نابل: وزير البيئة يؤكد استكمال انجاز مشاريع محطات تطهير وتوفير الاعتمادات لمشاريع حماية الشريط الساحلي    الإذاعي القدير عادل يوسف في ذمة الله    النادي الافريقي ينعى المحب ومغني الراب "كافون"..    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الجمعية التونسية للطفولة والشباب بسيدي بوزيد تجهز 7 مؤسسات تربوية قصد بعث نوادي روبوتيك    الدورة الاولى للأيام الوطنية للفلاحة المستدامة يوم 13 ماي بتونس العاصمة    تونس تتوج بذهبية بطولة إفريقيا للفرق في التنس للفتيات دون 14 سنة وتضمن التأهل إلى مونديال التشيك    تونس: أبرز الأحداث السياسية من 4 إلى 10 ماي 2025    عاجل : وفاة كروان الإذاعة الوطنية عادل يوسف    كروان الإذاعة عادل يوسف في ذمة الله    اكتشاف أنفاق سرية تحت مبنى الكابيتول الأمريكي (فيديو)    النجم يحتفل اليوم بمرور قرن على تأسيسه: 100 عَام من المجد    الجمهور بصوت واحد: النجم فخر الانتماء    النجم يحتفل بالمائوية: مسيرة حافلة بالتتويجات والانجازات    كلاسيكو ناري اليوم بين برشلونة و ريال مدريد : التوقيت    مواجهات حاسمة في الجولة 29 للرابطة المحترفة الأولى: لقاءات مشوّقة اليوم!    "بلومبيرغ" : ترامب يهمّش مجلس الأمن القومي    حالة الطقس ليوم الاحد    بوتين يقترح محادثات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول    رئيس وزراء باكستان: سيذكر التاريخ كيف أسكتنا الجيش الهندي    القيروان تحتلّ المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج الحبوب المرويّة    في تظاهرة هي الأولى من نوعها في ولاية سوسة: «حروفية الخط العربي»من أجل تربية فنية وتعزيز الهوية    وداعا كافون    الرابطة المحترفة الثانية: (الجولة 24-الدفعة الاولى) النتائج والترتيب..    محرز الغنوشي: بين 13 و 16 ماي...حالة جوّية ممطرة وإنذارية    المرض الذي عانى منه ''كافون''    تونس: هذه استعدادات وزارة النقل لضمان نجاح الموسم الصيفي    مغني الراب "كافون" في ذمة الله    زازا : ''كافون الإنسان الطيب الى يحب الناس لكل ربي يرحمك خويا ''    عاجل : أحمد العبيدي '' كافون'' في ذمة الله    مغني الراب احمد العبيدي المعروف ب"كافون" في ذمة الله    وزير الاقتصاد يؤكد بقبلي ان المخطط التنموي الجديد سينبني على مقاصد الدستور وحق المواطن في الاختيار الحر    وفاة مغني الراب التونسي "كافون" بعد صراع مع المرض    القصرين: أكثر من 1400 تلميذ ينتفعون بخدمات قوافل طبية حول صحة الفم والأسنان    المهدية: فتح بحث تحقيقي في شبهة سرقة تجهيزات بمستشفى الطاهر صفر    اختصاصي أمراض القلب: قلة الحركة تمثل خطراً صحياً يعادل التدخين    الكاف: زيارة منتظرة لوزيري السياحة والتجهيز والإسكان    إصلاحات ثورية لتحسين خدمات تصفية الدم: نصوص قانونية و هذه التفاصيل    لهذه الأسباب اتحاد المرأة يرفض ''طلاق عدل الإشهاد''    المهدية: إيقاف 3 أعوان بمستشفى الطاهر صفر بشبهة السرقة    جنيف: بكين وواشنطن على طاولة الحوار    الشكندالي: سياسة التعويل على الذات في تونس فكرة جيدة ولكن...    جريمة مروعة تكشف بعد 8 سنوات: قتلت زوجها ودفنته في المنزل بمساعدة أبنائها..!    وزارة التربية: فتح باب التسجيل بالسنة الأولى من التعليم الاساسي للسنة الدراسية 2026/2025    إنتاج الحبوب يرتفع بأكثر من 58% بفضل الظروف المناخية الملائمة    الولايات المتحدة تعرض الوساطة بين الهند وباكستان..#خبر_عاجل    موعد مباراة أنس جابر في بطولة روما للتنس    باكستان تغلق مجالها الجوي بعد تصعيد عسكري مع الهند    سيدي بوزيد: اليوم وغدا انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    "جيروساليم بوست": ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الاحتياطي من العملة الصعبة يبلغ 22,9 مليار دينار وتراجع بنسبة 3 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية    معهد البحوث الفلكية في مصر.. لا نتدخل في تحديد توقيت عيد الأضحى والأمر متروك للسعودية    الحكومة الألمانية الجديدة تواجه إرثاً من الصعوبات الاقتصادية    مجلس نواب الشعب ينعى الفقيد النائب نبيه ثابت    ملف الأسبوع: مهلكة عظيمة: لا تتتبعوا عوراتِ المسلمينَ... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ    منبر الجمعة: واعرباه. وا إسلاماه. هل من مجيب؟!    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من عظماء سجناء الرأي: السجون التونسية وإهانة سجناء الرأي
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 04 - 2008

هذا مقتطف من حوار مطول أجراه الصحفي عبد الله الزواري مع سجين الرأي السابق المهندس عبد الحميد الجلاصي.. ينشر الحوار كاملا قريبا إن شاء الله تعالى في مجلة أقلام أون لاين.. والمقتطف جواب عن سؤال: هل تشعر أنك أهنت في مرة من المرات داخل السجن؟

عند "مالرو", الروائي الفرنسي الكبير, السجن هو بالتحديد والتعريف مرادف للإهانة، بمعنى أن الإهانة حالة مصاحبة لوضع السجن، لا تنفك ولا تنفصل عنه، أي ليست إحساسا، أو حدثا، أو إجراء، أو ممارسة تعترضه أحيانا، وتغيب أخرى..
والسجن في حالة سجين الرأي، إهانة مقصود منها التحطيم، وكسر الإرادة، والترويض، والإعادة إلى صف القطيع، أي إلى صف " المواطنين الصالحين"..
الإهانة هي ما يقصده السجان والإحساس بالإهانة هي ما يخطط له السجان أن يسكن السجين..
ولكن هذا الأخير يمكن أن ينقل المسألة (أي المعركة) من فضاء الوجدان والأحاسيس والانفعالات إلى فضاء التعقل والفهم والوعي بتبني طريقة تخرجه من مأزق الدائرة التي يحرص على رسم حدودها ومساحتها السجان إلى دائرة أخرى..
يمكن أن أحس بالإهانة:
- حينما أحرم - أنا المتعلّم - من القلم والأوراق سنوات..
- وحينما أحرم من الكتب سنوات..
- وحينما أجبر عند الإمضاء على وثيقة على استعمال البصمة...
- وحينما أعاقب بإيوائي أياما بغرفة الشواذ جنسيا، مع "طرشقانة" و"مادونا" و"شهلوبة"...
- وحينما أقيد – عند العقوبة- بسلسلة إلى الجدار..
- وحينما يتجاهل الحارس طرقي على الباب ساعات، في حين أعلم بوجوده يتلصص خلفه.
- وحينما تطلق الإدارة عيونها وآذانها وأياديها من أمثال "ناموسة" و "ترتفشة" و"كعكة" تتشفى في المساجين..
- وحينما يعامل حرس السجون ومسؤولوها المساجين كالحشرات: فيشتمون الآباء والأمهات، ويتطاولون على مقام الجلالة في حين يتصاغرون ليصبحوا أحقر من حشرة أمام كبرائهم إداريا..
- و حينما يلازمك الحارس أثناء مقابلة أهلك، يحصي عليك حتى الأنفاس فما بالك بالكلمة الرقيقة التي قد تقولها لرفيقتك والطرفة التي يمكن أن تتحف بها طفلتك... فيصبح فردا من العائلة، يعرف الصغير والكبير، والقريب والبعيد، وقد يسمح لنفسه، أو تسمح له التعليمات، بالتدخل في حديثك وتصنيف الحديث إلى مباح وغير مباح..
- وحينما يراد حشرك في دائرة المطالبة بأبسط الأساسيات..
- و حينما تتقابل في أوت 91 مع الرشيد إدريس عندما كان رئيسا للهيئة التي شكلتها السلطة لتهميش رابطة حقوق الإنسان فتلفت انتباهه إلى ما عاينته من تجريد بعض المساجين من كل ثيابهم و تقييدهم كالدواب بالسلاسل في رواق الجناح المضيق و تلفت انتباهه أيضا إلى ما تتعرض له ورفاقك من أصناف التعذيب والاهانة فيجيبك أن الفرنسيين كانوا يفعلون مثل هذا مع الوطنيين في أربعينات القرن 20 و تعاقب بعدها مباشرة لمدة 10 أيام فتتأكد أن هذا هو الرجل المناسب في المكان المناسب.
- وحينما تصلك صحيفتك اليومية- من ضمن الصحف المرخص في اقتنائها- فتجدها خارطة من الثقوب والشبابيك بعد أن لعب فيها مقص الرقيب (والمقص هنا بالمعنى الحسي، المادي) وحماك من "الأخبار الخطيرة"... و قد تبحث عن هذا الخبر الذي مُنع للمحافظة على أمن السجن والبلاد والعالم والكون فتجده يتعلق بفوز قائمة حماس في الانتخابات الطلابية في إحدى الجامعات الفلسطينية أو تجده تحليلا إخباريا حول حزب العدالة والتنمية في المغرب..
يمكن أن تتعدد الأمثلة إلى ما لا نهاية، وقد يكون فيما ذكرت كفاية..
السياسة السجنية بما فيها من إجراءات و تدابير و ممنوعات تحدد ملامح المنتوج المراد تصنيعه، خاصة بالنسبة لسجين الرأي.. ننطلق من كائن حي ذي وعي عميق، و اهتمامات عالية، وصحة جيدة، ونفسية متوازنة، لنصل، بعد المرور عبر آلة الترويض والتكرير مرات إلى حطام إنسان بصحة معتلة، وإرادة منحلة، وتوازن مختل، واهتمامات صغيرة لا تتجاوز شهوة البطن..
يمكن أن أحس الإهانة من كل ما ذكرته، ومن كثير مما لم أذكره، ولكن يمكن أيضا أن نختار طريقا آخر لمواجهة هذه السياسة، ولإفشال هذا المقصد، وذلك بتحييد فضاء العواطف والوجدان والأحاسيس ما أمكن... فالتعقل والوعي هو الذي يلتقط ويترصد ويتصدى لفهم هذه السياسة ومواجهتها.. تفهم مقصد سجانك فتنقل المعركة إلى دائرة أخرى: المقاومة..أما شعوريا فقد لا تكافئه بأكثر من.... الاحتقار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.