تونس:ما أن أفاق التونسيون على انتصار "ثورة الياسمين" التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي الذي حكم البلاد بقبضة من حديد طيلة عقدين ونصف حتى أدركوا أن تحديات جديدة تنتظرهم وواقع جديد لم يكونوا يتصورون يوما أن يعيشونه.فرار بن علي جاء سريعا وأفرز تحولات جديدة أصبح يتوجب على التونسيين أن يستوعبوها ويتأقلموا معها بسرعة لتستعيد تونس حياتها الطبيعية في القريب العاجل. ضمان الأمن وحماية الأملاك في ظل غياب قوات الأمن الشعب التونسي أصبح مطالبا في هذا الظرف الدقيق بضمان أمنه الخاص وحماية الأملاك الخاصة والعامة في ظل غياب قوات الأمن التي تتناحر في ما بينها، وهي مهمة لم يعهدها المواطن التونسي ولم يكن يتخيل يوما أن يضطلع بها. الفترة المقبلة في تونس هي فترة انتقالية بامتياز، لم يتهيأ لها التونسيون مما جعل العديد يعبر صراحة عن جملة من المخاوف التي تنتابه اليوم بعد أن أرغم الرئيس السابق على قبول إرادة الشعب التي استجابت لها الأقدار. وعبر التونسيون عن مخاوفهم صراحة على صفحات "فيس بوك" و"تويتر" والمدونات، وعبروا عنها في مداخلات تلفزيونية على قنوات محلية فتحت لأصواتهم المخنوقة لأول مرة. أبرز المخاوف التي تنتاب التونسيين وتنغص عليهم فرحتهم بثورة شعبية تثير مخاوف أنظمة عربية أخرى استبدادية. 1- التدهور الأمني الواسع: تدهور أمني تسبب فيه غياب شبه كلي ومفاجئ لقوات الأمن التونسية غداة إعلان فرار زين العابدين بن علي ومغادرته للسلطة. غياب قوات الأمن وفرار أفرادها من أغلب مراكز الشرطة تسبب في انفلات أمني غير مسبوق ، ما دفع العديد من المواطنين والفقراء لمهاجمة مراكز تجارية والقيام بعمليات سلب ونهب واسعة ، وإحراق مكاتب حكومية ومنشئات عامة في وقت متزامن تقريبا في كل الولايات والمحافظات حتى الصغرى منها. شهادات المواطنين ومقاطع الفيديو لعمليات السلب والنهب تناقلتها مواقع فايس بوك وتويتر ما زاد في نشر الذعر في صفوف المواطنين الذين لا عهد لهم بهذه المشاهد. 2 - ميليشيات الأمن الرئاسي السابق: أنشأ زين العابدين بن علي طيلة فترة حكمه قوات موالية تعني بأمنه الشخصي الخاص تعرف في تونس بقوات الأمن الرئاسي، وهي قوات مدربة بشكل جيد ومجهزة بأحدث أنواع الأسلحة والمعدات. وقامت هذه القوات بأعمال مداهمة وتخريب منذ أول ليلة من سقوط نظام بن علي. وانتشرت خلال ساعات في أغلب مدن وولايات البلاد واقتحموا الأحياء السكنية وأطلقوا النار بشكل عشوائي على المواطنين وأردوا العديد منهم قتلى..صور اعتداءات هذه الميليشيات على المواطنين والأملاك العامة تناقلتها مواقع الانترنت مما تسبب في تزايد الهلع. وحذرت صفحات عرفت بدورها في اندلاع " ثورة الياسمين" من نشر هذه الصور والشرائط المصورة لتسببها في نشر الخوف بين الناس. وهو ما استجاب له العديد من الأعضاء الذين سحبوا شريطا مصورا لأحد أفراد الميليشيات ليلة أمس هدد من خلاله أحد أفراد الأمن الرئاسي السابق بمواصلة الاعتداءات والقيام بأخرى أكثر خطورة ، ومشيرا إلى تطاحن حالي بين مختلف الأجهزة الأمنية التونسية. 3- فرار مساجين الحق العام: الفوضى التي عمت البلاد في 15 من يناير/كانون الثاني في أول يوم بعد فرار بن علي وصلت السجون التونسية في مدن بنزرت والمنستير والمهدية حيث أطلقت الميليشيات سراح أعداد ضخمة من سجناء الحق العام في خطوة تسببت في تزايد الخوف من استتبا عات ذلك على أمن ا لمواطنين . 4- خطر الإسلاميين: ندد رواد الانترنت في 15 يناير/كانون الثاني بتجمع أعداد هامة من المواطنين المحسوبين على التيار الإسلامي المحظور " النهضة" مطالبين ب"خلافة إسلامية" في تونس. وهي فرضية أرعبت العديد من التونسيين ووضعوا على حساباتهم الخاصة على فايس بوك رسائل تعبر عن رفضها وخوفها لعودة الإسلاميين في تونس. وصور راشد الغنوشي مشطوبة كصور خاصة. 5 - اختلال التوازن الاقتصادي: أخبار عن استيلاء ليلى بن علي على طن ونصف الطن من الذهب من البنك المركزي التونسي أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي قبل فرارها إلى دبي ، أثارت الذعر على الانترنت ودفعت إلى التساؤل عن التوازن الاقتصادي بعد هذا النقص الهام في الاحتياطي التونسي من الذهب مما قد يؤدي لاختلال الموازين الاقتصادية في البلاد وانهيار المؤسسات المالية . 6- بوادر أزمة في التموين : نهب المراكز التجارية الكبرى وإحراقها وإغلاق المتاجر ومحطات البنزين ، تسبب في نقص حاد في المواد التموينية والغذائية الضرورية مما جعل رواد الانترنت يعبرون عن خشيتهم من أزمة غذاء حادة ، وبثوا صورا وفيديوهات عن عمليات بيع في السوق السوداء لأغذية بأسعار خيالية ، حيث بيعت 20 بيضة 5ب دنانير- سعرها في الأيام العادية 1.3 دينار - ولتر الحليب 3 دنانير-0.9 دينار. 7 - فقدان الثقة في الأجهزة الأمنية : فقد رواد الانترنت ثقتهم في أجهزة الأمن إجمالا في ظل تضارب الأخبار واختلافها حول حرب داخلية بين أجهزة الأمن المختلفة مما جعل العديد يعبر عن حيرته من الطرف الذي يمكن الوثوق فيه ، وحتى الجيش التونسي الأكثر قربا من المواطن اليوم ، عبروا عن عدم ثقتهم التامة في قياداته العليا.