تونس 12 مارس 2011 أوضح الأستاذ محمد الصالح بن عيسى رئيس اللجنة الفرعية المكلفة ب"الإصلاحات القضائية" التابعة للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي أن اقتراح صياغة أحكام دستورية تضمن وجود سلطة قضائية مستقلة وتقضى بعدم قابلية عزل ونقلة القاضي بدون رضاه إلى جانب إعادة النظر في علاقة المجلس الأعلى للقضاء بالسلطة التنفيذية تعد من أبرز أولويات عمل اللجنة التي يترأسها. وأفاد العميد السابق لكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس في تصريحات اليوم السبت ل"وات" أن الدستور الحالي للبلاد التونسية لا يعترف بوجود سلطة قضائية مستقلة حيث اكتفى بالتنصيص على أن القضاة مستقلون فحسب، وهذه العبارة هي محل جدل بين الحقوقيين من أكاديميين وقضاة. وأفاد أن النظام الأساسي للقضاة كما جاء في القانون عدد 29 لسنة 1967 المؤرخ في 14 جويلية 1967 والمتعلق بنظام القضاء والمجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساسي للقضاة والذي شهد عديد التنقيحات لعل "أخطرها" تنقيح 4 أوت 2005 يمثل محل نظر وتدقيق من قبل اللجنة بهدف اقتراح مشاريع قوانين جديدة ترمي بالأساس إلى مراجعة تركيبة المجلس الأعلى للقضاء ومشمولاته ودعم تمثيلية القضاة صلب هذا المجلس بانتخاب أعضائه. وذكر في هذا السياق أن الصيغة الجاري بها العمل حاليا تنص على تعيين سبعة أعضاء على الأقل من ضمن خمسة عشر عضوا بالمجلس الأعلى للقضاء من قبل رئيس الجمهورية باعتباره رئيس المجلس الأعلى للقضاء بما يجعل "من الضروري التفكير في الفصل التام بين المجلس الأعلى للقضاء والسلطة التنفيذية وإعادة هيكلة الصلة بين السلطتين بعيدا عن المساس باستقلالية القضاء". وأكد محمد الصالح بن عيسى أن التنصيص دستوريا على عدم قابلية عزل ونقلة القاضي بدون رضاه لا يعني البتة أن القاضي غير خاضع لسلطة تأديبية ولكن هذا الاقتراح من شأنه أن يضمن تجنب العزل والنقلة التعسفيين اللذان ينالان من استقلالية القضاء. وبين أن اللجنة الفرعية للإصلاحات القضائية تنظر أيضا في مسألة مراجعة الخارطة القضائية بهدف تقريب القضاء من المواطن وتقليص الضغط على المحاكم سيما من خلال أحكام توزيع النزاعات بين مختلف المحاكم والأجهزة ودعم وسائل أخرى لتسوية النزاعات فضلا عن تدارس إمكانيات تكوين القضاة لتدارك بعض النقائص. كما أفاد أستاذ القانون العام بالجامعة التونسية أن من ضمن اهتمامات اللجنة إعادة هيكلة مجلس الدولة المتكون من المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات مشيرا في هذا الصدد إلى وجود إشكال يتمثل في التنصيص القانوني على مجلس الدولة كهيكل وعدم وجوده في الواقع العملي بما يجعل التفكير يتجه نحو إعادة هيكلة هذا المجلس ومنحه اختصاصات واضحة وإخضاع أحكام دائرة المحاسبات إلى أنظار هذا المجلس مع توسيع مشمولاتها وتعزيز مواردها البشرية وإمكانياتها المادية. وردا على سؤال حول علاقة اللجنة الفرعية للإصلاحات القضائية بالقضاة شدد على أن هذه اللجنة تتكون من 5 أعضاء من بينهم 3 قضاة وهي مفتوحة أمام مختلف الكفاءات القضائية معربا عن الأمل في أن تشارك جمعية القضاة التونسيين في بلورة المقترحات القانونية سيما في ضوء التوافق الواضح بين مطالب القضاة والمحاور التي تدرسها اللجنة. على صعيد آخر ذكر الأستاذ بن عيسى بان الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي تتركب من مجلس متكون من شخصيات سياسية وممثلين عن مختلف الأحزاب السياسية والهيئات والمنظمات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني المعنية بالشأن الوطني في العاصمة والجهات. كما تتكون من لجنة خبراء انبثقت عنها 4 لجان فرعية تضم كل منها أخصائيين يعينهم رئيس الهيئة وتتولى صياغة مشاريع القوانين وفق التوجهات التي يتم ضبطها من قبل الهيئة. وتعرض مشاريع القوانين المعدة من طرف اللجنة على الهيئة للمصادقة عليها قبل رفعها إلى رئيس الجمهورية كما جاء في مرسوم 18 فيفري 2011 المتعلق بإحداث الهيئة. ويجدر التذكير بان اللجنة الفرعية المكلفة بالنظام الانتخابي والتي يرأسها أستاذ القانون العام فرحات الحرشاني قد استكملت مشروع القانون الانتخابي المتعلق بالمجلس التأسيسي، وهو مشروع سيتم عرضه على أنظار الهيئة. من ناحية أخرى سجلت اللجنتان الفرعيتان حول "الإعلام والصحافة" برئاسة الأستاذ رضا جنيج و"الأحزاب السياسية والحريات" برئاسة الأستاذ سليم اللغماني تقدما ملحوظا في أعمالهما.