عاجل/ السفارة الأمريكية بتونس تعلن عن هذا القرار..    المنتخب الوطني: إنطلاق التحضيرات إستعدادا لمواجهة قطر    في كاس افريقيا لكرة السلة 3x3 : المنتتخب التونسي كبريات ينتصر على اوغندا 20-16    نابل: الانطلاق في توزيع المساعدات المخصصة لمجابهة موجة البرد لفائدة 900 عائلة معوزة    عاجل/ هذا ما تقرر في جلسة محاكمة عبير موسي..    حندوبة: أكثر من مليون و 400 ألف سائح جزائري توافدوا على الجهة    المرصد التونسي الاجتماعي يسجل ارتفاعا في عدد التحركات الاجتماعية إلى غاية شهر نوفمبر الماضي    عاجل: إحباط واحدة من أخطر محاولات تهريب العملة والذهب في رأس جدير    لطيفة العرفاوي تصدر كليب"نتفكر"    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    وزارة الشؤون الدينية الجزائرية: الأضرحة والزوايا جزء من هويتنا    أرعبهم ب"البراكاجات": السجن 20 سنة لمروع سواق "التاكسي"..    عاجل : نبيل معلول يهاجم الطرابلسي بعد بداية مخيبة لنسور قرطاج    الحجز المبكر: الترويج الرقمي خيار إستراتيجي    40% من التوانسة يستخدمون الخدمات الرقمية    جلسة عمل بوزارة الصحة مع وفد من كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية حول تعزيز التكوين الطبي والتعاون الثنائي    عاجل/ وسط ظروف غامضة..العثور على جثة شاب داخل منزله..    عاجل: تعرف على تصريحات الطرابلسي بعد مباراة تونس وفلسطين    هام/ قافلة صحية مجانية بالمدرسة الابتدائية 2 مارس قصر السعيد الثاني..    تعرضت لمشكلة على الطريق؟ الأرقام الي تنجم تنقذك    لذاكرة حادة.. 10 أغذية تحافظ على قوة دماغك..احرص عليها..    كأس العرب: مواجهة حاسمة بين عُمان والمغرب في المجموعة الثانية    شويا ثوم وطماطم وبرشا بصل...وصفة من دكتورة تونسية    تظاهرة علمية لتسليط الضوء حول التحديات الحالية وآفاق مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في تونس    عام سجناً مع تأجيل التنفيذ لفتاة تواصلت مع خطيبها المنتمي لتنظيم داعش الإرهابي    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    الرابطة الثانية: تعيينات حكام مباريات الجولة الثانية عشرة    عاجل: ماشي 'للحج'' في 2026..رّد بالك تعمل الحاجة هذه    باش تفهمها مليح: كان شهريتك مليون...الإقتطاع بش يكون 5 دينارات    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    بشرى سارة للحوامل المصابات بالسكري.. تقنية جديدة تعيد الأمل..    عاجل: اليوم.. 18 ولاية تحت اليقظة الصفراء... أمطار، رعد ورياح قوية    قد تتسبّب في فيضان الأودية: قائمة الولايات المعنية بالأمطار اليوم    تواصل البحث عن البحارة المفقودين..ساسي علية يوجه هذا النداء..#خبر_عاجل    رحيل ساحر "مورتال كومبات"    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    مصر.. مرشح يفوز في انتخابات النواب رغم وفاته    من بعد إيقاف الهجرة من 19 دولة... قرار جديد يشدّد أكثر على المهاجرين    بعد إهانات ترامب.. اعتقال صوماليين في "حملة مينيابوليس"    قرعة كأس العالم 2026: متى تُقام؟ وكيف يمكن متابعتها؟    سعيد يفجرها: "البعض ما زال يتوهّم أنّه بإمكانه زرع اعوانه في كل مكان، كلهم مكشوفون.."    فاجعتان بحريّتان بين سيدي منصور وقابس... والبحث متواصل عن 3 مفقودين    فانس يتهم الاتحاد الأوروبي ب"مهاجمة حرية التعبير" بسبب غرامة على "إكس"    خليفة "أبو شباب": سترى حماس الوجوه الحقيقية التي كان يجب أن تراها منذ وقت طويل    الندوة الصحفية لأيام قرطاج السينمائية..3،8 ملايين دينار ميزانية الدورة 36    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    شركة النّقل بتونس تعلن عن توقف الجولان كليا على الخط الحديدي تونس/حلق الوادي/المرسى (ت.ح.م) نهاية الأسبوع    حفل تقديم الكتاب الجديد للدكتور محمّد العزيز ابن عاشور "المدينة في زمن الباشا بايات" بقصراحمد باي بالمرسى الاحد 7 ديسمبر 2025    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية : يوم 31 ديسمبر آخر أجل للترشح للدورة الثانية    تفاصيل برنامج الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..    تشكيلة المنتخب التونسي في مواجهة فلسطين..#خبر_عاجل    توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة تونس المنار والشبكة العربية للإبداع والابتكار    هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تفتح مناظرة لإنتداب 90 عون وإطار    فخر لكل التوانسة: تونس تتوّج وجهة سياحية جذابة وممتعة عالميًا!    بعد صدمة وفاة ابنها.. شوفوا شنوا صاير لفيروز والشائعات اللي تحوم عليها    قابس: البحث عن 3 بحارة غرق مركبهم بالصخيرة بعد ان انطلق من قابس    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار غزيرة ورياح تتجاوز 70 كلم/س حتى هذا الموعد..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا سلام دون حماس : د. مصطفى يوسف اللداوي
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 10 - 2010

تصريحاتٌ خطيرة تلك التي دأب الرئيس الأمريكي جيمي كارتر على إطلاقها كلما زار منطقة الشرق الأوسط، فقد اعتاد أن يعلن إثر كل لقاءٍ له مع قيادة حركة حماس في غزة أو دمشق، أنه لا سلام في المنطقة دون إشراك حركة حماس، فهي لاعبٌ أساس في الساحة الفلسطينية، وقطبٌ فلسطيني لا يمكن تجاوزه أو إهماله، داعياً إسرائيل والأطراف الدولية والإقليمية إلى الاعتراف بشرعية حركة حماس، والاعتراف بنتائج الانتخابات التي قادتها إلى المجلس التشريعي الفلسطيني، ثم إلى رئاسة الحكومة الفلسطينية، ويكرر من على كل المنابر دعواته بضرورة التعامل مع حماس، والاتصال بها، وعدم الانقطاع عنها، مبيناً خطورة استمرار الحصار على قطاع غزة، وسلبيات مقاطعة حركة حماس وعدم اللقاء بها، فهو يدعو الرباعية الدولية بأطرافها المختلفة، ومختلف الدول الأوروبية، إلى ضرورة اللقاء مع حركة حماس، والاستماع إلى وجهات نظرها، وإشراكها في مناقشة مستقبل القضية الفلسطينية، وآفاق العملية السلمية مع الكيان الإسرائيلي، وأن مقاطعتها تضر بالأمن والاستقرار، وتقلل من فرص التوصل إلى اتفاقية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واستبعادها يهدد فرص السلام، وبين أن أي محاولة لعزل حركة حماس ستبوء بالفشل، وستقود إلى نتائج معاكسة، إذ ستزيد من شعبية الحركة، وستعاظم نفوذها، وستقوي تأثيرها في الشارع الفلسطيني.
يرى جيمي كارتر وغيره من النشطاء الغربيين أنه لا يمكن لأي فرصةٍ للسلام أن تستقر في الشرق الأوسط، أو ترى النور، دون أن يكون هناك تفاهم واضح مع حركة حماس، فهم يعترفون بأنها ليست حركة أقلية، وإنما هي حزب الأغلبية، فهي تمثل قطاعاتٍ واسعة من الشعب الفلسطيني، وتنشط في جميع الأوساط الفلسطينية، ومؤسساتها الاجتماعية تعمل بكل حيويةٍ ونشاط في جميع أجزاء النسيج المجتمعي الفلسطيني، ولها أتباعٌ ومؤيدون لدى جميع شرائح المجتمع الفلسطيني، كما أن بنيتها التنظيمية قوية ومتماسكة، وقيادتها موحدة، وقراراتها واحدة ومتناسقة، وقدراتها العسكرية كبيرة، وجناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام يتمتع بكامل قوته، ولديه الجاهزية والاستعداد الكافي والفوري لمواجهة أي عدوانٍ إسرائيليٍ جديد، كما أن لدى الجهاز العسكري لحركة حماس القدرة على المبادرة والمباغتة والمباشرة في أي وقت تحدده وتختاره قيادته، كما أنها الحركة الأكثر تضرراً من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، إذ أن معتقليها في السجون الإسرائيلية يعدون بالآلاف، فيشكلون عماد السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وهي التي تحتجز الجندي الإسرائيلي جيلعاد شاليط، وتمتلك وحدها مفاتيح حل أزمته وتحريره من أسره، إن وافقت الحكومة الإسرائيلية على شروطها، وقبلت بمبادلته بمئات السجناء والمعتقلين الفلسطينيين، المنتمين تنظيمياً لها ولغيرها من الفصائل الفلسطينية، وعناصرها وكوادرها العسكرية والسياسية هم المستهدفين دائماً في عمليات الاعتقال والاغتيال، سواء من قبل سلطة رام الله، أو من قبل الجيش الإسرائيلي.
اعترافاتٌ غربية متكررة بحقائق ثابتة على الأرض، لا يمكن إنكارها أو إهمالها، ولا يستطيع أي منصفٍ أن يتجاوزها، أو يلغي التعامل معها، أو التفاعل مع نتائجها، فهي واضحةٌ وأكيدة كالشمس في رابعة النهار، ولكن لماذا هذه الاعترافات في هذا الوقت بالذات، ولماذا الاصرار المتكرر على أنه لا سلام في المنطقة دون إشراك حركة حماس، فهل هي دعوة لصناع القرار، وقادة دول المنطقة إلى الاعتراف بحركة حماس والتعامل معها، والقبول بشروطها، والنزول عند أهدافها وغاياتها، أم أنها تصريحاتٌ مخادعة، وإشادةٌ ومديحٌ قاتل، فهي تعترف بشرعية حركة حماس، وتقر بقوتها وفاعليتها وتأثيرها، ولكنها ترمي إلى توريط حركة حماس في مستنقع عملية السلام، وتهدف إلى إغراقها في حمأة المفاوضات مع الكيان الإسرائيلي، بعد أن ثبت لديها أن التيار المفاوض فقد تأثيره ونفوذه على الأرض، لهذا تدفع بحركة حماس إلى بناء المزيد من العلاقات الدولية، ولكن على أساسٍ من الاعتدال والوسطية والعقلانية والبرغماتية، فهم يريدون حركة حماس شريكاً فاعلاً في عملية السلام، ولكن بغير مفاهيم حماس، وبغير ثوابت الشعب الفلسطيني، يريدونها شريكاً معترفاً به، لكن دون مقاومة، ودون إصرارٍ على المطالبة بالحقوق التاريخية والثابتة للشعب الفلسطيني.
العلاقات الدولية ضرورة للشعب الفلسطيني في معركته مع الاحتلال الإسرائيلي، والفلسطينيون في حاجةٍ دائمة إلى تكتلاتٍ دولية، شعبية ورسمية، في مواجهتهم للاحتلال الإسرائيلي، وقد بينت قوافل الحرية الدولية أهمية التشكيلات الدولية في التأثير على مسار السياسات الدولية، ودورها الكبير في فضح السياسات الإسرائيلية، وفي إحراج المجتمع الدولي والإقليمي، ولكن هذه العلاقات ينبغي ألا تكون على حساب الثوابت والأصول، فحركة حماس قد تمضي قدماً في بناء المزيد من العلاقات الدولية، وقد تلتقي بآخرين من السياسيين والنشطاء، ولكنها أبداً حماس التي لا تنجر إلى ما يريدون، ولا تحقق لهم ما يصبون إليه، ولن تكون إلا حماس التي انطلقت، فهم يريدون إقحامها في المعركة السياسية، لينؤوا بها عن المقاومة، ويبعدوها عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والحقيقة أن ألسنتهم معنا، ولكن قلوبهم مع إسرائيل، فهم يتطلعون إلى حماية الكيان الإسرائيلي، وتخليصه من كل ما قد يعرضه للخطر، ومن المؤكد أن حلمهم بإشراك حركة حماس في العملية السلمية، سيحقق لهم بعض ما عجزت الآلة العسكرية الإسرائيلية عن تحقيقه، فهم يريدون حماس دون بندقية، يقبلون بها إن هي حملت غصن الزيتون وتخلت عن سلاحها، فالمفاوضون على طاولة المفاوضات، العزل من كل سلاح، والمجردين من كل آليةٍ للمقاومة، لا يشكلون خطراً على أمن ومستقبل دولة الإحتلال، ولكن مقاومة تمتلك الإرادة والقوة والبندقية، وتسعى نحو العزة والكرامة، تخيفهم وتقلقهم على مستقبل كيانهم الذي زرعوه في منطقتنا العربية.
تصريحاتٌ جميلةٌ براقةٌ وحلوة، تدغدغ العواطف وترضي النفوس، تطرب لها الآذان وتسعد بها القلوب، ولكنها تصريحاتٌ مخادعة ضالةٌ مضلة، تهدف إلى حماية الكيان الإسرائيلي أكثر من حرصها على الشعب الفلسطيني ومصالحه وحياة أبناءه ووطنه ودولته، ينبغي ألا ننساق وراء زيفها وبريقها، فهي وإن كان جيمي كارتر الذي لا نشكك في اعتدال مواقفه، وأنه يبدي حرصاً على الشعب الفلسطيني، ويكشف في كثيرٍ من تصريحاته عن دموية وهمجية وعدوانية الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن القبول بهذه التصريحات، والمضي في طريقها، قد يدخل حركة حماس في نفقٍ مظلم، ومصيرٍ مجهول، قد دخله من سبقها فتاه وضل، فلا هم استطاعوا أن يحققوا أهداف شعبهم، ولا الحفاظ على ثوابتهم، ولا هم استطاعوا أن يعودوا إلى سابق عهدهم ومجدهم، فحتى تبقى حماس الحركة الأبية المقاومة، الخفاقة الراية، الناصعة المسيرة، التي يعتز بها العرب والمسلمون والفلسطينيون، فإن عليها تنتبه إلى ما يخطط لها، وأن تعرف أين تضع أقدامها، فلا تزل القدم ولا تضل الطريق.
دمشق في 21/10/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.