لندن:كشفت صحيفة "سكوتلند أو صندي" الصادرة الأحد أن الوثيقة السرية التى تعد محور دعوى الإستئناف فى قضية لوكربى وترفض الحكومة البريطانية تسليمها حتى الآن إلى فريق الدفاع تؤكد بشكل لا ريب فيه أن جهاز توقيت القنبلة التى فجّرت الطائرة الأميركية زوّد إلى دول لم تكن ليبيا بينها. وأُدين الليبى عبد الباسط محمد المقرحى فى العام 2001 بتفجير طائرة "بان أمريكان" بينما كانت تقوم برحلة بين لندن ونيويورك فوق بلدة لوكربى فى الثامن عشر من ديسمبر/أيلول 1988 ما أدى إلى مقتل 270 شخصاً من بينهم 189 أميركياً، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة ويقضى عقوبته فى سجن قريب من مدينة غلاسكو. وحصل المقرحى مؤخراً على إستئناف جديد من لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية على أرضية وقوعه ضحية إساءة تطبيق أحكام العدالة، واكتشفت اللجنة لاحقاً وثيقة يُعتقد بأنها تحتوى على معلومات عن جهاز توقيت قنبلة لوكربى والتى اعتُبرت لاحقاً عنصراً محورياً فى دعوى استئناف المقرحي. لكن الحكومة البريطانية رفضت تسليم الوثيقة ووثيقة أخرى لفريق الدفاع عن المقرحى لأسباب تتعلق بالأمن القومى للمملكة المتحدة والذى يسعى للحصول على مداخل إلى الوثيقتين لإستخدامهما كدليل أمام محكمة الإستئناف لتبرئته. وثيقة سرية وقالت الصحيفة إن مصدراً قانونياً اطّلع على الوثيقة أكد أن هذا المستند "يقدم تفاصيل هامة عن أن استخدام قنبلة صغيرة مخفية داخل آلة تسجيل ارتبط بمنظمات" ارهابية " اخرى أكثر من الليبين وأن محتوياتها ستطرح أرضاً إدانة المقرحي"، مشيرة إلى أن المعلومات الواردة فى الوثيقة السرية "تشكل أهمية قصوى فى القضية بعد إصرار الإدعاء العام على أن جهاز التوقيت المستخدم فى القنبلة زوّد إلى ليبيا فقط، وتؤكد أيضاً أن طريقة الهجوم كان الأسلوب النمطى لخلية إرهابية فلسطينية فى ألمانيا". واكد المصدر القانوني، بحسب الصحيفة، أن الوثيقة "تبدد أى شكوك بأن أجهزة التوقيت من طراز "إم إس تى 13" زوّدت إلى جهات أخرى غير ليبيا، وأن طريقة إخفاء القنبلة داخل آلة تسجيل من طراز "توشيبا" لم تكن مرتبطة بالنشاطات الإرهابية الليبية بل بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة التى كانت أول المشتبه بهم بالوقوف وراء تفجير طائرة لوكربي". واضاف المصدر "أن هذه المسائل روّجت من قبل لكن معلومات الوثيقة السرية تشير إلى جهات أخرى وتقدم مصداقية 100% بسبب المصدر الذى جاءت منه، مع أنى لا اعتقد أنها ستبرّئ ساحة المقرحى أو تؤكد مسؤولية جهة أخرى عن تفجير لوكربي، لكنها ستقدم مادة ستكون ومن دون أدنى شك مساعدة لفريق دفاعه فى التشكيك فى حكم الإدانة الصادر بحق موكله". وفيما قالت الصحيفة إن المصدر القانونى رفض الكشف عن البلد الذى قدّم هذه المعلومات، اشارت إلى أن مصدراً مطلعاً آخر "اكد أن هناك دلالات جديدة على احتمال أن تكون المعلومات جاءت عن طريق ألمانيا وتضمنت تفاصيل قدمها المنشق الإيرانى أبو القاسم مصباحي". وأوضحت الصحيفة أن مصباحى كان زوّد الألمان بمعلومات مكّنتهم من إحباط جرائم إرهابية، لكن المملكة المتحدة شككت بمصداقيته حين سُمى كشاهد محتمل فى محاكمة المقرحى وزميله الأمين خليفة فحيمة والذى بُرأت ساحته لاحقاً من التورط فى تفجير لوكربي، وزعم فى العام 1996 أن طهران هى التى أمرت بتنفيذ عملية التفجير وليس طرابلس وسلّم وثيقة بهذا الشأن إلى وزارة الخارجية البريطانية بوقت لاحق من العام نفسه. واضافت أن جهاز التوقيت من طراز "إم إس تى 13" الذى استُخدم فى قنبلة لوكربى صنعته الشركة السويسرية "ميبو"، لكن مالكها المشترك إدوين بويلر "اوضح بأن شركته زوّدت هذه الأجهزة إلى جهات من بينها جهاز الأمن السرى الألمانى الشرقى السابق "ستاسي""، مشيرة إلى أن الأخير كان داهم فى اكتوبر/تشرين الأول 1988 وقبل شهرين من وقوع تفجير لوكربى خلية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة بمدينة نيوس وعثر على أربعة من هذه الأجهزة بحوزتها وابلغ صانع القنبلة الأردنى وقتها مروان خريسات مسؤولى ستاسى بأن جهازاً خامساً نُقل من الشقة التى كان يعمل بها عن طريق زعيم الخلية حافظ دلقمونى قبل فترة وجيزة من عملية المداهمة". ولفتت الصحيفة إلى "أن جهاز التوقيت الخامس لم يتم العثور عليه، ويعتقد الكثير ومن بينهم خريسات نفسه بأنه هذا الجهاز هو الذى استُخدم فى تفجير طائرة لوكربي". احراجات وقالت "سكوتلند أون صندي" إن هناك قلقاً متنامياً بين أوساط خبراء لوكربى بأن تزوّد الوثيقة السرية المملكة المتحدة بوسيلة لإخراج المقرحى من السجن دون أن تجرى إعادة محاكمته من خلال التدقيق بجوانب القضية والتى ستسبب احراجاً للإدعاء العام والبرلمان البريطانيين. وكانت تقارير صحافية كشفت فى الثلاثين من مايو/أيار الماضى أن كبير القضاة فى اسكتلندا اللورد هاملتون طالبت الحكومة البريطانية تزويده بوثيقتين سريتين تتعلقان بتفجير "بان أمريكان" فوق بلدة لوكربى الاسكتلندية اعتُبرتا حاسمتين فى دعوى الإستئناف التى رفعها المقرحى ضد ادانته بالتورط فى تفجير الطائرة، لكن المحامى العام اللورد ديفدسون، الذى مثل الحكومة فى جلسات الإستماع لقضية الإستئناف التى انتهت الخميس الماضي، أصر على أن الكشف عن الوثيقتين "سيُلحق ضرراً حقيقياً بالأمن القومى للمملكة المتحدة وعلاقتها الدولية". وكان المقرحى خسر من قبل إستئنافاً ضد ادانته، لكنه حصل على إستئناف آخر من لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية على أرضية وقوعه ضحية إساءة تطبيق أحكام العدالة، واكتشفت اللجنة لاحقاً وثيقة يُعتقد بأنها تحتوى على معلومات عن جهاز توقيت قنبلة طائرة لوكربى والتى اعتُبرت لاحقاً عنصراً محورياً فى دعوى استئناف المقرحي. لكن الحكومة البريطانية رفضت تسليم الوثيقة ووثيقة أخرى لفريق الدفاع عن المقرحى لأسباب تتعلق بالأمن القومى للمملكة المتحدة والذى يسعى للحصول على مداخل إلى الوثيقتين لإستخدامهما كدليل أمام محكمة الإستئناف لتبرئته.