هذه الكلمات القصيرة تحمل تساؤلا بسيطا في طرحه، عميقا في جوهره، أقضَّ مضجعي وأنا صادق فيما أقول وليس تصفيفا للكلام... الإطار مدني خالص، ليس فيه تكفير ولا محاكم تفتيش، الهدف بحث عن الحقيقة بحث عن جواب، السبب قيمي خالص فيه حب وأخوة.. السبب كتابات متوالية لبعض الإخوة العائدين وهم يمَجّدون الوضع الداخلي ويصفونه بأحسن الأحوال، يشهدون بما رأوا ولامسوه عن قرب أو سمعوه مباشرة دون وسيط...شهادات تتوالى وأنا أتابع عن كثب مع تساؤلات عدة أعظمها وأشدها: هل نعي حقيقة عظم الشهادة وما تجره من تبعات في الإطار المدني من حقوق المواطنة وعلاقة الراعي بالرعية وقضايا التنمية والتخلف!! ولن أتحدث عن الباب الشرعي فهو ليس من مشمولات هذه الكلمات...فالشهادة للذات والتاريخ والعصر، شهادة تُكتَب ولا تُمحَى، التاريخ يَحضنها ولا ينسى، والشعوب تراقب ولا تنسى، والأيام دول... لن أتحدث عن الصدق والمناورة، لن أتحدث عن كلمة الحق عند سلطان جائر، لن أتحدث عن الشهادة الشرعية، عن شهادة الزور، عن الضمائر والنوايا...فهذه أبواب لن أطأها ولن يجدها القارئ لأني أظن أن أصحابها قد حسموها ولا تعني هذه الورقة... العودة مفهوم وممارسة قُتِلَ كتابةً ومراجعة، وموقفي منها معروف ومنتهي منذ سنين، ألخصه للتذكير في كلمات، العودة ليست عودة أجساد ولكن عودة أفكار، ليست عودة موت ولكن عودة حياة، خروج بكرامة رغم التشريد وعودة بكرامة، الاستقرار بكرامة وليست نزهة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، خروج بمشروع وعودة بمشروع... أردت أن أسأل من عاد وخاصة من يحمل باعا في العلم وبسطة في الفقه، وما أكثرهم، عن معنى الشهادة على الناس، هل هي خاصة أم عامة، هل هي شاملة أم جزئية، هل هي صادقة أم مناوِرة، هل التقية مقبولة في هذا الباب [السؤال مدني]؟؟؟ أطرح هذا التساؤل لأني عندما أراجع بعض الكتابات للعائدين الذين تجشموا عبئ الكتابة لإعلامنا بما سمعوا ورأوا وشاهدوا وشهدوا، إلا وانبسطت الأقلام في ذكر الأحجار والأشجار، تعبيد طرق وبناء الشواهق والجسور، بعد الحديث عن رؤية أم عجوز أو وأب شيخ مسن. هل وقع التعرض لكل الإطار، هل هناك مناطق ظل ومنازل معفو عنها، أريد أن أعلم أريد أن أتعلم، وللجميع فائق تقديري واحترامي. لقد رأيت في صمت أحد الإخوة العائدين المعروف بعلمه، بابا ملطَّفا ومخرجا أقلَّ حرجا، ولعل هذا الأخ الكريم بعلمه وتقواه ولج الباب الشرعي بوعي والذي لم نلجه، ولعله رأى أن حالة التماس هذه توجب أقل الضررين حتى لا تُفتَحَ أبوابٌ لا نخال إغلاقها سهلا في الدنيا والآخرة، رغم أن الساكت عن الحق شيطان أخرس أو هكذا يقال، وهو ما نستبعده عن أهلنا وإخوتنا. أكتوبر 2010