عندما يحتار المرئ في سلوك شخص بمفرده يجد له مخارج للتحليل والتشخيص ، ولكن عندما تتعدى الظاهرة لتصيب مؤسسة برلمانية او مجموعة من اعضائها فان الحيرة تعظم لتصل الى اعتبارها لغزا محيرا تتشعب وتتعقد معه سبل الفهم والتحليل .. مجلس النواب (111) يمثل لغزا لا اريد الاسترسال في تحليله ، فربما هناك من يدرك خفايا واسرار اللغز في عمق حقيقته ليوفر علينا الجهد والوقت والكتابة والتشريق والتغريب ، واكتفي هنا في توضيع ثلاثية اللغز الذي يكمن في سياسات وسلوكيات مجلس النواب واعضائه واترك الاسترسال لمن يريد ان يصبر غور اللغز .. لغز مؤسستنا البرلمانية يمكن وضعه في ثلاثية تتمثل فيما يلي : 1- تصدي ممثلي الشعب للشعب نفسه في تقيييد الحريات والتهجم اللفظي والقمع المعنوي والسياسي واقلاق الراحة في قيادة التظاهرات المعاكسة التي تحاصر البيوت كما حصل معي ومع اخرين من زملائي واصدقائي وناشطين وقيادات سياسية من قمع للحريات في سياق مغاير تماما لواجبات البرلمان ودوره وكان مستغربا ومستهجنا من قبل الجميع. 2- التسابق على منح الثقة( 111 ) غير المسبوقة ربما في التاريخ الديمقرطي في العالم لحكومة مرفوضة شعبيا ومستفزة سياسية ومقيدة للحريات، خرج الشعب بشرائحة المختلفة لرفضها ، وكانت الثقة لغزا محل استغراب واستهجان الجميع ليتم رحيل الحكومة واقالتها بعد هذه الثقة ببضعة اسابيع في سابقة غير معهودة في تاريخ الديمقراطيات ايضا. 3- التباري في حجب الثقة عن حكومة البخيت قبل التصويت عليها ، في لغز محير يدلل على نوايا مسبقة تاخذ شكل التحميس لدفع الاخرين اتخاذ نفس الموقف، رغم انها اقدمت على الغاء قوانين مقيدة للحريات وقوانين مستفزة اخرى كانت حكومة الرفاعي تتمسك وتتمترس وتعاند وتتحدى للحد ان البعض من الكتاب طالب بمحاكمة سمير الرفاعي لان حكومته اوصلتنا الى التازيم وهي تتمسك بقرارات مرفوضة شعبيا ،رغم ان الغائها لم يكن بحاجة الى ان نصل الى هذه الاحتجاجات ؟! توضيحا للغز الاول الذي هو اكثر غرابة واستهجانا والذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع والذي لم اجد له تفسير سياسي او اجتماعي او ثقافي او اقتصادي او منطقي سوى انه يخالف كل ذلك ويضعنا ويضع مؤسستنا البرلمانية في ارباك وفقدان لفلسفة النيابة ودورها التشريعي والرقابي لا يسهم في دعم الدولة واستقرارها ، ففي مساء يوم الاربعاء 13 2011 كنت مدعوا للعشاء مع مجموعة من الزملاء والاخوة والاصدقاء لدى العقيد المتقاعد الصديق محمد الازايده في مادبا ، ولامر قدره الله مررنا على الصديق الدكتور فارس الفايز لنذهب معا الى مؤدبة المضيف في بيته ، وما ان جلسنا حتى جاء الخبر سريعا مزلزلا مجموعة من الشباب يقودهم النائب برجس الازايده يحاصرون بيت مضيفنا الازايده ويمنعون الدخول الى بيته ويهددون كل قادم بالاعتداء عليه ، ولا اريد الاسترسال فالقصة اصبحت معروفة ونشرت في الاعلام .. سلوك هذا النائب وما اقدم عليه لم يكن بمعزل عن سلسلة سلوكيات مماثلة حين هاجمني النائب عبد الجليل السليمات قبل نحو من الزمن ، موجها لي ما هو باعي وذراعي وذلك في اطار دفاعه عن السياسي زيد الرفاعي في رسالة رد ممهورة بتوقيع بالصفة والاسم النائب عبد الجليل السليمات يطالب فيه احد المواقع الالكترونية نشر رده في مكان مناسب ردا على مقالة لي بعنوان الامة اهم من الاشخاص مهما كانت مراكزهم واجبته في حينه باعي وذراعي حراث ابن حراث ابن حراث حتى الجد العشرون … ولياتي الرجال الرجال في بني حميده واضحا جليا كان له ما بعده في مسيرات واحتجاجات حين رفعوا شعار احنا مين وهم مين احنا والله الحراثين هذا السلوك وما نراه من المواقف من هذا المجلس له امتداده بمن تلفظ على مسيرة كانت امام مجلس النواب بالفاظ كانت مستغربة ومستهجنة ، وهو امتداد ايضا لسلوك افرد نقاشا مطولا للتهجم على الشيخ زكي بني ارشيد تحت القبة ولا اريد الاسترسال اكثر .. ولكنها سلوكيات من نواب للامة والشعب لها قاسم مشترك هو التصدي للمواطن ومهاجمته في رايه وحقوقه في التعبير، بل وصل الامر الى قيادة مسيرة لمنع الضيوف من المضيف من استقبال ضيوفة وهو امر يتعلق بحرمات البيت وحريته الشخصية .. والسؤال الكبير كيف يحدث هذا ؟ وكيف يمكن فهمه ؟! وهل يمكن ان نجد له تفسير يشفي الغليل ؟! لم اجد كلمات يمكن نشرها لتعبر عن حل اللغز رغم انه يختمر في راسي واكتفي بالقول حل مجلس النواب هو الحل …