تونس: منذ سقوط الطاغية يوم 14 جانفي الفارط وفي ثنايا الانفلات الأمني وعمليات النهب والتخريب والاعتصامات وانتشار الشائعات... هذه الفوضى العارمة والأوضاع الأمنية غير المستقرة خلقت ظروفا مناسبة لعصابات من نوع آخر... إنها عصابات"الحرقان" ليزداد عدد "الحارقين" وخاصة خلال الأسبوع الجاري بشكل يدعو إلى التساؤل والاستغراب. وقد أكدت لغة الأرقام صعود آلاف الشبان التونسيين لمراكب الموت انطلاقا من جرجيسوصفاقسوالشابة وطبلبة وهو يحلمون بالجنة المزعومة وحياة الرفاهية بعد معاناة البطالة والسجن(للبعض) والتهميش... لكن اتضح ان هذه الاحلام ماهي إلا مجرد اوهام خاصة وان الآلاف من"الحارقين" وقعوا في قبضة الأمن الإيطالي فيما مات آخرون غرقا... ففي جرجيس لقي فجر أمس مهاجران غير شرعيين حتفهما غرقا وتم انقاذ 10 آخرين بعد غرق زورق كانوا يستقلونه قصد الوصول إلى مركب كبير لتهريبهم إلى جزيرة لمبدوزا على بعد نحو كيلومترين من اليابسة. وقالت مصادر أمنية ل"الصباح" ان 12 شخصا ينحدرون من مناطق بن قردان وتطاوينوجرجيس استقلوا زورقا للوصول إلى مركب كبير الحجم كان في انتظارهم على بعد نحو عشرة كيلومترات من الشاطئ ولكن على بعد نحو كيلومترين انقلب فتمسك ثمانية به فيما غرق آخران في الحين بينما تمكن اثنان من السباحة والوصول إلى بر الأمان ثم اتصلا بأعوان الحرس البحري الذين تحولوا على عين المكان وأنقذوا الشبان الثمانية قبل ان يعثروا على جثة احد الغريقين صباحا ثم على جثة الضحية الثاني مساء بعد عمليات بحث شارك فيها الحرس البحري والحماية المدنية، وقد تم نقل ثلاثة من الناجين إلى المستشفى.
4 جثث في زودياك
وفي سياق متصل علمنا ان طاقم خافرة تابع لجيش البحر عثر خلال الأسبوع الجاري على زورق صغير من نوع زودياك تتقاذفه الامواج قبالة سواحل صفاقس وبداخله أربع جثث. وحسب مصادر أمنية بالجهة فإن الضحايا قد يكونون شاركوا في عملية اجتياز الحدود خلسة وتاهوا في البحر ونفدت مؤونتهم ليلقوا حتفهم على الأرجح جوعا وعطشا في انتظار ما ستكشف عنه الأبحاث. وكانت الوحدات الأمنية لمنطقة الحرس البحري بجربة أحبطت أمس أربع عمليات اجتياز الحدود خلسة أعادت إثرها ما لا يقل عن المائتي"حارق" إلى اليابسة كانوا جاؤوا من مناطق تطاوين وقفصة وبن قردان ومدنين. وكانت الوحدات ذاتها أحبطت في وقت سابق من الأسبوع الجاري عشرات"الحرقات" (التي انطلقت جلها من سواحل جرجيس) أعادت إثرها ما بين 1500 إلى ألفي"حارق" إلى الميناء. وفي الشابة أحبط أعوان الحرس البحري أمس عملية إبحار خلسة انطلقت من شاطئ الجهة وشارك فيها حوالي سبعة انفار وأعادوهم إلى الميناء، وكانت مجموعة اخرى استولت على مركب صيد ليلة الجمعة و"حرقت" إلى إيطاليا فيما تمكن أعوان البحرية الوطنية مساء يوم الجمعة من اعتراض مركب صيد قبالة سواحل صفاقس على متنه نحو 195"حارقا" وأعادوهم إلى الميناء.
3 آلاف"حارق" في لمبدوزا"
هذه العمليات ورغم الخطر المحدق بالمشاركين فيها فإن نسقها تسارع بكيفية غريبة إذ تمكن ما لا يقل عن الثلاثة آلاف تونسي من الوصول إلى جزيرة لمبدوزا والجزر القريبة منها خلال الأسبوع الجاري، وفي هذا السياق قالت وسائل الإعلام الإيطالية أن 272 مهاجرا يحملون الجنسية التونسية ألقي القبض عليهم ليلة السبت إضافة لوصول سبعة مراكب تقل مئات"الحارقين" التونسيين. وحسب ذات المصدر فإن 17 "حارقا" تونسيا أوقفوا على بعد 11 ميلا عن ميناء لمبدوزا فجر امس قبل ان يتم القبض على 71 آخرين بعد ساعتين فقط وعلى 28 مهاجرا غير شرعي فجر أمس إضافة لإحباط عمليتي إبحار خلسة قبالة سواحل لمبدوزا شارك فيهما 93 و30 "حارقا" تونسيا. وذكرت صحيفة محلية ان عدد المهاجرين غير الشرعيين التونيسيين الذين قبض عليهم خلال الأسبوع الجاري بلغ ثلاثة آلاف شخص بينهم عدد كبير من المساجين الفارين لم يتمكن معتقل لمبدوزا من استيعابهم ما دفع بالاعوان إلى نقل المئات منهم إلى نزل الجزيرة وآخرين إلى مركز سانت آنا بجزيرة كابو ريزوتو. ولا شك ان السؤال هنا هو من يوقف زحف هذه الجموع الحالمة خصوصا في ظل الانفلات الأمني الذي تسجله عديد الجهات؟ الصباح التونسية صابر المكشر