تربع موقع فيسبوك على عرش مصادر استقاء الأخبار والصور ولقطات الفيديو، وأضحى مساحة للتعبير عن الآراء والمواقف حول ما يجري من احتجاجات تستمر لليوم الثامن على التوالي بمحافظة سيدي بوزيد وسط تونس.ووجدت أغلب وسائل الإعلام المرئية مجبرة على بث ما ينشر على صفحات أعضاء فيسبوك في تقاريرها الإخبارية، على اعتبار أن السلطات التونسية تفرض حصارا على دخول الصحفيين إلى مناطق الاحتجاجات.
وأنشئت على الموقع مجموعات مساندة للاحتجاجات بينها "يوميات الأحداث في سيدي بوزيد المناضلة" و"فداء للبطل محمد البوعزيزي" و"الهبّة المواطِنيّة لدعم أهلنا في سيدي بوزيد ضدّ قمع السلطة وحقرتها" و"توقفوا عن إشعال الفتنة في سيدي بوزيد" و"بغداد التونسيةسيدي بوزيد". غير أن هذه الحركية ترافقت مع لا مبالاة من قبل أغلب الأعضاء التونسيين بالموقع الاجتماعي.
وفي السياق عبرت إحدى الناشطات السياسيات على صفحتها في فيسبوك عن استغرابها للامبالاة أعضاء الموقع التونسيين في التفاعل مع ما يحدث في سيدي بوزيد ونشرهم الأغاني وتبادل التهاني دون اكتراث بهذه الاحتجاجات. لامبالاة رهيبة وقالت كريمة بن خلف الله الناشطة السياسية بالحزب الديمقراطي التقدمي المعارض "في الوقت الذي يتعرّض فيه أبناء شعبنا المناضل في سيدي بوزيد إلى الاعتداء الوحشي من طرف آلة البوليس.. ويصمد فيه الأحرار دفاعا عن لقمة العيش وعن كرامة شعب بأسره, لاحظت حالة لامبالاة رهيبة من طرف عدد لا بأس به من التونسيين المنخرطين في فيسبوك".
وأضافت أن هذه اللامبالاة وصلت إلى درجة أنهم لم ينبسوا ببنت شفة عن ما يجري على أرضهم وعند الدخول إلى صفحة أحدهم يتملكّك إحساس أنّك من كوكب آخر، فكلّ ما يقومون بنشره متعلّق بالفن والرياضة "وحتّى الاحتفالات بعيد ميلاد المسيح أخذت نصيبا هاما من اهتماماتهم".
وقالت أيضا "لست قادرة على استيعاب أن هناك تونسيا لم يتفاعل مع خطورة ما يجري وأتمنى ألا يتعامل هؤلاء بنفس البرود مع النداءات المتعددة للتحرّك الميداني لدعم نضال الأهالي، وإن لم يفعلوا فسيعتبر صمتهم بمثابة المشاركة في الجريمة ولن تغفر لهم أرواح الشهداء الذين دفعوا أرواحهم فدية لتونس أفضل".
منعرج خطير من جهته كتب الصحفي المستقل توفيق العياشي على صفحته في فيسبوك "منعرج خطير للاحتجاجات الشعبية في سيدي بوزيد وسط إصرار غامض من طرف أصحاب القرار على عدم التدخل الفوري لحقن الدماء وحماية أرواح المواطنين من المحتجين ومن عناصر الشرطة والحرس الوطني على حد سواء". وتساءل "لماذا لا تأمر وزارة الداخلية عناصرها بالانسحاب من شوارع المدن ووقف حملات مداهمات المحلات والاعتقالات التي تساهم في تأجيج الغضب وتغذي الاحتقان؟ في مقابل تشكيل وفود حكومية رفيعة المستوى لزيارة مناطق التوتر والتفاوض المباشر مع المواطنين".
وقال أيضا "مقاولو الأزمات: هناك من المسؤولين من يتوهّم أن هيبة الدولة لا تفرض إلا باستعمال الرصاص الحي وإراقة الدماء وحملات الترويع والترهيب والاعتقالات، وغالبا ما تجد هذا النوع من المسؤولين يدفع بكل السبل لمزيد تفجير الاحتجاجات والغضب والاحتقان العام وإجهاض جميع المساعي السلمية لتطويق الأزمة عن طريق الحوار والتفاوض ثم يقدم نفسه لقيادته العليا على أنه المنقذ والقبضة الحديدية التي تصون هيبة النّظام".
ونشر موقع يوتيوب بدوره لقطات فيديو للأحداث وتسجيلات لنشرات إخبارية جاء بعضها بعنوان "الموقف الرسمي التونسي المتأخر من أحداث سيدي بوزيد على خلاف الرد البوليسي السريع والهمجي المعتاد"، و"حقيقة ما يحدث في سيدي بوزيد"، و"ما الفرق بين سيدي بوزيد وغزة"، و"سيدي بوزيد بن علي" و"سيدي بوزيد الشعب يغلي من الحنق".
واندلعت شرارة الأحداث عندما حاول شاب من خريجي التعليم العالي عاطل عن العمل يدعى محمد بوعزيزي الانتحار حرقا قبل أسبوع احتجاجا على حرمانه من بيع الخضراوات والفواكه. وقالت مصادر نقابية إن شابا آخر انتحر الأربعاء بصعقة كهربائية.