ضبط 22440 حبة إكستازي و2200 غرام كوكايين في أكبر عملية تهريب برأس جدير    من منوبة: توأم يحصد المجد في باكالوريا 2025    صفاقس تتصدر الطليعة وطنيا في نسبة النجاح في الدورة الرئيسية للباكالوريا    في مسابقة دولية بلشبونة: تتويج التونسية ملاك العبيدي بجائزة أفضل مؤلف عن الطبخ في العالم    عاجل/ خطايا مالية: تطبيق هذه العقوبات بداية من غرة جويلية..وهذه التفاصيل..    بنزرت: اختتام الدورة الأولى لمعرض الورود ومنتجات النحل بمعتمدية تينجة    تقدّم موسم الحصاد بنسبة 26% وتجميع 4.5 ملايين قنطار إلى حدود 19 جوان 2025    الحرس الديواني ببن قردان وصفاقس وقابس يحجز بضائع مهربة بقيمة تتجاوز 900 ألف دينار..    عاجل/ الحرس الثوري الإيراني: إطلاق صاروخ "خيبر شكن" لأول مرة على الكيان الصهيوني    مبابي يغيب مجددًا عن ريال مدريد    تركيز رادارات جديدة في النقاط السوداء بولاية تونس للحد من الحوادث    قرى الأطفال "أس و أس": 21 ناجحا في الدورة الرئيسية للبكالوريا..    عاجل/ في هجوم وصف الأعنف منذ بدأ القصف: ايران تدك الكيان بعشرات الصواريخ..    عاجل/ إيران تهدّد ب "رد بلا حدود" في حال استهداف المرشد الإيراني على خامنئي..    تحذيرات من موجة حرّ شديدة تسبق مواجهة تشيلسي والترجي في كأس العالم للأندية    لقاءات للشراكات التضامنية بين ناشرين مستقلين من العالم العربي والفضاء الفرنكفوني يوم الإثنين بتونس العاصمة    مدنين: من أرض عطشى شابة تقطر زيوت الأعشاب لتروي بشرة الإنسان    باكالوريا 2025: 104 مترشّحًا فرديًا ينجحون في الدورة الرئيسية وشعبة الآداب تتصدّر    توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    أوفيدو يعود إلى "الليغا" بعد 24 عاماً من الغياب    عاجل: دليل التوجيه الجامعي 2025 متاح الآن.. وكلمة العبور بداية من هذا التاريخ    القيروان: وفاة أب بعد سماعه خبر نجاح ابنته في الباكالوريا    ارتفاع طفيف في درجات الحرارة الأحد لتتراوح بين 29 و38 درجة    عاجل: ترامب يعلن ضرب 3 منشآت نووية إيرانية ويهدد بالمزيد    بلدية مدينة تونس: تواصل اشغال الصيانة بعديد المناطق التابعة لها    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    الرقبي 7 – كأس الأمم الإفريقية بموريشيوس 2025: فوز لتونس في الدور الثاني    إيران: لا تلوث إشعاعي بعد القصف الأمريكي على منشآت نووية    ترامب يوجه خطابا للأمة والعالم بعد قصف منشآت إيران النووية    كأس العالم للاندية.. فلومينينسي البرازيلي ينتصر على أولسان الكوري الجنوبي    التلفزيون الإيراني: تم إخلاء المنشآت النووية الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان منذ فترة    بعد إطلاق سراحه من سجن أمريكي.. الناشط محمود خليل يتعهد باستئناف تأييده للفلسطينيين    شارع الفل ببن عروس.. خزنة توزيع الكهرباء خطر محدّق؟    قصور الساف .. «حكايات القهوة» بدار الثقافة البشير بن سلامة .. سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون .. صابر الرباعي في الافتتاح وغزّة حاضرة    وزارة الفلاحة تحذّر    صيحة فزع    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    أنس جابر تغادر بطولة برلين في الزوجي والفردي    استخدام المروحة ''عكس المتوقع'': الطريقة الأذكى لتبريد المنزل في الصيف    حملة رقابية مشتركة بشاطئ غار الملح: رفع 37 مخالفة اقتصادية وصحية    النادي الافريقي: انتخاب محسن الطرابلسي رئيسا جديدا    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    فيديو من ميناء صيادة: نفوق كميات هامة من الأسماك بسبب التلوث    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طوبى للغرباء ! : دكتور أحمد محمد المزعنن
نشر في الفجر نيوز يوم 20 - 11 - 2010

عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ،رضي الله عنه، قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ:{ طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ فَقِيلَ مَنْ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:أُنَاسٌ صَالِحُونَ فِي أُنَاسِ سُوءٍ كَثِير، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ}
طوبى لكل صاحب رؤية موضوعية صادقة من خارج إطار الإلف والعادة والرتابة، طوبى لكل متمردٍ على الظلم ،ثائرٍ على العدوان،طوبى لكل شجاعٍ أبيٍّ يرفض التسليم بالأمر الواقع من الذل والمهانة،طوبى لكل من يقف معارضًا بيع وطنه،رافضًا منهج الجواسيس والسماسرة والعملاء.
طوبى لكل من ينفض عنه غبار التقاعس عن المطالبة بحقه،ويستسلم لمنطق التجار والسماسرة والمحتالين القائلين بأن ليس في الإمكان أبدع مما كان،وأن علل الأوطان وظلمها يعالجه توالي الحدثان،وكر الزمان.
طوبى للغربة والغرباء،طوبى لكل من يتصدى لقيادة الشعوب،ويجدد لها وعيها بذاتها وقيمتها،ويصقل إرادتها،ويزيدها معرفة بذاتها وبواقعها،ويرفض الاستسلام للأمر الواقع،طوبى لكل صاحب دعوة نبيلة يعبر عنها بفنون التعبير الراقي،وبأساليب الإقناع المؤثر.
طوبى لكل من يقاوم الظلم بدرجات المقاومة المشروعة التي حددها الحديث النبوي الشريف:{مَنْ رأى مِنْكم مُنكرًا فلْيُغيّرْه بيدِه،فإن لم يستطعْ فبِلِسانِه،فإن لم يستطعِ فبِقلبِه ،وذلك أضعفُ الإيمان.} واللفظ (منكرًا) جاء بصيغة النكرة،والنكرة في اللغة العربية تفيد المطلق كما هو معروف،أي من رأى منكرًا بالمطلق من أي نوع وأي درجة ومن أي مصدر كان.والحديث النبوي الشريف يصدر في ذلك عن نفس المنهج القرآني الذي جعل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبًا على كل مؤمن ومسلم،ودعوة وسمةً مميزة للأمة المحمدية كما قال الله تعالى في سورة آل عمران:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.}(الآية 104) وقوله سبحانه:{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ.}(الآية110)
فالتغيير باليد هو الجهاد الجسدي بكل ألوانه وأشكاله ودرجاته وأنواعه الفردية والجمعية والاجتماعية والوطنية والدولية والإنسانية من منطلق أن الحق واحد لا يتعدد.
أما التغيير باللسان فهو الجهاد بالقول وأشكال التعبير الإنساني التي تتفاوت وتتنوع وتتشكل حسب المناسبة والظرف ونوع وحجم المنكر الواقع،وقوة أنصار الحق،وفي هذا النوع من الجهاد تكون الكلمة الصادقة والعمل الأدبي والكتابة الملتزمة وأساليب التعبير أحدُّ من السيف،وأبقى أثرًا من كل سلاح.
وفي زحمة توالي الأيام والسنين،وتفاصيل الحياة غابت عن الوعي الإنساني جميع تفاصيل المناسبات التي قيلت فيها الكلمات الصادقة من الأنبياء صلوات الله عليهم،ومن الدعاة والقادة والمفكرين والفلاسفة والحكماء وأهل الرأي في الجماعات البشرية،ولكن بقيت الكلمة الموحاة من الله ،وأقوال عقلاء وحكماء البشر دستورًا يرسم معالم الجهاد،وينير الطريق لكل مظلوم يقاوم الظلم والعدوان،ولكل صاحب حقٍ مهضوم لينهض في وجه الظلم والمعتدين،وبقيت الكلمات الإنسانية محفوظة في الذاكرة الفردية والجمعية للشعوب ولبني الإنسان.
الجهاد بالقول وأشكال التعبير هو الجهاد بفنون الإعلام المعاصر الذي يقوم على النظريات والقوانين والتجارب العلمية،وهو وإن استعمل أنواع المؤثرات الصوتية والضوئية لا يخرج أبدًا عن مجال الكلمة التي كانت البداية الراقية في بحث الإنسان عن الحق والخير والجمال والقيم التي تسمو به عن مستوى المادة.
أما الجهاد بالقلب فهو وإن بدا أنه أقل تأثيرًا كما ورد أخيرًا في الترتيب النبوي للجهاد وإزالة المنكر،ورفع الظلم،وإزالة الضرر،ومقارعة الباطل،فإنه أخطر وأجلُّ الأنواع الثلاثة؛وذلك لأن القلب مكان النية،وموقع العزيمة،وهذه المضغة يعني قطعة اللحم (كما سماه النبي صلى الله وسلم)،والموجودة في الصدر،وحسب النظرية الإسلامية في المعرفة هو مصدر العلم والمعارف،وموطن ومستقر العقل بقواه الفاعلة المتحكمة في السلوك،وفي ذلك إبداع معرفي ينقض نظرية المعرفة التي تبناها علم النفس الغربي التجريبي الحديث بمدارسه المختلفة،والكثير من المذاهب الفلسفية التي تجعل مادة الدماغ الموجود في الجمجمة مكان المعرفة ومستقر العلم والفكر الصانع للسلوك.إنه الجهاد بالفكر المستنير،والحجة والبرهان والدليل الناصع،إنه الجهاد بقوة الكلمة التي كانت ولا زالت وستبقى هي المنطلق وهي المتغلبة على الظلم والظالمين،والغاصبين والمحتلين.
وعندما تتكاثر قوى وأسباب الشرور على الإنسان الفرد والجماعة،كما هو الحال في الواقع الفلسطيني العربي العام حاليًا،ووالحالة الفلسطينية تحديدًا حيث تتكالب قوى الفساد الأممي والدولي والإقليمي في حملة لطمس الحقيقة،وتزييف الباطل،وإنكار الحقوق لشعب كامل في زمن التنوير والحضارة والرقي والعلوم والمعارف،وحيثما تتغلب قوى الوهن القومي والوطني التي تتنكر لثوابت الحياة الزلية في الوطن الواحد،فتقسمه إلى ما يشبه المزارع والضياع والإقطاعات،وتحاول أن تطمس حقائق الوحدة العرقية والثقافية والتاريخية والمادية،وتؤجج نيران الكراهية وتبرر القمع والظلم والعدوان على الحياة وما دونها بعلل لا منطق ولا سند ولا حجة لها.
طوبى لمن يتمسك بالحقيقة الأزلية وهي الملاذ الآمن:الجهاد بدرجاته الثلاثة،الجهاد الجسدي والقولي والفكري أو العقلي أو الروحي أو النفسي،الجهاد ذو النفس الطويل الذي لا يعرف التعب ولا يعترف بالتحديات،بل ويحول التحديات إلى أسباب لمضاعفة الطاقات اللازمة للاندفاع في مشروع بناء الحياة للأجيال القادمة.
طوبى لكل عربي أبي مسلم صادق،وإنسان من أي جنس ولون ينحاز بفطرته إلى الحق،طوبى لكل مقاوم للمشروع الصهيوني،ولكل من يسفه منهج التصالح معه،ويرفض تأجيل الصدام مع العدو التاريخي النقيض الطبيعي،ويستبعد مجرد التصور لاحتمال التعايش مع ممارسات اليهود وجرائمهم في الشعب الفلسطيني الذي تركه ذووه،وتخلى عنه أنصاره،وباعوه لليهود المحتلين،واكتفوا بدور المتفرج عليه وهو يذبح يوميًا،وتنهب أرضه وتهود بيوته.
طوبى لمن يكشف مناهج الاحتيال والفساد،ويفضح الفاسدين والجبناء،ويوثق علاقته بخبر السماء،وينحاز للحق الصريح،ويناصره بالخطاب الشجاع الواضح البليغ المبين.
(... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.)(يوسف 21)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.