الكويت 14 شباط / فبراير 2011 منتدى المفكرين المسلمين الأمانة العامة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:لقد كان مشهدا فطريا وعظيما أن يكون السجود لله شكرا أول رد فعل لميدان التحرير على رحيل الطاغية، الرئيس المصري محمد حسني مبارك، وسقوط نظامه مساء يوم جمعة مباركة 8/3/1432ه الموافق 11/2/2011م. ثمانية عشر يوم وليلة من الحق سطر فيها أهل أرض الكنانة واحدة من أعظم ملاحم التدافع الإنساني. ملحمةٌ قهرت باطلا جثم على صدور الأمة ثلاثون عاما. وتلك هي: ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ (الفتح: 23). ملحمةٌ ما كان لخير أجناد الأرض أن يتشرفوا بخوضها؛ وما كان لهم أن يسجدوا لله شكرا، في خاتمة أول فصولها، لولا أنهم كفروا بالطاغوت أولا .. فآمنوا ثانيا .. فتنزَّل نصر الله عليهم ثالثا. يقول تعالى: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ (البقرة: 256). يا خير أجناد الأرض لقد قدمتم التضحيات بشجاعة وصبر وإيمان واحتساب عند الله عز وجل، وتجاوزتم كل المحن ومحاولات الالتفاف على ثورتكم العظيمة، وأنجزتم، في وقت قياسي، ما عجزت عنه أممٌ من قبلكم. أما وقد تحقق لكم، بعون من الله، ما أردتم من إسقاط الطاغية، فقد صارت مهمتكم أعظم، ومسؤولياتكم أكبر، وحملكم أثقل. فالأمة .. كل الأمة صابرت معكم، ورابطت الأيام والليالي، واستجارت بالله سبحانه وتعالى، ورفعت أكف الضراعة إليه، باكية شاكية أمرها إلى الله، وداعية له أن يثبتكم وينصركم ويشفي صدور قوم مؤمنين، ليكون خلاصكم هو مقدمة لخلاصها. ولأن الأمة .. كل الأمة ترزح تحت الظلم والطغيان والفساد والتبعية .. ولأن مصر هي الشقيقة الكبرى التي انتهك الطغاة دورها طويلا واستباحوا ريادتها وعزتها .. ولأن مصر تكسر اليوم أول أغلالها فإن عيون الأمة وآمالها، باسترداد عافيتها، تتطلع إليكم، وتدعوكم أن تواصلوا الثبات على الحق، والإصرار على تجريد الطغاة من كل عناصر الاستبداد وأدواته، حتى لا تقوم له قائمة. يا أهل مصر لقد أهدتكم تونس العزيزة الأبية، وأهدت الأمة مفتاح الطريق إلى الحرية والكرامة، ووضعته بين أيديكم أمانة. فلا أقل أن تهدي مصر إلى الأمة حريتها، وأن تعيد لها كرامتها وكبرياءها. فإنْ فعلتم، وأنتم أهل العزم والثقة، فاعلموا أن فجر الأمة الإسلامية قادم لا محالة. يا خير أجناد الأرض لقد حققتم، وحدكم، انتصارا ساحقا اهتزت له الأرض، وارتعدت منه فرائص الأعداء، وحطمتم فيه كل الحسابات، وقهرتم فيه المتربصين بمصر وأهلها وعقيدتها، وأشغلتم العالم في المقبل من الأيام والشهور. وشاهدتم بأم أعينكم وسمعتم وقرأتم عن كل من خذلكم وجهد لوأد ملحمتكم. وأبى الله، عز وجل، إلا أن يخزيهم وينصركم عليه. فلا تبخسوا حق الله على الأمة ولا حقوق الأمة عليكم، ولا تأخذكم في الله لومة لائم في محاربة كل باطل، ومطاردة كل خبيث ومجرم، والدعوة إلى الحق، وتنقية البلاد والعباد من كل دنس، والحرص على تطهير السجون من المظلومين، والإفراج عن النساء المسلمات في سجون الكنيسة، ومحاسبة الفاسدين، وتنحية المفسدين عن مناصبهم، وإعادة الحقوق إلى أهلها، ورد المظالم وإقامة الحق والعدل والدين. ختاما إننا إذ نهنئ أهلنا في مصر بانتصار ثورتهم، ونشاركهم أفراحهم، ونشعر بمشاعرهم وعزتهم، فإننا نقدم كل المواساة للمنكوبين ولأهالي الضحايا، ونترحم عليهم، ونحتسبهم شهداء عند الله، ونقول لكم: ما نحن بحكماء عليكم ولا بأوصياء. ولكننا ناصحين لكم ومشفقين. نثق بكم وبعزيمتكم، ونقف إلى جانبكم، وندعو لكم، ونتطلع إلى نصرتكم، ونتأمل الخير فيكم، وننتظر بفارغ الصبر لقاءكم، والاجتماع إليكم. فأرونا، يا خير أجناد الأرض، صنيعكم وأثركم، وأروا الأمة ما تَقَرُّ به العيون، وتطمئن إليه القلوب. اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر وتقال فيه كلمة الحق لا يخشى قائلها في الله لومة لائم. اللهم وفق شعب مصر وشبابها الأحرار لما تحبه وترضاه، وسدد خطاهم، وصوب رأيهم، وقِ البلاد والعباد شر الفتن ما ظهر منها وما بطن. آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته صدر في الكويت عن: منتدى المفكرين المسلمين الأمانة العامة 11 ربيع الأول 1432 الموافق 14 شباط / فبراير 2011