ثالث حالة وفاة لحادث عقارب    إذاعة المنستير تنعى الإذاعي الراحل البُخاري بن صالح    زلزالان بقوة 5.4 يضربان هذه المنطقة..#خبر_عاجل    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي اليوم بهذه الولايات..#خبر_عاجل    برنامج مباريات اليوم والنقل التلفزي    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    خطير/كانا يعتزمان تهريبها إلى دولة مجاورة: إيقاف امرأة وابنها بحوزتهما أدوية مدعمة..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    أريانة: القبض على تلميذين يسرقان الأسلاك النحاسية من مؤسسة تربوية    بطولة فرنسا - باريس يخسر من ستراسبورغ مع استمرار احتفالات تتويجه باللقب    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    ترامب ينشر صورة له وهو يرتدي زي البابا ..    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راي في الرؤية (2): عماد الطرابلسي
نشر في الفجر نيوز يوم 07 - 10 - 2010


اسئلة محرجة لكن مشروعة
قبل الخوض في اغوار الوثيقة "التاريخية " فاني اود ان امهد لذلك ببعض الامور التي لا ارى بدا من قولها رغم يقيني من ان آخرها قد يثير جدلا بين المهتمين بالشان الاسلامي عموما:
اهمال مقصود
قد يعذر البعض اذا رأوا أن حكمي على غياب النقد او التعرض لمضمون هذه الوثيقة بالدراسة قد وقع في التعميم الموقع حتما في الخطا وانا لا ادعي الاطلاع على كل ما حبر و لكني اجتهدت رايي استقراءا لما يجول في ساحتنا التونسية و ما يدور فيها من حديث حول هذا العمل لم ار انه جاوز المدح و الاعجاب.
طبعا لا يمكن لعاقل ان يهمل تؤملات الاخ الهادي بريك في الرؤية التي اخرجها لنا في تسع و عشرين حلقة و ما فيها من تعبيرات دقيقة تنم عن سعة اطلاع و لكني لا اعتبر ذلك المجهود المتميز سوى تقريظا للرؤية ابدى فيه الشيخ اراءا مستقلة و شروحات تيسرللقارئ فهمها.
خارج الزمن
كان الاتجاه الاسلامي يصدر بداية كل سنة جامعية بيانه الافتتاحي و كان الطلبة يتدافعون لقراءته و سبر اغواره لاستشراف طبيعة المواقف من كافة القضايا التي تلمس اهتمامات الكثير من الشرائح الطلابية و قد اقتبس الاخوة في حزب التحرير هذه العادة لبعض السنوات و يا ليتهم ما فعلوا. كان الواحد منا يقرأ بيانهم المرة تلو الاخرى ليظفر بكلمة واحدة تدل عبارة او اشارة على السنة التي كتب فيه بيان الحزب الافتتاحي فنظفر على ما يدل اننا نعيش بعد النكسة مثلا. كنا و نحن نواكب الاحداث التي كنا نصنعها نستغرب باي عقل يفكر هؤلاء و في اي زمن يعيشون حتى جاءتنا الرؤية الفكرية لتجعلنا في حيرة عن القرن او الزمان الذي كتبت فيه . صحيح ان هذه الوثيقة ليست ببيان سياسي او حزمة مواقف من قضايا البلاد ولكن:
هل يعقل الا تعثر في وثيقة مرجعية لحركة سياسية في اواخر القرن العشرين تبتغي الوصول الى السلطة عبر اقناع الناس ببرامجها على كلمة واحدة تدلك على العصر الذي كتبت فيه , أفي القرن الهجري الاول ام الخامس عشر؟ السنا نساهم بذلك في تثبيت قول القائل ان الحركات الاسلامية تعيش خارج التاريخ؟
هل يعقل ان تخصص حركة اسلامية وظيفتها اقناع الناس بخياراتها فقرة كاملة في رؤيتها حول من يعتبر في نظرها كافرا خارجا عن الاسلام دون ان تسعفك براي في القبول بالدولة المدنية من عدمه؟
هل يعقل ان تقوم وثيقة مقام الدستور المحدد لطبيعة الحركة دون ان تنبس ببنت شفة عن اهم القضايا كمشكلة الديمقراطية و القبول بالآخر و التداول على السلطة و حقوق الانسان و دور المرأة و التنمية و غير ذلك من امهات القضايا؟
هل يعقل ان تشتغل حركة سياسية باجماع الصحابة و تاويل النصوص الموهمة للتجسيم و تعارض النصوص و ترجيحها في بلد لم تستطع فيه اقناع سلطته او معارضته انها لا تحتكر الدين و انما تستعمل حقها في تقديم بدائلها حسب فهمها للاسلام ؟
هل يعقل ان تؤكد حركة سياسية ممنوعة من العمل تعمل على تبديد مخاوف الآخرين من دعاوي محاولتها اقامة دولة ثيوقراطية في وثيقتها " الموضحة لاسسها و المحددة لمعالمها" انها لا تفرق بين التوجه الى الله بالشعائر و التلقي منه في الشرائع ؟ و لا اظن معاني هذه الجملة خافية على احد و لا موقف عموم الامة من منهج قائلها الشهيد صاحب الظلال رحمه الله
قطع متجاورات
اذا قرئت الوثيقة بعين الفاحص المدقق فان اول ما يتبادر للذهن هو عدم تناسق الاسلوب مما يدعو الى الريبة في تعدد كتابها و هو ما قد يراه البعض منطقيا اذ ان هذا العمل ليس الا مجهودا جماعيا اشرف عليه الدكتور النجار و لكن مع الاسف فان التفسير الآخر و الذي قد يعتبر مفاجئة من العيار الثقيل هو الصحيح قطعا كما سايتي ذكره ان شاء الله.
ثم ان الجمل المتفرقة المتباعدة و الربط التعسفي بينها بروابط من قبيل : وعلى هذا الاساس, و بذلك, وعليه, غير ان , وقد,وبناء على هذا... يجعل النص اشبه بالقطع المتجاورات من الكلمات المرصفة منه الى النص المتماسك.
هذا بالاضافة الى بعض الكلمات المحشورة دون سياق مما يجعلها مستعصية على الفهم و تزيد من الشكوك حول ملابسات التاليف و الى القارئ اسوق هذا المثال و قد علمت الكلمات المسقطة كالكسف من السماء دون سياق, علما و اني قد اعتمدت النسخة الموجودة على موقع النهضة و ما اراني بذلك الا قد لزمت العرف:
" والوحي هو تلقي نبأ مقطوع بمصدره الإلهي بغير السنن والطرق المعهودة عند البشر، وإننا نؤمن بجميع رسل الله الذين ورد ذكرهم في القرآن أو لم يرد، دون تفريق بينهم، فنشهد لهم جميعا بالرفعة والعصمة والأمانة والصدق والتبليغ، وإن كنا نقر تفاوت منازلهم عند الله تعالى.
مرتبة الطلب، فلا يقبل عمل إذا لم يكن وراءه هذه العقيدة كدافع للعمل وواقع حسبما تقتضيه هذه العقيدة. فإن اختلت العقيدة أو فسدت أو كانت باطلة أو لم تتضمن أصولها كان العمل فاسدا أو غير مقبول، وبقدر رسوخ معالم العقيدة وأصولها في النفس يكون العمل ثقيلا في ميزان الحساب. " (انتهى النقل)
كل هذه الامور تثير شبهات حول الصياغة , هذا بالاضافة الى سر التوقف المفاجئ عند ركن الايمان الرابع دون سابق اعلام و قد حصل في ذهن القارئ ان الكاتب بصدد تفصيل اركان العقيدة الست.

السر و المفاجأة الكبرى
السر الخفي و الحقيقة المرة الكامنة وراء هذه الشبهات هي ببساطة ان هذه الرؤية ليست كما يدعي البعض مجهود فرد او جماعة امتد لسنوات و تمت فيه مراجعة و استشارة كبار المشائخ كالشيخين الاخوة و القرضاوي بل هي مع الأسف في جلها مجموعة فقرات منقولة من بعض الكتب(معالم في الطريق و العدالة الاجتماعية في الاسلام لسيد قطب) مع بعض التحويرات و احيانا كثيرة جمل منقولة برمتها حرفيا على طريقة النسخ و اللصق من كتابي في ظلال القرآن و خصائص التصور الاسلامي و مقوماته للشهيد سيد قطب و من الاصول العشرين للبنا.
و حتى لا يبدو هذه الادعاء من باب التقول فساضع بعض الامثلة التي لا تدع مجالا للشك بين يدي القارئ و ساكتفي بخمس امثلة و اترك البقية للقراء و لابناء الحركة غير المتعصبين اللهم الا تعصبا لحق و لكل الغيورين على الامانة العلمية و ساشير فيها الى مواضع التحوير ان وجدت اصلا.
المثال الاول:
نص الرؤية:
وعليه، فإننا لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وتوابعها مما سبق ذكره، وعمل بمقتضاها وأدى الفرائض برأي أو معصية، إلا أن أقر بكلمة الكفر أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة، أو كذب صريح القرآن أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال أو عمل لا يحتمل تأويلا غير الكفر.
نص الأصل العشرين للامام البنا:
لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض برأي أو بمعصية إلا إن أقر بكلمة الكفر أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة أو كذب صريح القرآن الكريم أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر.
المثال الثاني:
نص الرؤية:

ويجب في ذلك الاعتماد على حقائق الألفاظ والتأكد من حدود المعاني المقصودة بها والوقوف عندها، كما يجب الاحتراز من الخداع اللفظي، فالعبرة بالمسميات لا بالأسماء.
نص الأصل السادس عشر للامام البنا:
والعرف الخاطئ لا يغير حقائق الألفاظ الشرعية بل يجب التأكد من حدود المعاني المقصودة بها والوقوف عندها كما يجب الاحتراز من الخداع اللفظي في كل نواحي الدنيا والدين فالعبرة المسميات لا بالأسماء.
المثال الثالث:
نص الرؤية:
وعلى هذا الأساس من التوحيد، فنحن لا نفرق بين التوجه لله بالشعائر والتلقي منه في الشرائع، لا نفرق بينهما بوصفها من مقتضيات توحيد الله وإفراده سبحانه بالألوهية والحاكمية، ولا نفرق بينهما لأن الانحراف عن أي منهما يخرج صاحبه من الإيمان والإسلام قطعا.
نص الشهيد سيد قطب (خصائص التصور الاسلامي و مقوماته /فصل :التوحيد):

ولا يفرق التصور الإسلامي – كما أسلفنا- بين التوجه لله بالشعائر، والتلقي منه في الشرائع .‏‏.‏ لا يفرق بينها بوصفهما من مقتضيات توحيد الله، وإفراده –سبحانه- بالألوهية‏.‏ كما أنه لا يفرق بينهما في أن الحيدة عن أي منهما تخرج الذي يحيد من الإيمان والإسلام قطعاً‏.
المثال الرابع:
نص الرؤية (الجملة الخاتمة للمحور العقائدي):

وإن حملة التوحيد وهم يقدمون للبشرية هذا التصور الجديد، يقيمون معه منهجا كاملا للحياة، يقوم على تكريم الإنسان وعلى إطلاق يديه وعقله وضميره وروحه من كل عبودية، وعلى إطلاق كل طاقاته لينهض بالخلافة عن الله في الأرض، عزيزا كريما كما أراده خالقه، وفي نهوضه بالخلافة وهو حر كريم يملك أن يقدم إضافة حضارية وهو في أوج حريته وفي أوج كرامته وعزته..
نص الشهيد سيد قطب (خصائص التصور الاسلامي و مقوماته /الجملة الخاتمة للكتاب):

وهم حين يقدمون للبشرية هذه الهدية يقدمون معها منهجاً كاملاً للحياة منهجاً يقوم على تكريم الإنسان، وعلى إطلاق يده وعقله وضميره وروحه من كل عبودية إطلاقه بكل طاقاته لينهض بالخلافة وهو حر كريم، يملك إذن أن يقدّم وأن يقوم الأمجاد العلمية، والفتوحات الحضارية، وهو في أوج حريتهن وفي أوج كرامتهن .‏
المثال الخامس:
نص الرؤية :(منزلة الانسان في العقيدة الاسلامية)

وبهذا المعنى للعبادة يتوجه الإنسان إلى الله بكل خاطرة في الضمير، وكل حركة في الجوارح، وكل سعي في الحياة، توجها خالصا متجردا من كل شعور آخر، ومن كل معنى غير معنى الخضوع لله.
وبهذا التوجه يتحقق معنى العبادة، فيصبح العمل كالشعائر، والشعائر كعمارة الأرض، وعمارة الأرض كالجهاد في سبيل الله...

نص الشهيد سيد قطب (في ظلال القرآن/ سورة الذاريات) :

والثاني: هو التوجه إلى الله بكل حركة في الضمير، وكل حركة في الجوارح، وكل حركة في الحياة. التوجه بها إلى الله خالصة، والتجرد من كل شعور آخر، ومن كل معنى غير معنى التعبد لله.
بهذا وذلك يتحقق معنى العبادة؛ ويصبح العمل كالشعائر، والشعائر كعمارة الأرض، وعمارة الأرض كالجهاد في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله. (انتهى النقل)
متشبع بما لم يعط

لا اشك ان هذا العرض الوجيز قد يدع مجالا للريبة اللهم لمن كان شعاره في الحياة :عنز ولو طارت بان محرر هذه الوثيقة فردا كان او جماعة لم يكن الا ناقلا دون عزو او احالة على المصدر و منتحلا لكلام غيره و متشبعا بما لم يعط صدق فيه قوله صلى الله عليه و سلم " المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور."
و رغم ان هذه الاعمال و لها مسميات قانونية محددة نتجاوز ذكرها من باب الاحترام للشيوخ(بمعنى قوله تعالى "ثم لتكونوا شيوخا") لا تجلب الا الفضيحة و قد استنكرها حتى شعراء الجاهلية ( و لا اغير على الاشعار اسرقها * منها غنيت و شر الناس من سرقا) و يستنكرها كل ذو فطرة سليمة و قد نهى الامام احمد من وجد ورقة بها احاديث سقطت من احد ان يكتب منها ثم يردها , فان هذه الظاهرة واسعة الانتشار في الاوساط العربية بسبب الخمول الفكري(ظاهرة الانحباس الفكري) وغياب الرادع و قبل كل شيئ حب التكسب و الظهور ( اضمن كل بيت نصف بيت * فشعري نصفه من شعر غيري - فان الدرهم المضروب باسمي * احب الي من دينار غيري).
و حتى لا يظن الطيبون ان هذه الظاهرة اقل انتشارا في الاوساط الاسلامية و هو المفترض فاني اؤكد على ان اعظم و افضح حالات الانتحال العلمي وقعت في الاوساط الاسلامية و يكفي ان نذكر ان كتاب العلامة ابن قيم الجوزية بدائع الفوائد ماخوذ من كتاب نتائج الافكار للسهيلي (صاحب الروض الانف) كما ذكر جمال ابو حسان في رسالته.
اما كتابه مدارج السالكين فقد تعرض للسطو من طرف المحدث "الكبير "( خليفة الشيخ الالباني ) العلامة سليم الهلالي بطريقة عجيبة حيث نسخ ثمان و خمسين صفحة هكذا دون مواربة و الحقها بكتابه "حادي الروح" بل قد سطا على كتاب العلامة القرضاوي ( الذي يراه يتبع فرقة ضالة) برمته "الصبر في القرآن الكريم" و نسبه لنفسه بعد ان غير عنوانه الى "الصبر في القرآن و السنة " و ذلك من فرط حبه للسنة , و لم يسلم منه الشهيد قطب الذي الف فيه كتابا لم يذكره فيه الا بالسوء و قال فيه ما لم يقل مالك في الخمر الا ان ذلك لم يمنعه من السطو المتكرر على تفسير الظلال ليصدرها كمقالات في مجلة المجاهد . و قديما الف السيوطي في ذلك كتاب "الفارق بين المصنف و السارق".
و لمن اراد ان يطلع على العجب العجاب فليراجع الكتاب الطريف لحسان عبد المنان "السرقات العلمية دراسة و تقسيما و علاجا"

اسئلة محرجة لكن مشروعة
لن تمنعني الحقيقة الساطعة كوضح النهار ان افكار و صياغات و اسلوب الرؤية الفكرية تعود الى الامامين الشهيدين البنا و قطب من الرد عليها و التاكيد على انها مخالفة لما توافقت عليه الامة و هذا ما اكده العلامة القرضاوي في الرد على اطروحات صاحب الظلال رحمه الله, و من قبله المرحوم الهضيبي في "دعاة لا قضاة" و هذا ما انوي عمله في الحلقة القادمة ان شاء الله ولست بذلك بمتسكع في حنادس الفكر . و قبل ذلك اريد ان اطرح بعض الاسئلة على الاخوة المولعين بهذه الوثيقة:

هل برايكم يستقيم علميا و من باب الامانة النقل بهذا الشكل الفاضح من كتاب افضوا الى ما قدموا دون عزو او احالة؟
اذا لم اتكن الصياغات و لا الافكار من صنع ابناء الحركة فاين تكمن دواعي المفخرة؟
اذا كان الاخ الدكتور النجار يستسيغ هذا العمل و قد اتفق العالم باسره على عدم استساغته فله ان يفعل ذلك في كتاباته ( و قد راج في مجلة الامة لغط من هذا القبيل حول كتاب "فقه التدين فهما و تنزيلا") و لكن هل يجوز له ان يورط حركة بحالها كانت تحمل آمال الكثيرين من ابناء بلد الزيتونة في التمكين للفهم الوسطي لهذا الدين بحشر نقولات (عن طريق السطو) في وثيقة بتلك الاهمية من حيث ارتباطها بالحركة؟
اذا كان حال التاليف لم يخرج على اقتطاع بعض الفقرات من بعض الكتب ففيم قضيت كل تلك السنوات الخمس , ام ان الامر لا يخرج عن كونه دعاية اعلامية؟
بغض النظر عن النسخ و اللصق و هو ما لم تعلمه بالضرورة قيادة الحركة فان الافكار المنقولة لا يمكن ان يغيب عن متابع ناهيك عن دارس نسبتها لسيد قطب و اذا كان العلامة القرضاوي الذي وصفه الشيخ راشد الغنوشي بشيخ الاسلام و مجدد القرن قد قال عن الشهيد سيد قطب انه بكتاباته الاخيرة قد خرج عن اهل السنة و الجماعة بوجه ما و انه في امر التكفير قد حاد عن الصراط السوي لاهل السنة و الجماعة فان السؤال المركزي الذي يطرح: لماذا اختارت حركة النهضة الي تدعو للوسطية و الاعتدال وساحة فعلها شعب كله على دين التوحيد بل على مذهب فقهي واحد وقد صلى رئيسها خلف احمد حرمل حين كان على راس الحزب الشيوعي افكار الشهيد لتجعل منها قاعدة في تصورها للعقيدة وقد اقر نص الوثيقة بانه تصور جديد بعد ان اكد في المقدمة انه ليس بتصور مقطوع الجذور ولا بعقيدة جديدة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.