طقس السبت: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار غزيرة بهذه الجهات    الجزائر: وفاة 18 شخصا وإصابة 23 آخرين جراء سقوط حافلة في واد الحراش    عاجل: نزل البحيرة، رمز تونس المعماري، يواجه الهدم    مونديال الوسطيات للكرة الطائرة...فريقنا ينتصر على الجزائر ويصطدم بمصر    أخبار النادي الصفاقسي...دحمان يعود والكوكي تحت الضغط    بعد استكمال المرحلة الثالثة من التأليف...قريبا الشروع في بلورة مشروع مخطط التنمية    في قضية تدليس تزكيات .. إيداع قاض معفى .. السجن    معرض «إكسبو 2025 أوساكا» باليابان...تونس تستعرض إمكانياتها الاقتصادية وفرص التعاون والشراكة    ترامب يستقبل بوتين في ألاسكا.. و' تغيير ذو أهمية' في البرنامج    حفوز .. إصابة شخص بطلق ناري من بندقية صيد    بيان من 31 دولة للتنديد بتصريحات "إسرائيل الكبرى"    بسبب مواقفه الداعمة للكيان الصهيوني...إلغاء حفل فنان جامييكي بقرطاج وتعويضه بفيلم للفاضل الجزيري    عاجل/ الأمم المتحدة تعلن حصيلة الشهداء من منتظري المساعدات في غزة    تنقيح الأمر المتعلق بآلات إثبات نسبة الكحول    حسم موقفه رغم الضغوط .. حزب الله: لا تسليم للسلاح    ترامب: أوروبا لا تفرض علي شروطا لحل الأزمة الأوكرانية لكنها ستشارك في العملية    مصيف الكتاب ببني خلاد...حكايات، ألعاب وجوائز للأطفال    الكشف عن مستجدات الحالة الصحية للفنانة حياة الفهد    تاريخ الخيانات السياسية (47) ..وزراء و أمراء زمن الخلافة العباسية يحتكرون السلع    تطوير الطب الباطني وتعزيز الرقمنة لتحقيق العدالة الصحية    بمناسبة الزواج: هدية سعودية غير متوقعة لرونالدو... اكتشفها    توننداكس ينهي جلساته الأسبوعية متراجعا بنسبة 20ر0 بالمائة في ظل معدل تداول يومي عند 4ر4 مليون دينار    باكستان: ارتفاع حصيلة قتلى الأمطار إلى 194 شخصا    الليلة: أمطار بهذه المناطق والحرارة تتراوح بين 22 و32 درجة    عاجل/ إضراب ب3 أيام بالبطاحات.. وهذا موعده    عاجل/ عطب مفاجئ يتسبّب في انقطاع المياه بهذه الجهة    الحملة الوطنية لمراقبة أجهزة تكييف الهواء الفردية تفضي الى حجز أكثر من 3380 مكيف هواء وتسجيل 146 مخالفة    المنتخب التونسي لكرة السلة يمنى بهزيمته الثانية في "الأفروباسكيت 2025"    الفنان صابر الرباعي يختتم مهرجان المنستير الدولي    بداية من 20 اوت مدينة جرجيس تحتضن تظاهرة اسبوع الطالب العالمي بمشاركة اكثر من 100 طالب من 22 دولة    الملعب التونسي: انتداب السنيغالي امادو نداي    حجز أكثر من 3380 مكيفا غير مطابق للشروط الفنية    تحب تسكن في الحي الجامعي؟ التسجيل بدا و الفرصة ما تتعاودش!    اقتصاد تونس ينمو ب 3.2 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من 2025    علاش سوم ''الكرموس والعنب'' ارتفع العام هذا؟    تصفيات مونديال 2026: طاقم تحكيم تونسي يدير مباراة موريتانيا وجنوب السودان    عاجل/ كارثة طبية..مسكّن ألم ملوّث يُودي بحياة 96 مريضا..!    ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في السودان    عادات يومية تقتلك مخك و انت متعرفش ؟    انخفاض نسبة البطالة في تونس إلى 15.3%    القبض على شاب قتل والده ودفن جثته في القصرين    10 سنوات سجنا لإطار بنكي استولى على أموال الحرفاء    الأولمبي الباجي يحصن دفاعه باللاعب محمد أمين الذويبي    بعد انهاء التفرغ النقابي ..فاطمة المسدي تطرح انهاء توريث المناصب النقابية والامتيازات    أسعار ''الحوت''غلات! شنوة الأنواع الي سومها مُرتفع وشنيا الأسباب؟    عاجل: إلغاء مفاجئ للرحلات في هذه الدولة..شوفو شنو صاير    عاجل: أحلام الإماراتية توضح للتونسيين حقيقة أجرها في مهرجان قرطاج    رسالة من الدكتورة ديفاني خوبراغادي سفيرة الهند لدى تونس بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال الهند 15 آُوتْ    عاجل/ تفاصيل ومعطيات جديدة في قضية مقتل المحامية منجية المناعي على يد أبنائها..    جريمة شنيعة: مقتل طفل على يد زوج والدته..وهذه التفاصيل..    الترجي الرياضي يعلن..#خبر_عاجل    الرّهان على الثقافة    عاجل من واشنطن: تسريح 300 ألف عامل من الوظائف الحكومية    وزارة الصحة الكويتية تعلن ارتفاع حالات التسمم والوفيات الناتجة عن مشروبات كحولية ملوثة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة...التوسّط في الإنفاق ونبذ الإسراف والتبذير    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلتحيا الأونروا : توفيق أبو شومر
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 11 - 2010

لليونروا الحق في طلاء جدران مقراتها الرئيسة في غزة بأي لون من الألوان ، حتى تمنع أبشع حرفة شعبية في الوطن، وهي الخربشات على الجدران، التي دخلتُ في تقاليدنا وعاداتنا، وتحولت من وسيلة إعلامية قسرية فرضتها ظروف الاحتلال، إلى تقليد وعادة مستحبة في التعبير عن المناسبات الاجتماعية، في الأفراح والأتراح، وفي الدعايات السياسية والحزبية والدينية وما في حكمها!
ولها أيضا الحق في أن تختار الشعارات التي تناسب مقامها ورسالتها السامية في كتيباتها الخاصة وملفاتها داخل جدرانها ، أما أن تختار ما تشاء من الشعارات والرسومات على جدرانها ومبانيها الخارجية، فيجب أن يكون خيارها هذا مدروسا وموافقا عليه من كل الجهات المعنية ، وبخاصة من الهيئات الاستشارية الوطنية الرسمية ومن جمعيات ونقابات الفنانين أيضا .
فاليونروا ليست مؤسسة خيرية، ولا هي جمعية غير حكومية، وإنما هي حاملة رسالة دولية سامية، غايتها مساعدة المقهورين والمظلومين وأصحاب الحقوق المنهوبة على تخطي ضائقة الفقر والقهر، حتى تُحلّ مشكلتهم !
لذا فهي واسطة( نبيلة) لتنفيذ برامج إنقاذ وإنعاش الأسر مسلوبة الحق، فهي تؤدي واجبا مفروضا عليها نظير أجر، وهذا الواجب هو الحد الأدنى الأدنى الأدنى !! مما يستحقه المغصوبة حقوقهم ، لذا فإن أعمالها ليست تطوعا ومِنَّة ومعروفا، ولا يمكن أن تكون تفضلا وكرما منها، فهي ليست سوى واسطة بيننا وبين العالم.
والحقيقة أن الرسومات التي اختارتها اليونروا على جدران مبانيها الرئيسة في غزة لم تكن موفقة أبدا، فالرسومات الطفولية التي رسمتها ريشة المقهورين على جدران الوكالة ، كانت تمثل قهرا جديدا لنا، تساهم في إحباطنا، فقد اختارت اليونروا أن يكون الهدف الرئيس من الرسومات، هو نشر دعاية لنا نحن العارفين بهذا الدور، المدركين له، والمتابعين لسيره، وهو دورها في رعايتنا، بدءا من الصفر وانتهاء إلى القبر!
شكرا لليونروا التي صورتنا جميعنا شبابا وشيوخا ونساء، ونحن نحمل أكياس الطحين على أكتافنا، ليس في لوحة واحدة ، بل في عدة لوحات يفصل بين اللوحة الأولى والثانية،لوحة أخرى يتحول فيها كيس الطحين وسط العائلة إلى خبز على النار، ثم إلى جوارها لوحة الخيام المنصوبة والموشومة بوشم اليونروا باللغة الإنجليزية وبلون علمها الأزرق!
شكرا لليونروا التي اختارت شعارها الأزلي على جدرانها في غزة واختارت أن يُكتب باللغة الإنجليزية، وليس بالعربية !!
" اليونروا طريقكم نحو المستقبل"
عاشت اليونروا حرة أبية!!
أيها (اليونرويون) كنتم موفقين في خياراتكم ، فقد رسمتم الشعارات على الجدران وأنتم تعلمون بأن قارئيها لن يتمكنوا من فك رموزها وشيفرتها!
فهم وإن شاهدوها، لن يتمكنوا من تحليل معانيها ومراميها، فهي رسالة ليست لهم ، وإنما هي رسالة تدل على وشمُ استعباد بطريقة ذكية جدا، تحمل رسالة مريرة تقول:
" ها نحن نجعلكم تتفرجون على أنفسكم في مرايانا"
فأنتم لستم سوى أفواه جائعة، نطعمكم لنسمنكم، أليست لحوم أكتاف شيوخكم من خيرنا، وبسمات أطفالكم من جيبنا؟!!
من يُنكر فضلنا فلينظر إلى لوحة ( الجيكوندا) لليوناردو دافنشي وهي صورة العجوز التي تئن تحت وزر كيس الدقيق الأبيض المنقوش فوقه ختم اليونروا الذهبي!
وإذا لم تعجبكم اللوحة السابقة ، فهناك لوحة ثانية أخرى لرجل مُسنٍ وهو يحمل كيس الطحين الموشوم بالختم الماسي البديع ( اليونروا)!
وإذا نسيتم فضلنا ، فتذكروا خيامنا المنصوبة في العراء تؤويكم من لفحة الشمس ، ومن برد الشتاء في لوحة مايكل أنجلو الثالثة !!
ولا تنسوا لوحة الفنان سيزان التي تصور أطفالكم يمرحون في مدارسنا وهم يضحكون ويُكركرون في فناء المدرسة!!
أما لوحة الفنان سليفادور دالي فهي ترسم آباءكم وأبناءكم وهم ينتظرون بلهفة سماعة الطبيب لتفحص صدورهم الموبوءة بالأمراض، ثم تصف لهم الدواء!!
إذن فاليونروا تبدو في قسمات وجوهكم وشحومكم ولحومكم وبيوتكم وجينات أبنائكم وبناتكم، وفي طعامكم وشرابكم وصولا إلى أجيال أجيالكم، فما أنتم إلا من سلالة اليونروا الشريفة !
وأقترحُ إكمالا لهذه الخدمات الفنية التي تتفضل الوكالة بإنجازها، وأن تُلخِّصَ اليونروا كل لوحاتها الجميلة في لوحة فنية واحدة كبيرة وضخمة ،على شاكلة لوحة الفنان بيكاسو( الغورنيكا) المشهورة، لتوضع على مدخل البوابة الرئيسة لليونروا كتعويذة ، يراها الداخلون والخارجون، ويتبرَّكون بلمسها، بحيث تتكون عناصرها الفنية مكونة من عدد كبير من الأيدي وعدد كبير آخر من الرؤوس البشرية للنساء والرجال والشباب والأطفال والشيوخ، بحيث تكون أفواههم المفتوحة أكبر من كل أعضائهم الأخرى، لتعبر عن وجع الجوع والعطش، وهم يستغيثون ويطلبون العون، على أن يُرسم في اللوحة المقترحة صورة شباك حديدي صدئ محاط بأسلاك زرقاء في أعلى الصورة يظهر من طرفه كيس دقيق أبيض، مكتوب عليه:
" طوبى لكم أيها الجائعون،يأتيكم رزقكم من اليونروا وما تدرون"
إن رسم معاناة أهل غزة لأهل غزة، يدعو لأن يُصاب الغزيون بالقهر والإحباط والكآبة مرتين:
المرة الأولى وهم يستعجلون الأيام ليتسلموا قوت يومهم من مراكز اليونروا، والثانية ، وهم يتفرجون على أنفسهم في شكل لوحات من الرسومات الطفولية الساذجة، في مرايا اليونروا!
كنت أتمنى أن تعيد اليونروا النظر في لوحاتها غير الجميلة، على الجدران وأن تستبدلها بلون زرقة السماء فقط، وهو لون اليونروا المركزي ، وأن تكتفي بالمطويات الورقية الجميلة المحفوظة في أدراجها لكي توزعها على الزائرين والوافدين، إن رغبت في إبراز معروفها وجميلها الخالد وتوثيقه وأرشفته بكل الطرق المتاحة !
وأخيرا كنتُ أتمنى وما أزال، أن ينتهي عصر الخربشات على الحيطان، وأن يُعاقب الفاعلون عقوبات قاسية، وما أسهل إصدار قانون يحظر الكتابة على الجدران، لأن المخربشين معروفون، ويمكن مطالبتهم بالحد الأدنى وهو إعادة طلاء وترميم ما أفسدوه، مع التعويض!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.